ما يجري في مصر من أحداث غير مسبوقة علي الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية... يجب ألا تنسينا ما يشهده العالم من تغيرات اقتصادية هائلة،يكفي ما يشهده العالم من تغير في اتجاهات الاستثمار الاجنبي فبعد ان كان الكل يتجه الي اسواق اوروبا وامريكا وبحجم اقل لدول جنوب شرق اسيا...فان مؤتمرا للصناديق الاستثمارية السيادية عقد أخيرا في سنغافورة كشف عن ترقب تلك الصناديق لما يجري في مصر.. ومن بين الاسواق الواعدة اقتصاديا فقد اختاروا مصر لعقد اجتماعهم بعد القادم, واوضحوا ان مصر بما تمتلكه من قدرات وامكانات هائلة تجلت في الثورة المصرية... هي الاكثر جاذبية الآن للاستثمارات بشرط ان تستقر اوضاعها السياسية سريعا.. وان تتبني حكومات ما بعد الثورة سياسة السوق..وليس الانغلاق او التأميم...معلنين اختيارهم لاندونيسيا وبعض دول جنوب شرق اسيا لضخ استثماراتهم في العام الجديد2012 وذلك الي حين وضوح الرؤية بالنسية للقاهرة. أهمية هذه الخطوة ان حجم الاموال التي تديرها تلك الصناديق هائل للغاية فأقل صندوق منها يمتلك30 مليار دولار... كما أن بعض تلك الصناديق تدير اموال تامينات ومعاشات وبالتالي فانها تستثمر تلك الاموال لفترات طويلة... وهي الانسب لمصر والتي تحتاج لاستثمارات ضخمة ولفترات طويلة من أجل احداث القفزة الاقتصادية التي يرجوها المجتمع... والان فان السؤال الذي يجب ان يشغل الحكومة الجديدة ليس فقط كيفية الاستجابة لمطالب بعض شرائح المجتمع في الاجل القصير... ولكن كيف يمكنها أن تجعل مصر سريعا محط انظار العالم كي تضخ تلك الصناديق وغيرها من الكيانات الدولية استثماراتها بالفعل في السوق المصرية؟.. ولعل الاجابة عن هذا السؤال تكمن- بجانب نجاح الانتخابات البرلمانية التي شهد بها العالم- في نجاح ادارة ملف انتخابات الرئاسة.. وايضا الاهتمام بسرعة انقاذ الاقتصاد المصري وتغلبه علي الازمة التي يشهدها حاليا وهي الخطوة التي بدئها الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس وزراء مصر المكلف من المجلس الأعلي للقوات المسلحة حيث اعلن عن خريطة طريق لانقاذ الاقتصاد... وهذه الخريطة لا تعتمد علي شعارات براقة وإنما علي رؤية حقيقية لما تعاني منه مصر من مشكلات أهمها الآمن ثم الاقتصاد... ومن ورائهما السياسة وما تشيعه من عدم استقرار بسبب السخط من تردي هذين الملفين. وهذه الخريطة لمست أهم سبب لما نعانيه الآن عندما تحدثت عن قضية تثبيت العمالة المؤقتة فهذا الملف هو ما أدي لسيل المظاهرات الفئوية والتي برغم أنها كلفت الموازنة العامة نحو20 مليار جنيه للعام الحالي إلا أنها لم تنقطع منذ الثورة وحتي الآن وهي أهم أسباب ضعف الآمن... ولذا فقد وعد د.الجنزوري بتثبيت نحو500 ألف من العمالة المؤقتة وأيضا بحث تثبيت العاملين في الصناديق الخاصة وبصورة لا تزيد من عجز الموازنة العامة الحالية.. حيث أكد أن الموارد المالية للتثبيت موجودة بالفعل.وفقا لجريدة الاهرام أيضا فان خريطة الطريق تطرقت إلي إصلاح أوضاع العاملين بالقطاع الزراعي من خلال إسقاط الديون علي المزارعين المتعثرين, بجانب سرعة تعويض اسر شهداء الثورة والمصابين.. وبالنسبة لوضع الاقتصاد المصري بشكل عام فانه أكد اهتمامه بإنعاش الاقتصاد في أسرع وقت من خلال التركيز علي عدة قطاعات تعد من ركائزه الأساسية وهي السياحة والزراعة بجانب القطاع التصديري والذي لم يتأثر كثيرا في الأحداث الأخيرة... كما أشار إلي انه يدرس عددا من الإجراءات لترشيد الانفاق العام والتي ستضيف قدرا اكبر من العدالة الاجتماعية يشعر بها المواطنين... هذه الخريطة والخروج سريعا من حالة عدم الاستقرار الامني... مع الاهتمام باصلاح الاقتصاد وتبني سياسات السوق والترحيب بالاستثمارات الاجنبية وتوفير كل الضمانات لحماية حقوق المستثمرين وطمأنة شركائنا التجاريين بان مصر وهي تخطو للمستقبل... لا تتراجع عن اي حقوق أو التزامات بل تضمنها... هي ما ستحقق بالفعل وليس بالشعارات ما نريده من غد افضل للجميع.