هنالك بون كبير بين أجيال اليوم وأجيال الأمس ، وللأسف الكثير من الآباء أو الأمهات يعيشون على أفكار الماضي ، ولا يعون ان الزمن تغير ، ويبدو أنهم أيضا لم يستمعوا إلى قول الإمام علي بن أبي طالب : ( ربوا أبنائكم لزمانهم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم ) . فتجد الأب يريد ان يكون ابنه كما يريد هو لا كما يريد الابن ، وتجد الأم أيضا تخاف على ابنها خوفا يزيد عن حده ، وينعكس هذا الخوف سلبا على حياة الابن ومستقبله وكما تقول الحكمة : ( الخوف لا يمنع من الموت ولكنه لا يهب الحياة ) وهذا التعامل مع أبنائنا وبناتنا ليس محض صدفة ، بل أنه ينشأ مع الأطفال ، فتجد الأم تقول للطفل هذه الكلمات : ( اجلس هكذا ، كل هكذا ، افعل هكذا ) وهكذا لا تترك للطفل فسحة ليكون فيها شخصيته عبر التجارب ، وكما يقول د علي شراب : ( اتركوا لأبنائكم فسحة يخطئون فيها ويتعلمون من أخطائهم لان هذه هي عملية النمو الحقيقة ) ويقول أيضا د صلاح الراشد : بأنك لو شاهدت كتكوتا يخرج من بيضة وساعدته بقيامك بفقس البيضة فأنت هنا تسببت في إعاقة دائمة لهذا الكتكوت لان محاولاته في فقس البيضة هي تقوية لعضلاته التي ستساعده على المشي في بقية عمره . وتجد الأب في المقابل يقول له أريدك أن تحفظ القران كأبن الجيران ، وهذه وإن كانت فكرة جيدة إلا أنها لا تبني شخصية الابن لأنك أنت هنا تمسخ شخصيته في ابن الجيران وتخرج لنا نسخا مكررة ، لان ابن الجيران قد يكون مؤهلا لذلك ولكن هذا الابن قد مؤهلا في أشياء أخرى قد يفيد بها الأمة المسلمة ، وهكذا لأننا مختلفين يجب ان نحقق وجودنا باختلافنا ويبرهن على ذلك تفرد بصماتنا . ما أجمل ان تبني جسرا من الثقة بينك وبين ابنك وتترك له مساحة يعبر فيها عن ذاته ، ويكون كما يريده هو لا كما تريده أنت . عندما تترك مساحة للأبناء لكي يحققوا ذواتهم سيكونوا شخصيات مجيدة في الغد القريب ، ولكن عندما نمنعهم من تلك المساحة فنحن بتصرفاتنا المستبدة دمرنا حياتهم للابد ، و نقول نوايانا طيبة , لا ، فجهنم ممتلئة بأصحاب النوايا الطيبة ..!