رئيس جامعة قناة السويس يتفقد امتحانات الآداب.. ويوجه بتوفير الدعم لذوي الهمم    تعرف على سعر الدولار مقابل الجنيه مساء السبت 24 مايو 2025    مصر للتأمين تفتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي لعام 2025    شعبة المواد الغذائية: "كلنا واحد" دعم حقيقي للمواطن ومواجهة فعالة لغلاء الأسعار    نجم ليفربول يفوز بجائزة أفضل لاعب شاب في البريميرليج    الداخلية تكشف ملابسات فيديو لمشاجرة استخدم فيها الأسلحة البيضاء بالقليوبية    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    العرض قريبا.. سارة التونسي تجسد شخصية ريحانة في مسلسل مملكة الحرير    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    أسعار الفراخ البلدي تتراجع 5 جنيهات اليوم السبت (آخر تحديث)    النزول من الطائرة بالونش!    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    افتتاح محطة طاقة غاز الرئيسية بمدينة الخارجة بالوادي الجديد    صحة غزة: 300 حالة إجهاض بسبب نقص الغذاء والدواء    سوريا ترحب بقرار الحكومة الأمريكية القاضي برفع العقوبات عنها    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    محافظ قنا يكرم باحثة لحصولها على الدكتوراه في العلوم السياسية    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    راموس يمهد الطريق.. هل ينضم رونالدو إلى مونتيري في كأس العالم للأندية؟    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    أزهر كفر الشيخ يختتم أعمال تصحيح الشهادة الابتدائية وجار العمل فى الإعدادية    مغادرة الفوج الأول لحجاج الجمعيات الأهلية بالبحيرة للأراضي المقدسة    البابا لاون يلتقي موظفي الكرسي الرسولي    «منزل العفاريت الظريفة» على مسرح التربية والتعليم في السويس الثلاثاء    ماجد المصري يُقبل "يد" هيفاء وهبي بحفلها في دبي (صور وفيديو)    الشامي وتامر حسني يُفرجان عن أغنية "ملكة جمال الكون"    داليا مصطفى: لا أحب العمل في السينما لهذا السبب    متحف الحضارة يستقبل وفداً رفيع المستوى من الحزب الشيوعي الصيني    إسماعيل ياسين وشادية.. ثنائي كوميدي أثرى السينما المصرية    القارئ السيد سعيد.. صوت من السماء حمل نور القرآن إلى القلوب | بروفايل    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    استخراج موبايل من معدة مريض في عملية نادرة بالقليوبية    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    المتحدث العسكري: الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن بعد انتهاء زيارته الرسمية لدولة فرنسا    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    رئيس جامعة المنصورة يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الثاني بعدد من الكليات    أحياء الإسكندرية تكثف حملاتها لإزالة التعديات على أراضى أملاك الدولة    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصول الحكم وأصول المعارضة.. والتعاون الواجب بينهما
نشر في أموال الغد يوم 21 - 08 - 2012

أتصور أن مصاعب المرحلة الانتقالية خلال عام والنصف الماضيين قد علمتنا جميعا شيئا واحدا: ضرورة التعاون والشراكة بين القوى السياسية المختلفة لكى يصل الوطن إلى بر الأمان، وخطأ الاعتقاد بأن أى تيار سياسى بإمكانه حكم البلاد وحسن إدارتها بمفرده. حتى حزب الحرية والعدالة لابد قد أدرك أن فوزه بالانتخابات البرلمانية والرئاسية ونجاحه فى تشكيل الحكومة واستبدال قيادات الجيش والإعلام بوجوه جديدة، كل هذا قد يسمح له بالتحكم فى آليات اتخاذ القرار ولكن لن يمكنه من إدارة الدولة بكفاءة إلا بالتعاون مع القوى السياسية الأخرى. مصر فى هذه اللحظة الفارقة بحاجة لقرارات كبرى وصعبة فى مجال الأمن والاقتصاد والعدالة الاجتماعية، وهى قرارات لها تكلفة شعبية وسياسية لا يستهان بها، وبالتالى فلن تكون قابلة للتنفيذ إلا من خلال اتفاق مجتمعى يتجاوز ما لتيار سياسى واحد من شعبية وتأييد. الحكم والسلطة يتطلبان الفوز بالرئاسة وبالحكومة، أما إدارة البلاد فتقتضى أكثر من ذلك بكثير: اقتناع من الناس، واصطفاف من القوى الوطنية، وتوافق على القضايا الكبرى، ومشاركة فى اتخاذ القرار.
هذه الشراكة لا تعنى أن يتنازل الإخوان المسلمون عن الحكم ولا أن يقتسموه مع غيرهم، بالعكس فإن الحزب الفائز فى انتخابات برلمانية ورئاسية له الحق بل وعليه الواجب أن يشكل الحكومة وأن يدفع بقياداته إلى المواقع التنفيذية وأن يمارس السلطة التى سعى إليها وفاز بها، وإلا فكيف يمكن له أن يطبق برنامجه وأن يحقق وعوده للجماهير التى انتخبته؟ وكيف للجماهير أن تحاسبه لو ظل بعيدا عن السلطة أو مقيدا عن ممارستها؟ لذلك كنت ولا زلت أفضل لو تم تشكيل حكومة «إخوانية» صريحة وأن يكون الوزراء والمحافظون ورؤساء الهيئات ممن ينتمون للحزب الحاكم ويعبرون عن التوجه السياسى الجديد. مبدأ أن الحزب الفائز بالأغلبية هو الذى يحكم ليس محل خلاف لأن ما جاءت به صناديق الاقتراع يجب أن يكون محل احترام وتقدير. ولكن فى المقابل فإن الديمقراطية الكاملة لا تعنى مجرد تسليم مفاتيح ومقاليد الحكم بأكملها إلى الحزب الحاكم وإقصاء كل القوى السياسية الاخرى عن المشاركة، بل الديمقراطية توازن بين المصالح فى المجتمع وإرساء لمجموعة من الضمانات والقيود التى تضبط مزاولة الحزب الحاكم لسلطاته ولا تجعله يستأثر أو يستبد. وفى تقديرى أننا فى الظرف الحالى بحاجة للتمسك بأربعة ضمانات رئيسية:
الضمان الأول هو التأكيد على أن هناك ثوابت فى ضمير الأمة وفى هويتها مما لا يكفى لتغييره مجرد الحصول على أغلبية فى انتخابات برلمانية أو رئاسية أو غيرها، وبالتالى ضرورة تحديدها بناء على توافق وطنى واسع وليس استنادا إلى غلبة عددية. الشرعية التى تأتى من صناديق الاقتراع حقيقية ويجب احترامها ولكنها ليست «شيك على بياض» لتغيير كل شىء فى المجتمع. هوية الدولة، وعدم التمييز بين المواطنين، ورفض التفرقة ضد المرأة، وحماية الحقوق والحريات العامة، وأسس دولة القانون والعدالة، كل هذه مسائل لا ينبغى ولا يستقيم أن تكون بيد حزب أو تيار سياسى على انفراد أو أن يستخدم سلطته ولو كانت مكتسبة بشكل ديمقراطى من أجل تغييرها كما لو كانت قرارات تتعلق بسعر الضريبة أو بقوانين المرور أو بتوزيع الكهرباء. فكرة التوافق تعنى أن هناك من القرارات ذات الطابع الأساسى والمصيرى ما لا يكفى لاتخاذه مجرد الحصول على الأغلبية، لأن حتى من خسروا الانتخابات ومن صوتوا لمصلحة مرشحين أو أحزاب خاسرة وهم كثر لهم الحق فى المشاركة فى صنع هذه القرارات.
الضمان الثانى أن تكون فى الدولة مؤسسات مستقلة، سواء لطبيعتها الرقابية أو السيادية، فلا تتأثر فى عملها وفى حيدتها كلما تغيرت الحكومة وتعاقب عليها الوزراء والسياسيون. على رأس هذه المؤسسات تأتى القوات المسلحة، والشرطة، والبنك المركزى وأجهزة الرقابة المالية، ومؤسسات مكافحة الفساد، والنيابة العامة، والقضاء، والجامعات، والإعلام، وغيرها من أعمدة الدولة التى لا يجوز أن تكون خاضعة لسياسات وتوجهات حكومية ضيقة أو محكومة بالسعى لإرضاء الرأى العام قبيل الانتخابات أو فى ظروف الحشد الجماهيرى. لذلك فإن قيام الرئيس بتعيين حكومة ووزراء ومحافظين ورؤساء هيئات ينتمون لحزبه أو قريبين منه ليس أمرا غريبا ولا مستهجنا. أما السعى لاستبدال كل من يشغل منصبا مؤثرا فى القضاء وفى الإعلام وفى المؤسسات الرقابية بمن ينتمون لتيار فكرى وسياسى معين، فلا يتفق ومبدأ الشراكة فى الحكم وما يتطلبه من استقلال مؤسسات الدولة الرئيسية عن الانحياز الحزبى.
الضمان الثالث أن تكون هناك تفرقة ضرورية بين حق حزب الأغلبية فى أن يمارس سلطاته كاملة ويطبق السياسات التى وعد الناس بها، وبين اتخاذ إجراءات أو إصدار تشريعات تؤدى إلى قطع الطريق على الأحزاب والقوى السياسية الأخرى فى أن تنافس وتصل بدورها إلى الحكم يوما ما. فلا يجوز فى جميع الأحوال أن يستغل الحزب الحاكم سلطته فى كسر السلم الذى أوصله إلى الحكم ومنع غيره من الصعود عليه مستقبلا. من هنا فإن بوادر التضييق على حرية الرأى والتعبير، والخطاب المتصاعد لإقصاء بعض القوى السياسية من الساحة، والاتهامات لكل من لا ينتمى لتيار الأغلبية بأنه يسعى لتقويض الدولة، كل هذا يثير مخاوف مشروعة من أن يكون ذلك تمهيدا لوأد التجربة الديمقراطية فى مصر والاكتفاء بما تحقق منها وغلق باب التنافس المشروع والسلمى على السلطة.
أما الضمان الرابع والأخير فهو أن يكون هناك فهم واحترام وتقدير فى المجتمع لفكرة أن الحكم السليم لا ينهض على حكومة قوية فقط بل يتطلب ولمصلحة الجميع وجود معارضة قوية أيضا. ولذلك فمن المقلق للغاية انتشار خطاب إعلامى وشعبى فى الأسابيع الأخيرة مقتضاه أن على الجميع «الالتفاف» حول الرئيس وحول رئيس الوزراء وحكومته لأن الظرف صعب واللحظة فارقة والتحديات كبيرة. أكيد أن الظرف صعب، وأن علينا جميعا واجب التعاون والعمل على وصول سفينة الوطن إلى بر الأمان، ولا أحد لديه ذرة من الوطنية والإخلاص يتمنى فشل الحكومة والرئاسة الحالية. ولكن كل هذا لا يعنى أن تكون المعارضة خيانة للوطن والوقوف خارج معسكر الرئاسة سعيا لإسقاط الدولة، بل هو اختلاف فى الموقع الذى يختاره كل منا فى أن يعمل وأن يخدم بلده. والمصلحة العليا للبلاد لن تتحقق إلا باستمرار التنافس الشريف والسلمى بين تيارات وقوى سياسية مختلفة، تتصارع على الحكم وتختلف فى السياسات، وتقدم للمجتمع بدائل، ولكن تتوافق وتتفق فى بعض القضايا الكبرى والقرارات الحاسمة.
نريد ديمقراطية كاملة لا مجرد تصويت وصناديق وفرز ودعاية انتخابية. نريد استمرار التنافس الديمقراطى، واحترام حق المعارضة، وضمان استقلال مؤسسات الدولة، والحرص على التوافق فى القضايا الكبرى، كما نريد تعاونا بين الحكم والمعارضة، كل يقوم بواجبه والكل يعمل لمصلحة الوطن.
المصدر الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.