التباهي والتفاخر واستعراض ما يملكه الإنسان من مقومات تميزه عن غيره من البشر قد يعتبر مظهر من مظاهر النقص, وصفة تخلق حواجز بين البشر بعضهم البعض, وتزيد من الأحقاد بينهم. ربما التباهي نوع من أنواع الضعف الإنساني ودليل على هشاشة الشخصية وربما خوائها, وربما هو نوع من أنواع الغرور الذي يصيب النفس ويجعل صاحبها معزولاً عن الحياة والناس في برج عاجي, يفقد بوجوده فيه كل من حوله شيئاً فشيئاً فيبقى وحيداً في...النهاية يعض بنان الندم, ولا يجد من يتفاخر أمامهم بشيء. وربما هو وسيلة دفاعية لمقاومة الحزن. أحيانًا تكن التربية سببًا مباشرًا في زيادة حد التباهي والتفاخر عند بعض الناس, فعندما يحاول الآباء تذكير أبناءهم بأصول عائلاتهم مرة بعد أخرى ومكانتهم في المجتمع, ويعتقدون أنهم يزيدون من ثقتهم بأنفسهم ومن قدرتهم على مواجهة العالم الخارجي بإظهار ما هم عليه, يتحول الأمر إلى إحساس دائم بالتميز عن الآخرين ويزداد حد التباهي حتى يصل إلى درجة أن المتباهي يتيه بنفسه ويرى في نفسه أفضلية عمن حوله سواء في الأصل أو في مستوى الثراء. وأحيانًا يكن المتباهي من طبقة أدنى في المجتمع ويحدث أن ترتفع طبقته ارتفاعًا مفاجئًا مع الحد الذي يدير رأسه فإذا به يتحول إلى متفاخر بنفسه ينسب لها ما لم يكن فيها ولعائلته ما هم ليسوا عليه أصلاً وخاصة في النواحي المادية والطبقة التي نطلق عليها "نوفو ريتش" وأخيرًا قد يكون التباهي والتفاخر سمة من سمات عدم الثقة بالنفس على الإطلاق ومحاولة دفع أخطار العالم الخارجي ومقاومة الضعف أمام الناس فينقلب الأمر بصورة عكسية إلى التعالي في التعامل معهم كنوع ممن أنواع الحماية الزائفة.. وفي النهاية فدعونا لا ننسى أن أحقر الناس شأنًا هم من يتعالون على من حولهم إذا رفعهم الناس فوق قدرِهم.. في حين أن أكثرهم منزلة يبقى متواضعًا مهما علت قيمته ومنزلته وسط مجتمعه.. وصدق رسول الله الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عندما قال "من تواضع لله رفعه" " لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر" ولا ننسى وصايا لقمان لابنه " وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ " ...