هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    المتخصصين يجيبون.. هل نحتاج إلى مظلة تشريعية جديدة تحمي قيم المجتمع من جنون الترند؟    سعر الذهب اليوم السبت 4-10-2025 بعد الارتفاع الكبير بالصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم السبت 4-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الأسواق المصرية    شهادات البنك الأهلي ذات العائد الشهري.. كم فوائد 100 ألف جنيه شهريًا 2025؟    أول تحرك من الرئيس الفلسطيني بعد قبول حماس خطة ترامب ووقف إسرائيل عملياتها بغزة    سيناريوهات تأهل منتخب مصر ل ثمن نهائي كأس العالم للشباب 2025    يتطلع لاستعادة الانتصارات أمام المحلة| الزمالك ينفي رحيل عواد.. وينهي أزمة المستحقات    الأهلي يسعى لصعق «الكهرباء» في الدوري    «شغلوا الكشافات».. إنذار جوى بشأن حالة الطقس: 3 ساعات حذِرة    رغم تحذيراتنا المتكررة.. عودة «الحوت الأزرق» ليبتلع ضحية جديدة    في ذكرى حرب أكتوبر 1973.. نجوم ملحمة العبور والنصر    في الدورة ال 33.. أم كلثوم نجمة مهرجان الموسيقى العربية والافتتاح بصوت آمال ماهر    مسلسل ما تراه ليس كما يبدو.. بين البدايات المشوقة والنهايات المرتبكة    "بالرقم الوطني" خطوات فتح حساب بنك الخرطوم 2025 أونلاين عبر الموقع الرسمي    كأس العالم للشباب.. أسامة نبيه يعلن تشكيل منتخب مصر لمواجهة تشيلي    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    وسائل إعلام فلسطينية: إصابة شابين برصاص الاحتلال خلال اقتحام قلقيلية واعتقال أحدهما    مصرع فتاة وإصابة آخرين في حادث تصادم سيارة بسور خرساني بمنشأة القناطر    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري بالفيوم    اليوم.. إعادة محاكمة شخصين في خلية بولاق الدكرور الإرهابية    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    حرب أكتوبر 1973| اللواء سمير فرج: تلقينا أجمل بلاغات سقوط نقاط خط بارليف    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    "أحداث شيقة ومثيرة في انتظارك" موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع على قناة الفجر الجزائرية    مستشفى الهرم ينجح في إنقاذ مريض ستيني من جلطة خطيرة بجذع المخ    تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟    اليوم، الهيئة الوطنية تعلن الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    الخولي ل "الفجر": معادلة النجاح تبدأ بالموهبة والثقافة    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    موعد امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل.. التعليم تحدد تفاصيل أول اختبار شهري للطلاب    الرد على ترامب .. أسامة حمدان وموسى ابومرزوق يوضحان بيان "حماس" ومواقع التحفظ فيه    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    تامر مصطفى يكشف مفاتيح فوز الاتحاد أمام المقاولون العرب في الدوري    حمادة طلبة: التراجع سبب خسارة الزمالك للقمة.. ومباراة غزل المحلة اليوم صعبة    "حماس" تصدر بيانا هاما ردا على خطة ترامب-نتنياهو.. ومحللون: رد ذكي وشامل    احتفاء واسع وخطوة غير مسبوقة.. ماذا فعل ترامب تجاه بيان حماس بشأن خطته لإنهاء حرب غزة؟    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    ضبط 108 قطع خلال حملات مكثفة لرفع الإشغالات بشوارع الدقهلية    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر العالمى للإفتاء يناقش ضوابط الإفتاء تأصيلًا وتطبيقًا في جلسته الثانية
نشر في الموجز يوم 16 - 10 - 2018

واصل المؤتمر العالمى للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ، المنعقد تحت مظلة دار الإفتاء المصرية ، فعالياته بالجلسة النقاشية الثانية تحت عنوان " ضوابط الإفتاء تأصيلًا وتطبيقًا".
ترأس الجلسة الدكتور سعيد مكرم عبد القادر زاده، مفتى طاجيكستان، وشارك فيها أصحاب؛ سماحة الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية اللبنانية، والأستاذ الدكتور علي بن السيد عبدالرحمن آل هاشم مستشار الشؤون القضائية والدينية قصر الرئاسة – أبوظبي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وفضيلة الشيخ الدكتور/ سالم بن هلال بن سالم الخروصي مستشار الوعظ والإرشاد لمعالي وزير الأوقاف العماني، ومعالي المستشار/ منصور مأمون النياس مستشار الرئيس السنغالي، وفضيلة الشيخ الدكتور/ إسماعيل بن ناصر بن سعيد العوفي بمكتب معالي وزير الأوقاف العماني، وفضيلة الأستاذ الدكتور / مصطفى سيرتش رئيس العلماء في البوسنة والهرسك، وصاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور / محمد البشاري أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي.
وتحدث سماحة الشيخ/ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية اللبنانية عن موضوع الفَتْوَى وَحُقُوْقُ الجَنِيْن قائلًا: " إن الفقه الإسلامي قد عني ببيان أحكام الجنين وحقوقه المعنوية والمادية على حد سواء، وكان للفقهاء دور كبير في إظهار هذه الأحكام من خلال الاستنباط من النصوص الشرعية ،وذلك تحقيقا لمقاصد الشريعة الإسلامية وخاصة الضروريات والحاجيات منها فضلا عن التحسينيات كذلك.
وأشار الشيخ دريان إلى ماهية الفتوى وضوابطها باستعراض نبذة عن معنى الفتوى وشروط وأهلية المفتي وأهمية وجوده وفوائد الفتوى الصحيحة، ثم تطرق لحقوق الجنين في الإسلام ببيان معنى الجنين وماهيته في المذاهب الفقهية، ثم بين بعضًا من حقوق الجنين في الإسلام كضرورة الاختيار السليم للزوجين، كما استعرض كيف اهتمت الشريعة بالمحافظة على صحة الجنين وأمه.
ولفت الشيخ دريان النظر إلى أن الشريعة الإسلامية قدمت حقوقًا أخرى للجنين وهي بإجماع الفقهاء أن المرأة الحامل إذا ارتكبت جناية موجبة للحد تستوجب العقوبة فلا تنفذ عليها، سواء أكان ذلك الجرم سرقة أو زنا أو قتلا أو ردة حتى تضع حملها وتتعالى من نفاسها، وكذلك فهناك حقوقًا للزوجة ما دامت في عصمة زوجها لها النفقة وهي واجبة على زوجها فإن طرأ على الحياة الزوجية طلاق وقد تكون الزوجة حاملا فلها النفقة.
كما أشار الشيخ دريان إلى أقوال فقهاء المذاهب الإسلامية في حق الجنين في الحياة وحرمة إجهاضه، كما نبّه على اهتمام الإسلام بحفظ حق الجنين في النسب حيث أنه من نعم الله العظيمة مشيرًا لبعض الطرق التقليدية والتي اهتم بها الفقهاء في تحديد النسب كالقيافة وغيرها.
كما استعرض الشيخ دريان الشروط التي اشترطها العلماء في حق الجنين في الميراث، وحالات نصيبه في التركة، والوصية له ، والوقف عليه، وحقه في الصلاة عليه.
وختم الشيخ دريان كلمته بالتأكيد على أن عناية الإسلام بحقوق الجنين إنما يدل على عظمة الإسلام في تشريعاته السمحة، وعلى كرامة الإنسان في كنف هذا الدين العظيم ، سواء قبل خروجه إلى الدنيا ، بل حتى قبل علقوه في رحم أمه ، فضلا عن كونه حملا وجنينا، إلى أن يخرج إلى دار التكليف، وهذه رحمات الإسلام بالإنسان ، وعناية الرحمن كذلك في حفظ الحقوق لذويها ولتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية، في حفظ النفس والنسب والمال والدين والعقل.
واستهل الأستاذ الدكتور السيد علي بن السيد عبدالرحمن آل هاشم مستشار الشؤون القضائية والدينية قصر الرئاسة – أبوظبي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، كلمته ببيان أهمية ملاحظة الواقع كضبابط من ضوابط الإفتاء مؤكدًا على أن العلماء في فتاواهم يراعون اللغة والأعراف والعوائد وكانت الفتوى تقدر الزمان، والمكان، والأشخاص. فما يُفتى به للمريض ، لا يفتى به للصحيح، وما يفتى به في زمان قد لا يفتى به في زمان آخر. ويسمى الفقهاء هذا مراعاة محل النَّازلة.
ولفت الدكتور آل هاشم النظر إلى أن الشريعة الإسلامية الغراء جاءت بعبارات كلية، ونصوص منحصرة، تتناول جزئيات المسائل التي لا تنحصر، بل تتنامى مع الأيام، فالبيع مثلاً معنى كلي تندرج تحته أنواع لا تنحصر من الصور ولم ينص الشارع الحكيم على كل نوع منها، فهذا من عمل الفقيه (المفتي) الذي ينظر في كل نوع بعين ه فيحكم عليه هل هو من جنس البيع أم من جنس الربا، فيتم تطبيق النص الكلي في أحد أفراده، ويسمى هذا المعنى عند الأصوليين( تحقيق المناط ) ويعرفونه أنه النظر في الواقعة لمعرفة طبيعتها وسماتها وأوصافها ، لينزل الحكم عليها بتطابق تام، ويصح أن يسمى تحقيق المناط (ملاحظة الواقع).
وأكد الدكتور آل هاشم في كلمته على أن ملاحظة الواقع يتطلب كما اشترط العلماء في المفتى أن يتصف بالفطانة والتيقظ إذ على المفتى أن يكون على الدوام متيقظاً، يعلم حيل الناس ودسائسهم، فإن لبعض الناس مهارة في الحيل والتزوير، وقلب الكلام وتصوير الباطل في صورة الحق، فإن غفلة المفتى يلزم منها ضرر كبير في كل زمان.
وختم الدكتور آل هاشم كلمته بقوله: إن تحقيق المناط هو تسعة أعشار النظر الفقهي، كما قال به حجة الإسلام الإمام الغزالي، ولهذا قال الأمام العلامة القرافي إن الجمود على المنقولات أبداً ضلالٌ في الدين فتحقيق المناط هو اجتهاد لا ينقطع إلى قيام الساعة، لتجرى أحكام الشريعة على نظام واحد ، تنتظم فيه الفروع أصولها لأن مثار التخبط في الفروع ينتج عن التخبط في الأصول، ومن مظاهر تحقيق المناط قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تقطع الأيدي في الغزو ومن هنا كان نهى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تقام الحدود في الغزو لألا تحمله حمية الشيطان أن يلتحق بغير المسلمين.
وقال معالي المستشار منصور مأمون النياس مستشار الرئيس السنغالي في كلمته إن الشريعة الإسلامية ليست جامدة، بل مرنة متحركة، تُساير الزمان والمكان، والتطور البشر ي باستمرار، تنظم حياة المسلم تنظيمًا محكمًا، و تواكبه في أطوار حياته كلها، ومن هنا تبرز أهمية الفتوى، وتظهر خطورتها، وحاجة المسلم إليها في كل وقت، فلا يجوز لامرئ أن يعمل عملا حتى يعلم حكم الله فيه ، فما من حركة يتحركها المسلم إلا قبلها فتوى، فإن كان المتحرك عالما أفتى نفسه، وإن لم يكن كذلك استفتى غيره، مصداقًا لقول الله عز وجل ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ ]النحل: 43
وأضاف الشيخ النياس أن تنظيم الفتوى ومراجعة أساليبها وتحيينها من الأمور الهامة التي استمر عليها عمل الأمة من عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى يومنا هذا، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى هذا التنظيم وهذا التجديد الذي يرتقي بالمستوى العلمي للفتوى، وتطور قواعدها الإجرائية، ويوسع النظرة لاستيعاب قضايا العصر الحديث بما يناسب مقاصد الشريعة، والفتوى اليوم أحوج ما تكون إلى وضع ضوابط تصون قداستها، وتحدد شروطها في ظل هذا السيل الجارف من الفضائيات ووسائل التواصل، وتبادل المعلومات، واعتبار كثير من المستهترين بالعلم، الناقصين في الورع أن الإفتاء تزكية لعلمهم، ووسيلة لشهرتهم، ونحن اليوم أمام تحد كبير بين ضرورة تجديد الفتوى وصياغة منهج هذا التجديد، وإيجاد الآليات اللازمة لتطبيقه.
واستعرض الدكتور النياس عدة تعريفات وتحديدات لبعض المفاهيم في الأصول المنهجية للتجديد كمعانى الأصول والتجديد والمنهجية والفتوى ، مؤكدًا على أن الفتوى هي حصيلة تنزيل الحكم الشرعي على الواقع من تتبعنا لمحطاتها السابقة، والقدرة على تنزيل الحكم على الواقع تستلزم تصور هذا الواقع، وتكييف النازلة، ولابد لتجديد الفتوى من وضع منهجية واضحة للتجديد على هذه المستويات الثلاثة الواقع والعلم و الربط بين الواقع والعلم.
ولفت الدكتور النياس النظر في كلمته إلى أن تجديد الفتوى اليوم أصبح ضرورة وليس اختيارا، يدعو له تطور الحياة، وتغير كثير من معالمها، وتعقد الحياة نفسها، وتسارع وتيرتها مما يحتم الرجوع إلى منظومتنا الأصولية التي عليها العمدة في استخراج الأحكام بالتنقية والتوسيع والإضافة لتشمل هذه النوازل المستجدة وتلاحق تطورها.
وختم الدكتور النياس كلمته بقوله : " ولابد لتجديد الفتوى من تطوير أدواتها وأساليبها، وتجديد هذه الأدوات والأساليب، وفي مقدمتها المفتي نفسه، ويكون ذلك بتجديد علم أصول الفقه بتنقيته مما علق به وتوسيعه بمراعاة الخلاف ضمن ضوابط محددة، والإضافة إليه بالاهتمام بالمقاصد وإعطائها المكانة اللائقة بها ضمن أصول الفقه دراسة واستعمالا، والتركيز على اللغة العربية وأساليبها، مع الاستعانة بمستجدات العصر من أدوات ومناهج في تجديد أصول الفقه كعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من المجالات التي لها تأثير على الأحكام واستنباطها وتطبيقها، وكذلك جعل الإفتاء علما مستقلا يقوم على فقه الواقع وفقه الدين، وافتتاح معاهد وكليات خاصة بتكوين المفتين، كما يجب الاهتمام بالاجتهاد الجماعي والإفتاء الجماعي وبهذا يتم التجديد فيما يمكن التجديد فيه، وتتم المحافظة على الثوابت الشرعية الخارجة عن التغيير والتبديل.
وقال أ. د./ مصطفي إبراهيم سيرتش المفتي العام في البوسنة سابقا في كلمته يجب إبراز البعد الآخر والجديد لوظيفة الفتوي في وقت الأزمة ألتي تعيشها أمتنا اليوم من حيث الإضطراب الفكري والمتشابه العقدي والانحراف الأخلاقي بسبب كثرة الآراء المتناقصة والمتنافرة حول الدين الصحيح والتعايش السلمي.
وأضاف د. سيرتش قائلًا ليست هذه الأزمة النفسية المتعلقة بالدين كمنهاج حياة الفرد والمجتمع وبالعقيدة كتبعية عمياء للجماعة المنحرفة من السواد الأعظم من الأمة المسلمة وليدة هذا العصر، بل هذه الأزمة كانت ومازالت موجودةً في كل عصر من عصور تاريخ الأمم. ولكن، هذه المرة وفي عصرنا هذا الأمة المسلمة تعيش الأزمة النفسية أكثر وأعمق من أي وقت مضي من حيث المتشابهات والإختلافات والتمزقات ألتي تسبب الحزن والألم وخيبة الأمل في أمتنا..
وأشار د. سيرتش إلى أن مزاج المفتي عامل مهم في إصدار الفتوي ولذلك ركز العلماء علي إبراز شروط المفتي وصفاته وأحكامه وآدابه. فلا جرمَ أنَّ الحالة النفسية للمفتي مهمة للغاية وأنَّ شروطه وصفاته و أحكامه و آدابه لا بد منها، ولكن تحديد المغزي و الغاية لفتياه مهمة كذالك. وهذا ما ينقصنا في الكتب المعتمدة: تحديد غاية أو هدف الفتيا
ولفت د. سيرتش النظر إلي أن غاية الفتوي الكبري هو علاج نفس الإنسان وقلبه، فالمفتي هو بمثابة الطبيب النفسي والمستفتي هو بمثابة طالب العلاج لنفسه ولقلبه لأن نفسه وقلبه غير مطمئن في مسألة في الدين أو الحياة الشخصية أو الإجتماعية.. ولكي يتمكن المفتي أن يقوم بمهمة الطبيب لنفس الإنسان وقلبه فلا بد من أن يكون مُؤَهَّلاً لِلْقِيَامِ بِتشخيص أسباب مرض نفس الإنسان وقلبه لأن كل مرض غير معروف الأسباب غيرُ موجود الشفاء.
نحن اليوم لا نعاني من أزمة العقل كما كان الحال في الماضي، بل نحن اليوم نعاني من أزمة القلب وسببها هو الاضطراب النفسي الذي ينتج عن الشعور بالضيق أو العجز الذي يصيب الفرد الذي لايعد جزءًا من النمو الطبيعي للمهارات العقلية أو الثقافية..
وختم د.سيرتش كلمته بقوله: "لقد تعلمت من تجربة العيش في الحرب والسلام أن الكتاب المقدس ليس قانونا ما لم يدخل القلب. وهكذا، فإن القانون ليس في الكتاب؛ بل هو في القلب. إنه القلب حيث يستوطن الحب والبغض. إنه القلب الذي يقرر استبدال البغض بالمحبة أو استبدال المحبة بالبغض. إنه القلب الذي يمكنه أن يقرر تغيير مسار التاريخ باستبدال مفهوم فن السلام بمفهوم فن الحرب؛ وبإحياء فكرة السلام العادل عوضا عن فكرة الحرب العادلة؛ والعودة إلى الفطرة السليمة للسلام المقدس، وترك معاني الحروب المقدسة".
وبدأ أ.د محمد بشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كلمته ببيان وتحرير بعض المصطلحات كوجهة نظر مفاهيمية لعلاج فوضى الإفتاء وأثره على واقع المجتمعات المسلمة، كمفهوم المجتمعات المسلمة أو الأقلية، ومفهوم الإفتاء والإستفتاء، ومفهوم الحكم التكليفي للفتوى والفرق بينها وبين حكم القاضي، ثم تحدث عن مأسسة الإفتاء وبيان أهمية المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كخطوة نحو مأسسة الفتوى.
وأشار د. البشاري إلي أن الإفتاء في المجتمعات المسلمة يسلك منهجية فقهية تراعي ارتباط الحكم الشرعي بظروف الجماعة، وبالمكان الذي تعيش فيه، و ليس مرادفا لفقه الترخص أو فقه الضرورة وهو جزء من الفقه العام للأمة الإسلامية.
وأضاف د. البشاري أن إحياء الاجتهاد وتحصيل شروطه فريضة شرعية، وضرورة من ضروريات المجتمع المسلم.
وعن المجتمعات المسلمة في البلدان غير الاسلامية قال د. البشاري إنها أصبحت تمثل مكونا دينيا وبشريا مهما في مجتمعاتها يتحقق من خلالها الشهود الحضاري، وأن طبيعة الوجود الاسلامي خارج العالم الاسلامي كأقلية دينية في مجتمع متعدد الأعراق والعادات والأديان يحتاج لنوازل فقهية جديدة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويبحث لها عن الحلول الملائمة.
ولفت د. البشاري النظر إلي أن مسألة الاجتهاد الجماعي ليست وليدة اليوم، وإنما هي حاجة ملحة منذ أمد بعيد، والذي نريد التركيز عليه هو التوسع في هذه الناحية، وتطبيقها في سائر المجتمعات المسلمة تحاشيا للخلافات التي تظهر على الساحة من حين لآخر.
وأوصي الدكتور البشاري في ختام كلمته بعدة اقتراحات منها اقتراح بقيام مجموعة من الباحثين بإنشاء مدونة تضم كل الأصول والقواعد والمقاصد التى يمكن الاستفادة منها فى هذا الاتجاه وكذلك جميع الأدلة الجزئية والفتاوى والأحوال ذات الصلة بهذا الموضوع "فوضى الإفتاء وأثره على واقع المجتمعات المسلمة"، كما اقترح دعم المؤسسات الإسلامية ذات الصلة بالبحث العلمي الخاص بشأن المجتمعات المسلمة والعمل على تشبيك باحثيها وتوحيد جهودها، وتأليف موسوعة في القواعد الفقهية مستقلة بالتطبيقات على فقه المجتمعات المسلمة، كما طالب باعتماد توصيات المؤتمرات العلمية ذات الصلة بالموضوع وفي مقدمتها مؤتمرات دار الإفتاء المصرية والاستفادة من تجاربها في تكوين المفتين وتوصيات المجامع الفقهية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.