في الوقت الذي تتسارع فيه كافة القوى السياسية للتأكيد على مدنية الدولة عقب الثورة، فلا هي دينية ولا هي عسكرية، لدرجة أن هناك مقترحات بتخصيص مادة في الدستور المصري الجديد تؤكد على كون الجيش المصري يحمي "مدنية الدولة"، جاءت مليونية "لم الشمل"، أمس، كي تدق ناقوس الخطر، وتحذر من تهاوي مكتسبات الثورة كي تخدم أجندات فئات بعينها. رسم الخبراء سيناريوهين من السيناريوهات "الصعبة" أو "المخيفة" لمستقبل مبدأ مدنية الدولة عقب مليونية الأمس، أولهما هو ظهور قوي للدولة الدنية، خاصة بعد أن تحركت الجماعات الاسلامية، والجماعات الاسلامية الراديكالية كي "تحتل" ميدان التحرير أمس، لترسل رسالة قوية لكافة القوى السياسية على أنها الوحيدة القادرة على تحريك الشارع المصري، كما ترسل رسالة أخرى للمجلس العسكري تؤكد خلالها على نفس المبدأ.. أما السيناريو الثاني، يتلخص في الرسالة التي أرسلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة للعالم الخارجي باعتباره المستفيد الوحيد من هذه المليونية – على حسب تأكيدات الخبراء- التي أكد خلالها على أن مصر لن تستقيم إلا بالحكم العسكري، استغلالا لفزاعة الإخوان المسلمين التي كان يلوح بها دومًا نظام الرئيس حسني مبارك السابق للولايات المتحدةالأمريكية، خاصة أن مليونية الأمس أظهرت قوة التيارات الاسلامية وقدرتها على تحريك الشارع. قال المحلل السياسي، نبيل عبدالفتاح، مدير مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية، أن جماعة الاخوان المسلمين باعتبارها الفصيل القائد بالتيارات الاسلامية، تحاول إرسال أكثر من رسالة خلال مليونية الجمعة الماضية، أولها رسالة للمجلس العسكري، بعد الاتفاق الذي تم بينهما من أجل التوافق، حيث تحاول الجماعة أن تثبت له أنها الفصيل الأوحد الذي يستطيع المجلس التعاون معه لأنه الفصيل القادر على حشد الشارع لأي سبب، وهي بذلك تحاول أن تجعل المجلس العسكري يتراجع عن قانون الانتخابات الذي وقف ضد رغبتهم. أما الرسالة الثانية فتوجهها الجماعة للمجلس العسكري أيضًا تؤكد خلالها أنها قادرة أيضًا على حشد الجمهور ضد المجلس نفسه، في حالة ما إن خالف المجلس رغبات الاخوان المسلمين. أضاف أن الاخوان حاولت من خلال المليونية توجيه رسالة أخرى لكافة القوى السياسية مضمونها أنها الفصيل الأقوى على الساحة الآن. تابع عبد الفتاح" مليونية لم الشمل هي رسالة لكافة القوى الثورية في مصر الآن، تؤكد أن الثورة في تسير في اتجاه مغاير لما يريدونه، فهناك خطر فعلي وحقيقي على مستقبل البلد، ومرجعيته التي تسير كي تكون مرجعية اسلامية، لكون كثير من الاسلاميين والجماعات الاسلامية الراديكالية يسعون للسيطرة على الثورة و اثبات أنهم الفصيل القادر على الحشد والذي يستطيع رسم ملامح الدولة الجديدة". نوه أن المستفيد الوحيد من أحداث اليوم هو المجلس العسكري نفسه الذي يريد أن يرسل رسالة قوية للولايات المتحدةالامريكية واسرائيل وأوربا أنه القادر على حماية استقرار مصر، لأنه القادر على حشد جماعة الاخوان المسلمين والتعاون معها، كما أنه قادرا على التعاون مع أنصار الحزب الوطني المنحل أيضًا، وبهذا يضمن تعاطف أو تأييد أكبر القوى السياسية في مصر"، مشيرًا إلى أن هذا الاعتقاد يعد من الأوهام السياسية للمجلس. أضاف "تلك الرسائل تثير تخوفات كثيرة لدى الثوار ولدى جموع الشعب، فتحالف السلطة الفعلية بالبلاد مع القوى الاسلامية ومحاولة قوات الأمن كي تثبت أن الميدان ليس فقط للمتظاهرين وحدهم، يعني أن الثورة في خطر كبير، ومستقبل مصر الجديدة في أيد المجلس العسكري والجماعة ما إن لم تنتبه الوى السياسية لذلك". من ناحيته، نفى عبدالمنعم عبد المقصود، محامي جماعة الإخوان المسلمين، قيام الجماعة برفع أي شعارات دينية منذ بداية الثورة وحتى الآن، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الشعارات الدينية التي تنادي بتمكين الشريعة الاسلامية و جعل مصر دولة اسلامية دستورها تحكمه المبادئ الاسلامية لم ترفع من قبل الجماعة اليوم، وإنما فئات أخرى الجاعة غير مسئولة عنها. أضاف "الاسلاميون لم يدعوا يومًا أنهم قد قاموا بالثورة أو لهم الفضل الأول فيما آلت إليه من مكاسب، وطيلة الأيام الماضية يحاولون بجهد كبير من أجل إحداث التوافق بين التيارات الموجودة حاليًا بالشارع السياسي المصري". تابع عبدالمقصود قائلا "من أهم أسباب نجاح الثورة المصرية هو أن لا أحد من الفصائل رفع شعارات خاصة به إلا القليل"، مشيرًا إلى أن حالة الحوار الدائر في الأوساط المصرية الآن عن شكل الدولة الجديدة عقب الثورة وملامحها النهائية من الممكن أن تكون قد دفعت البعض خلال مليونية اليوم لرفع شعارات اسلامية، لكنها في الأخير لن تخرج المظاهرة اليوم عن سياقها الطبيعي كجمعة توافق بين القوى السياسية جميعها وليست جمعة اختلاف أو تنافر. اختتم عبدالمقصوود تصريحاته نافيًا الاتهامات التي توجه للتيار الاسلامي على أنه "يحاول سرقة الثورة"، مؤكدًا على كونه تيار من ضمن تيارات كثيرة شاركت في الثورة ولن يستطيع أحد أبدًا أن يحتكر مكتسباتها لنفسه أو يدعي أنه صاحب الفضل فيها. في سياق متصل، نوه عدد من الخبراء الاقتصاديين، أن الخاسر الوحيد من هذه النغمة "النشاز" المسيطرة على الثورة الآن، ومن حالة عدم الاستقرار السياسي الحالية وتضارب الآراء والمصالح، هو الاقتصاد المصري، الذي كان في مقدمة القطاعات التي دفعت ضريبة الثورة، وتدفعها حتى الآن، وهو الذي ظهر على موازنة الدولة للعام المالي الجاري 2011/2012 ، التي أظهرت عجزًا 170.8 مليار جنيه بنسبة 10.9% من الناتج المحلي الإجمالي. وبما أن البورصة هي مرآة أي اقتصاد في العالم، فإن المؤشرات المصرية عكست تهاوي الاقتصاد المصري بشكل عام، إذ اتسم أدائها بحالة من التذبذب، حيث فقد رأس المال السوقي للبورصة نحو 106 مليار جنيه منذ بداية العام وحتى الآن، بعد أن اختتم 2010 مسجلا 488.209 مليار جنيه، ليصل الآن إلى 382.731 مليار جنيه فقط. أشار الخبراء إلى أن الدولة الدينية أو العسكرية ترهب المستثمرين في الداخل والخارج، مما يعني أنه لا سبيل لنهضة الاقتصاد المصري سوى الدولة المدنية عقب الثورة، وعلى الثوار أن يعوا ذلك سريعًا، وعلى القوى السياسية الأخرى أن تستفيق لذلك أيضًا. fb:comments title="مليونية "لم الشمل" توجه رسائل جديدة من وإلى المجلس العسكري" href="http://www.amwalalghad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=31122:مليونية-لم-الشمل-وجهت-العديد-من-الرسائل-من-وإلى-المجلس-العسكري&catid=19:أخبار&Itemid=269" num_posts="1" width="700" publish_feed="true" colorscheme="light"