توقع التحليل الأسبوعي لمجموعة (QNB) أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 8.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة خلال العام الحالي، وأن يبقى هذا الإنفاق (المباشر أو عن طريق الشراكات بين القطاعين العام والخاص) عند معدلات مرتفعة على الأقل خلال العقد القادم. وذكر التحليل الصادر اليوم أن هذا المعدل سيكون ثاني أكبر معدل يتم تسجيله للإنفاق الرأسمالي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي في المنطقة بعد المعدل الذي تحقق في عام 2009 نتيجة لانخفاض أسعار النفط، مما أدى إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 19 بالمائة، في حين استمر العمل في معظم المشاريع حسب الخطط الموضوعة. وأوضح أن هناك توجها عاما للإنفاق الرأسمالي بين دول المنطقة، حيث يتم التركيز على مشاريع السكك الحديدية لمواجهة الازدحام المروري في عدد من المدن الكبرى، إضافة إلى ربط المدن الساحلية في المنطقة، فضلا عن توسعات في الطاقة الإنتاجية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، علاوة على الإنفاق الرأسمالي لقطاع الخدمات الاجتماعية مثل المدارس والمستشفيات والإسكان. وأكد التحليل أن النتائج الفعلية للموازنات العامة في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2012 أظهرت ارتفاعا مهما في الإنفاق الرأسمالي على مشاريع البنية التحتية ، حيث بلغت تقديرات إجمالي الإنفاق على المشاريع الرأسمالية في المنطقة 112 مليار دولار. وأضاف أن هذا المعدل من الإنفاق لا يعتبر مرتفعا بناء على الأرقام المجردة فقط، بل إن الإنفاق الرأسمالي في المنطقة العام الماضي يمثل أيضا 7.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون، وهو معدل مرتفع مقارنة مع معدل الإنفاق في عام 2004 الذي بلغ 4.2 بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي. ورأى التحليل الأسبوعي لمجموعة (QNB) أن الإنفاق الرأسمالي الفعلي في منطقة مجلس التعاون الخليجي يتجاوز التوقعات في بيانات الموازنات العامة نتيجة قيام الأجهزة الحكومية في المنطقة باستخدام أموال خارج الموازنة في بعض الأحيان، إضافة إلى الاعتماد على شراكات بين المؤسسات العامة والخاصة في تنفيذ المشاريع الضخمة. وأوضح أن هذه الشراكات تستخدم بشكل خاص في مشاريع محطات الطاقة مثل محطة /شمال الزور/ لتوليد الكهرباء في الكويت التي تم إرساء عقود إنشائها مؤخرا، حيث يقوم القطاع الخاص بتمويل عمليات الإنشاء مقابل عقود خدمات طويلة الأجل مع الدولة.. وقال إنه على الرغم من أن القطاع الخاص يقوم بتمويل الإنفاق الرأسمالي فإن هذه النفقات تأتي عن طريق الدولة، وأصبحت متاحة للقطاع الخاص بفضل عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص. وأشار التحليل إلى أن ثمة إطار عمل واسعا للاستثمارات الرأسمالية في المنطقة والذي يظهر في رؤى التنمية الاقتصادية التي تقدم إرشادات لعملية التنمية على فترات طويلة تمتد لعقود، كما أن دول مجلس التعاون بدأت في تنفيذ برامج تنمية متوسطة الأجل مثل استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011 - 2016، التي تهدف إلى المساعدة على تنفيذ هذه الرؤى الطموحة. ولفت إلى اختلافات مهمة في معدلات الإنفاق بين دول المنطقة، مما يتطلب مزيدا من التحليل للبيانات من أجل القيام بمقارنات فيما بينها.. معتبرا أن سلطنة عمان تأتي في المرتبة الأولى من حيث معدل الإنفاق الرأسمالي بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي إلا أن هذا المعدل المرتفع يأتي من إضافة الاستثمارات في قطاع النفط والغاز للنفقات الرأسمالية. ورأى التحليل أن بعض دول مجلس التعاون الأخرى لا تضم حسابات شركات النفط، بما في ذلك نفقاتها الرأسمالية في الموازنة العامة للدولة، لكن يظل الإنفاق الرأسمالي على القطاع غير النفطي في سلطنة عمان مرتفعا حيث يبلغ 9.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مماثل لمعدل الإنفاق الرأسمالي في المملكة العربية السعودية. وقال تحليل مجموعة (QNB) إن الإمارات العربية المتحدة على النقيض من ذلك، تأتي في آخر القائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ معدل الإنفاق الرأسمالي 2.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي حسب تقديرات صندوق النقد الدولي للموازنة الاتحادية الموحدة، وهو معدل يبدو أقل من الواقع نتيجة توزيع الإنفاق الرأسمالي على عدد كبير من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في الإمارات السبع التي تشكل دولة الإمارات العربية المتحدة. ورجح التحليل أن يكون معدل الإنفاق الرأسمالي في دولة الإمارات مقاربا لمتوسط معدل الإنفاق الرأسمالي في مجلس التعاون.. مشيرا إلى أن دولة الكويت تبدو متراجعة في القائمة حيث بلغ معدل الإنفاق الرأسمالي بها 3.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك إلى معوقات تطبيق خطة التنمية الوطنية 2010 – 2014، وتوقع ارتفاع الإنفاق الرأسمالي مع إرساء عقود إنشاء عدد من المشاريع الضخمة مثل /جسر الشيخ جابر/ فوق منطقة خليج الكويت. وأشار التحليل إلى أن دولة قطر جاءت في المركز الثاني بين دول مجلس التعاون من حيث حجم الإنفاق الرأسمالي خلال عام 2012، حيث بلغ إنفاقها 13.5 مليار دولار نتيجة لأعمال الإنشاء في مشاريع البنية التحتية ضمن الاستعدادات لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، إضافة إلى زيادة الإنفاق على قطاعي الرعاية الصحية والتعليم لتحقيق أهداف التنمية البشرية في رؤية قطر الوطنية 2030 واستراتيجية التنمية الوطنية 2011 - 2016. واعتبر أن لدى معظم دول مجلس التعاون خططا للإنفاق على المدى المتوسط تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية في عام 2011 عن خطة لإنفاق 67 مليار دولار على قطاع الإسكان وحده، لكي تقوم ببناء نصف مليون وحدة سكنية جديدة، كما أعلنت إمارة أبوظبي عن خطة بقيمة 90 مليار دولار للإنفاق الرأسمالي خلال الفترة بين 2013 - 2017.