كعادتي اترك لخطواتي العنان ..اسير دون قصد لجهة ولا نية لمكان محدد ..الميادين في تلك الفترة اقل ازدحاما بعد الثورة..المحلات تئن بالشكوي..الزبائن لا يكترثون بالشراء ولا حتي المشاهدة للسلع..المقاهي اقل روادا لكنها تعمل علي مدار الساعة رغم حظر التجوا...ل..السيارات تكسر اشارات المرور..ضباط المرور لا يابهون بما يحدث..المشاه يقطعون الرصيف دون شعور بالخطأ..اكشاك السجائر هي الاكثر حراكا..ينتشر بائعو الورود هنا وهناك..المتسولين لا يتقفوا عن ابتكار طرق جديدة لحفذك علي اخراج ما في جيبك..الاحاديث الجانبية لا تتوقف عن الثورة وتبعاتها..صوت مرتفع يزداد علوا كلما اقتربت منه..شاب في مقتبل العمر..قصير القامة..يفترش قصاصات جرائد لوجوه النظام السابق..وامامه حقيبة اخرج منها لوحات مرسومة باليد وعليها اثار دماء وبقايا حبر ودموع مبللة لاطفال قضي عليهم الحرمان..التف الناس حوله..كان كمن حمل سالة طويلة لا تنتهي..ابياته تحكي تاريخ ارض وبشر وانهار وبحار ..تحكي عن نور اطل وظلام عبر وعدل اقام وظلم سكن..ظل ينشد ابياته مترجلا لساعات..العابرون يتوقفون عند مرورهم..يمنحونه التصفيق تلو الاخر ويمرون..ياتي غيرهم..لا يتوقف عن الالقاء..كنت انظر اليه مرة واخري الي لوحاته وثالثة الي صور الجرائد التي جمعها لنظام مضي...بمرور الوقت زادت دائرة من احاطوا به...يزداد انفعالا..يتحول ميدان طلعت حرب الي ساحة للمشاهدة...يخرج البائعين من محلاتهم..يشاطرونه الاعجاب..تزداد الاعلام مبيعا..يتناسي التجار عناء كسادهم..يرفع الشاعر العلم..يكبره المارة...يتهافت الجميع علي التقاط صور للمشهد.. انفض الجميع...... وبقيت الصورة