بقلم الكاتب و السينارست والمُعد المصري وائل مصباح المقال السادس والأربعون سقف الثورة في تصرف غريب وغير مسئول طالبت منظمة العدل والتنمية كافة التيارات الثورية وائتلافات الثورة بالنزول إلى كافة الميادين وتصعيد سقف المطالب الثورية لعزل الرئيس مرسى وإسقاط نظام حكم مرشد الإخوان، مؤكدة استمرار تبنيها لرؤية المجلس السياسي للمعارضة المصرية،ودعت المنظمة كافة الحركات الثورية بالزحف نحو الاتحادية ومكتب الإرشاد،كما طالب رئيس المنظمة الثوار بإلقاء القبض على كافة قيادات جماعة الإخوان المسلمين قبل هروبهم خارج مصر واحتماءهم بقطر. كما أدان زيدان القنائى مدير المنظمة بقنا استعانة الدكتور مرسى _ رئيس الجمهورية المنتخب_ بجهازي الشرطة الإخوانية والقضاة المتأخونون للسيطرة على مقاليد مصر وتلفيق التهم للمعارضين السياسيين والنشطاء والتخلص منهم، مطالبًا الثوار بالزحف نحو الداخلية ودار القضاء العالي وتطهيرهما من الإخوان. ولم تكتف تلك المنظمة المشبوهة بذلك بل دعت المنظمة كافة الجاليات المصرية بالخارج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتنظيم تظاهرات غضب مشاركة للتعبير عن الثورة المصرية،منتقدة في نفس الوقت غياب أهالي الصعيد وقبائل سيناء ومطروح عن المشاركة بالثورة،داعية أهالي الصعيد وسيناء للزحف على القاهرة والمشاركة بالتظاهرات أو تنظيم تظاهرات بميادين محافظاتهم حتى إسقاط نظام الإخوان وتحقيق أهداف الثورة. هل هذا يحدث في لأي مكان في العالم يا سادة؟وأين كانت هذه المنظمة الميمونة طوال حكم المخلوع وزبانيته؟!!!! إنها ليست ديمقراطية،ولا تمس لأي مصطلح سياسي بأي صلة،ولكنها بكل تأكيد دوافع لا شعورية وعقد متوارثة جيلاً بعد جيل خرجت فجأة وبلا أي مقدمات لتطيح بسقف المطالب المشروعة،بل وتحاول أن تصل بشطحاتها إلى أعلى سقف حتى ولو كانت مطالب عشوائية أو غير ناضجة سياسياً. التجربة ليست خاصة بمصر وحدها،فبعد أشهر قليلة من تجربة حكم الإخوان في البلدين اكتشف معارضوهم من المصريين والتونسيين أنهم يساقون تدريجياً إلى منظومة استبداد جديدة تترسّخ وفق أساليب تُوهم بأنها ديمقراطية ونابعة من الإرادة الشعبية،وأعطت الرغبة الجامحة للإسلاميين في فرض دستور يترجم تطلعاتهم في الاستيلاء على السلطة وتوظيف مقدرات الدولة لخدمة مشروعهم، مبرراً للطبقات الشعبية المسحوقة التي ضحت من أجل الإطاحة بنظامي مبارك وزين العابدين إلى الفزع من السقوط مجدداً تحت براثن استبداد متعدد الرؤوس قوامه أحزاب بمرجعيات دينية،وترسانة من فتاوى تطبقها ميليشيات تتطاول على مؤسسات الدولة،وتستخدم وسائل قمعية لإقصاء المناوئين وقهرهم بقانون القوة وسياسة البلطجة،رغم انه عندما سقط النظامان السابقان في مصر وتونس تفاءلت أغلب الشرائح بأن مرحلة من التسلط قد ولت،وأقبلت مرحلة جديدة سقفها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية على أساس المواطنة وليس وفق قاعدة "معي أو ضدي"مثلما،فقبل العامين بقليل لم يتصور عشرات الآلاف من المصريين والتونسيين أن يعودوا إلى الشوارع مرة أخرى،مطالبين بإسقاط النظام وتكرار المطالب الثورية ذاتها،ولا يظن عاقل أن من يتظاهرون ويعتصمون في الميادين قد خرجوا في تظاهرات حنين إلى الماضي وأنظمة حكمه،بل خرجوا من أجل المستقبل وتذكير من نسوا تعهداتهم بأن هذه الشعوب لم تعد تستوعب حكم الاستبداد من أساسه،ومثلما ثارت سابقاً فهي مستعدة للثورة من جديد،وإن كانت النتيجة كارثية على الجميع. هل أساء الإخوان في مصر وتونس إلى الشرعية الانتخابية التي حصلوا عليها تشريعياً وتنفيذياً؟ هل ما ظهر منهم من جرأة على التسلط والاستبداد فاق ما كانوا يتهمون به الأنظمة السابقة؟ الجميع يؤكد أن صراعهم مع نظامي مبارك وبن علي تحديداً كان من أجل الاستيلاء على سلطة حلموا بها عقوداً طويلة،وليس لمصلحة وطنية صرفة،رغم أنهم ظلوا لوقت قريب يروجون أنهم زاهدون في السلطة وقانعون بدور المعارضة قد يوجد من يستنكر هذا الموقف ويشجبه،ولكن هل من يدعون الآن أنهم معارضون كانوا سيخوضون نفس الدرب لو تبدلت الكراسي؟ أكاد أن اجزم أن سقف التطلعات بدا يخرج عن السيطرة لكل الفئات والطبقات بل والأفراد في مصر وتونس وليبيا واليمن حتى سوريا،والسبب ببساطة عدم الاستعداد التام والجيد لمثل هذا اليوم،ومن يريد دليل فينظر جيداً لوقائع ما قبل الانتخابات المصرية والتونسية وما جاء بعدها،ويجب أن يعي الجميع أن كلاً من الشعبين لن يسمح باستبدال ديكتاتورية الزعيم بمنظومة استبداد الجماعة،حتى ولو كانت هذه الجماعة منزه،والسبب هو تشتت المطالب وتنوعها ما بين عام وخاص. لقد نفض الدكتور مرسى عن نفسه عباءة الجماعة التي كان يوما رئيسا لحزبها السياسي،بل وضم عدداً من المستشارين من كل الفئات،وأقام حواراً وطنياً دعي إليه كل الأحزاب والقوى السياسية،ولكنه أخطأ_كما يخطأ البشر_ في اختيار بعض هؤلاء المستشارين،كل هذا عادى ومسموح،ولكن الغير مسموح به على الإطلاق محاولة المنتسبين إليه تنزيهه عن الخطأ،هذا ما جعل الشارع المصري يسخط عليه،بل والأغرب من ذلك محاولة هؤلاء أيضا تبرير وتفسير بعض هذه الأفعال بطريقة مستفزة وساذجة مما يجعلهم خطراً عليه أكثر من معارضيه!! لم يحس الشارع المصري بحكومة هشام قنديل بل زادت أعبائه ومسئولياته، لدرجة انه أصبح فقط يبحث عن الأمان بغض النظر عن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية،فالعيش بل والبنزين أصبح بالكبون،وقريباً الهواء أن ظل هؤلاء الوزراء في مناصبهم،مصر لن تسقط ولكنها ستنتفض!!! إلى اللقاء في المقال السابع والأربعون مع تحيات فيلسوف الثورة وائل مصباح عبد المحسن [email protected]