انتصرنا ..انتصرنا ..انتصرنا ؛والشعب ضحك علينا..تلك هى الحقيقة ؛كلنا استسلم للأمر الواقع وظن أن الشعب المصرى فى عِدَاد الأموات ،وأحضر كفنه على يديه ،ووقف أمام قبره ينتظر دوره فى الدفن ،وارتضى لنفسه بالقهر الإجباري الذى مارسه النظام السابق عليه ،ولكنه فى الخامس والعشرين من يناير ..انتفض وخرج عن بكرة أبيه شبابا وشيوخا ..غلمانا وفتيانا..نساء وفتيات ، فرادى وجماعات .خرج يطلب الحرية بيديه ،طائفة مكثت فى ميدان التحرير بالقاهرة ،وطوائف مكثوا فى أشهر ميادين محافظات الجمهورية ،والكل أبى ألا يترك مكانه حتى يتحقق حلمه.ويستنشق عبير الحرية التى جثمت على أنفاسه قرابة الخامسة والثلاثين عاما.كنت مذهولا بالمشهد .لم نخش البلطجية ولا الداخلية ولا أمن الدولة ،حتى ونحن فى المظاهرات كل الأطياف السياسية توحدت من شباب 6 ابريل والكرامة وكفاية والجمعية الوطنية للتغيير والإخوان المسلمين وشباب أحزاب الجبهة والناصرى والتجمع والغد..كان كرنفالا من كل الأطياف ، لم يجرؤ أحد من أمن الدولة اختراق هذه المظاهرات ،وحاول بعضهم التسلل فيها ،ولكن كانت كلمة السر"امسك أمن دولة"؛نالوا حظهم فى تلك المعركة ،ونالوا جزائهم مما أفاضوا علينا به إبان النظام السابق،أوسعونا سابقا ضربا وقلة قيمة ولم يتعاملوا معنا كمواطنين لهم حرية انتقاد النظام ،ولكن عملهم ليس حماية الوطن ،وإنما حماية النظام والعصابة الفاسدة التى عاثت فى الأرض فسادا ،فكانت النتيجة ضربهم ضربا مبرحا وتسليمهم للجيش ، وأتمنى من المجلس العسكرى أن يفكك هذا الجهاز المسمى "أمن الدولة"،فعلى مدار سنوات جعل فى كل منزل مرشدا له ،وأصبحت الدولة جواسيس على بعضها ففقدنا الانتماء للوطن ،ضحك علينا الشعب ..وكتب نهايته بيديه وليس بيد أحدا غيره،وكانت تلك النهاية السعيدة بدون تخطيط ولا قائد ،أتعرفون لماذا نجح الشعب فى ثورته ؟!"لأنه آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله.لا نفرق بين أحد من رسله"،آمن بقوله سبحانه وتعالى "أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض"،فكان الحزب الوطنى زبدا "رغوة تطفو على الماء ، أما الإيمان فماكث فى قلوبهم لذلك انتفضوا وقاموا بثورتهم البيضاء التى رسمت لنا حلما جميلا . وانتهت الثورة وحققت المكاسب ،ولكننى أخشى عليها من السرقة ،ففلول الحب المنهار يحاولون استمالة بعض أعضاء الثورة لينخرطوا فيها وتمتد أذرعهم الفاسدة ويسرقوها ،فإياكم ورؤساء الجرائد المسماة بالقومية "أسامة سرايا..الأهرام ،محمد على إبراهيم "الجمهورية"،كرم جبر وقرينه عبد الله كمال "روزاليوسف"ممتاز القط"الأخبار"خالد إمام "المساء"ورؤساء تحرير الأهرام المسائى والمسائية ووكالة أنباء الشرق الأوسط ،ونقيب الصحفيين. هؤلاء بعد سقوط النظام السابق يتشفون فيه..لأنه ليس لهم مبادىء ،كانوا يسبحون بحمده ويقدسونه وعندما انهار "طلعوا القطط الفطسانه فيه" ..ليست هذه أخلاق الفرسان..وما أنتم بفرسان ..أنتم أبواقا تحملون دفوفا "مزيكاتية"تسبحون لمن فى يده المصلحة ،أنتم وصوليون ..وباء "جرب"لو ظهر وسط الثورة لتفشى فيها وأصبحنا جميعا "جربانين" مثلهم ،وتلوثت الثورة البيضاء،علينا جميعا أن نعى الدرس جيدا ونحيط الثورة ،ولا قترب منها إلا المواطن الصالح الذى حمل على عاتقه خدمة مصرنا الحبيبة ..وعلى الدرب نسير شباب الثورة.