ثمانية عشر يوما.. هي عمر التجربة العملية التي أجراها الشعب المصري كاملة من اجل التزاوج بين العالم الافتراضي (الالكتروني)، والعالم الواقعي لميلاد حرية مصر الحديثة، المدنية.. مصر الكرامة الانسانية.. وقد نجحت التجرية علي مرأي ومسمع الجميع وتم نقل الحرية من الأون لاين الي الأون لايف. اثبتت مصر ان الحرية الافتراضية علي الانترنت تحققت علي الارض واصبحت من مكونات الحياة المصرية الشعبية.. لقد شارك الجميع في التجربة، وبدأ في الاختبار العملي الكبير من يوم 25 يناير وانتهت يوم 11 فبراير.. تسعة عشر يومًا لتزاوج الافتراضي والواقعي لينتج شخصية مصرية جديدة سقطت عنها كل مشاكلها وأمراضها التي عاشت في جسد الشخصية المصرية عقودا طويلة.. وأزمنة كثيرة.. كان تعبير صديقي أحمد أبو بكر حكيمًا جدا عندما قال لي: "هل لاحظت؟ يبدو ان المصريين لم يعودوا مرضي.. المصريون خفوا من الامراض تمامًا.. وكان يقصد المرض الجسدي ونحن نزيد علي هذا بأن المرض السياسي والنفسي والجسدي والعقلي وكل اشكال المرض غادرت الجسد المصري والشخصية المصرية. كان ولا يزال العالم بأسره يشهد كيف صنع المصريون الحدث الاهم للالفية الثالثة! وكيف نجحنا جميعا في جعل الحرية حقيقة؛ مما جعل مؤسس موقع الفيس بوك مارك زوكر بيرج يرسل في يوم 13 نوفمبر تهنئة للشعب المصري لحصوله علي الحرية عبر موقع تويتر الذي يعمل عبر رسائل تتكون من 140 حرفًا http://twitter.com/#!/ ceoMarkZuck. نستطيع ان نقول انه تم نقل كامل ملفات وابديدات الحرية من الانترنت الي الحياة.. ومن الفيس بوك الي ميدان التحرير.. وميدان سيدي جابر بالاسكندرية.. ومن التويتر الي كل مدن وميادين ومحافظات مصر.. ومنذ هذه اللحظة بدأت التقارير العلمية والجامعية في الظهور، وقد كان آخرها تقرير أصدرته كلية (دبي للإدارة الحكومية) إن مواقع التواصل الاجتماعي؛ مثل: فيس بوك وتويتر ستواصل لعب دورًا مهمًا في الحراك الاجتماعي في العالم العربي، خاصة لدي شريحة الشباب. وذكر التقرير الاول حول الاعلام الاجتماعي في العالم العربي أن العدد الإجمالي لمستخدمي موقع فيس بوك في العالم العربي ارتفع بنسبة 78%.. وأشار التقرير إلي أن الشباب يمثلون 75% من مستخدمي فيس بوك في البلدان العربية. وسجل محرك البحث "جوجل" عن ثورة الفيس بوك اكثر من 2 مليون موقع يحتوي علي مضامين لها علاقة وثيقة بما حدث في تونس ومصر وبما يحدث الان في الجزائر واليمن وسوريا، من حركات تحرر ونهضة تبدأ من الافتراضي وتنتهي علي ارض الواقع. أخيرا الافتراضي والواقعي نفذا معا ثورة ومنحا كل مصر الحرية دون تفرقة بين لون ودين وفكر.. أخيرا الفيس بوك وميدان التحرير صنعوا بداية مصر الجديدة ورفعوا قيم الحرية.. والعدالة الاجتماعية.. والتعددية.. من اجل بناء مصر الحديثة.. مصر المدنية.. مصر التعددية. وعبر 18 يومًا نزل الالكتروني والواقعي ليسقطوا ويغيروا النظام كاملا ويسقطوا كل سنوات شخصنة الدولة المصرية؛ لتنهض مصر من جديد شامخة تحضن العالم وتعود الي الوطن العربي كله ويعود الوطن العريي كله اليها لقد أكتشفت نفسي خلال هذه الثورة كمناضل فيس بوك وتويتر وثائر كاي بورد.. وكائن افتراضي، وربما هذا لكوني كائنًا إلكترونيا منذ عام 1990 حيث اعيش واكسب واتعلم وانام واصحي علي كاي بورد.. ومنذ انطلاق موقعي الاول "جي اس ام ايجيبت" عام 2003 كموقع رسمي حققت من خلاله كل نجاحاتي الاقتصادية والثقافية عبر الانترنت.. حتي انني تحولت من صبي نجار يعمل في الورشة منذ سن الخامسة الي مهندس يعمل علي كمبيوتر رجل اعمال وتكنولوجيا وحياة وثقافة علي الانترنت. كان الفيس بوك وحالات المثقفين العرب والمصريين وتفاعلهم معنا شديدة الثراء ومن هذه الحالات الانسانية والالكترونية محمد عبد الوهاب الباحث في الثقافة الشعبية؛ فقد كان مهتما جدا بأرشفة الشعارات التي تم اطلقها في مظاهرات مدينته الاسماعيلة مما سجله علي صفحته انه يوم الجمعة 4 فبراير في الاسماعيلية رفع أحد شباب المتظاهرين لافتة مكتوبًا عليها، (بطلت المخدرات.. وجيت المظاهرات).. وتعبيرا عن نفسه في إحدي الحالات الإلكترونية قال وأنا في مظاهرات الإسماعيلية.. أعود شابا ويختفي المرض.. أعود للبيت لا أقوي علي الحركة.. الحرية حياة.. هرمت ولكنكم جددتم شبابي.. شكرا شكرا للورد المفتح.. أما الكاتب الكبير عزت القمحاوي فكان يكتب في الاغلب حالتين في اليوم علي الفيس بوك حالة عند خروجه من البيت الي ميدان التحرير وحالة عند عودته فكانت حالة يوم الاحد 6 نوفمبر: (الي اصدقائي.. صباحكم ورد، ياللا بينا ع القداس)، وعند عودته يوم الخميس: (أصدقائي، أنا بخير. عدت فورا من مجزرة التحرير لأنام، بغيظ يكفي لإحراق العالم. الأمن والمجرمون في خدمة إبادة الشعب. نهاية تليق بالخونة).. الروائية والناشرة لينا كريدية كانت ناشطة جدا في اعادة تداول كل الحالات التي اكتبها ويكتبها كل الثوار المصريين علي الفيس بوك حتي ان صفحتها دائما كانت نشطة بالاخبار، والتعليقات.. وكانت حالتها الالكترونية في صباح اليوم التالي من نجاح الثورة هو دعوة لنا نحن المصريين تقول فيها: (صباح اللوتس يا مصريين هيا إلي العمل، نظفوا شوارعكم، اذهبوا إلي اعمالكم بشغف، لا ترشوا ولا ترتشوا، نريد وجه مصر الحقيقي. رضا لك يا خالد سعيد). علي مدار 18 يومًا فيما عدا ثلاثة ايام نزلت فيهم وسط البلد والتحرير مع زوجتي وفي إحداهم صممت زوجتي علي شراء العصائر والبسكويت والمياه المعدنية وتوزيعها علي الجيش والمعتصمين معا.. وقد كان.. (حكم القوي علي الضعيف). لقد كنت علي الفيس بوك وعلي الانترنت متفرغا تماما بعد ان منحتني زوجتي ورفيقة الحياة حبيبتي.. الإذن.. حينما قالت: "دع العمل علي الانترنت لي وتفرغ انت للثورة والفيس بوك والعمل العام".. أيضا طاقم العمل معي الذي يتكون من 15 شخصًا كلهم اهلي وعائلتي واصدقاء حياتي.. قالوا معا اذهب انت الي العمل العام ودعنا نحن ندير الشركة.. وندير عملنا الاون لاين مع عملاء العالم واطمئن لن نسقط ولن نخذلك وبالفعل بدأوا في ادارة العمل من خلال رسائل بريدية ورسائل فورية علي المسنجرات خاصة ماسنجر الاسنورك، الذي يضم مجتمع العاملين في مجال السوفت ويير وتكنولوجيا المعلومات الخاصه بأجهزة التليفون المحمول حول العالم برسائل تدعو الجميع الي عدم الحديث الي لاني منشغل بالعمل العام في مصر ويمكنهم ان يتصلوا بفريق عملي الذي هو مكون عبر مستواه الاولي من اثنين يعملون مع عملاء دول العالم جميعا.. وقد كان.. وعشت تجربة مناضل فيس بوك ومناضل كاي بورد.