يعتني كتاب (ضوابط الفتوى) للدكتور سمير مراد بإبراز أهمية الفتوى و الإفتاء و حاجة الناس لذلك و شروط الإفتاء التي لا بد من تحقيقها لتجنب حدوث المفاسد العظيمة و اهتم المؤلف بالفتوى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و القرون المفضلة التي تضم الصحابة و التابعين و اختلافهم في جواز الإفتاء في المسائل التي لم تقع و اختلافهم كذلك في المسائل الفقهية ثم تطرق الكاتب إلى مسائل مهمة كتدوين الفقه و ظهور المذاهب الفقهية و مدارس الفقه و أئمة المذاهب و مفهوم التقليد و حكمه و مواصفات المفتي و هي الدين و العلم و الورع مئة و سبعون صفحة من القطع المتوسط استطاع المؤلف من خلالها أن يعالج الكثير من المواضيع التي تشغل بال الناس و ربما توقعهم في الزلل في كل ما يتعلق بالفقه و مسائله فقد وضح الكثير من المصطلحات كالتقليد و التمذهب و شروط المفتي و أهمية اللغة و آلات الفقه كأصول الفقه و القواعد الفقهية و المقاصد و أقسامها و هي الضروريات و الحاجيات و التحسينيات و المكملات و أهمية المقاصد في النصوص الشرعية و يظهر في الكتاب مدى تعمق المؤلف في أصول الفقه و بهذه الثقافة الواسعة استطاع أن يظهر أهمية هذه الأصول و ضرورتها لكل من يتصدى للفتوى و أن تدني مستوى المتصدرين للفتوى ناتج عن تقصيرهم في تعلم أصول الفقه و لا يغفل المؤلف أهمية الآلات الأخرى كاللغة و القواعد الفقهية كما مر معنا فكان من الضروري أن يتوسع الكاتب في توضيح مصطلحات تتعلق بأصول الفقه و هو بهذا يحث طلاب العلم على التشمير في طلب أصول الفقه ليسيروا على بينة و بصيرة فنجد مصطلحات مهمة كالتجديد في أصول الفقه و يعني : إعادة تلك الأصول إلى الحالة المنهجية التي يستجيب بمقتضاها المجتهد لمقتضيات العصر و متطلباته من حيث سلامة موازينه و مرونة رؤيته مع احتفاظه بأصالته و انضباطه ، و مصطلحات أخرى كالتأويل و الاستقراء أما مصطلح التعليل فقد أخذ حيزا اكبر من غيره و ذلك لأهميته فقد وصفه المؤلف بأنه باب جليل القدر عظيم النفع و أن لتعليل الأحكام الشرعية فوائد جليلة إذا جاءت منضبطة بالأصول المعتبرة و القواعد المقررة و ختم المؤلف كتابه بشرح عناوين بارزة تعمق الفهم و تظهر أن الإفتاء عبء جسيم و أن التراجع الذي نحن فيه دنيوياً و دينياً ناتج عن إغفال خطورة التصدر للإفتاء قبل التعمق بآلاته و أهم هذه العناوين : التجديد و الحجر على المفتي و تضمينه الإفتاء بين الرهبة و الرغبة أو الهوى و الحق دوران الفتوى على الثبات و الرخصة أسباب تراجع أثر الفتوى من النفوس إرهاب الفتوى أو الإرهاب العلمي أو الدعوي التخير في الفتوى و كيف وصلنا إلى التطرف الدموي و الخلاصة أن الكتاب يمثل مرجعاً مهماً للمختصين ، و درعاً متيناً يمنع عن المسلم السهام التي تأتيه من كل صوب فتزعزع دينه و أمانه تحت قناع الإفتاء