رصدنا دور الوساطة الذي يلعبه تنظيم الجماعة الإسلامية مع التنظيمات الجهادية في سيناء لنزع فتيل الأزمة الأمنية التي باتت تخيم علي شبه الجزيرة، وتفيد المعلومات المتاحة أن وفدا من جماعة المسلمين لعب هو الآخر دوراً مضنيا للتقارب مع شيوخ العشائر البدوية في سيناء، فضلا عن لقاء سري جري في مدينة الطور بين وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ورئيس أركان الجيش الفريق صبحي صدقي من جهة، وعدد كبير من بدو سيناء من جهة أخري، ووفقا للمعلومات ذاتها التقي ممثلو الجماعة الإسلامية بعدد من ممثلي القيادات السلفية المسلحة في سيناء، وفي حين حاولت الجماعة المسئولة عن اغتيال السادات عام 81 اقناع تلك القيادات بالعدول عن استراتيجيتها المتطرفة، حيث انتهي الحوار بدعوة التنظيمات الراديكالية الرئيس مرسي إلي التراجع عن عملية "نسر"العسكرية حتي لا يتفاقم الوضع الأمني في سيناء أكثر من ذلك، كما هددت التنظيمات بتوسيع نطاق عملياتها، لتشمل مناطق ومؤسسات حيوية أخري في القاهرة، إذا أصرت المؤسستان السياسية والعسكرية علي موقفيهما. تشير تسريبات غربية إلي أن مباحث وزير الدفاع ورئيس أركانه مع العشائر البدوية في سيناء، تضمنت إيعاز الفريق صدقي صبحي لمشايخ قبائل سيناء بالقيام بواجباتهم كما يطالبون بحقوقهم، مشيرا إلي أن سيناء ليست بمنأي عن الخطر، مؤكدا أن هناك معلومات تعكس إعادة تمركز خلايا إرهابية في مدينة راس سدر، كما طالب الفريق صدقي مشايخ وأبناء سيناء عموما بسرعة إبلاغ الأجهزة الأمنية عن الغرباء الذين يظهرون في مناطقهم، وكذلك الإبلاغ عن البؤر الإجرامية والإرهابية التي يكتشفونها وحذر رئيس الأركان من أن القوات المسلحة والشرطة المدنية لن تسمح بسير السيارات غير المرخصة أو التي تحمل سلاحا أو مخدرات بالسير علي الطرق الرئيسية والفرعية وسيتم إلقاء القبض عي هذه السيارات فورا، وأشار رئيس الأركان إلي مبادرة وزير الدفاع الخاصة بقيام أهالي سيناء بتسليم الأسلحة التي في حوزتهم لأقرب نقطة أمنية، وتعهد القوات المسلحة برد ثمن هذه الأسلحة، مشيرا إلي قيام إحدي القبائل بالاستجابة إلي هذه المبادرة وتسليم أسلحتهم. وتؤكد التسريبات ذاتها أنه في حين تشير بيانات رسمية إلي استمرار عملية "نسر"العسكرية في سيناء، وإصرار القيادة السياسية علي اجتثاث بؤر الإرهاب، والقصاص من العناصر المسئولة عن اغتيال 16 جنديا من القوات المسلحة علي الحدود مع إسرائيل، تفيد معطيات أخري بأن الوضع الأمني في شبه الجزيرة بات أكثر تعقيدا، وأنه أضحي من الحكمة التفاوض مع الخلايا الإرهابية لنزع فتيل الأزمة ويعزز هذا الاعتقاد ما تناقلته تسريبات غربية حول الاتفاق علي هدنة بين الطرفين خلال أيام عيد الفطر، فضلا عن ضغوطات متبادلة يحاول من خلالها كل طرف تحقيق هدفه الاستراتيجي.. وفي المقابل قاد المشهد الأمني الملبد بالغيوم في سيناء إلي تلاسن الدوائر السياسية والعسكرية في إسرائيل.. لتفري العملية"نسر"من مضمونها وتوسيع دائرة الجهات المسئولة عن زعزعة الأمن والاستقرار في شبه الجزيرة، وتبرير تل أبيب الاستباقي لأي عمل عسكري قد تتجو فيه حدودها، بداعي تأمين جبهتها الجنوبية. علي صعيد ذي صلة ألمحت تقارير أمنية نشرها موقع "دبكا"العبري إلي أنه في أعقاب التفاوض غير المباشر مع التنظيمات الراديكالية، عكف قادة الجهاديين في سيناء علي وضع استراتيجية عسكرية، يمكن من خلالها الرد علي المستويين السياسي والعسكري في القاهة، وتبلورت تلك الاستراتيجية حينما قصفت تلك الخلايا منآت للجيش الإسرائيلي، في محاولةلخلق أجواء الصدام بين القوات المسلحة المصرية وإسرائيل، وجاء في بيان صادر عن تلك التنظيمات أنه إذا لم تتوقف المؤسسة العسكرية المصرية عن ممارسة ضغوطها علي التنظيمات الجهادية في سيناء فستتحول مواقع ومنشآت الجيش الإسرائيلي علي طول السياح الأمني مع قطاع غزة إلي أهداف حيوية للتنظيمات. لغز السعيدني التكتيك العسكري الذي ردت به التنظيمات الجهادية في سيناء لا يتحرك من شبه الجزيرة بحسب التقديرات الإسرائيلية،وإنما تقوده جماعة جهادية في قطاع غزة تطلق علي نفسها "مجلس شوري كتائب مجاهدي القدس"إذ تحدد تلك الجماعة طريقة لرد علي عمليات الجيش المصري في توجهها الأيدلوجي والاستراتيجي إلي الجماعات السلفية،المحسوبة علي تنظيم القاعدة في سيناء والسعودية واليمن والعراق، ووفقا لتسريبات غربية تختلف جماعة "مجلس الشوري كتائب مجاهدي القدس"في استراتيجياتها الجهادية عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ففي حين تدخل الحركتان السابقتان في مواجهة مباشرة ضد إسرائيل، انطلاقا من قضايا خلافية بين الجانبين، تتحرك الجماعة التي يدور الحديث عنها ضد أهداف إسرائيلية للتخلص من ضغوطات الجيش المصري علي عناصرها في سيناء، وربما يؤكد ذلك عمليات إطلاق النار التي استهدفت مواقع عسكرية في منطقة كيسوفيم ردا علي اجتماع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي وقائد أركان الجيش صدقي صبحي مع العشائر البدوية في مدينة الطور، حيث حذر الجنرالان من مضاعفة العمليات العسكرية ضد البؤر الإرهابية في سيناء، ما لم يتم التوصل إلي حلول تعيد الهدوءوالاستقرار لشبه الجزيرة. وتشير التسريبات إلي أن خطورة الجماعة الجهادية التي تتخذ من قطاع غزة نقطة لانطلاق خططها الجهادية، لا تقتصر علي عناصر في سيناء أو في القطاع ذاته، وإنما تمتد لتشمل مناطق أخري في المملكة العربية السعودية واليمن، إذ لم يكن من باب المصادفة إعلان الرياض قبل أيام اعتقال عدد من عناصر تنظيم القاعدة في الرياضوجدة، ومصادرة أسلحة خفيفة كانت بحوزة المجموعة، فلا تستكف المجموعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة بحسب تقديرات أمنية التنسيق والتعاون والدعم اللوجيستي مع العناصر المتطرفة في سيناء وقطاع غزة، الأخطر من ذلك أن أجهزة الأمن السعودية عثرت بحوزة العناصر المتطرفة في أراضيها علي قنابلة بيولوجية معدة للتفجير، وإنها تستمد دعما لتنفيذ عملياتها من قيادة تنظيم القاعدة في اليمن. التسريبات عادت للحديث عن جماعة "مجلس شوري كتائب مجاهدي القدس"مشيرة إلي أن تلك الجماعة تتألف من 6000 مسلح، كانوا قد تلقوا تدريبات في مناطق متفرقة في مقدمتها اليمن وأفغانستان، كما أن الجماعة هي الغطاء الفعلي للجماعات السلفية والجهادية في شبه جزيرة سيناء، وفجرت التسريبات قنبلة من العيار الثقيل عندما أكدت أن قائد تلك الجماعة يحمل الجنسية المصرية،ويدعي هشام السعيدني كما أن اسمه الحركي في الجماعة هو "أبو وليد المقدسي"ووفقا للمعلومات المتاحة عنه أفرجت حكومة حماس المقالة عن المقدسي مؤخرا بعد أن اعتقلته بالقطاع في مارس 2001 ويثير الإفراج عنه العديد من علامات الاستفهام لدي دوائر الاستخبارات المصرية والإقليمية، خاصة أنه أحد مؤسسي جماعة التوحيدوالجهاد وأميرها الحالي، كما تؤكد المعلومات أن هشام علي عبد الكريم السعيدني من مواليد القاهرة سنة 1969 وهو من أب فلسطيني وأم مصرية، كما أنه الابن الوحيد وله أربعة من الأوات وعائلة والدته كلها تعيش في مصر، أما عائلة والده فتعيش في قطاع غزة، ومع بداية عام 2008 تمكن هشام من عبور معبر رفح ودخول غزة ولم شمل عائلته مرة أخري، ويعد السعيدني من أبرز منظري السلفية الجهادية في قطاع غزة، وهو أحد أعضاء اللجنة الشرعية لموقع منبر التوحيد والجهاد الذي يشرف عليه منظر السلفية الجهادية في الأردن عصام البرقاوي المعروف بأبي محمد المقدسي، وتؤكد المعلومات أيضا أن هشام السعيدني المقدسي هو همزة الوصل الرئيسية بين العناصر السلفية المسلح في سيناء، وقيادات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ورغم أن التحقيقات الجارية لم تسفر عن تحديد الجهات التي وقفت وراء عملية الاعتداء علي الجنود المصريين في سيناء، إلا أن تسريبات استخباراتية تؤكد أن إطلاق سراح هشام السعيدني من المعتقل الحمساوي في قطاع غزة، كان نقطة الانطلاق التي نفذ فيها أعوانه جريمة اغتيال 16 جنديا مصريا في القاعدة العسكرية المقابلة لمعبر كرم أبو سالم، وتشير التسريبات ذاتها إلي أن تلك العملية شكلت الجزء الأول من المخطط، حيث كانت جماعة "مجلس شوري كتائب مجاهدي القدس"وزعيمها هشام السعيدني تسعي لاستهداف إحدي الدوريات الإسرائيلية علي الحدود مع مصر، وساهم في الإعداد لتلك العملية عناصر قيادية تابعة لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.