دون موافقة من د. كمال الجنزورى رئيس الوزراء، قررت الشركة القابضة للكهرباء زيادة أسعار الكهرباء على الصناعات كثيفة الاستهلاكات للطاقة التى تشمل الحديد والأسمنت والأسمدة والألومنيوم والنحاس والبتروكيماويات والزجاج المسطح والسيراميك والبورسلين. وقد أصدرت الفواتير لجميع الشركات بالزيادات الجديدة، اعتمادًا على قرار مجلس الوزراء رقم 37/11/11/4 الصادر عن اجتماعه بجلسة رقم "37" المنعقدة بتاريخ 27 نوفمبر 2011 برئاسة د. عصام شرف. ورغم أن هناك مشروع قرار آخر لزيادة أسعار الطاقة لجميع الصناعات، خصوصًا الكثيفة الاستهلاك للطاقة، أمام د. الجنزورى، ولم يوقعه حتى الآن لاعتبارات سياسية واجتماعية، ورغم علم الشركة القابضة للكهرباء بذلك، لأن الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء هو رئيس اللجنة الوزارية التى أشرفت على إعداد مشروع القرار الذى لم يوقعه د. الجنزورى حتى الآن، فإن القابضة للكهرباء تجاهلت ذلك، وقررت إحراج الدكتور الجنزورى. خصوصًا أنه وفقًا لمعلومات مؤكدة كان هناك اتجاه لعدم زيادات جديدة فى أسعار الكهرباء على الألومنيوم فى مشروع القرار الذى بحوزة الجنزورى، لأن الكهرباء تعد مكونًا أساسيًا ضمن هذه الصناعة، فضلاً عن أن أسعار الكهرباء قبل الزيادات المقترحة من جانب القابضة للكهرباء، قد أصبحت أعلى من متوسط أسعار الكهرباء لجميع المصانع فى العالم باستثناء الصين، حيث حذر المهندس عادل الموزى الوزير المفوض لقطاع الأعمال العام من خطورة أى رفع فى أسعار الطاقة على ألومنيوم نجع حمادى فى الاجتماعات الحكومية الخاصة بذلك. وإزاء هذا التصرف من جانب الكهرباء الذى أحرج الجنزورى، وعدم إمكانية تنفيذ الأسعار الجديدة على ضوء التغيرات الاقتصادية التى تشهدها مصر الآن، فقد طلب المهندس زكى بسيونى رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية من المهندس سيد عبد الوهاب رئيس شركة مصر للألومنيوم والعضو المنتدب عدم سداد أى زيادات جديدة فى أسعار الكهرباء، لأن هذا يعنى إغلاق مصانع ألومنيوم نجع حمادى. كما أعد المهندس زكى بسيونى مذكرة تكشف خطورة هذه الزيادات فى أسعار الكهرباء وخطورة ذلك على مصانع الألومنيوم والعمال والصناعات الأخرى التى سوف تضار من ذلك مثل السبائك الحديدية. وبصفة عامة فإن ما تم يؤكد أن ذات المنهجية السابقة لثورة 25 يناير لا تزال هى الحاكمة اعتمادًا على الإذعان الحكومى وافتقاد الحوار مع الطرف الآخر فى القضية، إن لم يكن تجاهله، كما أن رفع أسعار الكهرباء فقط دون زيادة سعر الغاز الطبيعى للصناعات الكثيفة تصرف منفرد من جانب القابضة للكهرباء يؤدى إلى مزيد من إحراج الجنزورى. بل وجاء هذا القرار بمثابة الضربة القاضية لمصانع الألومنيوم فى نجع حمادى، رغم أنه كانت هناك وعود حكومية بعدم تطبيق تلك الأسعار الجديدة للكهرباء المعادلة لسعر 4 دولارات للمليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى على ألومنيوم نجع حمادى. خصوصًا أن هناك انخفاضًا فى الأسعار العالمية للألومنيوم فى الوقت الذى تصدر فيه مصانع ألومنيوم نجع حمادى نحو 70% من إنتاجها. لكن الأخطر أن متوسط أسعار الكهرباء لألومنيوم نجع حمادى أصبح يفوق متوسطات الأسعار العالمية لذات المصانع المماثلة. واحتكامًا إلى الأرقام، التى يذكرها المهندس سيد عبد الوهاب رئيس شركة مصر للألومنيوم والعضو المنتدب، سوف يؤدى القرار الأخير إلى زيادة أسعار الطاقة إلى ارتفاع متوسط سعر كيلو وات ساعة من 23.5 قرش إلى 30.01 قرش متوسط للكيلو وات/ ساعة فى الأوقات العادية وخلال فترة استهلاك الذروة. وهذا يعنى زيادة فى فاتورة الكهرباء شهريًا من نحو 98 مليون جنيه إلى 125 مليون جنيه، أى أن القرار يؤدى إلى زيادة شهرية تصل إلى نحو 28 مليون جنيه. وهذه الزيادة الجديدة سوف تكلف الشركة سنويًا نحو 350 مليون جنيه إضافية لترتفع فاتورة الكهرباء السنوية إلى نحو 1.5 مليار جنيه. وهذه الزيادة السنوية الجديدة فى أسعار الكهرباء، سوف تعنى ارتفاع جميع مكونات التكلفة تكلفة الإنتاج شاملة جميع العناصر من خامات وأجور وطاقة وغيرها من 4 مليارات و50 مليون جنيه إلى 4 مليارات و400 مليون وهى ذاتها أرقام المبيعات، الأمر الذى يعنى أن الشركة التى كانت تربح نحو 400 مليون جنيه، سوف تصبح أرباحها صفرًا تقريبًا. وخطورة ذلك أن العاملين فى الشركة البالغ عددهم نحو 9 آلاف عامل لن يصرفوا أرباحًا، بل وسوف تتأثر دخولهم فى هذا الوقت المضطرب الذى يضج بالاحتجاجات العمالية. وليس سرًا، أن العمال فى عنابر مصانع ألومنيوم نجع حمادى الآن، بعد أن تسرب إليهم هذا القرار، أصبحوا على حافة الانفجار. وهناك مخاوف من موجة احتجاجات عمالية أخرى داخل عنابر مصانع الألومنيوم. وخطورة هذا القرار أيضًا، أنه سوف يؤدى إلى عدم صرف أرباح لجميع المساهمين فى رأس مال الشركة، سواء من المساهمين فى البورصة أو الكيانات الكبيرة، مثل الشركة القابضة للصناعات المعدنية التى تتبعها مصر للألومنيوم، وكذلك بعض البنوك وشركات التأمين. لكن الأمر سوف يكون أكثر خطورة على الشركة القابضة للصناعات المعدنية برئاسة المهندس زكى بسيونى، والتى تحصل على جزء من أرباح مصر للألومنيوم، تعيد استخدامه فى إصلاح هياكل عدد من الشركات التابعة وأجور عمالها. وعلى هذا سوف يمتد الخطر من مصر للألومنيوم إلى بعض الشركات الأخرى. ولا تقف التأثيرات السلبية عند ذلك، بل سوف تتوقف خطط تطوير وتحديث مصانع ألومنيوم نجع حمادى بل إن رفع سعر الكهرباء بهذا الشكل، سوف يهدد مبيعات الألومنيوم المحلية التى تصل قيمتها إلى ما يعادل 300 مليون دولار، لصالح مصانع ألومنيوم الدول الخليجية فى البحرين وقطر وأبو ظبى وسلطنة عمان، التى تحصل على الطاقة بنصف أسعار طاقة ألومنيوم نجع حمادى بعد الزيادات الأخيرة التى قامت بها وزارة الكهرباء على مصانع نجع حمادى. وبالفعل بدأت مصانع ألومنيوم الدول الخليجية فى إقامة مراكز تجارية لتكثيف طرح إنتاجها فى السوق المصرية. ومن ثم فإن أى تحريك سعرى من جانب مصر للألومنيوم لإنتاجها فى السوق المحلية، سوف يدفع مستخدمى الألومنيوم المصرى إلى شراء الألومنيوم الخارجى الذى لا تدفع عنه أى جمارك. وبالتالى، فإن كل هذه التأثيرات لرفع الأسعار غير المبرر، سوف يدفع بمصر للألومنيوم إلى الدائرة الجهنمية للخسائر، خصوصًا مع انتكاسات أسعار الألومنيوم فى البورصات العالمية أو تغلق الشركة أبوابها. وهذا يعنى ببساطة أن قرار القابضة للكهرباء قد فعل ما لم يستطع رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف فعله، حيث سبق أن أعلن فى أحد الاجتماعات قبل رحيله، لو أن القرار فى يده لأغلق مصانع ألومنيوم نجع حمادى. وبسؤال المهندس زكى بسيونى عما إذا كانت مصانع ألومنيوم نجع حمادى تطلب خصوصية فى أسعار الطاقة، قال: لم نطلب خصوصية، بل طلبنا وما زلنا نطلب تطبيق نظام أسعار المعادلة على أسعار الطاقة التى تستهلكها المصانع، وربطها بأسعار الألومنيوم فى البورصات العالمية مع تحديد حد أدنى لسعر الطاقة ودون حد أقصى محدد مع الأسعار العالمية للألومنيوم، ولكن لم يلتفت أحد إلى ذلك ودخلت الشركة دائرة الخطر بالفعل. وبمزيد من التحديد، يقول المهندس سيد عبد الوهاب إن سعر الألومنيوم الآن فى البورصات العالمية ما بين 2100، 2200 دولار للطن، وهذا يحقق لنا ربحًا بسيطًا عند سعر الكهرباء ما قبل الزيادة الأخيرة. وإذا نزل السعر إلى 1900 دولار للطن، فسوف تحقق الشركة خسائر فادحة. أما إذا وصل سعر طن الألومنيوم إلى 2600 دولار وقت انتعاش البورصات العالمية، فلا مانع من قبول الزيادة الأخيرة فى أسعار الكهرباء، لذا فإن الحل الأمثل تحديد سعر الكهرباء لألومنيوم نجع حمادى بنظام المعادلة وارتباطًا بأسعار الألومنيوم فى البورصات العالمية، وليس بسعر إذعان حكومى، فلم يعد هذا مناسبًا، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف الأجور وتكاليف الكهرباء ولذا يطالب بضرورة التراجع عن القرار الأخير، واستبداله بنظام المعادلة، خصوصًا أن تلك الصناعة تحقق مليار جنيه سنويًا قيمة مضافة إلى الاقتصاد المصرى. وبالفعل يقول مسئول بقطاع البترول: إن المخرج من تلك الأزمة هو استبدال سعر الإذعان بنظام المعادلة لجميع الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة، وربطها بالأسعار العالمية للتصدير وكذلك ربطها بما يطرح من إنتاجها فى السوق المحلية بنظام المعادلة إذا كانت تطرح جزءًا من إنتاجها بالأسعار المدعمة. وطالب المسئول البترولى الدكتور الجنزورى بإعادة النظر فى ذلك القرار خصوصًا لألومنيوم نجع حمادى، الذى يعتمد فى جزء كبير من مكوناته على الكهرباء، وخامات ألومينا بالأسعار العالمية. بينما تعتمد صناعة الأسمنت على خامات محلية بأسعار زهيدة جدًا تعتمد على دفع إتاوة محدودة على خامات المحاجر كما يمثل الغاز والكهرباء قيمة محدودة فى تكاليف صناعة الحديد، ومن ثم سوف تظل المشكلة فى أسعار طاقة الألومنيوم، ولا بديل عن نظام المعادلة، لأن ما يعادل من الكهرباء سعر 4 دولارات للمليون وحدة حرارية من الغاز يعد سعرًا قاتلاً لصناعة الألومنيوم فى مصر، خصوصًا مع تدنى أسعار الألومنيوم فى البورصات العالمية. كما طالب المسئول البترولى بتطبيق نظام المعادلة أيضًا على صناعة الأسمدة التى ترتفع أسعارها عالميًا، لأنه فى وقت ارتفاع الأسعار العالمية للأسمدة، سوف يكون سعر 4 دولارات للمليون وحدة حرارية غير مناسب ومنخفض. لذا "المعادلة هى الحل" لجميع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، خصوصًا التى تصدر إنتاجها، وتشكل الطاقة بها نسبة كبيرة من التكاليف. ورغم أن قرار القابضة للكهرباء من زيادة أسعار الكهرباء دون علم د. الجنزورى، يستهدف سداد الصندوق لقطاع البترول، وعلى أساس سعر 3 دولارات للمليون وحدة حرارية، فإن المسئول البترولى يرى أن هذا الإجراء سوف يضر بالاتجاه الموجود فى القرار الموجود لدى الجنزورى برفع سعر الغاز الطبيعى من 3 إلى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية لسائر الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة باستثناء الألومنيوم. ولذا يطالب القابضة للكهرباء بالتراجع عن هذه الزيادات، انتظارًا لمعرفة رؤية د. الجنزورى فى هذه القضية، وعما إذا كان سوف يصدر القرار الموجود لديه والذى قد يتضمن بعض الصناعات، وقد لا يتضمن الأخرى على ضوء التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.