بعد مرور اكثر من 6 شهور على اندلاع ثورة 25 يناير، لا يزال قطاع تكنولوجيا المعلومات فى مصر يبحث عن مخرج آمن للمأزق الذى يعانى منه من ضعف السوق الداخلى وعدم طرح مشروعات أو مناقصات جديدة بالإضافة إلى أن الدول العربية التي كان يعتمد عليها القطاع في تسويق منتجاته تعانى من ثورات مماثلة لمصر ولن تفتح أسواقاً جديدة أمام الشركات المصرية فى القريب العاجل. وتشير توقعات الخبراء إلى عودة النشاط للقطاع على المدى الطويل إلا أنهم غير متفائلين بالتوقيت الحالى واصفين المرحلة الحالية بأنها تفتقد الرؤية والقدرة على اتخاذ القرار، فضلاً عن أن الشركات تواجه أزمات مالية لعدم التزام الحكومة بدفع المبالغ المستحقة عليها بالإضافة إلى عدم قدرتها على تسويق منتجاتها.. "أموال الغد" التقت عددا من الخبراء فى قطاع تكنولوجيا المعلومات لمعرفة الوضع الحالى والحلول التى يراها القطاع للخروج من المأزق. قال المهندس ياسر القاضى، الرئيس التنفيذى لهيئة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا"، إن الهيئة تحاول أن تكون قريبة من الشركات العاملة بقطاع التكنولوجيا خلال الفترة الحالية لدعم استمرار القطاع فى الأداء الإيجابي ولضمان البناء عليه بشكل جيد للمستقبل والحفاظ على المكتسبات التى حققها خلال العقد الأخير، إلى جانب محاولة فتح أسواق جديدة أكثر استقراراً من السوق المصرية غير المستقرة من الناحية الأمنية سواء فى الخليج أو أفريقيا. وأضاف القاضى أن إستراتيجية الهيئة خلال العام الحالى تعتمد على فتح أسواق جديدة أكثر استقراراً للشركات المصرية، والبحث عن فرص تمويلية مناسبة تمكن الشركات من الحفاظ على المكتسبات التى حصل عليها القطاع الفترة الماضية، إلى جانب إطلاق حزمة حوافز جديدة لتنشيط القطاع تعتمد على البرامج الخاصة بالهيئة للاستفادة من الحراك الذى أحدثته التكنولوجيا فى ثورة 25 يناير، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وأشار الرئيس التنفيذى ل" إيتيدا"، إلى أنه توجد منتجات مصرية تكنولوجية عديدة تصلح للترويج في أفريقيا، لكن يجب أن يكون هناك كيان قطاع خاص قوى، فنحن لدينا شركات صغيرة لو استطاعت أن تتجمع فى كيانات ستوفر فرصا استثمارية كبيرة لها فى أفريقيا لأن مثل هذه الاستثمارات تحتاج إلى حجم إنفاق كبير لا تقدر عليه شركة واحدة. قال أحمد قابيل، الرئيس التنفيذى لشركة "OMS"، إن أكثر المناطق تأثراً في الشرق الأوسط هى أسواق الخليج، وأهمها السعودية، التى تعانى من مشكلات فى جلب العمالة المصرية، مما يسبب تعطيل مشروعات الشركات هناك، مشدداً على أن تلك الأسواق ما لبثت أن دخلت فى مرحلة التعافى من آثار الأزمة المالية العالمية حتى إنها تعانى حالياً من تداعيات الثورات العربية. ونوه قابيل بأن حجم أعمال قطاع تكنولوجيا المعلومات في أفريقيا لم يتأثر كثيراً لعدم وجود فروع له فى غالبية الدول التى تعانى من اضطرابات سياسية، موضحاً أن أقل الأسواق تأثراً بالأحداث الأخيرة هي السوق الإماراتية لما تشهده من نمو كبير وتمركز للاقتصاد العالمى فيها. وعلى النقيض يرى عمرو ترك، مدير شركة "فوجيستو – مصر"، أن الثورات العربية من أهم الأسباب التى تجعل الاستثمارات الأجنبية تتوافد على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيراً إلى أن النشاط في المنطقة سيعود كما كان ويتخطى حجم النمو السابق مع نهاية 2012. أضاف ترك أن المنطقة أصبحت هدفاً للتواجد والاستثمار فيها على المستويين المتوسط وطويل الأجل، مشدداً على أن الثورات الأخيرة ساعدت فى زيادة كبيرة لمستخدمى الاتصالات والإنترنت في المنطقة. ونوه باهر عصمت، مدير العلاقات الإقليمية بشركة "إيكان" للنطاقات، بأن عودة الاستثمارات مرهونة بالاستقرار النسبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيراً إلى أنها منطقة جاذبة للاستثمارات بطبعها. وأشار عصمت إلى أنه فى ظل التوترات السياسية الحالية من الصعب التنبؤ بحجم تأثر القطاع، مشدداً على أن التأثر لن يستمر لمدة أطول، وأن القطاع سيعود لحجم نمو أكبر من السابق عقب استقرار الأمور في دول الشرق الأوسط خاصةً ليبيا وسوريا. وصف طارق الحميلي، الرئيس التنفيذي لشركة "تلي تك" وجمعية اتصال، المرحلة التى تمر بها مصر والشرق الأوسط حالياً ب "عنق الزجاجة"، مشيراً إلى أنه فور خروج دول المنطقة من الأزمة الحالية ستشهد "طفرة" فى قطاع تكنولوجيا المعلومات. أضاف الحميلى أن مصر تمتلك خصائص تجذب الاستثمار الأجنبى إليها، منها موقعها الجغرافى وإمكانية التوسع فى الأسواق المجاورة، منوهاً بأنه فور استقرار الأوضاع في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستصبح سوقا ليبيا وسوريا وغيرهما فرصاً للشركات المصرية العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات لدخولها والاستثمار فيها وإعادة تأسيس البنى التحتية فيها. ونوه بأن تطهير الدولة من الفساد يشجع الاستثمارات الأجنبية على دخول أسواق جديدة لإتاحة الشفافية ووضوح الرؤية فى التعامل مع الشركات والجهات الحكومية، مشيرا إلى أن مصر يمكنها جذب فرص استثمارية جديدة عن طريق تدريب الموارد البشرية وتنمية العاملين بالقطاع لتحقيق التعاون مع الاستثمارات الأجنبية. أكد عمرو شعيرة، العضو المنتدب لشركة "كمبيو مى"، أن قطاع تكنولوجيا المعلومات الذى شهد تراجعاً ما يقرب من 50% فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد الثورات التى اجتاحت المنطقة سيشهد تأثراً وتراجعاً على المستوى القصير. أضاف أنه على المستوى طويل الأجل سيشهد قطاع تكنولوجيا المعلومات نمواً هائلاً فى حجم الإقبال عليه سواء من حيث الاستهلاك أو جذب الاستثمارات الأجنبية للمنطقة العربية والأفريقية، منوهاً بأن الشعوب في المنطقة أصبحت على وعى كامل بالتكنولوجيا والدور الذى تلعبه لتغيير واقع الحياة بينما يرى الدكتور عبدالرحمن الصاوى، أستاذ الاتصالات بجامعة حلوان، أن قطاع تكنولوجيا المعلومات يشهد حالياً "كارثة"، مشيراً إلى أن القطاع لن يعود للنمو أو الاستثمار قبل 2014. أضاف الصاوى أنه مع عودة النمو للقطاع ستختفى ما يقرب من 80% من الشركات العاملة بتكنولوجيا المعلومات، منوهاً بأن تلك الشركات تحتاج لمساعدات مثل أهالى الشهداء، واصفاً الشركات ب "شهداء عايشين على الأرض". ويرى أن الحل ليس فى تقديم معونة مادية للشركات لما أثبته هذا الحل من فشل على أرض الواقع، مشدداً على أن إعانة تلك الشركات تعنى طرح مشروعات حقيقية لها من الحكومة بالإضافة إلى دعمها للتوجه نحو الأسواق الخارجية خاصة التوسع في أفريقيا وأكد أستاذ الاتصالات بجامعة حلوان أن الدول العربية التى تعانى من ثورات مماثلة لمصر لن تفتح أسواقاً جديدة أمام الشركات المصرية، لافتاً إلى أن أسواق المنطقة بالكامل تحتاج إلى استثمارات خارجية لإنقاذ قطاع تكنولوجيا المعلومات قال المهندس عادل دانش، رئيس شركة "أكسيد، إنه يجب دعم صناعة البرمجيات والتعهيد من خلال القيام بعدد من المناقشات مع الشركات الأجنبية خاصة فى العالم الخارجى لإعادة الثقة بالقطاع ولتوضيح المميزات التى تملكها مصر فى هذا المجال فى ظل استقرار الأوضاع حالياً أكد دانش ضرورة تبنى عدد من المبادرات خلال الفترة المقبلة لمساعدة الشركات على تجاوز آثار تداعيات الثورة من خلال دعم عملياتها المالية والفنية، مشيراً إلى ضرورة قيام وزارة الاتصالات بتعزيز ثقة القطاع المصرفى فى هذه الشركات، لأنها تحتاج إلى تمويل للنهوض بها والوصول لمستوى أفضل.