قفزت إصدارات الصكوك الإسلامية علي مستوي العالم إلي 43 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي أو ما يعادل نصف إجمالي إصداراتها طوال العام الماضي والتي بلغت 86 مليار دولار وإن كانت أصول الصكوك الإسلامية في منطقة الخليج قد ارتفعت أيضا خلال الأشهر الخمسة الأولي من هذا العام بحوالي 31%. وأفادت مصادر صحفية بريطانية إن إصدارات الصكوك الإسلامية في منطقة الخليج خلال النصف الأول من هذا العام حتي الآن توقفت عند 500 مليون دولار فقط وهو مبلغ لا يكفي لحل مشاكل التركيز والسيولة، التي تواجه أسواق السندات الإسلامية، كما أن المستثمرين يبحثون الآن عن الاستثمارات التي تحقق لهم العوائد المرتفعة. ويري مارك واتس رئيس قسم الدخل الثابت في بنك أبوظبي الوطني أن 60% من الاستثمارات في الأسواق المالية مخصصة للأسهم والصناديق النقدية وإن كانت هذه النسبة يجب تخصيصها لاستثمارات الدخل الثابت، خصوصا في ظل نقص عدد صناديق الصكوك، مما جعل بعض البنوك تتجه لإنشائها، مثلما فعل بنك أبو ظبي الوطني في مايو الماضي. ومن البنوك الأخري التي أسست صناديق صكوك جديدة هذا العام بنك «HSBC» البريطاني والعديد من المؤسسات الخليجية مثل بنك الهلال وبنك «رسملة» الاستثماري ليصل عددها إلي 17 صندوقا حتي الآن، حيث تمثل 91% من إجمالي قيمة الصكوك الإسلامية ؛ ويملك صندوق صكوك «QIBUK» الذي أسسه بنك قطر الإسلامي عام 2009، حاليا 213 مليون دولار من الصكوك الإسلامية، منها 100 مليون دولار جمعها خلال العام الماضي فقط، كما يقول أنور أدهم رئيس إدارة الأصول بهذا الصندوق. وتخصص بعض صناديق الصكوك الإسلامية حوالي 25% أو أكثر من محافظها المالية لأدوات الدين قصيرة الأجل لتوفير احتياجاتها من السيولة النقدية لأن معظم ممتلكات الصكوك لا تتم المضاربة بها أو حتي التعامل بها في أنشطة بنكية أخري، ولا تستطيع أيضا العديد من صناديق الصكوك الإسلامية التعامل مع المستثمرين الأفراد، بسبب الحد الأدني من الاستثمار الذي تحدده هذه الصناديق لدرجة أن 80% من استثمارات صندوق «QIBUK» تملكها شركات وليس أفرادا، وإن كان معظمها شركات تكافل وإعادة تكافل وهي الشكل الإسلامي لشركات التأمين وإعادة التأمين كما يقول أنور أدهم الذي يؤكد ضخامة الاستثمار في هذه الشركات، حيث ارتفع الاستثمار الواحد فيها من 3 ملايين دولار فقط منذ 3 أعوام إلي 20 مليون دولار حاليا. ولكن تتعرض معدلات نمو وأرباح قطاع التكالف لضغوط، بسبب انخفاضها بالنسبة لعوائد صناديق الاستثمار الأخري، مما يؤدي إلي ضرورة ابتكار أدوات إسلامية أخري تحقق عوائد أكثر من عوائد الصناديق النقدية مثلا. ومع ذلك فهناك صناديق استثمارية تخصص حوالي نصف أصولها للاستثمار في الصكوك الإسلامية، كما تستثمر بنوك إسلامية أصولها في الصكوك الإسلامية، مما يؤدي إلي تزايد استقرار سوق الصكوك وإثبات أن المؤسسات المالية هي التي تشكل معظم الاستمثارات في الصكوك - كما يؤكد دافيد مارشال رئيس قسم أدوات الدين والتوزيع في مؤسسة إدارة الأصول التابعة لبنك دبي الوطني- وتجري حاليا عملية تطبيع للصكوك الإسلامية لتندرج في تصنيف الأصول المالية العالمية، وتسجل ارتفاعا في استثماراتها مثل بقية السندات سواء الحكومية أو سندات الشركات، فيما يتوقع إيريل سواتش رئيس إدارةالأصول في بنك رسملة الاستثماري انكماش صناعة الصكوك الإسلامية ؛ حيث مازالات بعيدة عن اللاعبين الكبار في مجال الاستثمارات العالمية ؛ ولذلك فإنه يتوقع نمو صندوق الصكوك التابع لبنك رسملة، والذي أسسه في أبريل الماضي من 25 مليون دولار فقط حاليا، إلي نحو 60-70 مليون دولار فقط مع نهاية هذا العام، كما أن صندوق صكوك بنك دبي الوطني لم يجمع سوي 30 مليون دولار من أصول الصكوك الإسلامية العام الماضي، ولم تتجاوز حتي الآن 44 مليون دولار. غير أن محللين آخرين يتوقعون استمرار نمو صناعة الصكوك الإسلامية علي الأجل الطويل، وإن كانت السيولة المحدودة في سوق الصكوك الثانوية والعدد القليل نسبيا من مؤسسات إصدار الصكوك يهددان بتباطؤ النمو المتوقع، لاسيما أن صناديق الصكوك لا تساهم إلا بنسبة ضئيلة في حجم التعاملات المالية في الأ«واق الثانوية. كما أن إصدارات الصكوك الإسلامية تسيطر عليها الحكومات والمؤسسات المملوكة للدولة التي تقدر قيمتها بحوالي 78% من الإصدارات العالمية علاوة علي أن بقية المستثمرين يحتفظون بهذه الصكوك ذات الدرجة الاستثمارية المرتفعة لحين موعد استحقاقها دون التعامل فيها، مما يفسر انخفاض نسب عوائدها. وشهد العام الماضي إصدار صكوك إسلامية مقومة بالدوار من 15 مؤسسة فقط في سوق الصكوك العالمية، كما يقول بنك أوف لندن والشرق الأوسط الذي أنشأ أول صندوق صكوك له في عام 2009 وصندوقا آخر في مايو من العام الماضي. ومع ذلك فإن الاهتمام بالصكوك الإسلامية يزداد باستمرار لدرجة أن العام الحالي سوف يشهد أول منتدي للتمويل الإسلامي العالمي في مسقط بعمان يومي 4 و5 نوفمبر المقبل بعنوان «ثورات الربيع العربي علي التمويل الإسلامي وكيفيةإدارةفرص التمويل الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».