* محمد ماهر العرفي عندما نستبدل سقف لعين بسماء وجحر بأرض وجدار بمئذنة وشعب تحت التراب فقل لى بربك .... ماذا تبقى منك ياوطن...؟ أحاول كل صباح أن أقنع نفسي بأني لا زلت على قوائم الحياة أو سطرا في أرشيف المهملات لكن يأتي دخان القهوة ليخبرني أنى لا شيء _صفر في هذه المنظومة_ أتبخر شيئا في شيء حتى أصبح سحابة أمان تظلل صاحب السعادة. صحيح أنني أشغل مساحات كبيرة من خطبه الرنانة ،وأحمل ورقة تثبت شخصيتي المنعدمة وورقة أخرى بيوم جئت لهذا الوطن وصك غفران بأن الفقراء لهم الجنة ؟ لكنى لا أحمل صدرا يحلف بسمائها وترابها في كل عيد وطني من أعيادنا التي تجاوزت المئة؟ لا أحمل سوى قلب ساخط ولسان ناقم ومعدة خاوية وصل صوتها حدود الصراخ... أحمل فوق رأسي خبزا لا لأكله ولكن كي أتعذب به مرتين. مرة بحمله ومرات أخرى برؤية أنيابهم تنهش في رأسي... ثم يزج بى إلى السجن بتهمة الأكل العند من حقوق الوطن ونهب خبراته. يالك من وطن شريف تغطيه الأوسمة . لم تقطع يد من سرقوك بقدر ما قصمت ظهري وأنا أحملك منهوبا الجميع هنا أدركوا سر شحوبي ... وأنا أيضا أدرك أسباب شحوبهن . لله درك ياعمر نفخت تحت القدر وأطعمت الصغار ... واليوم ينفخون في وجوهنا ويأكلون الصغار مازلت أذكر العدل العمري في رقع ثيابنا... بينما يلهو الفقر في ملامحنا قبل نعالنا. مازلت أذكره يوم ربط على بطنه حجر من شدة الجوع واليوم أيها المواطن دعنا نرجمك ونمص دمك بهدوء.... كن لقمة سائغة وسنقص شجاعتك في اقتحام أفواهنا لأولادنا بينما يمصون دماء أولادك وأحفادك. كًَرْمُنا لا تطل منه العناقيد بقدر ما تطل كؤوس الخمر وأفواه بعرض الظلم وتحت الكًَرْمِ أناس أبَوٌا أن يركعوا.. ولكنهم وضعوا أيديهم على ركبهم وهم يلتقطون أنفاسهم..!! أعواد نحيلة ووجوه بلون القمح على أكتافها حملت هذا الوطن إلى بر الأمان.. ومنه حمله الجند إلى قصر السلطان..!! وسمراوات تفلتن من حكايات الليل البهيم قد ذابت نون النسوة واستحالت عرقا على جباههم وهم يعملون في الحقل... نساء لا يصلحن (كمتحضرات)أو(مستحضرات تجميل)ولا لنعرات حقوق المرأة.. فهن في الحقل شقائق الرجال. .مظلوم أنت يا وطني.. لم تعطني الفرصة كي أحبك.. ما ركضت على عشبك،فقط كنت أركض كي أهرب من ظلمهم..!! ما قطعت نياط قلبي من اشتياقك ، ولكن قطعت أنفاسي وأنا أهرب بعيدا عنك. عذرا إن قلت لك ... أنت ومن جاورك من أبغض بلاد الله إلى قلبي..!!! آه يا وطن .. أعطني فرصة واحدة في جرائد العمل المتراكمة في زاوية حجرتي حتى أحبك أعطني بيتا أو قبرا ألملم فيه ما بقى مني.... سيان عندي البيت والقبر يا وطن. أعطني مزيدا من الكرامة تكفى لطوابير الخبز وبقية طوابيرك. (لو أعلم أنك منظم لهذا الحد ما جئتك يا وطن...!!!)ا منحني بدل فاقد لسنين قضيتها في الغربة وبدل فاقد لكرامة مبعثرة وأخواتها. آه يا وطن... كنت أحسبك ملائكي الوجه حتى خرج علينا شيطانك كنت أحسبك كالشمس إذا علا الدخان حتى اختنقت من عشاقك آه يا وطن... كيف تغنوا لك وحلفوا بسمائك وترابك.....؟ كم وددت أن أهجوك في وجهك يا وطن. ولكني ما عدت أتقن غير الأحاديث الجانبية..!! لَعَمرُكَ ما ضاقَت بِلادٌ بِأَهلِها وَلَكِنَّ أَخلاقَ الرِجالِ تَضيقُ* هذا النص إهداء إلى من يتوسد الرصيف هناك.. تغطيه السماء ونظراتنا قد لهى الشيب في لحيته ورأسه... وما زال يمد يده تعريف بالكاتب محمد ماهر العرفي كاتب وروائي مصري نشرت نصوصه والعديد من أعماله في الصحف والمجلات والدوريات الأدبية والمجلات والمواقع الالكترونية . صدر له كتاب"حديث جانبى" نصوص عن دار أكتب للنشر والتوزيع - المشرف العام لموقع "مقهى الساخرين". - وله تحت الطبع "ياصبر أيوب "حكايات مصريه جدا. - حاصل على جائزة مجلة العربي الثقافية عن قصته القصيرة"الساخر"عام 2009 .