لميس الحديدي: المؤشرات الاقتصادية قد تكون إيجابية.. لكن المهم أحوال الناس    نيويورك تايمز: توجيه سري من ترامب لضرب 24 جماعة لتهريب المخدرات خارج الأراضي الأمريكية    أمم إفريقيا - لوكمان: تونس لا تستحق ركلة الجزاء.. ومساهماتي بفضل الفريق    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    ما بين طموح الفرعون ورغبة العميد، موقف محمد صلاح من مباراة منتخب مصر أمام أنجولا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    إصابة 3 أشخاص في اصطدام توكتوك ب"ميكروباص" في الدقهلية    الدفاع العراقية: 6 طائرات جديدة فرنسية الصنع ستصل قريبا لتعزيز القوة الجوية    تفاصيل إصابة محمد على بن رمضان فى مباراة تونس ونيجيريا    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    2025 عام السقوط الكبير.. كيف تفككت "إمبراطورية الظل" للإخوان المسلمين؟    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    نوفوستي تفيد بتأخير أكثر من 270 رحلة جوية في مطاري فنوكوفو وشيريميتيفو بموسكو    ناقد رياضي: الروح القتالية سر فوز مصر على جنوب أفريقيا    أحمد سامى: كان هيجيلى القلب لو استمريت فى تدريب الاتحاد    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    حادثان متتاليان بالجيزة والصحراوي.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين وتعطّل مؤقت للحركة المرورية    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل مصرع شخص قفزا فى النيل    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميل روبير الفارس لحصوله علي جائزة التفوق الصحفي فرع الصحافة الثقافية    نيلي كريم تكشف لأول مرة عن دورها في «جنازة ولا جوازة»    مها الصغير تتصدر التريند بعد حكم حبسها شهرًا وتغريمها 10 آلاف جنيهًا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    الأرصاد تحذر من أمطار ليلة رأس السنة ومنخفض جوي يضرب السواحل الشمالية    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    اسعار الحديد اليوم السبت 27ديسمبر 2025 فى المنيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة ..ليلى … وحكاية الألف ليلة ..الجزء العاشر ..بقلم:الأديب عبدالباري المالكي
نشر في الزمان المصري يوم 22 - 07 - 2021

كنتُ أتناول العشاء في المطعم الخاص بالشركة التي أعمل فيها في البصرة والذي كان يُعَدّ بشكل فاخر على أيدي طباخين ماهرين ، حين قال لي صديقي المهندس ( ليث ) …
:- أراك مصفرّ الوجه شاحباً ، قليل الكلام ، لاتشتهي شيئاً من الأدام ، سارح الفكر ، بعيداً عنا في خيالاتك المستمرة ، لا تكاد تنبس ببنت شفة معي ولا مع غيري ، غير آبهٍ لعطر كنتَ تداوم عليه في ما مضى ، غير مهتم بلباسكَ الذي كان يثير فينا التساؤلات والحسد مراراً ومراراً … ماالأمر ياصديقي ؟
:- لا شيء يا (ليث) … لا شيء …
:- أكل هذا ..وتقول لاشيء … ؟ هل هناك شيء يمكن أن يحدث لك أكثر من ذلك ياصديقي ؟
:- لاتخف ياصديقي ، انا لستُ مريضاً .
:- اعرف ياصديقي العزيز أنكَ لستَ مريضاً ، ولكن هناك أمر ما فيك يقلقني كثيراً ، ولابدّ لك أن تفضفض عما يساوركَ من وجع ، ما أخشاه أن يؤثر على حياتكَ فيما بعد .
قلت :- لاشيء يا ( ليث ) ، فقط إرهاق نتيجة قسوة العمل .
و(ليث) هو مهندس أشد خبرة في الحياة من الجميع وكأنه قد خاض غمارها حتى صرنا نسميه ( الحكيم ) لما له من حكمة وبصيرة ودراية في أشد الأمور عسرة علينا ، ونصحاً لنا ، فقال : – آمل ألا يكون سوى إرهاق ياحبيبي جعفر .
سكتُّ أنا … وانا أطأطئ رأسي خشية أن تفضحني عيناي وقسمات وجهي فيفهم (ليث الحكيم )عني ما لا أود أن يعرفه .
وبعد مرور أيام … ظهرت علامات جديدة بي ، أصبحت أشدّ سرحاً ، وأكثر قلقاً ، يزدادان على غير عادة ، وبدأ ذلك الأمر يؤثر جدياً عليّ كثيراً ، فصمت مطبق ، لا رغبة لي بالحديث مع أحد حتى مع أقرب أصدقائي ، لا شهية للطعام ، غالباً ما أحدّث نفسي ، أرق متواصل يجعل النوم عدواً لي ، أحاور النجوم ، أرسم صورة ليلى في السماء بريشة قلبي ، أقارنها مع القمر ، أصغي الى الكواكب وهي تنقل لي رسائل موهومة من ليلى ، كنتُ حينها أقرب الى المجنون مني الى عاقل .
وحين لاحظ صديقي (ليث الحكيم) ذلك قال مبادراً …
:- أتظن أنك قادر على أن تخفي عني ما تخبئه بين أضلاع صدركَ ؟
قلت :- وماهو ذاك ؟
قال:- العشق الذي نخر قلبك ، وأتلف كبدك ، وهرّأ جلدكَ .
حاولتُ إخفاء ما كشفه (ليث الحكيم) بي فقلتُ : – ليس الأمر كما تظن يا صديقي .
قال :- بل العاشق يعرفه كل الناس ، إذ لايخفى عليهم منه شيء ، فالعاشق يفضح نفسه دائماً … أمام الكبار والصغار ، ومهما كانت ثقافتهم ، فالعشق له ثقافة واحدة وهو القلب الهائم ، والعقل الشارد .
وإننا لندرك جيداً ان العشق قد أخذ فيك مأخذه ، وذهب في فؤادك مذهبه، وأنك مقتول على هذه الحال لامحالة ياصديقي .
ولمّا رأيتُني عاجزاً عن أن أخفي عن (الحكيم ليث) ما وددتُ إخفاءه ، عرفتُ أن لاسبيل لي من الهروب عن أسئلة كانت تدور في رأسه ، وعليّ الإفصاح عن ما يجول في فؤادي عاجلاً أم آجلاً … فقررتُ ان أبوح له بكل ما جرى لي وكان .
قلتُ :- أيها (الحكيم ليث) … لقد صدقتَ … إني أحببتُ فتاة اسمها ليلى .
وبدأتُ أسرد على صديقي (ليث) ما حصل بيني وبين ليلى خلال كل تلك الأعوام من عشق ، وكيف تغيرت عليّ في الآونة الأخيرة ، حتى اضطرتني للهروب الى البصرة لأخفي ماتبقى من جسدٍ قد خوى ، وقلبٍ قد هوى ، وأملٍ معدوم ، وفكرٍ مهدوم ، وشوقٍ امتدّ ، وصبر اعتَدّ ، فلا لذة لي في دنيا ، ولا سعادة بها أحيا ، حتى خرجت مني تنهيدة ماكان لي فيها خيار ، ولا طاقة لي عليها ، حتى رأيتُ (الحكيم ليث) وقد نكّس رأسه ، وأوقد لي حِسّه .
فصاح وهو يكاد يبكي :- آهٍ عليكَ ياصديقي ، ما أقسى قلبها !؟
وما أشدها ظلامة لك !؟ أنّى لليلى أو لمثلها أن تجد مثلك ،
فلو دارت حوالي الأرض سبع مرات طولاً وعرضاً ، ما وجب عليها حبّ رجلٍ سواكَ ، وذلك لِما في قلبك من هذا الحب الواسع لها .
فلما هدأت أرواحنا ، وسكنت انفاسنا ، ضمّني الى أضلاعه ضمّ الأب الرؤوم لابنه السقيم ، مواساة منه لي ، وتعزية عما أصابني ، وعيناه تدمعان ، يقبّلني من رأسي تارة ، ويمسح عليه تارة أخرى ، ويهمس في أذني تارة ، ويحتضنني الى صدره تارة أخرى ، وقد تلاقحت أنفاسنا سوياً ، وازدانت خدودنا بالدموع الوفيرة ، وافئدتنا تئن بزفراتها الغزيرة ، نحسنُ مع بعضنا صور الحنان ، وندرك جيداً خسارة الوجدان ، فلا بهجة لي بعد فراق ليلى ، ولا نعيم عندي دون محيّاها .
وسكتنا هنيهة …
ثم قال لي :- أأنبئكَ ماالسبب في رحيل ليلى عنك ياصديقي العزيز ؟
قلت :- حقاً !؟ أتعرف أنت السبب ؟
قال : – أجل .
قلت : – أخبرني إذن .
قال :- إن لليلى قلباً صغيراً بحجم حبة القمح ، وإن لك قلباً يسع البحار جميعها ، قلباً امتلأ عطفاً وحناناً ، وعشقاً ، وصبراً ، وهياماً .
فلمّا أردتَ أن تسقيها من ماء حبك َ ، وأفرغتَ كل بحاره في قلبها الصغير ، لم تستوعب حبة القمح هذه سقايتكَ ، فامتلأت هي ببحاركَ ، وفاضت حتى غرقت ، فلم تصبح تشعر بشيء من حبكَ الذي مازال مدراراً يفيض عليها للآن ، فمِثل ليلى تحتاج الى قليل من الحب ، وليس إلى كثير ياصديقي العاشق .
قلت :- غريب ياصديقي قولكَ هذا !
قال :- إن مَثَل ليلى في العشق كمثل طفل دخل المدرسة للتوّ ، لايعرف القراءة والكتابة ، فيعلّمونه الأحرف حرفاً حرفاً ، وبعد سنوات عديدة يكون جاهزاً لاستقبال المعلومات واستيعابها بما ينبغي ، ويبدو ان ليلى لم تزل طفلة للآن ، ( لم تزد عن أمس إلا إصبعاً ) .
ثم سكت هنيهة وقال :- لقد أفرطتَ في حبكَ لليلى أيها العاشق حتى لم تعد تأبه بعشقكَ .
قلت:- لكنها امراة تختلف عن باقي النسوة ياصديقي .
قال :- إعلمْ ياجعفر أن هناك صنفاً من النساء إن ألقيتَ عليه فيضاً من الحب ، صعقَ ومات ، كنبتة صغيرة تموت عند إغراقها بالماء ، وليس كما تظن أنهنّ شجرة سنديانة متجذرة في الأرض تحتاج الى كثير من الماء والرعاية .
ثم اردف وقال :- نعم ياجعفر ، لقد وهبتَ ليلى عشقاً عظيماً جداً ، ماكان لك ان تهبها هذا القدر الكبير …
كانت تلك الكلمات كأنما جرس إنذار يرنّ في أذني ، فكلما فكرت في اسباب ابتعاد ليلى ، لم أجد أقرب الى الواقع سوى السبب الذي أخبرني به (ليث الحكيم) ، وكأنه على يقين مما يجول في فؤاد ليلى ، فليلى كبرت أم صغرت هي صنف من النساء يَقرَبها من العلل والهواجس ما يقرَب النساء جميعها .
ولاادري ماهي المناسبة التي ذكر فيها (الحكيم) شجرة سنديانة متجذرة والتي سبق أن كتبت رسالة لليلى أشبّهها بها ، فهل قرأها (الحكيم) في أوراقي من قبلُ ؟ ام أنه يعرف خبايا العشاق وهمومهم ، لذلك فهو حقاً يستحق لقب ( الحكيم) وبجدارة .
إذ قلتُ في رسالتي إليها ذات يوم …
(رسالتي إليها …
أميرتي النبيلة …
عيناك ِ … هما الميزان الذي أَزِن ُ بهما حسن َ عيون ِ النساء .
فلقد سحرتني عيناك ِ المليئتان بالأسرار ِ الغزار ، حتى إذا رحت ُ أفتش في دفائنهما .. وأبحث عن خزائنهما ، لم أجد أشدّ من عينيك ِ براءة ونبلا ً ، فماالصدق فيهما إلّا ثابت كالسنديانة المتجذرة في أرضها ، وماالفضيلة فيهما إلّا زاكية كالثمرة الناضجة في أغصانها المتدلية ، وماالبكاء فيهما إلّا حكمة بالغة … فهما عشقي و شوقي الأبديان ِ ، وهما عندي يعدلان ملءَ الأرض ذهبا ً .
والسلام …)
هممت بالخروج من غرفتنا والذهاب الى مكان اكون فيه وحيداً ، فلم أجد أجمل من ان أكون وحيداً ، حيث أغرق في مابين اثنين :-
جمال الذكريات ..
وخطيئة ارتكبتها بحق نفسي ..
ما يجعلني ذلك أني لن أسامح قلبي ما حييتُ .
شعرتُ بدوران كبير ، وحيرةٍ كحيرة أمٍ وسط البحر ، ولداها تاها عنها ، كل منهما في اتجاه نقيض للآخر ، فلا تدري الى ايّ منهما تتجه لتنقذه ، وتترك الآخر يموت .
ومابين اضطراب عقلي ، وصراخ فؤادي ، رحتُ أفكر فيما أخبرني به (الحكيم) عن قلب ليلى كأنه حبة قمح ، وما أعرفه عنها أنها جنة الأرض …
فتيقنتُ أن الصراخ أسلمُ لي وأوْجَه .
هناك صرختُ بأعلى صوتي :-
أجيبيني ياليلى …
أيٌ منهما أنتِ ؟
أ أنتِ حبة قمح !؟
أم أنكِ جنةٌ عرضها السماوات والأرض !؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.