وزير الري يستعرض ملامح منظومة الري المصرية 2.0 أمام مفوضة الاتحاد الأوروبي للبيئة    استمرار تلقي طلبات الترشح لمجلس النواب بالشرقية    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    أسعار الفاكهة اليوم الاثنين 13-10-2025 في قنا    الذهب يسجل مستوى قياسي جديد مع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    مدبولي يتابع موقف تنفيذ وتشغيل محطات تحلية المياه في شمال سيناء    13 أكتوبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    مدير صندوق المناخ الأخضر: 13 مليار دولار لتمويل مشروعات خفض الانبعاثات    قرار وزاري باستمرار حظر تصدير السكر لمدة 6 أشهر    الأسهم الآسيوية تهبط متأثرة بأسوأ أداء لوول ستريت منذ أبريل    «شرم الشيخ».. منصة مصر الدائمة للحوار والسلام    حماس تسلم جميع الرهائن الأحياء إلى الصليب الأحمر    توافد قادة وزعماء العالم المشاركين في قمة شرم الشيخ للسلام    مجمع ناصر الطبي في غزة يستقبل الأسرى الفلسطينيين المحررين    الكنيست يوزع قبعات بشعار «ترامب رئيس السلام»    ستارمر: المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعمار غزة    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    وزير الرياضة: دعم متكامل للمنتخب الوطني.. وما تحقق في الكرة المصرية إنجاز يستحق الفخر    موعد مباراة ألمانيا وأيرلندا الشمالية بتصفيات المونديال.. والقنوات الناقلة    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    إصابة 19 شخصًا في حادث تصادم أتوبيس الألومنيوم مع موتوسيكل بنجع حمادي    اليوم.. محاكمة المتهمين ب«خلية الهيكل الإداري للإخوان»    انقلاب تروسكيل محمل بالطلاب بمصرف سلام.. ومحافظ أسيوط يتابع الحادث    التحقيق مع عنصرين جنائيين حاولا غسل 130 مليون جنيه حصيلة إتجار بالأسلحة النارية    السيطرة على حريق داخل مصنع للقطن في قليوب.. وإصابة عامل باختناق    استئناف محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة وسرقة أعضائه البشرية المعروفة إعلاميًا ب«الدارك ويب»    بينهم حالات خطيرة.. إصابة 19 شخصاً في انقلاب أتوبيس شركة مصر الألومنيوم بقنا    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    "الشكوى 713317" يقترب من العرض الأول بمهرجان القاهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    رئيس الرعاية الصحية يتفقد جاهزية مجمع الفيروز الطبي لتأمين قمة شرم الشيخ للسلام    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    رئيس جامعة حلوان يهنئ الدكتورة أماني فاخر بمناسبة تعيينها عضوا بمجلس الشيوخ    موعد مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا فى نصف نهائى كأس العالم للشباب    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عبدالمنعم سعيد ل "أموال الغد" : وتيرة التعافي من الأزمة "بطيئة" لو توصل الإسلاميون للحكم
نشر في أموال الغد يوم 09 - 12 - 2011

تزخم الساحة السياسية المصرية خلال الفترة الحالية بالعديد من المتغيرات والتيارات النازحة إليها، المتنافسة على كعكة برلمان الثورة، والباحثة عن دور لها خلال المرحلة المقبلة بالشارع السياسي.. ووسط تلك الآمال التي تمخضت جميعها من الثورة، التي أعطت المواطن المصري الثقة في أن يحلم بمستقبل أفضل، وأن يحقق هذا الحلم، تأتي العديد من التحديات لتهدد تلك السيناريوهات الوردية التي يرغبها الجميع، بعد عام كامل من عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والمجتمعي أيضًا خلال المرحلة الانتقالية الحالية، التي يقودها المجلس العسكري وسط عواصف من التشكيك والتخوين، وموجات أخرى من الدعم والتأييد.
يرسم الدكتور عبدالمنعم سعيد، المحلل السياسي، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، في حواره مع "أموال الغد" شكل الساحة السياسية الآن، محددًا أهم التحديات التي تواجه مصر، فضلا عن أهم الآليات التي من الواجب اتباعها كي لا نغرق في بئر عميق من عدم الاستقرار أو زيادة فترة المرحلة الانتقالية، التي توقع انتهائها خلال 12:6 شهر.
قال إن وتيرة الاستقرار ستكون سريعة للغاية في حالة وجود حكومة مدنية حقيقية، وفي حالة وجود حكومة ائتلافية، فإنها سوف تكون أبطأ نوعًا ما، وستكون بطيئة جدًا في حالة حصول جماعة الإخوان المسلمين على الأغلبية، خاصة أن هناك تخوفات لدى الغرب وبالداخل أيضًا من التيار الاسلامي بشكل عام.
نوه سعيد، أن فرصة الأحزاب الجديدة والشباب ضعيفة في برلمان الثورة، خاصة أن "قدم" الحزب، يعد عاملا من أهم العوامل التي تؤيده وتدعمه في الانتخابات، متوقعًا حصول تلك الأحزاب على من 30:20 مقعدا كحد أقصى، في الوقت الذي أكد خلاله أن كافة استطلاعات الرأي تشير إلى أنه لا أغلبية مطلقة لأي تيار سياسي بمجلس الشعب الجديد، فالاخوان والوفد –وكلاهما على الترتيب جاءا على رأس ترتيب التيارات بالاستطلاعات المختلفة- لن يحصلا سوى على نسبة لا تتعدى ال 30% لكل منهما ببرلمان الثورة.
شن هجومًا على حكومة الدكتور عصام شرف السابقة، مشيرًا إلى أنها حكومة فشلت في التعبير عن المرحلة الحالية، وافتقدت الحساسية السياسية، كما أنها اتخذت قرارات سيتأثر بها الاقتصاد المصري سلبًا على المدى البعيد.. في الوقت الذي أكد خلاله على أنه بالرغم من أخطاء المجلس العسكري إلا أنه "حمى مصر" وأنقذ الدولة من السقوط مثلما سقط فرنسا إبان الثورة هناك، كما ساهم في عدم الانجراف للسيناريو الليبي الدامي.
* Ø في البداية، مرت مصر خلال عام 2011 بجملة من الأحداث إبان الثورة، لتتغير شكل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فما تحليلك لتلك الفترة ؟
جاءت الثورة بداية عام 2011 كي تغير شكل الحياة السياسية والاقتصادية في مصر، خاصة في تلك الفترة الانتقالية التي نمر بها الآن، والتي ربما تستمر حتى نهاية العام المقبل أيضًا، فكان لها ضرائب باهظة دفعتها مصر على حساب اقتصادها، ليتراجع حجم الإحتياطي النقدي من 36 مليار دولار عشية الثورة إلى 22 مليار دولار، أي بتراجع بلغ الثلث، تم استهلاكه، كما أن عجز الموازنة كان 2.8% من الناتج المحلي وتعدى الآن نسبة 11.9%، وارتفعت البطالة من 9% قبل الثورة، لتصل إلى 11.9% الآن، كما أن معدل النمو كان 5.4% قبل الثورة وتهدف الحكومة الآن لأن تصل به حتى 3.2% فقط، كما أن معدل التضخم أيضًا أصبح 12% بعد أن كان 9% فقط، وكلها مؤشرات سلبية تؤكد تدهور الاقتصاد المصري عقب الثورة.
وعلى صعيد الجانب الاجتماعي، فإنه من الطبيعي أن يكون للتحولات الاقتصادية الخطيرة خلال الفترة الانتقالية الحالية تأثيرات سلبية أيضًا على "الفقراء"، والذين كانوا أحد الأسباب الرئيسية للثورة بعد تنامي أعدادهم خلال الفترة الأخيرة.
أما بالنسبة للجانب السياسي، فالبطبع حدثت انفراجة سياسية بالشارع المصري، بعد أن فشل النظام السابق استيعاب التعددية السياسية والتعبير عنها، لتستطيع بذلك وسائل الإعلام التعبير عن هذه التعددية الآن، لكن من جانب واحد فقط وهو جانب الثورة، وبصفة عامة فإن هناك إظهار للحقيقة السياسية الموجودة بمصر عبر وسائل الاعلام بدلا من اخفائها تحت أية رداء.
ومن ناحية الجانب الأمني، فعلى الرغم أنه ليس كما يتم تصويره الآن بوسائل الإعلام عن خطورة الموقف وتدهوره، إلا أنه بالتأكيد أقل مما كان عليه من قبل.. وإجمالا، فإن هناك ثمن كبير يدفعه المصريون الآن خلال المرحلة الانتقالية الحالية من جراء الثورة، لكن الأمل أن يكون الناتج الأخير من ذلك هو نظام سياسي ديمقراطي مدني قادر على التواصل مع العالم الخارجي واستئناف مسيرة النمو.
* Ø لكنه أمر طبيعي، خاصة أن كافة الثورات في العالم دفعت ضرائب باهظة، والثورة الفرنسية خير دليل على ذلك..
بالطبع، ونحمد الله أن الثورة في مصر لم تكن مثل الثورة الفرنسية التي استمرت فيها الفترة الانتقالية وحالة عدم الاستقرار لفترات طويلة، ولا يوجد لدينا عمليات تسليح تعكر أمن الشارع.. إن ثورة 25 يناير لم تسقط الدولة المصرية لكنها أسقطت النظام السياسي الحاكم، واستمرت المؤسسات كما هي، واستمرت القوات المسلحة في مكانتها ووضعها، كما أن النظام القضائي استمر عقب الثورة، واستمرت المؤسسات العاملة أيضًا، بسبب البيروقراطية العتيدة، وبصفة عامة فإن الجسم الاساسي في الدولة موجود، بما يسهل من عملية عودة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي بالشارع المصري مرة أخرى.
* Ø لكن عنصر الأمن سقط بسقوط الداخية، وهو أحد أهم ركائز الدول..
حتى عنصر الأمن والمتمثل في وزارة الداخلية تعرض لتوقف مؤقت، إلا أنه تدريجيًا يستعيد قدرته مرة أخرى، وسيطرته على الشارع المصري بما يحفظ الأمن والاستقرار.
* Ø هل تعتقد أنه بحسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية تستعيد مصر مكانتها، وتواصل مسيرتها في طريق النمو؟
تحتاج بعض الأمور دائمًا لوقت كي يتم حسمها، ولو بضع شهور.. حتى عملية الاستقرار عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية تحتاج أيضًا فترة ما، إلا أنه بشكل عام فإن عودة الامور لطبيعتها مرة أخرى مرهونة بحسم الانتخابات، لأنه بذلك سيكون هناك مؤسسة شرعية جاءت بناءا على اختيار المواطنين أنفسهم، ببرلمان يعبر عنهم وعن طموحات الشعب، يبدأ في وضع الدستور الجديد، الذي شهد شد وجذب كبير خلال الفترة الأخيرة بعد وثيقة المبادئ فوق الدستورية التي كان يشرف عليها الدكتور علي السملي، نائب رئيس الوزراء السابق.. كما أن انتخاب رئيس جمهورية جديد قطعًا يعطي المزيد من الاستقرار، كما يعطي رسائل قوية للمستثمرين الأجانب للعودة مرة أخرى لمصر، ومواصلة استثماراتهم ومشروعاتهم الاستثمارية، كما يعطي رسالة أخرى للمستثمرين المحليين لمواصلة استثماراتهم أيضًا.
* Ø برأيك، ما الفترة التي تحتاجها مصر للعودة مرة أ خرى لوضعها الطبيعي؟
أعتقد أنه بعد فترة من 6 إلى 12 شهر نجد بوادر عودة المسيرة المصرية لمسارها الطبيعي مرة أخرى.
* Ø حتى لو تمكن الاسلاميون، وعلى وجه التحديد جماعة الاخوان المسلمين، من الحصول على الأغلبية في البرلمان الجديد وتشكيل الحكومة.. وهو المتوقع بالفعل بعد نتائج المرحلة الأولى؟
الأغلب أن الاستقرار سيأتي أيضًا في كل الأحوال، فكل ما نحتاجه بمصر أن "نرسى على بر"، سواء تولى الاسلاميون أو غيرهم شئون البلاد، فالمهم أن يكون هناك نظام منتخب من قبل الشعب، بعد أن أسقطت الثورة النظام السابق.. ولكن الاختلاف الوحيد هنا يكمن في سرعة عودة الاستقرار ووتيرة الانطلاقة، ففي حالة وجود حكومة مدنية حقيقية فإن وتيرة الانطلاق نحو الاستقرار ستكون قطعًا سريعة جدًا، وفي حالة وجود حكومة ائتلافية، فإنها سوف تكون أبطأ نوعًا ما، وستكون بطيئة جدًا في حالة تولي الإخوان، خاصة أن هناك تخوفات لدى الغرب وبالداخل أيضًا من التيار الاسلامي، ما لم يكن في نفس حكمة حزب النهضة الاسلامي بتونس، بحيث يعطي للمستثمرين رسائل صحيحة عن الاوضاع المحلية.
* Ø وأي السيناريوهات تتوقع؟
لا استطيع التنبؤ بالأرقام بنسبة الإخوان في البرلمان الجديد، إلا أنني أتوقع ألا يحصل أي تيار سياسي على الأغلبية المطلقة فيه (الاغلبية المطلقة التي لها حق اتخاذ القرار وتشكيل الحكومة)، فكل القوى الكبيرة ومنها الاخوان والوفد ستتفاوت من 30:20% فقط من مقاعد البرلمان، ولن يحصل أي منهم على الأغلبية المطلقة، وبالتالي فالائتلاف ضروري جدًا بين تلك القوى السياسية المختلفة.. وفي تقديري فإنه من الممكن أن يحدث ائتلافًا بين الاخوان والوفد.
* Ø لكن الوفد تعرض لحملات تشويه كبيرة خلال الفترة الأخيرة.. آخرها عن إدراجة لمجموعة من الفلول على رأس قوائمه بعدد من المحافظات؟
أظهرت كافة استطلاعات الرأي أن الإخوان والوفد يحصل كل منهما على نحو 60% من التأييد بمصر، وذلك على الرغم من حملات التشويه التي يتعرض لها الوفد، وتتعرض لها جماعة الاخوان المسلمين أيضًا.. فالوفد في طليعة القوى السياسية بكافة الاستطلاعات سواء الداخلية أو الخارجية، خاصة لتاريخه الكبير، فضلا عن توزيع مرشحينه وقائمته بكافة الدوائر.
* Ø هل تعتقد أن يكون لحزب الوسط الجديد فرصة في المنافسة، خاصة بعد معاناته خلال عهد الرئيس مبارك في الحصول على موافقة لجنة الأحزاب على تأسيسه؟
بوجه عام، فإن هناك فرقًا كبيرًأ بين ما يبدو وما سوف يحدث بالفعل، فالأمر يتوقف دائمًا على نسبة المشاركين في الانتخابات، والذين سيذهبون لصناديق الانتخاب، فإن أعلى نسبة بمصر كانت 41% .. وأي ناخب قد يؤيد حزب الوسط لكنه لا يذهب لانتخابه، وهنا يوجد علامة استفهام كبيرة لا يستطيع أحد الاجابة عليها الآن، لان لا أحد يستطيع التكهن بعدد الناخبين ونسبتهم بالبرلمان.. كما أن "قدم" الحزب له تأثير أيضًا، وهو أمر هام وضروري، فالوسط حزب جديد، ومصر بلد متسعة يبلغ عدد من يحق لهم التصويت 50 مليون مواطن، وهو رقم كبير جدًا، ولكل تفضيلاته، كما أن البيئات الثقافية مختلفة، فالاسكندرية ليست مثل السويس، وهكذا.
* Ø هل تعتقد أن البرلمان الجديد سيمثل "خلطة سياسية" من كافة الاتجاهات والتيارات؟
بالطبع، هو خلطة سياسية بها الجميع، كما أن أنصار الحزب الوطني الديمقراطي المنحل أو ما يطلق عليهم إعلاميًا "الفلول" سيكون لهم نصيب أيضًا، بالتالي هي خلطة برلمانية لن يفوز فيها أحد بالأغلبية المطلقة، لكن من الممكن أن يكون هناك من يحتل "أقلية متقدمة" تتيح له التقدم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل الحكومة.
* Ø وبالنسبة للسلفيين، يشكلون الآن عنصر تهديد و"فزاعة" للليبراليين بمصر وللعالم الخارجي أيضًا.. إلى أي مدى ستكون نسبة مشاركتهم بالحياة السياسية خلال الفترة المقبلة؟
يعد السلفيون قوى غامضة موجودة على الساحة السياسية الآن، لم نعرف حجمها مطلقًا قبل الثورة، وظهر جليًا أعدادهم بعد الثورة وانتشارهم ومؤيديهم بشكل عام في مختلف محافظات مصر، فاستطلاعات الرأي أعطت التيار السلفي نسبة من 9:8%، وهي نسبة ليست قليلة على الاطلاق.. لم يستخدمهم أحد ك "فزاعة" لكنهم بأفعالهم وتصريحاتهم شكلوا تلك الفزاعة من الأساس، خاصة بسبب رأيهم في المرأة ومشاركتها بالحياة السياسية، وعن آرائهم الخاصة بحقوق الأقلية وما إلى ذلك.
* Ø هل تتوقع أن يتصادموا مع الاخوان عقب حسم الانتخابات البرلمانية بعد فترة الوفاق الحالية ؟
لا أعتقد ذلك، خاصة أنها قوى متجزرة بالشارع المصري، كما أنا منبعهما واحدا وهي الشريعة الاسلامية، ومن المقرر أن يكونوا أحد الفاعلين داخل البرلمان، والفرق بينهما فقط في درجة التشدد في تطبيق تعاليم الدين الاسلامي.
* Ø هل تتوقع أن يلجأوا للعنف السياسي؟
لا أتوقع ذلك.. إلا أنني أرى أن لهم حق الأقلية في مماسة شعائرها، على الرغم من معتقداتهم وتصريحاتهم بأنهم لا يريدون دستورًا للبلاد ولا قوانين حاكمة، ويريدون فقط الحكم بالشريعة الاسلامية، بما يفزع الليبراليين وأًصحاب الفكر المدني وسكان الحضر.. على الرغم من كون هذا الفكر يلقى هوى البعض من الناحية المقابلة.
* Ø وما دور "الكنيسة" في ظل هذا الزخم والتصارع أو التوافق بين القوى الاسلامية المختلفة ما بين الاخوان والسلفيين والجماعة الاسلامية والجهاد وغيرها؟
يقع على كاهل الكنيسة عبءً كبيرً، وأرى أن دورهم مهم خلال الفترة الحالية، خاصة في ظل التوافق والتعاون مع الأزهر الشريف، بما يشكل تأثيرات إيجابية تلقي بظلالها على الشارع السياسي بشكل عام.. أما عن دورها، فعليها أن تدعو الأقباط في مصر للمشاركة والانتخاب، خاصة أن نسبة مشاركة المصريين في الانتخابات العامة هي أهم محور الآن، فالمسيحين ليسوا كتلة قليلة، ومشاركتهم يزيد من أعداد الناخبين والمرشحين أيضًا.
* Ø هل تتوقع أن يتجهوا ل "العنف"، خاصة أن بعد أحداث ماسبيرو التي تاهت فيها الحقيقة ما بين مؤيدين للأقباط أو للمجلس العسكري؟
لا أعتقد ذلك.. خاصة أن الاقباط لم يلجأوا للعنف مطلقًا خلال التاريخ الحديث، وهم يعلمون جيدًا أنهم "أقلية".
* Ø استبعدت أن يلجأ السلفيون للعنف، كما استعبدت لجوء الأقباط أيضًا.. لكن هناك تخوفات تنتاب الشارع المصري بشأن إمكانية وقوع أحداث عنف وشغب خلال الانتخابات البرلمانية الحالية؟
بالطبع لا يوجد خلاف على أن هناك نسبة من الشغب والعنف وجدت بجميع الانتخابات التي شهدتها مصر، سواء قبل ثورة 23 يوليو وبعدها خلال حقبة الرئيس جمال عبدالناصر، وخلال عهد السادات ومبارك، فالعنف والشغب أصبح ظاهرة مرتبة بالانتخابات، خاصة مع وجود عصبيات وعائلات وما إلى ذلك، ولا أخفي تخوفي من ذلك أبدًا.. تأتي الانتخابات وسط توقعات وأسئلة عن ما إن كانت وتيرة العنف والشغب ستزداد خلال الانتخابات أم لا؟.. وآمل أن تمر على خير خاصة انها اختبار حقيقي للشعب المصري.
* Ø وسط سطوة حبيب العادلي وسيطرته الأمنية كانت أحداث العنف والشغب أثناء الانتخابات لصالح الحزب الوطني أو غيره تقع، وفي الوقت الحالي مع تدني المستوى الأمني فإن المشكلة قد تكون أكبر.. ما تعليقك؟
بالفعل، ففي الوقت الذي تحاول فيه الداخلية والقوى الامنية العودة بقوة تأتي الانتخابات المشهورة بالعنف والشغب وهو تحدي كبير لها، ولابد أن تأخذ الاحتياطات الأمنية كاملة استعدادا لذلك، في ظل انتشار السلاح في مصر أيضًا خلال الفترة الأخيرة، عقب الثورة.
* Ø نعود للحديث عن الخريطة السياسية بمصر مرة أخرى.. برأيك ما هو نصيب "الأحزاب الجديدة" من كعكعة الساحة السياسية؟
أعتقد ان فرصتهم ضئيلة.. يجب أن نفرق بين التواجد الاعلامي والجماهيري والتواجد داخل مقار التصويت والتواجد الفعلي بالبرلمان، فكلها أمور مختلفة، فمن الممكن أن يكون صوت الحزب عاليًا وله أنصاره بكل مكان أو ما إلى ذلك، لكنهم لا يذهبون للتصويت خلال الانتخابات، ولما يذهبون يقفون بين خيارين، بين ما يحبونه وما يتمنوه، أي ما يؤيدونه وهو حزبهم الخاص، وبين ما يأملونه لبلادهم.
* Ø كم تتراوح نسبتهم بالبرلمان الجديد؟
هي نسبة ضئيلة –كما أشرت- من الممكن ألا تتعدى ال 10% من جراء السمعة المرتبطة بالحزب وتواجده الاعلامي مثلا، أي بإجمالي لكل الاحزاب الجديدة يصل إلى 20 أو 30 مقعد بأقصى تقدير داخل البرلمان الجديد.. الاستطلاعات واضحة تمامًا، إذ أكدت أن الكتلتين الرئيسيتين في البرلمان الجديد هما الاخوان وحزب الوفد ولا نسبة تفوق ال 10% لغيرهما.
* Ø هل الأمر ذاته ينطبق على المرشحين من شباب الثورة، خاصة بعد تخفيض سن الترشح إلى 25 سنة؟
للأسف الشعب المصري لازال ينظر لعنصر "السن"، وعلى كل فالانتخابات البرلمانية هي بمثابة اختبار قوي للشعب، نرى فيه مواطن قوة وضعف المواطنين بشكل عام.. كنت آمل أن يتقدم ائتلاف شباب الثورة للانتخابات كحزب، إلا أن الاختلافات الداخلية التي حدثت بينهم فتتهم لأكثر من فصيل، ووزعت الجهد وشتت كافة الخطوات، فرأينا الناشطة أسماء محفوظ تتنافس والناشط عمرو حمزاوي بدائرة مصر الجديدة، وغيرهم أمثلة كثيرة من شباب الثورة يتنافسون على مقعد واحد في دائرة واحدة، على الرغم من كون أولى الاستطلاعات والدراسات عقب الثورة وضعت الائتلاف في مرتبة متقدمة بعد الاخوان وقبل حزب الوفد نفسه في حالة تقدمه بقائمة كحزب، وبعض الاستطلاعات الأخرى رتبته ثالثًا بعد الوفد.
* Ø وما تقييمك لحكومة الدكتور عصام شرف، في الوقت الذي يصفها البعض على أنها حكومة الأيدي المرتعشة والقرارات والتصريحات المتضاربة؟
التقدير العام لحكمة الدكتور عصام شرف "سلبي"، خاصة أنها لم تميز بين كونها وزارة تسيير أعمال وبين كونها وزارة حقيقة ككل الوزارات وبين كونها وزارة تحول ديمقراطي، ففشلت في جميع الحالات، فعلى صعيد تسيير الأعمال، فإن جميع المؤسسات بمصر تشهد حالة من التخبط، كما تم اتخاذ قرارات من شأنها أن تؤثر سلبًا على المدى البعيد على الاقتصاد القومي مثل قرار تعيين 450 ألف مواطن بالجهاز الاداري في الدولة، على الرغم من كون الاتجاه في الأصل هو تقليص أعداد العاملين بالجهاز لا زيادته.
وعلى صعيد كونها حكومة للتحول الديمقراطي، فإنها للأسف افتقدت للحساسية السياسية، وراحت تناقش وثيقة الدكتور علي السلمي (المبادئ فوق الدستورية) قبل الانتخابات البرلمانية بأسبوع، مما أعطى لتيارات بعينها وخاصة جماعة الاخوان المسلمين فرصة قوية لأن يظرهوا أنهم قوى المعارضة الرئيسية في وجهة الحكومة، وتسلط "مسدسًا" في رأسها، فإما أن تلتزم بما تمليه عليها أو اتخاذ اجراءات بعينها.. وبشكل عام، فإن هذا وضع مهين بالنسبة للحكومة المصرية الحالية، وكان من الممكن تجنبه من خلال وثيقة الأزهر والتحول الديمقراطي، على أن يناقش البرلمان الجديد الدستور بحرية بعد ذلك.
* Ø الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التضمان والعدالة الاجتماعية وصف "السوق الحر" بأنه السبب الرئيسي وراء تدهور الاحوال الاقتصادية في مصر، فيما يصفة الدكتور حازم الببلاوي، وزير المالية السابق على أنه أمل مصر.. ما تعليقك على هذا التخبط؟
برأيي أن هذا الخلاف أو التضارب في التصريحات داخل حكومة الدكتور عصام شرف السابقة نابع في الأساس من كونها حكومة ائتلافية، وأنه أمر طبيعي خلال الفترة الحالية.
* Ø وما تقييمك للمجلس العسكري وسط حملات التخوين والتشويه التي تثار حوله خلال الفترة الحالية، وفي المقابل حملات التأييد والدعم؟
المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو الذي أنقذ مصر فعليًا، وانقذ الدولة، فكما قلت في بداية حديثي أن الدولة المصرية لم تسقط كما سقطت الدولة إبان الثورة الفرنسية، وكان المجلس العسكري هو أحد دعائم عدم سقوط الدولة، ولولاه لشهدت مصر أحداثًا دموية مثل "ليبيا"، فالتقييم العام له "إيجابي"، وصحيح أن هناك أخطاء لا أحد ينكر ذلك.. ودور المجلس خلال الفترة المقبلة أن يعود لدوره الرئيسي وهو حماية البلاد والأمن القومي.
* Ø وسط هذا الزخم وحالة "الانتفاضة السياسية" أعلن العديد عزمهم على الترشح للانتخابات الرئاسية.. برأيك أيهم يصلح لذلك؟
لا نستطيع الحكم حاليًا خاصة أن البرامج الانتخابية لم تتضح كاملة حتى لآن، وبشكل عام، فإني "سعيد بكل من أعلن عزمه لخوض الانتخابات الرئاسية"، خاصة أن ذلك ينفي الاعتقاد السابق بعدم وجود شخص يصلح لحكم مصر، وهو الاعتقاد الذي روج له النظام السابق.. ومن خلال مراجعة قائمة المرشحين للرئاسة نجد أنهم موزعون على مختلف القطاعات والخبرات، فمنهم الدبلوماسي والسياسي والاقليمي والعالمي مثل كل من الدكتور عمرو موسى والدكتور محمدالبرادعي، ومنهم من هو صاحب خبرة بالمجال الدستوري والقضائي مثل هشام البسطويسي، ومنهم صاحب الشعبية والجماهيرية مثل حمدين صباحي، ومنهم من هو صاحب القدرة الادارية والتنفيذية مثل الفريق أحمد شفيق، وغيرهم.
* Ø بصفتك الرئيس الأسبق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، ما تقييمك للأداء الإعلامي المصري عقب الثورة، خاصة بعد حملات "التحول" التي شهدها؟
التقييم العام لأداء الإعلام المصري عقب الثورة "سلبي".. إلا أن حملات "التحول" التي تتحدث عنها كانت مشروعة تزامنًا مع الثورة، فالنظام السابق سقط، ولم يعد يفيد أو من غير المعقول الاستمرار في الدفاع عنه وهو في محبسه، فالبلد بها ثورة الآن وعلىالجميع أن يتحدث عنها، خاصة أن وظيفة وسائل الاعلام هي الاخبار والاعلام.
* Ø لكنها تحولت من "الإعلام" ل "الحشد"، يتضح ذلك جليًا بأحداث ماسبيرو الأخيرة..
بالفعل، بات الاعلام وكأنه مشارك في الثورة لا ناقلا لأخبارها فقط.. وبات يعتبر نفسه واحدًا من الذين قاموا بالثورة، فضلا عن قيامه ب "تملق" الثوار بعد أن تحول لمشارك سياسي، فلم يهتم بوضع الحقائق بقدر اهتمامه بتملق الثورة.. وبصفة عامة فإن أكثر الاعلام المنضبط في مصر وأقواه الآن هو الإعلام الرياضي واستديوهات التحليل الكروي، التي باتت أكثر احترافية من الاعلام السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.