متابعات : ناصر البدراوى أثار حفل زواج طفلين في قرية المعصرة التابعة لمركز بلقاس في محافظة الدقهلية في مصر، جدلا كبيرًا حول قانونية زواج الأطفال والهدف منه، ليتصدر الحفل صفحات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت ظاهرة زواج الأطفال الأكثر انتشارا في الآونة الأخيرة، وهي تعد جريمة تنتهك حقوق الطفولة. وتداول عدد من النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» صورا لحفل خطوبة الطفلين، الذي أثار سخرية مستخدمي الموقع، مستنكرين ما يحدث وخصوصا فئة الشباب، حيث تداول العبارات الساخرة منها: «مش لما يقلعوا البامبرز الأول، طيب هما حافظين الفاتحة، طيب دول هيقضوا شهر العسل فدريم بارك ولا الملاهي». وأيضا تعليقات بعض الشباب، «ده احنا بنتعلم بقالنا عشرين سنة هنعرف نعمل زيهم»، وإحدى الفتيات قالت: «دَه أنا كده عنست بقى عندي 25 سنة». وكانت محافظة الدقهلية قد شهدت حفل زفاف الطفلين فارس السعيد عبدالعزيز 12 سنة في الصف الأول الإعدادي ونانسي 10 سنوات في الصف الخامس الابتدائي، وارتدت العروس فستانا وردي اللون بدلا من الأبيض، وذلك كحيلة من أهالي الطفلين لعدم مساءلتهم قانونيًا، ومن المبالغة أن الفرح أحياه مطرب شعبي وعدد من الراقصات وفرقة موسيقية ضخمة، في ظل صخب كبير وحضور من الأطراف كلها كالأقارب والجيران والأصدقاء. ويبرر الأهالي هذا الأمر بأنه أصبح ظاهرة وخصوصا في المحافظات ذات الطابع الريفي، فيما يعرف بحجز العروسة؛ لوجود علاقات تجارة أو قرابة أو حجز العروسة «علشان محدش تاني ياخدها»، ولا يوجد ما يمنع ذلك حتى لو أقيم حفل كبير فهو ليس بزفاف وإنما خطوبة فقط لا يجرمها القانون. ومن جانبها، أعلنت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، في بيان لها أمس، «أن زواج القاصرات والأطفال جريمة متكاملة الأركان»، مطالبة بتشديد العقوبة على ولي الأمر الذي يفرط بابنته ويحرمها من التعليم أو من حياتها الطبيعية المناسبة لسنها. وقالت الوزيرة «إن جريمة زواج الأطفال قبل السن الذي حدده القانون هو بمثابة اعتداء على الحق في الحياة»، مطالبة بتشديد العقوبة على المأذون الذي يحرر مثل هذه العقود لما تحدثه هذه الممارسات من أضرار اجتماعية ونفسية وجسدية بالغة، خاصة أن الدستور أقر الحفاظ على الأطفال ورعايتهم. وأعربت والي عن آسفها الشديد لوجود مثل هذه الممارسات حتى وإن كانت حالات بسيطة إلا أنها تنم عن انتشار الجهل الشديد بين مرتكبيها. واستنكر رضا الدنبوقي، المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، الواقعة أيا كانت زواجا أو خطوبة، قائلا «إن الفتاة التي تتزوج قبل ال18 سنة هي طفلة، لم تعط فرصة كافية لتنضج من الناحية العاطفية والاجتماعية والجسدية والعقلية، ولم يتح لها المجال لتطوير مهاراتها، وتنمية إمكاناتها المعرفية واكتشاف ذاتها، ومعرفة مدى قدرتها على تحمل المسؤوليات العامة والأسرية، وتصبح أسيرة وضع لم تتنبأ به، وتصبح مشاركتها في المجال العام شبه مستحيلة». وأضاف «ما قام به والدا الفتاة، أنهما حرماهما من الفرص المتساوية في التعليم والتطور والنمو، كما هو محدد في اتفاقية حقوق الطفل، ويعني أيضا الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية، وبالتالى فإن الزواج المبكر مؤشر على مدى الفجوة في التمكين ما بين الرجال والنساء». وشدد على ضرورة محاكمة أهالي الأطفال لتعريض حياتهم للخطر وجريمة استغلال الطفولة عقوبتها تصل ل5 سنوات، وهي شكل من أشكال الاتجار بالبشر والطفولة، وتصل للسجن المشدد في حالة الحصول على منفعة مادية، فتصبح الزيجة اتجارا بالطفلين وتصل عقوبتها للسجن المشدد 15 سنة، مطالبا بأهمية سن وتشريع قانون للعنف الأسري. واستطرد المحامي الحقوقي قائلا «إن الزواج المبكر يؤدي إلى حرمان الأطفال من التعليم، علاوة على مخالفة نص المادة رقم 31 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لعام 2008، والتي تنص على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجا بالمخالفة لأحكام هذه المادة». وأشار الدنبوقي إلى «أن الفتاة التي تتزوج قبل ال18 سنة هي طفلة، لم تعط فرصة كافية لتنضج من الناحية العاطفية والاجتماعية والجسدية والعقلية، ولم يتح لها المجال لتطوير مهاراتها، وتنمية إمكاناتها المعرفية واكتشاف ذاتها، ومعرفة مدى قدرتها على تحمل المسؤوليات العامة والأسرية، وتصبح أسيرة وضع لم تتنبأ به، وتصبح مشاركتها في المجال العام شبه مستحيلة. وشدد على ضرورة «محاكمة أهالي الأطفال لتعريض حياتهما للخطر». والجدير بالذكر أن هذه الواقعة لم تكن الأولى في مصر، بل سبقها العديد من زواج الأطفال والقاصرات، كان أشهرها الخطوبة التي تمت العام الماضي في مركز السنبلاوين بالدقهية، للطفل شمس محمود شمس «13 عاما» الطالب في المرحلة الإعدادية، على إيمان بدران جحا «10 سنوات» الطالبة بالمرحلة الابتدائية، والواقعة الثانية التي صدمت رواد مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فيديو لحفل خطوبة طفلين في عزبة الجزار بمركز شربين في الدقهلية، أما الواقعة الثالثة فكانت في الغربية، بطلها العريس وجيه خالد البنا «17» عاما، وخطوبته على ابنة عمه نهى البنا «11عاما».