الطالبة هند سيد أحمد 22 سنة تختصم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير التنمية الاقتصادية أمام محكمة القضاء الإداري، طعنا على قرار المجلس القومي للأجور الأخير بزيادة الحد الأدنى للأجر الشامل إلى 400 جنيه. الغرابة تكمن في كونها ليست عاملة أو موظفة تتضرر من تدني الدخل، إنما صفتها في الدعوى «طالبة جامعية»، وحجتها أنها «سوف تدخل إلى سوق العمل بعد أشهر، وترنو للحصول على فرصة عمل بأجر عادل يضمن لها حياة كريمة». ما عزز قرارها صدور حكم لصالح «ناجي» من محكمة القضاء الإداري يعترف بأحقية العمال في رفع الحد الأدنى للأجور حددته المحكمة بمبلغ 1200 جنيه شهريا؛ حيث طالبت المجلس الأعلى للأجور ب«مراعاة نفقات المعيشة وإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار». وصف حكم المحكمة بأنه «انتصار للغلابة»، واعتبره العمال أنه حكم «تاريخي» ينتصر للحق والعدل، فيما رأت المعارضة المصرية أن 1200 جنيه غير كاف في ظل تقلبات السوق المحلية والإقليمية والدولية. بائع الجرائد الذي اعتادت «هند» الحديث معه أعطاها ذات صباح إحدى الجرائد لتقرأ تصريحات رئيس الوزراء أحمد نظيف حول الحكم «زيادة الحد الأدنى للأجور في مصر تتطلب توفير موارد حقيقية لتغطي متطلبات الزيادة في الموازنة العامة للدولة، بحيث لا يحدث تضخم بها في حالة إقرار أي زيادات عشوائية». «لم تستجب الحكومة لحكم القضاء»، تقول هند، مضيفة: «على مدار 6 أشهر لم يتم تنفذ الحكم، وهو ما جعل مئات العمال والموظفين وممثلين عن الأحزاب والقوى السياسية يتظاهرون لمطالبة الحكومة بتنفيذ قرار القضاء». احتجاجات العمال كانت مشهدا ساخنا في الشهور الماضية، مما جعل حركة «كفاية» المعارضة تصفه على لسان منسقها عبد الحليم قنديل، بأنه «يعد أول احتجاج اجتماعي سياسي تتوحد فيه الأهداف والهتافات خلف مطلب واحد». أمام ذلك، قام المركز المصري مرة أخرى بالطعن قضائيا على «سلوك الحكومة المصرية السلبي بالامتناع عن تنفيذ الحكم»، ليصدر حكم قضائي ثان في صالح العمال ويؤيد الحكم الأول. عندها، يقرر المجلس القومي للأجور رفع الحد الأدنى للأجر الشامل الذي يتقاضاه العامل بالقطاع الخاص إلى 400 جنيه (71 دولارا). وقد تسبب القرار في تفجير حالة من الغضب بين العمال، حيث رفضه ممثلو اتحاد العمال، واعتبره حقوقيون تحايلا واضحا على الحكم القضائي. «في الشارع المصري توحدت ردود أفعال المواطنين تجاه القرار برفضه رفضا تاما»، تقول هند، وتضيف: «الكل يتساءل 400 جنيه هيعملوا إيه؟، فكيلو اللحم تمنه 60 جنيها، وكيلو الطماطم وصل سعره إلى 10 جنيهات قبل أسابيع قليلة، أما أسعار استئجار الشقق فلا تقل عن 500 جنيه، فكيف تعيش أسرة عددها 4 أفراد بهذا الراتب؟».