رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    ارتفاع سعر الذهب اليوم بالسودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 9 مايو 2024    رسميًا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 9 مايو 2024 بعد الانخفاض في البنوك    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    مئات المستوطنين يقتحمون بلدة "كفل حارس" في الضفة الغربية | شاهد    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأوكراني مستجدات الأزمة الأوكرانية الروسية والجهود الرامية لحلها    أنشيلوتي: هذا هو أفضل فريق دربته في مسيرتي    في بيان رسمي.. الزمالك يشكر وزارتي الطيران المدني والشباب والرياضة    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    مع قرب بداية شهر ذو القعدة.. موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    ليس مرض مزمن.. سبب وفاة والدة كريم عبد العزيز    القضاء هيجيب حق أخويا.. شقيق ضحية حادث عصام صاصا يوجه رسالة مؤثرة    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يكرم فريق سلة الاتحاد لفوزهم بكأس مصر    هل يعود إلى الأهلي؟... مصدر يوضح موقف محمد النني الحالي مع آرسنال    أيمن يونس: واثق في لاعبي الزمالك للتتويج بالكونفدرالية.. وزيزو "قائد الأحلام"    تعرف على موعد إرسال قائمة المنتخب الأوليمبي    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    ماجد عبدالفتاح: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بفلسطين    أخبار الحوادث اليوم: حجز السودانية بطلة فيديو تعذيب طفل بالتجمع.. والسجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز القاهرة الجديدة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    متحدث الوزراء: المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال مستمرة حتى 20 يوليو    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح أسترازينكا|فيديو    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كم تبلغ الديون الخارجية المستحقة على مصر؟
نشر في الزمان المصري يوم 10 - 07 - 2014

الإجابة ظلت لغزًا أو سرًا لفترة طويلة. وللتدقيق، كانت الأرقام سرًا على المصريين، ولكنها لم تكن كذلك بالنسبة "لمن يعنيهم الأمر" في الخارج.. وبما أنني مصري، كان لا بد أن أتعثر في التوصل إلى صورة دقيقة ومتكاملة، ويشفع لي أن أستاذًا كبيرًا كعلي الجريتلي سبقني إلى نفس التعثر، وكتب أنه "لفترة طويلة كان هناك تضارب كبير بين الأرقام المنشورة عن الدَّيْن العام المصري الخارجي، مما أثار البلبلة. وتراوحت التقديرات بين 6 و 11 بليون دولار (!) وكانت هذه التقديرات تشمل أحيانًا القدر المستخدم فقط، وأحيانًا أخرى المبلغ المتعاقد عليه جميعه. وكانت بعض التقديرات تشمل الودائع العربية والتسهيلات المصرفية والديون الحربية، بينما يستبعدها البعض الآخر، كما تباينت التقديرات تبعًا لسعر الصرف المستخدم في تحويل أرقام الدَّيْن" في ذروة الأزمة؛ حين تلاحقت لحظات الإعسار وإشهار الإفلاس، كانت البيانات التي ينشرها البنك الدولي للإنشاء والتعمير في تقاريره السنوية؛ فقد درج البنك على نشر جداول مجمعة عن الديون الخارجية للدول "النامية"، وكان حجم الديون الخارجية لمصر وِفْقًا لهذا المصدر (شاملة المبالغ غير المستخدمة) كالتالي:
- 31/12/1972: 2040.9 مليون دولار = 816.4 مليون جنيه
- 31/12/1973: 2325.4 مليون دولار = 930.2 مليون جنيه
- 31/12/1974: 3119.5 مليون دولار = 1427.8 مليون جنيه
- 31/12/1975: 5686.9 مليون دولار = 2274.8 مليون جنيه
وبالتأكيد فإن هذه السلسلة من الأرقام واضحة الدلالة والخطورة، فقد قفزت خلال عامَي 1974 و1975 بمعدلات مجنونة، إلا أن هذه الأرقام لا تعطي مع ذلك الصورة الكاملة، فالبيانات المذاعة علنًا للبنك الدولي لا تشمل عادة الديون العسكرية، ولا تشمل أيضًا الديون التي تقل آجالها عن سنة (كما تسجل تقارير البنك الدولي)، وكذلك لا يشمل رقم 1975 مبلغ 500 مليون دولار مستخدم وقائم في نهاية ذلك العام لتسهيلات موردين بآجال تمتد خمس سنوات أو أقل (كما جاء في تقرير 1977). وبالفعل، فإن الأرقام، التي توصلت إليها في تلك الفترة مصادر أخرى، تزيد كثيرًا عن الأرقام المنشورة في التقارير السنوية "العلنية" للبنك الدولي، فقد كتب جون ووتر بيبري مثلاً (وهو باحث أمريكي أتيح له أن يقوم بعملية مسح واسعة للاقتصاد المصري) أن التقديرات للديون الخارجية المدنية تراوحت بين 1700 و 2200 مليون جنيه في نهاية 1974 ، وهي تقديرات تزيد حوالي 270 مليون جنيه (في الحد الأدنى) أو 770 مليون جنيه (في الحد الأقصى) عن تقديرات البنك الدولي لنفس العام. ويلاحظ نفس الشيء في الأرقام التي أعلنتها السلطات المصرية، فهي تزيد كثيرًا عن أرقام البنك الدولي السابقة. وقد يستوقف القارئ ذكر السلطات المصرية في هذا المجال؛ إذ يتصور أن إعلان بيان رسمي كان يحل اللغز، ويزيل الغموض، ولكن السلطات لا تبوح بسرها بمثل هذه البساطة. لقد صدر أول بيان رسمي في أواخر 1975 على لسان وزير الاقتصاد، وعلَّق الجريتلي على هذا البيان بأنه "قطع الشك باليقين لأول مرة".جاء في بيان الوزير (زكي شافعي) أن الدَّيْن المدني الخارجي المستحق على جمهورية مصر العربية في 30/9/1975 (وِفْقًا للتفاصيل الموجودة لدى البنك المركزي) يصل إلى 2717.8 مليون جنيه (4)، وصحيح أن هذا البيان قدم لأول مرة أرقامًا رسمية عن موضوع الديون، ولكن صحيح أيضًا أنه لم يكشف كل الحقيقة، ولم يصل بنا إلى يقين كامل؛ ولذا اضطر الجريتلي (بعد أسطر قليلة من حديثه السابق عن اليقين) إلى العودة إلى التخمين، فكتب "أغلب الظن أن الأرقام السابقة تُمثل القدر المستخدم فعلاً عن القروض والتسهيلات" (5).
وقد لجأ إلى "الظن" لأن بيان الوزير لم يحدد المقصود بدقة. إلا أن هذا الاستنتاج، بدا متعارضًا مع ما ورد في البيان الرسمي التالي، على لسان رئيس مجلس الوزراء (ممدوح سالم)، والذي قدر الديون الخارجية في أواخر 1976 بنحو 4620 مليون جنيه ؛ أي بزيادة حوالي 2000 مليون جنيه خلال عام واحد، وقد يبدو من هذه الطفرة أن الرقم الأول يقتصر على المبالغ المستخدمة، وأن الرقم الثاني يشمل المبالغ المستخدمة وغير المستخدمة. ونحن "نظن" أنَّ أرقام البيانين الأول والثاني تقتصر على المبالغ المستخدمة فعلاً، ونعتقد أن الزيادة الكبيرة في الرقم الذي استخدمه رئيس مجلس الوزراء ترجع في جانب منها إلى أنه يحتوي الديون العسكرية، بينما الرقم الأول الذي أذاعه وزير الاقتصاد يقتصر على الديون المدنية، والمعروف أن وزير الاقتصاد كان قد أعلن في جلسة سرية (في نفس اليوم) رقم الديون العسكرية، ولكنه لم يعد سرًا الآن: فقد ذكر بعد ذلك في مناقشات مجلس الشعب العلنية، وكان لا يتجاوز 1.2 بليون جنيه .
وإذا أضيف هذا الرقم إلى الديون المدنية في سبتمبر 1975 يصبح المجموع حوالي 3900 مليون جنيه (9)، ارتفعت في بيان رئيس الحكومة بعد عام 4620 مليون جنيه. ويرجِّح "ظننا" بأن هذا المبلغ الأخير يحتوي الديون العسكرية، أن البيان الرسمي الثالث في الموضوع، والذي ألقاه عبد المنعم القيسوني (نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية) أمام مجلس الشعب، أعلن أن ديوننا حتى 31/12/1976 كانت حوالي 4800 مليون جنيه (= 12 ألف مليون دولار)(10) وأوضح القيسوني في البيان أن هذا الرقم يشمل الديون العسكرية. والحقيقة أنَّ هذا البيان – رغم قصوره أيضًا – كان أوضح وأدق بيان رسمي عن الديون الخارجية المصرية. يؤكد الدقة أن الأرقام الواردة به اتفقت مع الأرقام المثبتة في وثائقَ رسمية مع "من يهمهم الأمر"، ومع منلا يجوز خداعهم؛ على الأقل لأنهم يعرفون الحقائق. إلا أنه يتعذر للأسف إكمال السلسلة إلى عام 1977 عن طريق البيان الرابع الذي أعلنته الحكومة عن قيمة القروض حتى 30/11/1977، فهذا البيان تجاهل الديون المصرفية وتسهيلات المورِّدين والودائع، وبالتالي انكمش إجمالي الديون المستخدمة إلى 5552.9 مليون دولار. على أية حال، نحن نكتفي في هذا المجال بالدلالة العامة، وبالتأكيد فإن مبلغ الدَّيْن الخارجي المستحق والمستخدم يزيد كثيرًا جدًا عن الأرقام المنشورة علنًا في تقارير البنك الدولي (والتي نقلناها في أول الفصل)، رغم أن هذه الأرقام تشمل المبالغ غير المستخدمة إلى جانب ما استخدم فعلاً.. وإذا سلمنا بأن ديوننا الخارجية المستخدمة حتى 31/12/1976 كانت 4800 مليون جنيه فإن هذا الرقم وحده كفيل – وحتى قبل تحليل مكوناته وشروطه – بإثارة القلق.
وللتذكرة فإن الناتج المحلي الإجمالي عام 1976 (بالأسعار الجارية) كان 5787 مليون جنيه (عن مصادر وزارة التخطيط) أي أن نسبة الدَّيْن الخارجي المستخدم إلى الناتج المحلي الإجمالي كانت 83% وإذا أضيفت المبالغ المتعاقد عليها ولم تستخدم، تتجاوز النسبة الناتج المحلي الإجمالي؛ أي يصبح عبء المواطن المصري من الديون أكثر من نصيبه في الناتج المحلي.
1. نتتبع الآن مصيبة الديون الخارجية بمؤشرات أخرى، هناك مثلاً ما نسميه "معدل الاعتماد على الخارج"، وهو نسبة صافي التحويلات الخارجية (على اختلاف أنواعها) إلى الناتج المحلي الإجمالي (نحسب صافي التحويلات هذه بإضافة صافي العمليات الجارية إلى صافي المعاملات الرأسمالية) وسنجد أن معدل الاعتماد على الخارج تطور على النحو التالي:
1973 1974 1975 1976
8.2% 16.9% 35.2% 16.6%
وهذه المعدلات تمثل مؤشرًا مقلقًا جدًا، فزيادة الاعتماد على التمويل الخارجي تفتح باب التبعية لمن يملك مفاتيح هذا التمويل. ولا يقلل من القلق الانخفاض البادئ في معدل عام 1976 (والذي نؤجل تفسيره الآن). ولكن قد يحسِّن الصورة نوعًا أن يقال إن مصر تلقت بعد بدء الانفتاح مبالغ كبيرة نسبيًّا من التحويلات التي لا تسدد (منح) أغلبها من الحكومات العربية، وبالفعل فإن إضافة هذه المبالغ إلى حساب العمليات الجارية يؤدي إلى خفض حجم العجز في هذه العمليات، ولكن ينبغي أن نتذكر أن هذه المنح تُمثل – في أفضل التفسيرات – إجراء استثنائيًّا، وهي إن حسنت الصورة على الورق، فإنها لا تعكس (في حد ذاتها) تحسنًا فعليًّا في القدرات الذاتية للاقتصاد المصري. ومع ذلك يمكننا أن ندخل هذه المنح في حساباتنا، وعندئذ نلجأ إلى حساب "معدل الاقتراض الخارجي" وهو نسبة صافي الاقتراض من الخارج إلى الناتج المحلي الإجمالي، وقد حسبنا صافي الاقتراض باعتباره صافي العجز في العمليات الجارية (بعد خفضه بقيمة التحويلات غير المسددة) بالإضافة إلى صافي المعاملات الرأسمالية. وسنجد أن معدل الاقتراض الخارجي كان:
1973 1974 1975 1976
1.5% 7% 26.3% 11.7%
وهذه المعدلات (13) تظل مؤشرًا مقلقًا. ورغم الانخفاض النسبي في عام 1976، يظل المتوسط للأعوام الثلاثة التي مورس فيها الانفتاح الاقتصادي أكثر ارتفاعًا جدًا من معدل الاقتراض في السنوات السابقة على الانفتاح. ويلاحظ هنا أن المنح كانت حتى عام 1973 تكفي لمواجهة الجزء الأكبر من العجز في العمليات الجارية، بل وتحقق بفضلها فائض في الأعوام 1968 و1969 و 1973. ورغم الزيادة الكبيرة في هذه التحويلات – بدءًا من عام 1974- اتسعت الفجوة في ميزان العمليات الجارية، فلجأ الاقتصاد المصري إلى زيادة معدلات الاقتراض الخارجي.
2. ننتقل إلى مؤشر آخر: معدل خدمة الدَّيْن. وهذا المعدل هو النسبة المئوية لمدفوعات البلد المعين (فوائد وأقساط للديون) إلى مجموع إيراداته من صادرات السلع والخدمات، وهو يجسد عبء الديون الخارجية. فأعباء خدمة الدَّيْن تنافس الاحتياجات المعيشية والتنموية في الحصيلة المحدودة من النقد الأجنبي، وكلما ارتفع معدل خدمة الدَّيْن، قلت قدرة البلد على استيراد احتياجاته بدون الاعتماد على مزيد من الاقتراض. ولا شك أن دلالة هذا المعدل محدودة سواء على مستوى البلد الواحد، أو على مستوى المقارنة بين وضع الأقطار المختلفة ، ولا شك أيضًا أن هذا هو حال كل المؤشرات التي نستخدمها في هذا الفصل، ولكنها لا تخلو طبعًا من مضمون هام، وخاصة إذا كان الغرض تَتَبع اتجاه تدهور حالة الدَّيْن الخارجي في سنوات ماضية. إلا أن مشكلتنا العملية في استخدام معدل خدمة الدَّيْن تكمن في توفر البيانات إذا كنا نقصد المعرفة الكمية الدقيقة لمدى العبء الذي تكبده ميزان المدفوعات المصري بسبب تصاعد مدفوعات خدمة الدَّيْن، ولكننا نقصد كما قلنا – تَتَبع الاتجاه، ونقصد استخدام معدل خدمة الدَّيْن باعتباره أحد المؤشرات، وفي هذه الحالة فإن البيانات المتاحة تكفي لتحقيق الغرض. فإذا اعتمدنا على الجداول العلنية للبنك الدولي السابق الإشارة إليها (في بداية الفصل): كان معدل خدمة الدَّيْن الخارجي المصري 19% عام 1971، وتدهور إلى 28.4% في 1972، وإلى 34.1% في 1973، وأصبح 30.5% في 1974 و 25.7% في 1975.
وقد احتلت مصر – بمقتضى هذه المعدلات – مركزًا "مرموقًا" بين مجموعة الدول النامية التي تئن جميعًا من الديون الخارجية ومن أعباء خدمتها. ففي عام 1972 وصلت مصر إلى المركز قبل الأخير، ولم يتفوق عليها إلا أورجواي (وكان معدل خدمة الدَّيْن عندها 37.9%)، ولكن في عام 1973 هبطت مصر – بفضل المعدل الذي حققته – إلى المركز الأخير، وعادت إلى المركز قبل الأخير عام 1974، تسبقها في الوكسة أورجواي وحدها 32.8%)، ثم يتحسن الحال في سنة 1975، "فتتفوق" علينا أورجواي (بمعدل 45.9%) وشيلي (بمعدل 28.4%) والمكسيك (بمعدل 25.9) (15).. ونود أن نذكِّر بأننا لا نهتم بتحديد موقفنا بالدقة بين الدول النامية وِفْقًا لهذا المقياس. فما يعنينا هو الإشارة – بشكل عام وحسب بيانات هذا الجدول – إلى أننا من أسوأ دول العالم الثالث حالاً وِفْقًا لمعدل خدمة الدين، بكل ما يعنيه ذلك من امتصاص خدمة الديون لنسبة موجعة من حصيلة الصادرات السلعية والصادرات غير المنظورة. وكما سبق أن أوضحنا فإن هذا يتحقق بالضرورة على حساب القدرة على استيراد السلع الاستهلاكية والوسيطة، وعلى استيراد الآلات والتجهيزات اللازمة لمشروعات التنمية. ولا يغير من طبيعة الأمر أن نتحايل (كما فعلت الحكومة) ونحافظ على مستوياتنا الاستيرادية أو نزيد منها (وخاصة في مجال الاستهلاك) عن طريق مزيد من التورط في الاقتراض، فهذا التحايل مجرد تأجيل لمواجهة المصيبة في المدى القصير، وتعظيم للأعباء التي تنتظرنا في المدى المتوسط والطويل.
إلا أن الاعتماد على هذا الجدول المنشور للبنك الدولي يعتبر مع ذلك مضللاً جدًا، إذا كان القصد تبين العبء البالغ الخطورة الذي يمثله معدل خدمة الدَّيْن في الحالة المصرية بالتحديد. فجدول البنك الدولي لا يشمل عبء الديون العسكرية، وهو يمثل نسبة مؤثرة في الحالة المصرية، وأهم من ذلك أن الجدول لا يدخل في حساباته الديون التي تقل آجالها عن سنة، وهذه قفزت في مصر إلى أرقام مجنونة بعد الانفتاح. ولتبين الفارق بين حساب المعدل بطريقة الجدول المنشور عن البنك الدولي، وبين حسابه بعد إدخال العوامل الأخرى.. يكفي أن نذكر أن البنك الدولي قدر أن معدل خدمة الدَّيْن سيصبح حوالي 34% في عام 1977 (16). ومع إضافة الأعباء التي استبعدتها التقديرات العامة للبنك الدولي، يقول القيسوني إن هذه النسبة كانت مقدرة لذلك العام بحوالي 90% (17). وأعتقد أن هذه نسبة قياسية لم تسبقنا إليها،
أو تقترب منها، أي دولة. وقد استهدفت السياسة الاقتصادية أن يهبط ما تقتطعه خدمة الديون من حصيلة صادراتنا (منظورة وغير منظورة) إلى 25% في سنة 1980
أو 1982، كما أعلن القيسوني أيضًا، ولكن حتى لو تحقق هذا سيظل "معدل خدمة الدَّيْن في مصر من أعلى المعدلات في العالم".
3. "الشكل الزمني للديون الخارجية" وهو عبارة عن نسبة مدفوعات خدمة الديون الخارجية في كل سنة من السنوات المقبلة إلى إجمالي الديون القائمة، والمستخدمة في سنة أساس معينة، وهذا المعدل يكون متفاوتًا في السنوات المختلفة، فهو يتفاوت وِفْقًا للهيكل الزمني لهذه الديون، إذ إن بعض الديون يسدد في فترة قصيرة، والبعض تسبق سداد أقساط فترة سماح، ويكون السداد في فترة متوسطة أو في فترة طويلة. وتكمن أهمية حساب هذا المعدل في أنه يوضح مسبقًا الالتزامات التي تواجه البلد المدين ونسبتها إلى حجم ديونه الخارجية المستخدمة في سنة ما. إن معدل الشكل الزمني للديون الخارجية يعكس التركيب الهيكلي للديون الخارجية، وكلما كان التركيب الهيكلي يحمل وزنًا نسبيًّا مرتفعًا للديون القصيرة الأجل ارتفع معدل الشكل الزمني في السنوات الأولى بدرجة مرهقة.
ومفهوم أن هذه المعدلات يعاد حسابها كل سنة، إذ أنها تتغير وِفْقًا للتعديل الذي يصيب حجم وهيكل الديون خلال العام، ووِفْقًا للبيانات في التقارير (المحدودة التوزيع) للبنك الدولي، كانت مدفوعات خدمة الديون المصرية الخارجية خلال العام 1975 تمثل 19.7% من مجموع الديون الخارجية المستخدمة حتى 31 ديسمبر 1974. ومدفوعات خدمة الدَّيْن للعامين التاليين (أي العامين 1975 و 1976) تُمثل 31% (19). وعند حساب المعدلات وِفْقًا لإجمالي الديون الخارجية المستخدمة في 31 ديسمبر 1975 نجد أن المبالغ المستحقة للسداد خلال العام التالي وحده (1976) تُمثل 34% (20)، وبإعادة الحساب وِفْقًا لإجمالي الديون المستخدمة في (30 سبتمبر/ أيلول 1977)، نجد أن نسبة المدفوعات المستحقة لخدمة الدَّيْن خلال الخمسة عشر شهرًا التالية (أي حتى آخر ديسمبر/ كانون أول 1978) تبلغ 31.5% من هذا الإجمالي (21). وكافة هذه المعدلات تعكس الهيكل الزمني غير المواتي للديون المصرية المتراكمة، وهو مؤشر بالتالي للصعوبات المتفاقمة التي واجهت الاقتصاد المصري في مجال خدمة الديون. وقد يعكس المعدل الأخير نوعًا من التحسن (31.5% خلال 15 شهرًا مقابل 34% خلال 12 شهرًا). ولكن ينبغي أن نتذكر مثلاً أن المعدل للأربعة وعشرين شهرًا التالية لسنة 1974 (31%) كان يعني سداد 337.7مليون جنيه، والمعدل للخمسة عشر شهرًا التالية لسبتمبر/ أيلول 1977 (31.5%) يعني سداد 1225 مليون جنيه.
والحديث عن الهيكل الزمني غير المواتي يجرنا إلى الحديث عن القروض المصرفية وتسهيلات الموردين. والقروض المصرفية تفتح بها اعتمادات لاستيراد السلع، وتتراوح آجالها عادة بين ستة أشهر أو سنة، والفوائد مرتفعة (وصلت أحيانًا إلى 18.5%)، أما تسهيلات الموردين فهي التسهيلات التي يقدمها الموردون عند تصدير بضائعهم، وهي أيضًا قصيرة الأجل مرتفعة الفائدة، ولكنها أسوأ من القروض المصرفية بشهادة الجميع، والقيسوني يؤكد ذلك "لأن بعض الموردين ينتهز فرصة تمويله البضاعة التي يوردها فيرفع سعرها فنخسر مرتين: أولاً: خسارة في سعر البضاعة، وثانيًا: خسارة بسبب ارتفاع الفائدة". إن هذه الديون الخبيثة سواء كانت تسهيلات مصرفية، أو تسهيلات موردين "تسبب عبئًا مرهقًا على الاقتصاد القومي لأن استحقاقاتها تتلاحق يومًا بعد يوم بشكل مزعج للاقتصاد القومي وللقائمين على الاقتصاد القومي، وتحول دون التخطيط المنظم طويل الأجل، علاوة على ارتفاع أسعار الفائدة". إلا أن هذا القطاع من القروض الخطرة يصعب على مثلنا أن يتعقب مساره. في فترة ما كان المرجع ما ينشر في التقارير السنوية العلنية للبنك الدولي (السابق الإشارة إليها) فكانت القروض الخارجية المصرية القصيرة الأجلپ لغت ديون مصر عام 1981 لحظة آستلآم الرئيس مپآرگ آلحگم : 15 مليار چنيه ( حوالي 21 مليار دولار في ذلگ الوقت) ديون مصر آلآن پعد 30 سنة من حگم مپآرگ : الديون آلدآخلية : 888 مليار چنيه الديون آلخآرچية : 200 مليار چنيه آلإچمآلي : 1088 مليار چنيه سددت الحكومة المصرية مليارا و100 مليون دولار من حجم المديونية الخارجية، وأكد البنك المركزي المصري انخفاض حجم الدين الخارجي المستحق على مصر الى 27 مليارا و800 مليون دولار حاليا بانخفاض يقر بنحو 400 مليون دولار عن العام الماضي. أن حجم المديونية المستحقة على مصر لكل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وألمانيا واليابان قد بلغ 16مليار دولار، في حين بلغت المديونية المستحقة لدول نادي باريس نحو 21 مليار دولار ويمثل نسبة 75.3 في المائة من المديونية. وأكد البنك المركزي ان خدمة الدين المستحق على مصر بلغت أعباؤه نحو 1.7 مليار دولار سنويا، بينما حققت الفوائد المسددة انخفاضا بقيمة تقترب من 19 مليون دولار. وتبلغ نسبة أعباء خدمة الدين بالنسبة الى حصيلة الصادرات من السلع والخدمات نحو 9.6 في المائة. وأشار البنك المركزي الى أن المديونية المستحقة للمؤسسات الإقليمية والدولية تبلغ 4.3 مليار دولار. يخص القطاع العام منها 95% وبلغت التسهيلات قصيرة الأجل 1.6 مليار دولار من إجمالي الدين الخارجي. الديون الخارجية والداخلية في مصر ليست وليدة الأوضاع الاقتصادية الصعبة فحسب، بل هي أيضا نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة. وكشف البنك المركزي المصري عن أن إجمالي الدين العام المحلي مسجلة رقم غير مسبوق في تاريخ مصر ليبلغ 1460 مليار جنيه في نهاية مارس 2013، منه نحو 83% مستحق على الحكومة، 4.4% مستحق على الهيئات العامة الاقتصادية، كذلك 12.7% على بنك الاستثمار القومي. أما الدين العام الخارجي فسجل زيادة بمعدل 13%، حيث بلغ إجمالي الديون المستحقة على مصر داخليا وخارجيا نحو 1.7 تريليون جنيه. وهذه الأرقام تؤثر سلبا على الخزانة العامة للدولة وعلى القوة الشرائية للجنيه المصري، خاصة فيما تستورده الدولة من سلع أساسية مع ظروف عدم الاستقرار الدخلي لمصر، وتقلص فرص الاستثمار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.