أصبح التأمين الإجباري على السيارات بمثابة ضريبة حكومية إلزامية تدر أموالا بالمليارات لشركات التأمين ولا يستفيد منها العملاء والمواطنون ووصل الخلاف بين العملاء والشركات إلى حد الاتهام بسرقة أموال المواطنين دون الحصول على أية عوائد أو تعويضات مقابل حوادث السيارات .. في حين اتهمت شركات التأمين معظم العملاء بالجهل بفوائد التأمين الإجباري الذي يغطي المسئولية المدنية عن الأضرار الجسمانية التي تلحق بالغير نتيجة استخدام السيارات، ويلتزم بمقتضاه المؤمن له بدفع أقساط سنوية محددة مقابل التزام شركة التأمين بتعويض المتضررين . "أموال الغد" ناقشت مندوبي شركات التأمين بإدارات المرور والعملاء لمعرفة حقيقة الخلاف بينهم حول التأمين الإجباري فأكد مندوبو الشركات أن العملاء لا يدركون دور التأمين الإجباري وأن الخطأ يأتي بسبب اعتقادهم أن التأمين الإجباري هو تأمين تكميلي على السيارات في حين يصر العملاء على أن يكون التأمين اختياريا وليس إجباريا . يرى أحمد إسماعيل، مندوب شركة "رويال للتأمين" بإدارة مرور مدينة نصر، أنه رغم الإقبال الذي يشهده الفرع من التأمين الإجباري للسيارات، إلا أن هناك عقبة كبيره تتمثل في عدم وعي العملاء بالقانون، مما يدفع المندوبون بالتوضيح الدائم لملامح التأمين الإجباري. وأضاف أن هناك مجموعة من العملاء يعتقدون أن التأمين الإجباري ما هو إلا تأمين ذو طابع حكومي، فالبعض يراه خاصا بالسيارة المملوكة لهم وليس للغير كما ينص القانون، وأن نسبة ضئيلة جداً من العملاء لديهم وعي بقواعد التأمين الإجباري، بينما تقوم الأغلبية العظمى من العملاء بالتأمين الإجباري على سياراتهم كروتين حكومي يجب تنفيذه، ولكن دون استيعاب لقواعده وأسبابه. وقال إسماعيل إن بعض العملاء يصفون التأمين الإجباري بال "بلطجة الحكومية"، متهمين الحكومة وشركات التأمين بسرقتهم، لعدم حصولهم على أية فائدة من هذا النوع من التأمين، خاصة أن نسبة كبيرة منهم لا يتجهون للشركات في حالة إصابتهم الناتجة عن اصطدامهم بالآخرين أثناء قيادة السيارة . ونوه اسماعيل إلى أن المستوى الاقتصادي ليس له تأثير على فهم العملاء للتأمين الاجباري، بينما يرجع في الأساس إلى وعي العميل بأهميته ورغبته في معرفة كل حقوقه وواجباته، مضيفاً أنه يواجه بعض المشاكل مع زملائه من الشركات الأخرى، لعدم تنظيم طبيعة العلاقة بينهم، مما يؤدي لحدوث تزوير في الوثائق التأمينية المقدمة للعميل. 75% من العملاء يفهمون التأمين الاجباري واختلف معه محمد فوزي، مندوب شركة "مصر للتأمين" بأحد إدارات المرور ، مؤكدا عدم وجود أية مشاكل مع العملاء حول التأمين الإجباري وقواعده، مضيفا أن 75% من العملاء لديهم الخلفية الكافية عن التأمين وأنواعه، و أن العميل لا يقبل على شيء دون فهمه ومعرفة الغرض منه، وهذا ما يحدث عندما يتجه نحو منفذ بيع وثائق التأمين الإجباري، لمعرفة الغرض منه والفائدة التي تعود عليه من حصوله على هذه الوثيقة. وأضاف أن بعض شركات التأمين ترتكب بعض الأخطاء، فبعضها يقوم بالتلاعب في الأسعار التأمينية بالوثيقة، وذلك عن طريق تحديد السعر الحقيقي بالوثيقة، لكن يتم تحصيل سعر أقل من العميل، أو عن طريق التلاعب في بعض مواصفات السيارة لتخفيض السعر بالوثيقة، لجذب أكبر عدد من العملاء، وهذا ما أدى في الآونة الأخيرة إلى ظهور بعض التزويرات في الوثائق التأمينية لبعض شركات التأمين وعمليات حرق الأسعار. تفعيل التأمين الإجباري يحقق الغرض منه من جانبه أوضح جلال محمد، مندوب شركة "وثاق" للتأمين التكافلي بأحدى إدارات امرور ، أنه يجب إجراء بعض التفعيلات بالتأمين الإجباري ليحقق الغرض الأساسي منه، وذلك عن طريق العمل على زيادة الوعي التأميني لدى العملاء وكذلك بقية المواطنين الذين لا يمتلكون سيارات، مضيفا أن التأمين الإجباري لا يخص قائد السيارة فقط ، بينما هو في المقام الأول يعمل على تعويض من تلقى الضرر من قيادة هذا الشخص للسيارة، ولهذا فإنه يجب على المتضرر أن يبحث عن كل حقوقه، ويذهب إلى شركة التأمين للحصول على التعويض المناسب له. وأشار إلى أن شركات التأمين تقوم بدفع التعويضات الخاصة بالتأمين الإجباري دون تأخير، إلا إنه في حاجة إلى التفعيل خلال الفترة المقبلة، ليحصل كل طرف على حقه كاملاً، مطالباً بالاهتمام بهذا النوع من التأمين، نظرا للأهمية التي يمثلها للطرفين، سواء للعميل أو شركة التأمين . نوه جلال الى ضرورة التزام شركات التأمين بالتعريفة المخصصة للتامين الإجباري، وعدم التلاعب بالأسعار، لتجنب حدوث أية مشاكل خلال الفترة المقبلة. ارتفاع السعر عقبة أمام التأمين الإجباري أضاف أحمد جمال، مندوب شركة "رويال للتأمين" بإدارة مرور عبود، أن العميل دائما ما يحتاج إلى توعية لأهمية التأمين والغرض منه، مشيراً إلى أن ارتفاع السعر التأميني للإجباري، وعدم حصول العميل على عائد فوري منه، يعد عقبة أمام التأمين الإجباري، حيث تم خلال 2010 زيادة السعر التأميني بنسبة تتعدى 40%، في حين أن العملاء لم يجدوا أية فائدة تعود عليهم نتيجة تلك الزيادة خلال الفترة الماضية، مما جعل بعض العملاء يتهمون شركات التأمين بالسرقة. أوضح أن العملاء ينظرون إلى القسط التأميني المدفوع، دون التطرق للتعويض المدفوع من قبل شركات التأمين للمصاب أو أهل المتوفي مقابل الحادثة الواحدة، مشيراً إلى أن بعض الشركات ترفض العمل مع الأوتوبيسات أو مواصلات النقل الجماعي، نتيجة لارتفاع قيمة التعويضات الخاصة بها ولتزايد عدد الركاب بها، منوهاً أن هناك شركات ترفض إعطاء الوثيقة للنقل السياحي نهائياَ، مطالباً بضرورة قيام المسئولين بإدارات المرور بتوضيح أهمية التأمين الإجباري للعملاء، فالعملاء لا يثقون في الشركات، نتيجة تحصيل الأقساط من العملاء دون أية عوائد عليهم. العملاء : التأمين الاجبارى ضريبة ليس لها عائد أوضح محمد بيومي، 35 عاما أنه كان متضررا عندما قام بدفع القسط الخاص بالتأمين الإجباري، نتيجة لعدم وجود أية فائدة من هذا التأمين، خاصة بعد حدوث بعض التلفيات بسيارته، وعندما طالب شركة التأمين بدفع التعويض وجد أن التأمين لا يقع على سيارته، بينما هو تأمين للغير. وأضاف انه قام بالتأمين التكميلي على السيارة لدى شركة تأمين قطاع عام، وعندما طالب بوقف التأمين الإجباري لعدم فائدته، وجد انه مستحيل، مطالباً بضرورة توضيح أهمية هذا النوع من التأمين للعملاء، حتى لا تضيع حقوقهم. وقال بيومى انه لم يرتكب حتى الآن أية حوادث، ولكنه في حالة حدوث ذلك، فإنه سوف يتجه بكل تأكيد للتعويض عن طريق شركة التأمين، مشيراً الى أن ذلك حقه وكذلك حق المصاب، الذي يجب عليه أيضاً البحث عن حقوقه، حتى لا يفقدها. بينما أشار هاني سعد،41 سنة، أن العميل ليس لديه الوقت للذهاب لشركة التأمين ليحصل منها على التعويض الخاص بالمصاب الذي صدمه، وكذلك المصاب أو أهل المتوفي، الذين لن يبحثوا عن الشركة ليحصلوا على التعويض خاصة انه سيتم صرف جزء كبير منه في الإجراءات والأوراق المطلوبة لصرف التعويض. ونوه إلى أن أغلبية هذه الحوادث دائماً ما تحتاج لتعويض سريع لعلاج المصاب، أو لإنهاء أية عقبات قانونية تواجه العميل ، مؤكداً عدم وجود فائدة من التأمين الإجباري، فيمكن توفير المصروفات والقسط التأميني الخاص بالوثيقة، وتعويض المتضرر مباشرة، خاصة أنه من الممكن عدم إصابة أي شخص لفترة طويلة، بما يعني دفع القسط دون فائدة منه نهائياً. وأضاف أن لفظ"الإجباري" في حد ذاته يعني عدم رضى العميل عنه، حيث يجب دفع الوثيقة بالرغم من عدم الفائدة منها، موضحاً أن التأمين التكميلي، والخاص بالسيارة هو الرئيسي بالنسبة له، لأنه يحقق الفائدة المرجوة منه. و ترى إيمان أحمد، 29 سنة، ربة منزل، أن التأمين الإجباري ما هو الا عمل روتيني، مثل باقى الأعمال والإجراءات الحكومية، خاصة فيما يخص إجراءات المرور، رافضة وصفه بالسرقة، نتيجة صرف تعويض للمتضرر، في حالة وقوع اية حوادث ،مؤكدة أنها استخدمت من قبل وثيقة التأمين التكميلي عند حدوث بعض التلفيات في سيارتها، وإن كان قد تأخر صرف التعويض إلى حد ما، إلا أنها قد حصلت على التعويض بعد 3 شهور. التأمين يجب أن يكون اختياريا قال إسماعيل محمود، 38 عاما ، موظف، إنه لا يوجد أي عائد على العملاء من التأمين الإجباري على سياراتهم، موضحاً انه لم يقم بالتأمين التكميلي على سيارته، للظروف المالية المضطربة التي تمر بها البلاد بشكل عام ، مؤكدا انه مضطر للتأمين الإجباري وفقاً للقانون. وطالب اسماعيل بإلغاء التأمين الإجبارى أو تحويله إلى الاختياري، مشيرا إلى ان هناك العديد من العملاء ليس لديهم القدرة المالية التي تمكنهم على التأمين الإجباري، خاصة أنه من الممكن أن يمر عام كامل دون اية حوادث اثناء القيادة ، بما يعني أن القسط التأميني الذي تم دفعه، لا فائدة منه نهائياً، وبالرغم من ذلك فإنه يجب تجديد الوثيقة كل عام إجباريا. واضاف ان هناك بعض الأشخاص الذين قاموا بحوادث، دون قيام الشركة بصرف التعويض لهم كما تنص الوثيقة، بل إنهم قاموا بأنفسهم بدفع التعويضات للمتضررين، تفادياً للمساءلة القانونية. القانون يخدم الشركات ويعاقب العملاء أوضح إبراهيم العزب، 30 عاما ، مدرس، أن القوانين الخاصة بالتأمين الإجباري، معدة في المقام الأول لصالح شركات التأمين، خاصة ان الشركة تُحصل أموالا سنوية من العملاء دون فائدة محققة لهم، بما يعني أنه شبيه بضريبة يدفعها العميل للشركات سنوياً، دون تحقيق عائد له، اشار إلى أن الإجراءات الخاصة بالتأمين الإجباري طويلة المدى، كما تعتمد على الاصطدام بشخص، وهذا نادرا ما يحدث، بما يعني أن الغرض المخصص لهذا النوع من التأمين، صعب حدوثه كل فترة.