الائتلاف المصري لحقوق الإنسان يصدر ورقة تحليلية شاملة حول أيام الترشح لانتخابات البرلمان    الدكتور مجدى يعقوب للقاهرة الإخبارية: منتدى أسوان منصة سلام وتنمية لإفريقيا    الأمين العام الجديد لمجلس الشيوخ يعقد اجتماعا لبحث آليات العمل    طب قصر العيني توصي بدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم الطبي    وزير الزراعة: 7.5 مليون طن صادرات مصر من المنتجات الطازجة والمصنعة    وزير الاستثمار يبحث مع شركة «بوينغ» تعزيز الشراكة الاستراتيجية في قطاع الطيران    توم باراك: نزع سلاح حزب الله مفتاح سلام وازدهار لبنان    بعد وقفها أمس .. إسرائيل تفتح معبري كرم أبو سالم وكيسوفيم لاستئناف إدخال المساعدات لغزة    رسميا، جراهام بوار مديرا فنيا لمنتخب السويد    وزارة الرياضة : ننسق مع اللجنة الأولمبية واتحاد تنس الطاولة لمتابعة تطورات وتحقيقات الأزمة بين لاعبين ببطولة أفريقيا    مصرع شخصين وإصابة 9 آخرين في حادث تصادم بالشرقية    غلق 4 منشآت مخالفة في حملة للعلاج الحر بالإسماعيلية    لأول مرة منذ أكثر من 100 عام، فتح قاعات متحف التحرير بدون عرض آثار توت عنخ آمون    من أجدع الناس، هاني عادل ينعى والدة أمير عيد بكلمات مؤثرة    فى احتفالية 50 سنة على مشوارها الفنى..نجيب وسميح ساويرس يقبلان يد يسرا    هيئة الدواء تحذر من تداول عبوات مغشوشة من دواء "Clavimox" مضاد حيوي للأطفال    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة في الإسكندرية لتسيير حركة المرور بأوقات الذروة    تقييم صلاح أمام مانشستر يونايتد من الصحف الإنجليزية    بعد تحريك أسعار الوقود| جدل حول ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة وتأكيدات بوفرة المعروض    مباريات اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025.. مواجهات نارية في دوري أبطال آسيا والدوريات الأوروبية    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: الحرارة تصل إلى 38 درجة    رئيس «الرعاية الصحية» يفتتح البرنامج التدريبي للقيادات الوسطى بالأكاديمية الوطنية للتدريب    وزير العمل: القانون الجديد يحقق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية    وزير الخارجية يلتقي المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الأفريقي    قتيلان بحادث اصطدام طائرة شحن بمركبة أرضية في هونج كونج    حادث مروع على طريق أسيوط الغربي بالفيوم:.. إصابة 7 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي    مراقب مزلقان ينقذ سيدة من الموت أسفل عجلات قطار في المنيا    إبعاد «يمني» خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام    20 أكتوبر.. عندما وقفت الشرطة المصرية فى وجه الإرهاب بالواحات    تراجع سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 20 أكتوبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025    باستثمارات تتجاوز 65 مليون دولار رئيس اقتصادية قناة السويس يشهد توقيع عقود 4 مشروعات جديدة بالمنطقة الصناعية بالسخنة    أمسية ثرية فى مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 33 : أمير الغناء هانى شاكر يسرد قصص الغرام والشجن    أول ظهور تلفزيوني بعد الزفاف.. هشام جمال وليلى زاهر يكشفان تفاصيل الزواج    محافظ قنا يفتتح محطة مياه العيايشا المدمجة بعد إحلالها بتكلفة 20 مليون جنيه    في زيارة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد    «الصحة» تنصح بتناول أطعمة غذائية متنوعة لإمداد الجسم بالطاقة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    نائب محافظ الجيزة: إعادة إحياء نزلة السمان جزء من خطة تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير    بعد 30 عامًا من النجاح.. عمر رياض يعلن التحضير لجزء جديد من "لن أعيش في جلباب أبي"    تهديد لأصحاب المعاشات| مسئول يعلق علي رفع أسعار الوقود ويطالب برفع الحد الأدنى للأجور ل 9 ألاف جنيه    محاولة اغتيال ترامب| أمريكا تحقق في واقعة استهداف طائرته الرئاسية    فوز رودريجو باز في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة ببوليفيا    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عادل عامر يكتب عن : قانون تسليم الأجانب في الفقه القانوني
نشر في الزمان المصري يوم 20 - 11 - 2014

فقد أصدر الرئيس ، عبد الفتاح السيسي، قراراً جمهورياً بقانون الأربعاء، يجيز لرئيس الجمهورية الموافقة على تسليم المتهمين، ونقل المحكوم عليهم من غير المصريين إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم، أو تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم. تضمن القرار الجمهوري ، أن موافقة رئيس الجمهورية على تسليم المتهمين أو المحكومين الأجانب إلى دولهم، تكون "بناءً على عرض النائب العام، وبعد موافقة مجلس الوزراء"، و"متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك." إن "هذا القرار بقانون يأتي في إطار إعلاء مصلحة الوطن، والحفاظ على الصورة الدولية لمصر، وبما يتناسب مع الإطار الحقوقي اللائق، الذي تؤسس له الدولة المصرية وبحسب القرار، فإن الغرض من ذلك هو إرسال هؤلاء لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة الصادرة ضده
إنه أخذ في الاعتبار أن قضاء هؤلاء المحكوم عليهم لبعض أو كل العقوبة داخل دولهم سييسر من عملية إدماجهم الاجتماعي بعد قضاء عقوباتهم. لبعض أو كل العقوبة داخل دولهم، سييسر من عملية إدماجهم الاجتماعي بعد قضاء عقوباتهم"، أن إصدار القانون الذي يجيز تسليم الأجانب لدولهم جاء تطبيقا لأصل مستقر في العرف الدولي والنظام القضائي المصري.و أنه يحق لمصر إذا أرتكب احد رعاياها جريمة على ارض دولة أجنبية إن تطلب تسليمه ومحاكمته داخل الاراضى المصرية على ايدى القضاه المصريين وإذا صدر ضده حكم في الخارج يمكن تنفيذه داخل السجون المصرية.لان ماجرت عليه مواثيق الأمم المتحدة وما يسرى العمل به في مصر بشأن استرداد المتهمين المتهمين الأجانب، أن الدولة التي وقع على أرضها الجريمة من الاجنبى تقوم بتسليمه إلى دولته بعد أن يصدر حكم نهائي ضده بناء على الاتفاقيات الدولية وعملا بنظام المعاملة بالمثل.
يوجد في مكتب النائب إدارة تسمى مكتب التعاون الدولي يتم من خلاله تسليم وتسلم المتهمين سواء لرعايا الدولة المصرية ممن ارتكبوا جرائم في الخارج أو من الأجانب الذين ارتكبوا جرائم على الاراضى المصرية سواء تم القبض عليهم أو لم يتم، وسواء صدرت ضدهم أحكاما حضوريا أو غيابيا. يمثّل التعاون الدولي- بهذا المعنى – أحد جانبي العلاقات الدولية حيث يقابله في الجانب الآخر "الصراع الدولي ", فالمتأمل في التاريخ يرى أنّ النظام العالمي يعيش منذ ظهوره حالة من التأرجح, والتعاون الدولي في مكافحة الجريمة يمثل أحد صور التعاون الدولي بمفهومه الشامل السابق الإشارة إليه, وقد اختلفت صوره عبر الزمان, كما اختلفت أشكاله وأساليبه وآلياته, وكذا اتساع مجالاته وطموحاته فنتيجة لتطور الجريمة ومناهج الإجرام كانعكاس للتطوّر الحضاري والتكنولوجي لاسيما في مجال المواصلات والاتصالات والمعلومات, كان من الضروري أن تتطوّر خطط ومناهج التصدي لها. وقد يكون التعاون القضائي الدولي من أسمى مظاهر التعاون الدولي في مكافحة الجريمة , إذ يوفّق بين استقلال كل دولة في ممارسة اختصاصها الجزائي على حدود إقليمها , وبين ضرورة ممارسة حقها في العقاب , وبدون هذا التعاون , فلا يمكن للدولة أن تمارسه, ولعلّ أنّ هذا التعاون قد أدّت إلى ظهوره الأسباب التالية :
أولا : تقيّد سلطات الدولة بحدود إقليمها, إذ لا يمكن أن تسري قوانينها العقابية أو مباشرة الإجراءات خارج حدود الإقليم الوطني للدولة لأن ذلك سيمس بسيادة الدولة الأجنبية.
ثانيا : تلازم حق الدولة في العقاب ومجال الدعوى العمومية تطبيقا لتشريعاتها الجنائية . وهكذا فإنّ التعاون الدولي قد انحصر في التخلص من مشكلة الحدود الإقليمية بين الدول, التي تحول دون قدرتها على محاكمة الجاني طبقا لقانونها أو تنفيذ العقوبة عليه. وقد كان نظام تسليم المجرمين أفضل وسيلة لتحقيق ذلك , فراحت الدول إلى إصدار تشريعات داخلية لتنظيمه أو الارتباط بمعاهدات ثنائية أو جماعية فيما بينها تختلف الجرائم من حيث خطورة وقائعها إلى جنايات وجنح ومخالفات فمنها ما تستوجب عقوبة جسيمة قد تصل إلى الإعدام، ومنها ما هو مخالفة لا تستوجب سوى عقوبة بسيطة تتناسب وخطورتها على المجتمع.
لكن هل من الممكن طلب تسليم مرتكب مخالفة بسيطة ليس لها من الخطورة ما يبرر الإجراءات والنفقات التي يتطلبها التسليم عادة ؟ وبناءا على هذه الإشكالية : كيف يتم تحديد الجرائم الجسيمة القابلة للتسليم ؟ وعلى ضوء ذلك اتبعت الدول طريقتين الترقيمية وطريقة الاستبعاد.
أولا-الطريقة الترقيمية :وهي تعداد أسماء الجرائم وإدراجها في بنود الاتفاقية أو المعاهدة سوءا الثنائية منها أو الجماعية أو في نصوص القانون الداخلي المتعلق بالتسليم أو في قائمة ملحقة بها وقد شاع استعمال هذه الطريقة بين الدول الأوروبية، فمنذ زمن طويل إذ كان التسليم يقتصر على جرائم محددة حصرا – ذات خطورة – على أمن المجتمعات آنذاك،إ لا أن هناك بعض البلدان أخذت بهذه الطريقة في اتفاقياتها ليس حصرا للجرائم وإنما بيانا لها واستدلالا، إذ يجوز التسليم في غير الجرائم الواردة في بنود المعاهدة بناءا على مبادئ المجاملة والمعاملة بالمثل
وقد تم العدول عن هذه الطريقة لعيوب تخللتها أهمها:
قد تظهر جرائم جديدة بعد نفاذ المعاهدة، وعند تطبيقها يتطلب عقد معاهدة جديدة أو إحداث ملحق بالمعاهدة، الذي يتطلب وقتا لا يتلاءم وعملية التسليم. قد يتم إدراج جرائم في معاهدة رغم قلة أهميتها، على حساب جرائم أخرى أكثر جسامة.
ثانيا- طريقة الاستبعاد:وهي طريقة تعتمد على معيار العقوبة أساسا لها في تحديد الجرائم القابلة للتسليم، ويكفي للقانون الداخلي أو الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتسليم الإشارة إلى الحد الأدنى أو الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجريمة المطلوب بشأنها التسليم. ولقد اتبعت هذه الطريقة لأول مرة في القانون الجنائي الدولي الموقعة سنة 1899 في مدينة مونتيفيديو والتي ضمت خمس دول ( البرغواي، الأرجنتين، بوليفيا، البيرو والأرغواي ) وهناك العديد من الاتفاقيات الجماعية لتسليم المجرمين التي اتبعت هذه الطريقة منها على سبيل المثال، اتفاقية جامعة الدول العربية سنة 1952، والميثاق الأوروبي للتسليم سنة 1957سيادة الدولة من الوجهة الخارجية: سيادة الدولة بصفة عامة " Souveraineté " هي حقها في العمل داخل البلاد وخارجها بما تراه في صالح الوطن وذويه فبالنسبة للخارج أي بعلاقات الدولة مع غيرها من الدول تعتبر السيادة خارجية وتظهر في الوجود حيث التمثيل الخارجي للدولة وحتى إعلان الحرب وإجراء المفاوضات مع الدول الأجنبية.
من الوجهة الداخلية:
أما بالنسبة لأعمال الدولة داخل إقليمها فتعتبر السيادة داخلية فالدولة حرة في اختيار نظام الحكم الذي تسير عليه ووضع الأنظمة الداخلية التي تراها ومن مقتضيات هذه السيادة أن يكون للدولة الحق في وضع قوانينها وإنشاء المحاكم لتطبيق هذه القوانين ومجازاة من يخالف أحكامها ومنع الأجرام في إقليمها.
تحديد السيادة بإقليم الدولة:
كل هذا ناتج من السيادة الداخلية ولكن هذه السيادة محدودة بحدود إقليم الدولة – أي تنتهي هذه السيادة عند الحد الجغرافي لأرض الدولة – فإذا ارتكب مجرم جريمة على هذه الأرض وفرّ إلى خارج حدود البلاد فلا تستطيع رجال الدولة أن تتبعه لتقبض عليه ولكن لا يفيد هذا أنها تتركه وشأنه بل لها أن تطلب بالطرق السياسية تسليمه من الدولة التي لجأ إليها – ويتم التسليم طبقًا لقواعد يحددها القانون الدولي ويمكن بيان أهمها فيما يلي:
مقارنه التسليم بالأبعاد:
1 – تسليم المجرمين (Extradition)- هذا التسليم هو عبارة عن التخلي عن الشخص المتهم بارتكاب جريمة أو المحكوم عليه جنائيًا للدولة التي يحق لها محاكمته وتوقيع العقاب عليه وهو يخالف الطرد أو الأبعاد (Expulsion) وهو تخلص الدولة من أجنبي تجد في وجوده خطرًا على الأمن في إقليمها أو ترى أن بقاءه في أرضها يدعو لعدم الطمأنينة فتبعده إلى خارج الحدود دون أن تسلمه لأي دولة – ولا يهم في حالة الطرد أن تكون هناك دولة أخرى تطلب تسليم هذا الشخص بل قد يحدث أن يكون الشخص المبعد غير متهم بارتكاب جريمة في أي بلد من البلاد وإنما تطرده الدولة لأنها تجد أن مصلحتها تدعو لذلك – فالطرد أو الأبعاد هو عمل إداري لا تنظر فيه الدولة لصالح دولة أخرى أجنبية بل هي تراعي فيه صالحها الخاص.
معاهدات التسليم:
أما تسليم المجرمين فهو عمل له صبغة قضائية ويحصل بالطرق السياسية وينظم عادةً في معاهدات تعقدها الدول فيما بينها – وقد عرف التاريخ معاهدات عديدة من هذا القبيل ويقال إن أقدم معاهدة عقدت في سنة 1300 قبل الميلاد بين رمسيس الثاني فرعون مصر وبين ملك الحيثيين في ذاك الوقت وكان الغرض منها توثيق عرى المودة والتحالف بين الملكين ونص فيها على ضرورة تبادل تسليم المجرمين الذين يهربون من أحد البلدين إلى الآخر – وعقدت في القرون الوسطى معاهدات أخرى خاصة بتسليم المجرمين منها معاهدة في سنة 1174 ميلادية بين إنجلترا وأيقوسيا ومعاهدة في سنة 1303 بين إدوارد الثالث ملك إنجلترا، وفيليب الرابع ملك فرنسا – غير أن هذه المعاهدة هي في الواقع اتفاق خاص بإبعاد أشخاص خطرين معينين في مدة خمسة عشر يومًا من تاريخ طلب ذلك – وقد توالى عقد الاتفاقات الخاصة بالتسليم في العصور الحديثة وخصوصًا في القرن التاسع عشر.
قوانين التسليم:
وعقدت الحكومة المصرية اتفاقًا مؤقتًا مع حكومة فلسطين بشأن تسليم المجرمين بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1922 كما أن هناك اتفاق آخر بين حكومتي مصر والسودان بشأن تسليم المجرمين وتبادل إعلان الأوراق القضائية صدر به قرار مجلس الوزراء بتاريخ 17 مايو سنة 1902، وكذلك صدرت في كثير من البلاد قوانين لتحديد قواعد تسليم المجرمين وكانت بلجيكا أول الدول في سن مثل هذه القوانين في الأزمنة الحديثة إذ أصدرت قانونًا بهذا الشأن في سنة 1833، وتعدل على عدة مرات حتى سنة 1893، وكذلك أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرازيل واليابان والمكسيك وهولندا وغيرها قوانين خاصة بتسليم المجرمين ونصت بعد الدول على قواعد التسليم في قوانينها الجنائية من ذلك ألمانيا حيث جاء ذكر هذه القواعد في المادة التاسعة من قانون العقوبات الألماني وفنزويلا حيث نص عليها في القانون الجنائي الذي أصدرته سنة 1903.
القواعد العامة لتسليم المجرمين:
ولكن ليس من الضروري لإمكان تسليم المجرمين أن تكون هناك اتفاقات أو قوانين تنظم ذلك بل يقضي الرأي الراجح بجواز التسليم ولو لم يكن هناك اتفاق أو قانون إذ يرجع أساس تسليم المجرمين إلى التضامن العام الذي يجب أن ترتبط به الدول لمنع الإجرام وفي الواقع تقبل دول كثيرة تسليم مجرمين لدول أخرى دون أن تكون هناك معاهدات تنظم هذا التسليم وقد نص في اتفاقية جنيف التي عقدت في 30 سبتمبر سنة 1921 لمنع الاتجار بالرقيق الأبيض على إلزام الدول المتعاقدة بتسليم المتجرين به حتى ولو لم تكن هناك معاهدات خاصة بذلك ولكن لا يعني هذا أنه عند عدم وجود معاهدات أو قوانين لا تكون هناك قواعد لتنظيم تسليم المجرمين فأحكام القانون الدولي العام قد حددت كثيرًا من هذه القواعد العامة وهي تطبق في أحوال عديدة وكثيرًا ما أشير إليها في المعاهدات والقوانين الخاصة بالتسليم ويمكن تلخيص أهمها فيما يأتي:
عدم تسليم الوطنيين:
أولاً: لا يجوز تسليم الوطنيين الذين يرتكبون جرائم في الخارج – وهذا هو الرأي المتبع في البلاد الغربية ما عدا إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية إذ القانون الجنائي فيهما إقليمي محض أي يطبق على الجرائم التي ترتكب داخل الإقليم ويستند أنصار الرأي القائل بعدم تسليم رعايا الدولة على أن هؤلاء يجدون في دولتهم ضمانة قوية وعدلاً تامًا بعيدًا عن الهوى – وقد يكون في تسليمهم للقضاء الأجنبي تعريضهم لسلطة أجنبية تتحيز ضدهم بسبب جنسيتهم ويقولون أيضًا أن في تنازل الدولة عن شخص من رعاياها ليحاكم في دولة أخرى تنازل عن جزء من سيادتها وليس هناك ما يدعو لذلك إذ المتهم الوطني لن يفلت من العقاب على ما اقترفه في الخارج فهو سيحاكم أمام محاكم دولته أي أمام قضاته الطبيعيين
بقي هناك استثناء ثالث من اختصاص السلطة الإقليمية وإنما ليس عامًا كالاستثناءات التي سبق ذكرها بل هو استثناء قاصر على بعض البلاد الشرقية بل يكاد الآن يكون قاصرًا على القطر المصري، وهو استثناء الأجانب المتمتعين بالامتيازات من السلطة المحلية وقد كانت هذه الامتيازات قبلاً عبارة عن منح أعطيت في البلاد العثمانية وبعض البلاد الشرقية للأجانب حتى لا تنطبق عليهم قواعد هذه البلاد فالدولة العثمانية عندما منحت هذه الامتيازات لرعايا بعض الدول الأجنبية لم تكن ضعيفة تخشى بأس الأجانب أو دولهم بل كانت قد بلغت ذرا مجدها وكان في هذه الامتيازات فوائد عديدة لرعايا الدول الأجنبية إذ بدونها كان يعامل الأجنبي طبقًا لقواعد الشريعة الإسلامية باعتبار أنه مستأمن والمستأمن لا يكون حرًا في أعماله إلا لمدد معينة ثم تطبق عليه بعد ذلك أحكام الشريعة كما أنه كان يدفع جزية للحكومة وقد يجبر على سلوك مخصوص فألغت الامتيازات هذه القيود وأعطت للأجانب الحق في دخول الأراضي العثمانية والسكني بها ومباشرة التجارة بدون أي قيد والتمتع بحرية الأديان وحرمة المسكن وتطبيق قوانينهم الشخصية في التوارث وإعفائهم من القضاء المحلي وغير ذلك، وكذلك كان الحال في القطر المصري إذ وجد ساكن الجنان محمد علي باشا أن يشجع الأجانب على الحضور لبلاده حتى تستفيد من متاجرهم وعلومهم وفنونهم بعد أن كانوا ولوا وجههم عنها أيام المماليك بسبب ما كانوا يلاقونه من عسف وجور لذلك فتح لهم أبواب البلاد ورفع عنهم القيود التي كانت تفرض عليهم قبل ذلك وكان ينصفهم إذا أصابهم حيف بل كان يعطي أوامر لموظفيه ومرؤوسيه لمساعدتهم وتوفير سبل الراحة لهم وكانت تسلم بعض هذه الأوامر للأجانب أنفسهم ليقدموها لحكام البلاد حتى يعاملوا معاملة خاصة ، وقد أريد بذلك تمكين الأجانب من الإقامة في البلاد باطمئنان.
وقد توسعت مصر في الحقوق التي منحتها للأجانب أكثر من الدولة العثمانية ففي الوقت الذي كان فيه اختصاص القناصل في تركيا قاصرًا على ما يقع من الجرائم بين الأجانب التابعين لدولة واحدة كان اختصاصهم في مصر واسعًا يشمل كل الجرائم التي يرتكبها الأجانب ولو كانت ضد وطنيين ثم تأيد ذلك بلائحة وضعت في سنة 1857 تقرر فيها إعفاء الأجنبي الذي يرتكب جريمة من القضاء المحلي إلا إذا كان غير تابع لإحدى القنصليات وفي غير هذه الحالة تبلغ الجريمة للقنصل
التابع له المتهم وهو الذي يتولى محاكمته وقد قضى التوسع في تطبيق الامتيازات في مصر بتفسير معنى السكن الذي يتمتع فيه الأجنبي بحرمة خاصة تفسيرًا واسعًا فلم يقتصر على المنزل وملحقاته الملاصقة كما كان الحال في تركيا بل شمل أيضًا كل مكان يستعمله الأجنبي في تجارة أو صناعة أو عمل أو مهنة إذ ما دام المكان يستعمله أجنبي فإن له حرمة خاصة تمنع رجال السلطة المحلية من دخوله بدون مندوب القنصلية التي يتبعها الأجنبي إلا في أحوال استثنائية كحصول استغاثة أو تلبس بالجناية.
**كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.