في ظل التخبط العربي الذي تناثرت حبات عقده طبقًا للمخطط الصهيوني الأمريكي بتفعيل مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يصعد و يهبط في تحققه حسب قوة و ضعف الدول العربية خاصةً أثناء الربيع العربي الذي لازال ينشر رياحه المتسمة بالخماسين الباحثة عن النسيم المفقود و للوبي الصهيوني الأمريكي دور في تأخر هذا النسيم. لديفيد بن جوريون المعروف بأبو إسرائيل مقولة شهيرة وردت في كتابه (تاريخ الحرب بين العرب و إسرائيل) تقول: (عظمة إسرائيل ليست في قنبلتها الذرية و لا ترساناتها المسلحة ، و لكن عظمة إسرائيل تكمن في إنهيار ثلاث دول : مصر و سوريا و العراق). هذه المقولة تم إظهارها في الخمسينات من القرن الماضي و إقتبسها اللوبي الصهيوني الأمريكي كأجندة مستقلة بذاتها لضرب الأمة العربية في أركانها الثلاث لما يمثل كل ركن نبضًا حيويًا لشموخ الأمة العربية و هذا ما كان واضحًا في الأربعينات و الخمسينات و الستينات و كانت البداية بإشتراك جيوش البلاد الثلاث بحرب فلسطين العام 1948 و لولا ترهل الوحدة العربية بين جيوش العرب ما كانت المأساة و ما كانت الملحمة البكائية التي لازالت تذرف دمًا على جبين الوطن العربي. الكلمات لها بريق خاص و لبريقها وقت في الإستمرار و إذا إنطفأ بريقها تعاود الأيام إضفاء بريقها للحياة مرة أخرى حسب إحتياجات المرحلة لكل عصر و لكل وقت و هذا ما وضح جليًا في أيامنا الحالية بتساقط أوراق شجرة الوطن العربي واحدة تلو الأخرى حسب مخطط العم سام و حكماء بني صهيون في ظل الربيع العربي ذو الخماسين الغربية و التي إختزلت القضية الفلسطينية في صراع أهلي بين العرب و المسلمين حتى تقع القضية الفلسطينية في تيه عميق لا نعلم منتهاه. بدأت بروفة المخطط بإسقاط العراق عبر الاحتلال الأمريكي بحجة التحجيم من نشاط العراق النووي و كان الهدف من هذا الإسقاط إطفاء مارد العراق الهائج في وجه الصهيوأمريكية من خلال بداية الحكاية المأساوية بضرب المفاعل النووي العراقي من قِبل إسرائيل بقرار من مناحيم بيجين العام 1981 و إنهاك العراق في حروب وهمية مع إيران لمدة ثمان سنوات ثم إيقاع العراق في براثن الشجار العربي بمخطط أمريكي مع الكويت أدى لحرب الخليج الثانية وقت احتلال العراق للكويت و كانت بداية النهاية لملحمة العراق في بلورة خريطة الوطن العربي سياديًا و سياسيًا لتكون الوفاة السياسية بالاحتلال الأمريكي و إعدام صدام حسين و تعميق الخلافات الطائفية و العرقية في العراق بوسطها و شمالها و جنوبها لتظل في تيه لا نهاية له. تتناقل تلابيب المخطط إلى سوريا منذ مارس العام 2011 ليتم الإجهار بالخلاف الطائفي العرقي بسوريا بين طوائف شتى نتج عنها الحرب الدائرة بين الجيش النظامي و الجيش الحر حتى تنطفيء مركزية سوريا بدعمها لحركات التحرر خاصة بدعمها لحزب الله ضد إسرائيل و إيقاع حزب الله في الصراع السوري السوري كخطوة إقصائية لحزب الله من الصراع العربي الإسرائيلي خاصةً بعد ندية المواجهة لحزب الله أمام إسرائيل العام 2006. تأتي مصر بمُركبها الخاص بإيقاعها في إنقسام ظاهري كان متواجد باطنيًا و لكن تم إحتوائه بديكتاتورية مبارك لا عن فهم و كثب بل عن تسلط و إستبداد دون علاج حقيقي للمشكلة لتظهر ثغرات المجتمع المصري عقب ثورة 25 يناير العام 2011 و التي أدت لوجود إنقاسامات أيديولوجية ما بين اليمين و اليسار تفاقم و ترهل في الأيام الأخيرة بعد إقصاء الفاشية الدينية من القوة العسكرية. الخلاصة تجلت في كلمات بن جوريون لتتقدم إسرائيل بتأخر و تقهقر البلاد الثلاث من المشهد السياسي حتى يتسنى لإسرائيل الهيمنة على المنطقة بوطن يهودي من النيل إلى الفرات ما دامت البلاد الثلاث في إنعزال عن خبايا الصراع العربي الإسرائيلي بمشاكلها الداخلية التي قلصت من معاني العروبة و القومية الإسلامية في صراعات واهية لا تجلب إلا البكاء على اللبن المسكوب.