“العلماء يخطئون” …. نعم يخطئون .لأنهم بشر ، ومن طبيعة الإنسان الوقوع في الخطأ والذنب, كما في حديث” كل بني آدم خطاء, وخير الخطّائين التوابون”. وكلاً منا فيه عيوب, ولديه ذنوب، كثيرا ما نقع فيها, فإما ارتكاب محرم, أو تقصير في واجب, ولكن من رحمة الله بعباده أن شرع لهم التوبة وأمرهم بالاستغفار. إذن : فلماذا التحدث بحالة من التقديس عند ذكر العلماء ورجال الدين بما لا يتناسب مع بشريتهم ؟ علماء كثيرون أخطأوا وأصابوا، ومن أخطائهم تعلموا وأعترفوا بخطاءهم ،ثم استغفروا وتابوا، وما التقديس والعصمة ورفع الزلة إلا للأنبياء والرسل عن وحي ربهم الذي نقلوه، وأُملي عليهم فقالوه. فالعلماء ما كانوا ملائكة ولا رسل أو أنبياء ، فهم بشر لهم أخطاءهم كباقي البشر فيما يتصرفون به ،يصيبون ويخطئون ، وليس من العدل الأخذ بفهم من يعتقد أن العلماء لا يخطئون ، أو أن خطائهم لا يغفر لهم ، إذ أن هناك من ينظر للعالم أو الشيخ أو الداعية الذي يخطأ في أمر معين سواء كانت فتوي أو نظرية أو موقف معين بأنه ارتكب معصية لم يرتكبها أحد من العالمين ، وأنه صاحب الخطايا في الأرض ، وتقوم الدنيا ولا تقعد ، وكأن هؤلاء العلماء من ملائكة الله المرسلين ، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . أكتفي بهذا القدر كمقدمة … وأدخل في الموضوع ————————- الواقعة غير الأخلاقية التى حدثت داخل الحرم الجامعى، والمتعلقة بقيام استاذ فى مادة العقيدة بكلية التربية بنين جامعة الأزهر، بإجبار الطلبة على خلع ملابسهم أمام زملائهم داخل المدرج، أو رسوبهم فى مادته. تم تداول فيديو الواقعة على صفحات التواصل الاجتماعى وانتشر كانتشار النار في الهشيم ، وأصبح معظم رواد مواقع التواصل الإجتماعي ملائكة بلا خطيئة ، وأصبح الأستاذ الجامعي صاحب الواقعة هو شيطان الإنس وعدو الله . بدأت تفاصيل الواقعة بقيام الدكتور “إ– ر ” الأستاذ بكلية التربية بنين جامعة الأزهر، بمساومة الطلبة الراسبين فى مادته على مدار أكثر من عام بخلع ملابسهم السفلية وإظهار أعضائهم البشرية أمام الطلبة، مقابل اجتياز مادته والنجاح فيها ، ومع عدم إدراك الطلبة لما سيقومون به ومقابل الإغراء الذى تم عرضه عليهم بالنجاح فى المادة التى رسبوا فيها قاموا بتنفيذ تعليماته وخلعهم ملابسهم أمام زملائهم، مما أثار حفيظة من كانوا بالمدرج وقاموا بتصوير الواقعة وتداولها على مواقع التواصل الاجتماعى. وقام الاستاذ الجامعى صاحب الواقعة باعترافه بخطاءه ، وحاول تبرير فعلته هذه عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك”، ووجه بيان للطلبة، قائلا: “أبنائى طلاب الأزهر الشريف عامة، وطلاب كلية التربية جامعة الأزهر بالقاهرة خاصة اليوم وبعد نهاية المحاضرة الثانية فى العقيدة والأخلاق الإسلامية لطلاب الشعب العامة بالكلية، اتخذت جامعة الأزهر التى أشرف بالانتساب إليها منذ أن كنت طالبا حتى أصبحت معلما بها منذ عشرين عاما اتخذت الجامعة قرارا بإيقافى عن العمل وإحالتى إلى التحقيق، وهذا حق أصيل من حقوق الجامعة تجاه كل من ينتسب إليها معلما او متعلما لكن يبقى حقى جزء لا يتجزأ من حق أبنائى الطلاب الذين تلقوا علوم العقيدة والأخلاق منى، والذين تواصلوا معى بكثافة عالية عقب نشر الصور والتعليقات التى نالت من كرامة وسمعة أستاذه”. واستمكل، “فإلى أبنائى هؤلاء الذين تخرجوا والذين يواصلون الدراسة اكتب هذه الكلمات التى استهلها بقوله تعالى: “فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون”. لقد كان موضوع محاضرة العقيدة والأخلاق هذا الاسبوع لجميع طلاب شعب الكلية ” الإسلام والإيمان والإحسان”، بدأت يوم الثلاثاء وفيها شرحت معنى الإسلام والفارق بينه وبين الإيمان ،وبينت أن الأول يختص بالظاهر الحسى، والثانى يختص بالجوهر الفعلى الذى يترجم الى نتائج ملموسة تعود منافعها على الأمة رقيا ورفعة ،ثم انتقلت الى الإحسان شرحا وعلاقته بالحياء،وكيفية ارتقاء الانسان الى مرتبة الإحسان وكيف تكون النفس رقيبة على السلوك ،وسلاحها فى هذا الحياء الذى افتقدنا ه فى العبادات والمعاملات ،وطغيان الجانب المادى حتى أن الإنسان ليبيع دينه بعرض من عوارض الدنيا. واستطرد:”وأردت كما تعود منى طلابى أن أمثل لهم تمثيلا حيا واقع الأمة عقيدة وخلقا فقال من يقبل النجاح فى المادة بامتياز مقابل تنفيذ ما يطلب منه فإن امتنع رسل فى المادة تطوع يوم الثلاثاء طالب او اكثر ،والكل لا يعلم ما سيطلب منه وكانت المفاجأة التى أردت أن تكون صادمة لمن خرج متبرعا وبإرادته وفى نفس الوقت أذهلت الطلاب عندما قلت للطالب اخلع البنطلون ،اضحكوا جميعا لكنى ام اضحك وقلت لهم منذ المحاضرة الأولى للمادة اتفقنا أن كل ما يقال داخل المدرج سواء أكان جدا او مازحا يخضع الميزان العقيدة والأخلاق وقلت انا اصر على تنفيذ مطالبى فإن تراجع فسيرسب فى مادة العقيدة ،رفض الطلاب رغم كل ما مارسته عليهم من ضغوط وأمام إصرارهم على عدم تنفيذ طلبى مهما كانت النتائج حتى لو رسبوا فى المادة ،هنا توجهت لكل الطلاب الجالسين وطلبت منهم تحية زملائهم الذين رفضوا الانصياع لى وبعد تحيتهم قلت للطلاباتعرفون سبب التحية قال الطلاب لانهم لم يرضخوا لك ى فى مافيا للأخلاق، قلت هذه واحدة ،والثانية انهم لم يفعلوا ذلك حياء منكم أليس هذا صحيحا قالوا نعم ،قلت فمن باب أولى أن يكون خيارنا من الخالق مقدم على نسائنا من المخلوق، وهذا من باب من ابواب مراقبة النفس ،ضد غواية الشياطين من الجن والإنس ،وهذا من قبيل الارتقاء فى درجات الإيمان بالله . واختتم بقوله:”لقد قمت بدور المعلم من خلال لعب دور الشيطان فى تمثيلية أردت من خلالها بصورة عملية كيف تكون الأخلاق بين النظرية والتطبيق”. ورغم اعتذار الاستاذ الجامعي (صاحب الواقعة ) وتبرير موقفه وما قام به ، الا أن جامعة الأزهر قامت بفصله نهائيا من جامعة الأزهر ، وقام الأستاذ الجامعي بنشر رسالة له عبر صفحته الشخصية ب ” فيس بوك ” وذلك فور صدور قرار فصله نهائيا من الجامعة وبيانه الأتي : “أعتذر إلى ربي وأهلي وطلابي”.. رسالة جديدة من الأستاذ صاحب “واقعة البنطلون” أبدى الدكتور ” إ .ر ” أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، صاحب واقعة إجبار الطلاب على خلع بنطلوناتهم داخل مدرج كلية التربية للبنين، أسفه عن الواقعة بعد صدور قرار فصله من الجامعة. وقال في منشور له على صفحته الشخصية ب”فيسبوك”: “مجال البحوث العلمية التى يهتم فيها الباحثون بالوصول إلى صدق الفروض عن طريق التجربة، يصبح المعمل بالنسبة لهم كالروح الجسد، لا يفارقونه ولا يفتقرن عنه، إذ يتم إجراء عشرات التجارب حتى تؤكد واحدة منهم الفرض، عندئذ نصبح أمام كشف علمي جديد يسهم في بناء تحضر الأمم ورقيها المادي”. وأضاف: “هذا فى مجال العلوم المادية، أما في مجال العلوم النظرية فما أكثر النظريات التى كتبت على الأوراق، ولا يعرف صدقها من عدمه إلا إذا طبقت على أرض الواقع، كتطبيق النظريات الفلسفية والتربوية على المجتمع وعلى الطلاب، ثم مراقبة نتائج هذه التطبيقات من خلال الملاحظة، التي تُظهر لنا فيما بعد إثر هذه الفلسفات والنظريات على المجتمع والطلاب، وبيان الإيجاب من السلب فيهما”. وتابع: “كل ما فعلته كأستاذ فى العقيدة والأخلاق مع طلابي كان عبارة عن تجربة أردت من خلالها أن أرى تأثير التعليم النظري للعقيدة والأخلاق على أرض الواقع بالاختيار التجريبي العملي، ولقد نجحت التجربة مرة، ومرة ثانية، على طلاب كلية واحدة فى تخصصات مختلفة، وعند إجراء نفس التجربة على بعض طلاب نفس الكلية فشلت التجربة فشلاً ذريعًا، واحدثت ضجة سلبية عبرت بها حاجز الجدران للفضاء الخارجي في صور بشعة مقذذة أبدا لم تكن فى الحسبان على أسوأ فروض الفشل”. واستطرد: “هنا أؤكد أن هناك خطأ حدث من الباحث الذي أجرى التجربة، وهنا وجب الاعتذار عن الخطأ، لمن أتوجه بهذا الاعتذار؟”. أولا: لابنائى الطلاب جميعا دون استثناء، من قبل ومن رفض، من انتقد ومن جرح، من دافع ومن هاجم، أعتذر لأن التجربة التي أردت من خلالها البرهنة على أن العلم النظرى حاجة، والتطبيق العملى حاجة أخرى، هناك فارق شاسع بين الاثنين كنت أود تضيفه فكان الخطأ. اعتذر ثانية: لكليتي التي أمارس فيها عملية التدريس منذ عشرين عامًا تخرج خلالهم عشرات الآلاف من الطلاب انتشروا بعملهم وأخلاقهم في جميع البلاد طولا وعرضا، وخارج القطر المصري، وأشرف بتواصلهم معى. اعتذار ثالثا: لأساتذتى الذين تلقيت على أيديهم علوم الدين والدنيا؛ أعتذر لهم لانى تعلمت منهم العقيدة والأخلاق نظريًا وعمليًا، ويبدو من واقع الحال أني لم أكن أمينًا على ما علموني إياه، فمعذرة أسأتذتي أسأت التقدير. وأعتذر رابعًا: لجامعتي التي أشرف بالانتماء إليها، فطوال حياتي العملية أبدا لم يكن يدور بخاطري أن تمس جامعتي التي هي حصن الدين شريعة وعقيدة، وما إنا إلا حارسًا من حراسها يتعبد لله بالتدريس في محاربه. اعتذر خامسًا: لكل إنسان مسلم كان أو غير مسلم تأذى بما رآه من أستاذ وطلابه، في محاضرة العقيدة والأخلاق داخل جامعة الأزهر. واعتذار سادسًا: لأهلي وأسرتي الذين نالهم من الأذى مالم يكن يخطر لهم ببال. واختتم: “أعتذر أولاً وأخيرًا إلى ربي الذي من على بكثير من نعمه، أعتذر إليه عن خطأ كنت أظنه صوابًا، فربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا، أعتذر إليه وقد اجتهدت فلم يصب الاجتهاد وجه الحق كما كنت أريد، فليس لى عندك أجرين ؛ ولا أطمع في أجر واحد، وإنما أطمع ربي وإلهي في سعة رحمتك وأنت أرحم الراحمين”… إنتهى حديث وإعتذار صاحب واقعة ” خلع البنطلون “ ———- بالتأكيد : لا أحد يقلل من شأن ما قام به الأستاذ الجامعي ، فإنها جريمة نكراء ، وفعل من عمل الشيطان ، ولا يليق ذلك به كونه أستاذ للشريعة والعقيدة بجامعة الأزهر العريقة ، لكن نلتمس له حسن النية واعتذاره واعترافه بخطاءه ، فالإنسان مأمور بالإعتراف بخطأه ،وبتصحيح ما أقترفه من ذنب أو خطأ ، وقد دعانا الله -عز وجل- إلى التوبة في مواضع كثيرة بكتابه العزيز ، كما حثنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك في أحاديث عديدة فقال صلى الله عليه وسلم ”إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار , ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.” وقال:” الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم ، سقط على بعيره, وقد أضله في أرض فلاة” فلا يصلح التشفي والقسوة بمن أخطأ وهو التأكيد بحكم بشريته وحسن نيته ، وليس لجهله، فليس بين علمائنا ولا مشايخنا من هو بمنزلة وعلم ومكانة الصحابة الأطهار والتابعين الكرام ، ومع ذلك فمنهم من أخطأ … نعم لأنهم بشر ممن خلق يخطئون وما ارتفعوا إلا بالعلم والتفقه بالدين والعمل بأحكامه والقياس عليها، والعلم بحره واسع ولو أفنى الإنسان عمره في طلبه، والدين دقيق ومتشعب، لذا إما أن يكون حجة لحامله أو حجة عليه ويجب أن يراعى فيه قبل العباد رب العباد . وأختم حديثي – برسالة خاصة لشيخ الأزهر – الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ، بضرورة التدخل السريع للنظر في قرار جامعة الأزهر الشريف الذى قضي بفصل الأستاذ الجامعي ” صاحب واقعة ” خلع البنطلون ” فصلا نهائيا من الجامعة ، وعفا الله عما سلف.