بعد احتدام الجدل حول مشروع الصكوك التى تعتزم الحكومة المصرية إصدارها وتباين اراء الخبراء حول هذا الموضوع بشروطه ومعوقاته، وعقب الملاحظات التى أبداها مجمع البحوث الإسلامية على مشروع الصكوك المقدم من الحكومة المصرية، حسم مجلس الوزراء القرار الخاص بمشروع قانون الصكوك مع مراعاته للملاحظات التى أبداها مجمع البحوث بعد موافقة القوى السياسية ومجلس الشورى. وتطرح موافقة الحكومة سؤالا مفاده: هل يستمر الجدل والنقاش المجتمعى بين العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين حول مشروع قانون الخاص بالصكوك الإسلامية، ومدى تأثيره على الاقتصاد المصرى فى هذه المرحلة وفى ظل التحديات الاقتصاديةالتى تعانى منها مصر أم سينتهى هذا الجدل خاصة وان البعض أكد أهمية تلك الصكوك الاسلامية وتأثيرها الايجابى فى حل المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد المصرى، وخاصة أن تلك السندات قد ساهمت بشكل كبير فى نهضة اقتصادية في العديد من الدول الاسلامية التى اتبعتها مثل ماليزيا والسعودية وقطر، فيما رفض البعض الآخر فكرة الصكوك الاسلامية معتبرين انها وسيلة لبيع الأصول العامة المصرية. من جانبه، قال أحمد حمدى سبح المحلل الاقتصادى ومدير محافظ مالية بالبورصة "لا يوجد ما يعرف باسم الصكوك الاسلامية وانما هى صكوك فقط وكلمة إسلامية أضافتها الحكومة، حيث أن الصكوك أداة مالية تستخدم منذ زمن فى الدول الإسلامية وغير الاسلامية وهى شكل آخر من اشكال السندات". واعتبر أن الصكوك تمثل عبئا أقل من العبء الذى تمثله السندات على مصدرها حيث أن الصكوك لا تلزم مصدرها بفائدة محددة كالسندات، ولكنها تظل ذات مخاطرة عالية بالنسبة لحامل الصك حيث أنه يصبح شريكا فى الربح أو الخسارة، مشيرا إلى أن الصكوك تعتبر فكرة جيدة ومميزة فى إصدارها وإدارتها فى بيئة سياسية واقتصادية مناسبة وذلك فى ظل ظروف سياسية مستقرة لاتتسم بالاستقطاب السياسى الحاد. وأشار إلى ضرورة وجود بيئة صالحة لاصدار الصكوك والمتمثلة فى وجود رؤية شبه مشتركة لعلاج المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الفاعلين السياسيين فى الدولة، بجانب تحقيق معدلات نمو اقتصادى جيدة وعجز متوازن فى الموازنة العامة، وبالاضافة إلى مكافحة الفساد والمفسدين. وقال أحمد حمدى سبح المحلل الاقتصادى ومدير محافظ مالية بالبورصة إنه من المعوقات التى تواجه الاقتصاد المصرى فى إصدار الصكوك هو ارتفاع معدلات الدين قياسيا بالناتج المحلى وغيرها من الأمور التى تؤثر على قدرة الدولة فى الوفاء بتعهداتها وقدرتها على النمو المتواصل وسداد المستحقات. وأوضح أن كلا الاصدارين "الصكوك والسندات" يتفقان على حق حاملهما بالحجز على أصول المشاريع الصادر بضمانها هذه الصكوك وهو ما يمثل خطورة كبيرة فى حالة ما إذا كانت هذه الصول ذات ملكية عامة كالمرافق والصناعات الاستيراتيجية مما يعرض استقلالية القرار السياسى والاقتصادى للدولة لخطر المرهونية والارتهان لصالح حاملى الصكوك من الأجانب، فى حال عجز الدولة عن الإدارة الناجعة لجملة المشاريع العامة الصادر بحقها تلك الصكوك. وأشار إلى ضرورة أن يكون إصدار الصكوك لتطوير المرافق العامة مثلا دون امكانية الحجز عليها حال عدم استطاعة الحكومة سداد قيمة الصكوك، حيث يكتفى فى توثيق هذه الصكوك بميزة ضمان واستمرارية عائد هذه الصكوك لارتباطها بخدمة استراتيجية عامة لاغنى عنها، وعلى سبيل المثال صكوك يتم إصدارها لإنشاء وتطوير ورصف طرق والكبارى والانفاق وتحصيل رسوم المرور عليها. وقال "إن هذه الآلية ليست جديدة ومتبعة فى كثير من دول العالم لالاسلامية وغير الاسلامية، حيث تلجأ إليها بعض الدول لتمويل بعض مشروعاتها العامة ناهيك عن القطاع الخاص فى هذه الدول"، منوها بضرورة اتباع كافة الوسائل والسبل لضمان نجاح مشروع طرح الصكوك خاصة وأن فشل الطرح أو العجز فى السداد سيحمل صورة سلبية بالغة السوء عن الاقتصاد المصرى، فتكون الأداة المرجوة منها المساهمة فى إقالة الاقتصاد المصرى من عثرته هى نفسها المشرط الذى يزيد عمق جراح تلك الاقتصاد. وشدد على عدم جواز استخدام الصكوك فى تمويل عجز الموازنة أو الانفاق الخدمات الحكومية الجماهيرية كالتعليم أو الصحة أو غيرها من أوجه الانفاق الحكومية التى لا تقدم عائدا ماديا جيدا وملموسا، وقال "لابد أن تكون هذه الصكوك صادرة بحق مالكها في مشاريع معينة ومحددة تحقق أرباحا يتم بها سداد مستحقات حملة الصكوك". من جهته، أكد الدكتور محمود عبد الحى المدير السابق لمعهد التخطيط ضرورة وضع رؤية واضحة المعالم خاصة بكافة المشروعات الانتاجية التى سيصدر عنها الصكوك ومحددة الارباح لمشترى الصك، لافتا إلى أنه لا جدوى من صدور الصكوك خاصة بالمرافق العامة خاصة أن الهدف منهاتحقيق خدمات للشعب وليست تحقيق الأرباح. وأشار إلى أن الهدف من إصدار الصكوك تجميع الدولة لمبالغ من الأفراد أو الشركات بدلا من الاقتراض من البنوك أو من الخارج مما يزيد من مشكلة الدين العام، وإدخالها فى مشاريع انتاجية ذات دراسة جدوى دقيقة لجميع هذه المشاريع سواء فى القطاع العام أو الخاص، مما يعود بالنفع على الحكومة من عائد الملكية لهذه المشروعات مما يساهم حل مشكلة عجز الموازنة والعديد المشكلات الاقتصادية. وأوضح أن الصكوك الاسلامية تعد سند ملكية مؤقت حيث تعتبر مشاركة فى الربح والخسارة بين مصدر الصك ومشترى الصك حيث لايعطى حق لحامله فى إدارة المشروع، وتكون تكلفة رأس المال غير ثابتة ومعدة فيما يسمى " بمال المخاطرة "، منوها بان الاستزراع والمشاركة يعديان من أكثر الانواع تناسبا مع الاقتصاد المصرى. واقترح عبد الحى ضرورة وجود صندوق للمخاطر خاص بالصكوك السيادية،التى تصدرها الدولة وتستخدمه فى حالة الخسارة غير المرتبطة بالمخاطر التجارية فى المشروعات، تقوم الدولة بتعويض مشترى الصك مع رد قيمة الصك له، منوها بأن مشكلة المشروعات الاستراتيجية يمكن حلها بعدم طرح صكوك عليها، أو تصدر ويكون له حق الانتفاع فقط وليس ملكية الرقبة "أى لايجوز بيعه أوايجاره". وأكد الدكتور محمود عبد الحى المدير السابق لمعهد التخطيط ضرورة أن تكون الملكية الكاملة للمشروعات للدولة، بما لايمس سيادتها أو استقلالها السياسى، عن طريق اخضاع قانون الصكوك لنظام تخارج الملكية بالقرعة بعد مرور خمسة أعوام من ملكية الصك، مما يساعد الدولة الحفاظ على امنها القومى والاستراتيجى. وأشار إلى ضرورة دمج مشروع قانون وزارة المالية وهيئة الرقابة المالية ولكن بشكل يحدد جميع الإجراءات الخاصة بالصكوك، حتى لانعانى من تضارب القوانين، التى تؤثر سلبا على إصدار هذه الصكوك، خاصة وأن القانون أعطى تركيزه كاملا على الوساطة المالية من جانب المؤسسات التى تصدر الصكوك دون النظر فى لب الصكوك والتى تستهدف انشاء العديد المشروعات الانتاجية التى تدر دخلا للخزينة الدولة، منوها بضرورة أن يلعب الاعلام دوره فى شرح وتبسيط كافة المسائل الخاص الصكوك. من جانبها، أكدت الدكتورة يمنى حماقى استاذ الاقتصاد على ضرورة تركيز القانون المنظم للصكوك على الجانب الخاص بالمشروعات الانتاجية، مع ضرورة تنظيم كافة التفصيل الخاصة بالصكوك وشرحها شرحا مفصلا ،حتى تيسر ذلك على مشترى الصك. وأشارت إلى أن وزارة المالية تبنت مشروع الصكوك منذ عام 2009 وبدأت فى دراسة ووضعت تشريع للمشروع من مارس 2011، بالشكل الذى يتماشي مع طبيعته وتم وضع ضوابط صارمة للقواعد الموجوده للدولة،مما يتناسب مع الاقتصاد المصرى. وأكدت أن الصكوك الاسلامية المقترحة ينظر إليها باهتمام اقتصادى بالغ حيت أنه ينتظر استخدام حصيلتها في تمويل المشروعات الاستثمارية بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، حيث تعتبر هذه الصكوك أداة يمكن استخدامها فى دفع عجلة الانتناج وخلق فرص عمل جديدة مما يساهم فى حل مشكلة البطالة. ونفت ما يقال حول أن الصكوك الاسلامية ستؤدى إلى بيع مصر، مؤكدة أنها لا تمس سيادة الدولة، مثلها مثل باقى الدول الخليج التى اتبعت نفس هذا النهج والتى التفت إلى الانظار بعد الأزمة الاقتصادية العالمية