«لن يكون التحرش جريمة آمنة بعد اليوم».. شعار رفعه عدد من ضابطات الشرطة الجدد، فى أول زيارة إعلامية من «الوطن» لقطاع مناهضة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية، الذى استحدثه وزير الداخلية، وأصدر قراراً بإنشائه منذ أيام، للتصدى لظاهرة العنف التى تفاقمت فى الآونة الأخيرة. فى أحد مكاتب وزارة الداخلية، ووسط عدد كبير من الرجال ذوى الرتب والقامات، تجلس العقيد منار مختار، تتابع البلاغات المحولة لها من الأقسام بجميع المحافظات، وبقدر جسامة البلاغ تتحرك منار وزميلاتها، أحياناً يتطلب الأمر من منار أن تنتقل لمكان البلاغ وتبدأ عملها من قسم الشرطة، ودورها يقتضى أن تستمر مع الضحية وتقدم الدعم النفسى والاجتماعى لها، وتؤهلها نفسياً للانخراط فى المجتمع مرة أخرى. تقول العقيد منار: «جرائم العنف ضد المرأة لها حساسية شديدة، ولا بد من التعامل مع الضحية بهذا القدر من الحساسية، ففور وقوع الحادث والإبلاغ عنه تبدأ مهمتى فى كيفية تأهيل الضحية للمواجهة، ابتداء من إقناعها باتخاذ الإجراءات القانونية الكاملة وعدم الانسحاب خوفاً من الأهل والأسرة.. أبدأ عملى بالجلوس معها على انفراد فى مكان خاص، وأجرى حواراً عن الواقعة أو الفعل، تقول فيه الضحية كل ما لديها دون حرج، وأحاول نفسياً أن أفعل ذلك معها بشكل يخفف عنها الظرف القاسى الذى مرت به، ثم ننسق مع الجهة الشرطية المسئولة عن الضبط، ويأتى بعدها دور الطبيبة النفسية، وهى ضابطة أخرى». النقيب رحاب عبداللطيف، من قسم الطب النفسى، والنقب طبيب نسرين فوزى، يبدأ دورهما بعد انتهاء إجراءات التحقيق، حيث تقدمان الدعم النفسى للضحية، من خلال إدخالها فى حالة من الهدوء النفسى، وتجريان بعدها عدداً من الاختبارات النفسية، تقيّمان من خلالها الحالة، ثم تبدأ مرحلة العلاج التى تستمر مع بعض الحالات لعدة أشهر، تنتهى بقدرة الضحية على الانخراط فى المجتمع مرة أخرى. وتقول النقيب منال: «إن القطاع بدأ العمل بالفعل للحاجة الملحة للبدء الفورى، وإن كانت التجهيزات اللوجستية للقطاع لم تكتمل، فحتى الآن لا يوجد مكان جاهز للضابطات للعمل منه، وهن يعملن بمكاتب الضباط الآخرين، والخطة الموضوعة لهذا القطاع لا تعتمد على وقوع الحادث فقط، وإنما الإدارة تهتم بحقوق المرآة والفتاة وحقها فى عدم التعرض لأى شكل من أشكال العنف ضدها، ونعمل على توعية النساء بحقوقهن وتقديم المشورة القانونية والحقوقية لكل منهن، وكيفية التصرف فى حالة حدوث وقائع العنف أو التحرش». وتضيف: «كل ما على الضحية أن تتصل ب122 مكالمة مجانية من هاتفها المحمول، وستكون عندها الشرطة فى 10 دقائق، وإذا كان بإمكانها التقاط صورة للمتحرش فلتفعل، فهدفنا أن تكون الفتيات أكثر جرأة وأن يتمسكن بحقوقهن». وتابعت: «خططنا لن تُستكمل إلا من خلال تعزيز الخدمات الأمنية فى بؤر التحرش، والمشاركة فى التوعية من خلال الحملات الشرطية فى الأعياد والمناسبات وحتى المظاهرات، فهذا أحد أدوارنا الرئيسية، نخرج للعمل الميدانى فى الأماكن الأكثر عرضة للتحرش، ونعمل على توعية الشباب والفتيات ونهدد بخطورة التحرش والعقوبة التى ستقع على المتحرش، ما ينعكس على الحد من ارتكاب هذه الجرائم، العيار اللى ميصيبش يدوش». ولفت اللواء أبوبكر عبدالكريم، مدير إدارة التواصل المجتمعى بقطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، إلى أن إنشاء تلك الإدارة يأتى فى إطار جهود الوزارة لدعم أواصر العلاقات مع مؤسسات الدولة، ودعم العلاقة الطيبة مع جميع المواطنين، وأن العاملين بتلك الوزارة يمثلون سفراء للداخلية عبر حسن تعاملهم مع الجمهور. وأضاف أن عدد الضابطات ما زال قليلاً، فالعمل بدأ ب4 ضابطات فقط، لكن الهدف أن يصل العدد إلى 1500 ضابطة من الفتيات، إلى أن يعمم الأمر فى جميع مديريات الأمن بجميع المحافظات، لاستيفاء العدد اللازم للضابطات، كما أن كلية الشرطة بصدد فتح باب القبول لإلحاق العناصر النسائية بالعمل فى هذه الإدارة على مستوى أقسام الشرطة والمديريات. ودعا أبوبكر جميع المنظمات النسائية والحقوقية والحركات المجتمعية فى الشارع، للتعاون مع الإدارة وإرسال البلاغات أولاً بأول، وإخطارهم بأى حالة، حتى يتم القضاء على الظاهرة نهائياً، حينما يعاقب الجانى، وتُنشر هذه العقوبة فى وسائل الإعلام المختلفة. وقال اللواء حسين فكرى، مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان، إن وزارة الداخلية خصصت وحدة لمناهضة العنف ضد المرأة، وعينت ضابطات بها بصورة سريعة جداً، بعد أن تعالت الأصوات حول انتشار الظاهرة فى الشارع المصرى بشكل كبير، مؤكداً سعى الوزارة إلى تغيير الصورة الذهنية السائدة عنها، من خلال إنشاء وحدة معنية بالتواصل المجتمعى. وأضاف أن الوزارة فى سبيلها لبناء جهاز شرطة يرضى عنه المجتمع، منوهاً إلى أنه ليس خافياً على أحد أن الشرطة قدمت شهداء كثيرين فى الفترة الأخيرة، لإصرارها على إقامة الأمن داخل المجتمع، موضحاً أن وحدة مناهضة العنف ضد المرأة بالوزارة ليست معنية بمواجهة التحرش فقط وإنما بمواجهة كافة أشكال العنف ضد المرأة. وأوضح أن فريق العمل بالوحدة يتألف من 8 من الضابطات المؤهلات علمياً، منهن أساتذة علم نفس وأمراض عصبية وخدمة اجتماعية، وهن يشكلن نواة للقطاع، مشيراً إلى أنهن مؤهلات بشكل جيد داخل مصر، وسيتلقين دورة تدريبية عالية المستوى فى أمريكا، على كيفية التحقيق فى ا ...