في ظل الكساد الاقتصادي الذي تشهده مصر حاليا بعدما ألقت الثورة الشعبية المصرية المطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك بظلالها القاتمة علي مختلف قطاعاته، يأتي القطاع السياحي الذي يعد واحدا من أهم روافد الموارد المالية للاقتصاد المصري الاكبر خسارة بعد أن أصبح الموسم السياحي الحالي في مصر مهددا بالإلغاء بعد قيام الولاياتالمتحدة بترحيل مواطنيها، وانضمام دول عديدة كفرنسا وبلجيكا والسويد وألمانيا وفنلندا وبولندا وروسيا والصين وأستراليا إلي قائمة الدول المحذرة لرعاياها من السفر لأي سبب إلي مصر. وتأتي ألمانيا والبالغ كثافة سياحها المتوافدين الي مصر 1.2 مليون سنويا لقضاء العطلات والسياحة، من أكثر الفئات السياحية إنفاقا، الامر الذي كبد مصر خسائر بالغة بعدما ألغت شركات توي وريفا توريستك وتوماس كوك وألتوريس و"أف تي آي" جميع رحلاتها إلي القاهرة خلال الفترة من 14 - 28 فبراير الجاري. وأتاحت الشركات الخمس - والتي تعد من أكبر شركات السياحة الألمانية لعملائها - بدون رسوم - تغيير مسارات رحلاتهم من مصر إلي مزارات سياحية آخري كتركيا وجزر الكناري حتي نهاية أبريل القادم. وجاء هذا الإجراء بعد إجلاء الحكومة الألمانية لرعاياها العاملين والمقيمين في القاهرة والإسكندرية، وإصدار وزارة الخارجية في برلين تحذيرا شديد اللهجة من السفر إلي أي مدينة مصرية. وأعلنت غرفة السياحة الألمانية أن من بين 30 ألف سائح زاروا مصر خلال الفترة الأخيرة، يستعد 12 ألف سائح تبقوا في مناطق الرياضات المائية والغوص في الغردقة وشرم الشيخ لحزم حقائبهم والعودة بسرعة إلي البلاد. وتقدر خسائر القطاع السياحي في ظل الازمة الراهنة والتي سببتها المظاهرات الحالية بمئات الملايين من الدولارات، والتي قد تمتد أيضا إذا ما تواصلت الاحتجاجات إلي موسم السياحة الداخلية. لكنه من المقرر أن يستعيد القطاع السياحي في مصر عافيته بسرعة وبشكل أقوي مما كان في الماضي، بمجرد انتهاء الاحتجاجات الجارية وحلول الاستقرار الذي تنعم في ظله البلاد بالامان. وعلي صعيد آخر يقيم خبراء السياحة خسائر الوضع الراهن للازمة المصرية وما تكلفته البلاد من خسائر وفقا لتردي الموقف بما لا يقل عن 310 ملايين دولار يوميا.. معتبرين أن قطاع السياحة هو أكبر قطاعات الاقتصاد تضررا خاصة في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسية وأعمال العنف التي غاب معها الاستقرار في البلاد؛ الامر الذي كان له أثر مدمر علي عائدات السياحة هذا العام. ويقول الخبير السياحي إلهامي الزيات ان استمرار الاضطرابات السياسية سيؤثر علي عدد السائحين الوافدين الي البلاد، وكذلك علي الفترة التي سيقضونها الامر الذي ينذر بتدني عائدات السياحة مما سيتطلب دعما اضافيا في موازنة الدولة. ووفقا لذلك سجلت السياحة ستة بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي في 2010 وتستحوذ علي وظيفة بين كل ثمانية وظائف في مصر؛ الأمر الذي ينذر في الوقت نفسه بتفاقم ازمة البطالة من جانب آخر. وتوقع جمال بيومي الامين العام لاتحاد المستثمرين العرب، أن تتراجع عائدات السياحة الي أقل من 5.5 مليار دولار لتصل الي مستويات ما قبل عام 2004 وهو العام الذي شهد بدايات تحرير الاقتصاد المصري عبر اصلاحات اقتصادية بقيادة الحكومة السابقة التي ضمت عددا من رجال الاعمال، يأتي هذا في الوقت الذي كانت هناك توقعات بتجاوز عائدات السياحة المصرية قبل بداية هذا العام الذي حفل بالعديد من الاحداث المأساوية وأعقبها من تداعياتها سلبية علي القطاع، بما يتجاوز ال12.8 مليار دولار. بينما يؤكد الخبير السياحي سعيد عبد اللطيف ان الافواج السياحية التي كانت متجهة الي مصر تزامنا مع هذه الازمة قد غيرت مسار رحلاتها الي دول اخري كإسبانيا وتركيا وقبرص وايطاليا؛ وهو الامر الذي ادي الي تدني الترتيب العالمي للمزارات السياحية المصرية في اعقاب الازمة الراهنة. إلا انه يعتبر هذا الوضع مؤقت خاصة ان الكثير من شركات تنظيم الرحلات السياحية علي مستوي العالم قد أشارت الي الثقة الكبيرة لدي سائحيها في عودة الهدوء سريعا إلي مصر، مدللا علي ذلك باحتفاظ الكثير من السياح علي مستوي العالم بحجوزات رحلاتهم السياحية خلال الفترة المقبلة والتي تتزامن مع إجازة عيد الربيع.