بقلم حنان بدران كيف ادمنوا؟؟؟ نظرة اود ان نلقيها على حال فرد فى مجتمعنا كى نفهم حقيقته، والتى طالما اسأنا فهمها ومن ثم القينا اللوم بل كل اللوم عليه وحده فعذبناه بنظراتنا وحده ونبذناه من بيننا وحده. فاذاوقفنا على حقيقته ربما تغيرت تللك النظرة .وتغيرت تلك المعاملة انه الشخص المريض بالادمان ؛واقول المريض لانه حقا كذلك ولكن الفرق بينه وبين اى مريض اخر انه اختار ان يكون مريضا، فاصبح مرضه اختياريا ولكن كما لاى مرض عدة اسباب كان لمرضه العديد والعديد من الاسباب ولنكن البداية بأسرته،تلك التى لا تنتهى فيها الخلافات والاصوات العالية فبعدما كان يتمنى ان يكون والده صديقا له يسمعه وينصحه اصبحت اقصى امنياته الا يسمع يوميا تلك الوصلة من تبادل الاتهامات بين والديه والتى حفظها عن ظهر قلب. أوتلك الاسرةالمسافر ربها للعمل فانشغل به عن مسئولياته تجاه ابنائه، واخذ يرسل المال الذى تبادل معه الادوار فظن انه سيكون بديلا عنه (اباً) يربى ويعلم ويصون . وتلك مدرسته او جامعته والتى ربما لم يجد فيها تلك القدوة الحسنة وهذا الحب الذى ياخذ بيده سواء من المعلمين الذين يشغل تفكيرهم طيلة الوقت كيف ومتى ستنتهى هذه المناهج الطويلة الصعبةاو زملاءه الذين لا تختلف ظروفه عن ظروفهم كثيرا فما يحتاج اليه يحتاجون هم اليه .وهذاهو مجتمعه مابين وسائل الاعلام التى اصبحت وسائل للافساد الا ما رحم ربى ،وبين ظروف اقتصادية بدءا بالبطالة التى عصفت باحلام الشباب .وانتهاءا بالغلاء الذى وضع الاسر البسيطة قاب قوسين او ادنى. فهل وضعناولوللحظات تصورا لتلك الظروف التى مر بها والى اى مدى كانت معاناته ؟هل عرفنا انه كثيرا ما قاوم العديد والعديد من دعوات اصدقاء السوء له، وانه لم يخطر بباله فى لحظة من اللحظات انه سوف بسقط فى هذه الهوةالسحبقة فلقد كان الامر بعيدا كل البعد عن خاطره حتى وصلت معاناته ومشكلاته الى هذه النقطة ,تلك النقطة التى يفقد عندها الانسان كل قدراته على المقاومة ودعونى اسال بعض الاسئلة:الم نفقد اعصابنا فى اوقات كثيرة عندما نغضب؟ الم نتخذ قرارات كثيرة خاطئة فى حياتنا؟ الم يسيطر علينا شعور الكبت والاحباط العديد من اللحظات ؟ وكم من مرات تملكتنا احاسيس الحزن والاسى وعدم الرغبة فى الحياة؟ من منا الان يقول انا ؟انا لم اشعر بذلك ابدا .لن يقولها احد ومن سيقولها فلن يصدقه عاقل.فالله عز وجل قال فى كتابه العزيز:(لقدخلقنا الانسان فى كبد)..فكلنا عاش ويعيش كل هذه اللحظات او بعضها، ولكن الفرق بيننا وبين مريض الادمان انه لم يعش ماساته لحظات عابرة وانما عاشها لفترات طويلة ضعف فيها ايمانه، وقام فيها الشيطان بدوره فى تزيين الامر، وقام رفاق السوء الذين هم اعوان الشيطان فى الارض بمواصلة المسيرة معه بمحاولاتهم المستميتة .وهنا يستعيد هذا الشخص نفسه قليلا فتنكرعليه ما يوسوسون له به فيتركهم ليعود الى حياته هاربا منهم ومما يدعونه اليه،تلك الحياة التى فر منها من قبل ،ولكن للاسف الشديد يجد مشاكله وظروفه التى فر هاربا منها من قبل قد ازدادت سوءا وتعقيدا، فيقف حائرا لاتسع الارض كلها ضيقه وحيرته ،ويضيق صدره كانما يصعد الى السماء ويتمنى لحظة يغيب فيها عن الدنيا فلا يرى ولا يسمع ولا يذكر ما الم به من احزان. وهنا يتقدم الشيطان باقتراحاته التى تاتى دائما فى الوقت المناسب فهو دائما متعدد الاقتراحات وعلى الانسان ان يختار منها ما يناسبه. فتقفز فكرة الانتحار لتكون اولى الافكار التى تتصدر القائمة ويقراها الانسان الحزين البائس والذى اوشك ان يفقد الثقة فى رحمة الله عز وجل ولكنه يستنكر هذه الفكرة فهى كانت ولا زالت بعيدة كل البعدعن عقله الذى لازال موجودا ولم يغيب ،فهو لازال يعقل ويفكر فيرفض تلك الصفقة الخاسرةفى الدنياوالاخرة ,ولا يياس الشيطان منه فيسارع بفكرته الثانية فيذكره باصدقائه الذين هرب منهم حينما ظن انه لايحتاج الى ما عندهم لانه سيعود الى اسرته وحياته ولكن :يتحطم الامل عل صخرة الياس ويشرد قليلا فى تلك الصخرة التى تكونت مع الزمن بيده هو .نعم حين كان يهرب فى كل مرة من اى مشكلة بسيطة تعرض له حتى وصل الامر الى مالا يستطيع بشر ان يتحمله ولن يستطيع بشر ان يخرجه مما هو فيه الا ان يقول ربى الله ..ولكن ترى من يذكره بهذه الكلمة وكل من حوله لا يعرفها , ويفيق من شروده على يد زميله وهى توكزه وكزه خفيفة ليلتقط منه ما فى يده،, فينظر ذلك المسكين الى ما بيد صديقه فيجدها برشامة او حقنة او مسحوقا ويتسائل بعقله الذى يقف الان على حافة الهاوية : ايكون الحل فى هذه؟؟؟؟ وياتى صوت زميله بكلمات مشجعة واصرار وسعادة ان جعله مثله فاصبحوا سواء وهو الذى كان فى يوم من الايام ينكر عليهم ما يفعلون. وتاتى اللحظة الحاسمة لتمتد يده وتلتقط المجهول والذى لازال يتخيل انه سبهرب به من مشكلته هروب مؤقت حتى يستعيد نفسه فهو يريد الراحة لبعض الوقت، ولم يدرى انه ربما لن يستعيد نفسه ثانية وانه ربمايصبح فى تعداد الاموات الاحياءوالذين نسميهم(الاموات اكلينيكيا)،ولكن هؤلاء مساكين دفعوا اموالهم لشراء حياتهم ,وهو ومن معه يدفعون اموالهم ليبيعوا حياتهم .والفرق ايضا ان هؤلاء الاموات لا يستطيعون الحركة مطلقا بينما هؤلاء المغيبين اختباريا لازالوا يمشون على اقدامهم ويتحدثون ويتعاملون مع الناس وهذه هى الكارثة الاخرى والخطوة الثانية فى مخطط الشيطان اللعين .. فبعدما غيب هذا الشخص عقله وهيأ نفسه للشيطان يتحكم فيه كيفما يريد ترى هل سيتركه عند هذا الحد؟ نحن نعلم الاجابة جيدا.. فكما ان شارب الخمر فى القصة المشهورة والذى اختارها من بين القتل والزنى كاخف الاضرار جعلته يقتل ويزنى فان هذا الذى تجرع المخدرات كى يغيب عن الدنيا بعض الوقت لم يدرى انه سبجد نفسه يوما ما فى قفص الاتهام _واعيا لما هو فيه او غير واعيا_ متهما بجريمة من الجرائم التى لايذكر كيف و متى ارتكبها وانما الشئ الوحيد الذى يذكره انه كان يريد مالا ليشترى به شيئا: ربماليشترى به السجن اويشترى به الضياع او ليشترى به الموت . لقد خيره الشيطان بين الانتحاراوالادمان ،فاختارالادمان وهو لايدرى انه لم يخترواحدا من اثنين ..وانما اختار واحدا من واحد... لا التمس اعذاراولا ابرر اخطاءا ولكنى اطلب من المجتمع الذى لازال يعذب المريض بالادمان سواء اثناء مرضه او اثناء علاجه او حتى بعد شفائه من مرضه فيعامله على انه شخص يخشى الاقتراب منه ويسرون حديثا بينهم يراه فى اعينهم باحساسه الجديد الخائف (انك لم تعد تصلح كى تعود فردا فى اسرة او موظفا فى عمل )وكان حياته انتهت عند هذا الحد حتى يشعر انه يريد ان يختبئ من تلك العيون وتلك النظرات القاتلة ، فيتمنى ان لويغيب عن هذا العالم مرة اخرى ومن هنا تحدث انتكاسة من شفى من الادمان ليعود مرة اخرى بعدما كان يحلم بعد شفائه بمستقبل جديد ينسى فيه ماضِ عصيب و يطوى فيه صفحة الالم وهزيمة النفس ،نجده يعود للادمان مرة اخرى ولكن هذه المرة لم تهزمه نفسه وانما هزمه مجتمع بأسره وخذله بمفاهيمه الخاطئة وعقوله المظلمة..