أحاول جاهدا أولا أن أفهم معنى الحرف فى الكتاب لأن الله العليم قد ذكر كلمة حرف صراحة فى سورة الحج حيث قال تعالى ” وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ” ( الحج : 11 ) فكلمة حرف هنا ذكرت مع أناس منافقين مرتابون ودليل ذلك ما رواه البخارى عن ابن عباس ” ومن الناس من يعبد الله على حرف ) قال : كان الرجل يقدم المدينة ، فإن ولدت امرأته غلاما ، ونتجت خيله ، قال : هذا دين صالح . وإن لم تلد امرأته ، ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء “صحيح البخاري – فضائل القرآن فالملاحظ ان الحرف حد دقيق ورقيق فالفرق بين الإيمان والكفر والحب والكره والحرب والسلام كلمة تستطيع أن تنطق بها فهذا المنافق إذا وجد مالاً وانعاما فى الإسلام دخل فيه وفرح بكلمة وإذا وجد ابتلاءات وعقبات خرج منه ايضاً بكلمة … فالحرف هنا اشبه بالسراط حاد ودقيق ومن هنا تتضح قيمة الكلمة بل تتضح قيمة الأحرف التى ينطق بها المرء ، فالحرف مرتبط بالكلمة وهذا واضح وجلى فى الأيات التى ذكرت فيها اشتقاقات لكلمة الحرف ففى سورة النساء قال الله تعالى ” من الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلاَ ” ( النساء : 46) فالتحريف هنا يتضمن التبديل والعصيان والطعن والكذب وهنا تأتى خطورة الكلمة بل ويتمادى البعض ويذكر فى دين الله مالم يخبرنا به الله عز وجل ولا نبيه صلى الله عليه وسلم ومن هنا فالحرف له سر الوجود لأنه يتعلق بالكلمة وفى لسان العرب ما يشير إلى دقة كلمة الحرف حيث ذكر ابن منظور أن الحرف فى الأصل : الطرف والجانب والحرف : الأداة أو الرابطة التى تربط الإسم بالإسم والفعل بالفعل الحرف : القراءة كحرف ابن مسعود اى قراءة ابن مسعود وغيرها من القراءات واريد ان اناقش فى هذه المسألة حديث السبعة الأحرف للكتاب وأدعو الله العليم أن يرزقنى فهماً موفقاً لها وقد وجدت بعض التفسيرات لهذا الحديث ولكن وجدت أن النفس لا تقبله لأنها قد تؤدى للخلل عند بعض الناس وابدأ بذكر الحديث الذى رواه البخارى من حديث عمر بن الخطاب قال : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ . فقال : هكذا أنزلت . ثم قال لي اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت . إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسّر منه . رواه البخاري ( 2287 ) ومسلم ( 818 ) وقد وجدت تفسيراً لبعض العلماء لهذا الحديث كما يلى : قول فضيلة الشيخ الدكتور/ رياض المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية حديث الأحرف السبعة من الأحاديث المتواترة تواتراً معنوياً ، وأخرجه الأئمة في مصنفاتهم، ولا يكاد يخلو منه مصنف في الحديث ، وممن أخرجه البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبو داود ، ومالك في الموطأ وغيرهم وقد اختلف العلماء في تبيين المراد من الأحرف السبعة حتى أوصلها السيوطي في الإتقان إلى أربعين قولاً : والراجح من هذه الأقوال _ والله أعلم _ ما ذهب إليه جمهور العلماء أن الأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد وتوضيحه : أنَّ للعرب لغات متنوِّعة، ولهجات متعدّدة للتعبير عن معنى من المعاني ، فمثلاً : كلمة (( تعال )) يُعبَّر عنها بلغة قبيلة أخرى ب (( هلم )) ، وقبيلة ثالثة ب (( أقبل )) وهكذا .. فحيث تختلف لغات العرب في التعبير عن معنى من المعاني يأتي القرآن متنزلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد ، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد أو أكثر ، ولا يزيد على سبعة وفي معنى سبعة أحرف أقوال منها ما يقوله الزركشى من أنها سبع لغات لسبع قبائل من العرب. أي نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد بن بكر ……!!! وأرى والله تعالى أعلم أنها ليست سبع لغات .. لأن اللغة فى أصل لسان العرب معناها كلام مفهوم وأخر غير مفهوم لانها مشتقة من اللغو … وبالتالى لابد من استبعاد كلمة اللغة أصلا فى كلام الله … وبالتالى فإن السبعة احرف معناها وببساطة هى السبع قراءات وليست لغات كقراءة حفص عن عاصم وقراءة ورش وغيرها من القراءات المتواترة التى قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم …… البداية انها سبع قراءات وذلك لإختلاف الالسنة وتأكيد على عالمية الرسالة المحمدية حيث يقول الله تعالى ” وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ للعالمين ( الروم : 22)