بقلم حنان عبد القادر لا أدري إلى متى نستدرج للسقوط في مثل تلك الفخاخ ، وإلى متى نجهل ويجهل علينا بلا وعي ولا تخطيط ، وبلا روية وحسن تدبير ؟ الأحداث على الساحة حول الفيلم المسيء لشخص رسولنا صلى الله عليه وسلم وما فعله من ضجة وإثارة لحفيظة الناس ذكرني بأحداث مماثلة تقبع في بركة آسنة يحركها المخططون كلما أرادوا لل عامة أن يندفعوا خلف حمية دينية ، لعلمهم أن الدين مدخلهم الذي لا يخطئ .. الدين أفيون الشعوب كما قال قائل منهم .. أذكر من تلك الأحداث المغرضة : ما كتبه سالمان رشدي في رواياته آيات شيطانية سنة 1988 ، والتي حاز عنها على جائزة ويتبيرد لكن شهرة الرواية جاءت بسبب تسببها في إحداث ضجة في العالم الإسلامي حيث اعتبر البعض أن فيها إهانة لشخص رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، ومارسمه رسام الكاريكاتير السويدي لارس فيلكس الذي رسم صوراً مسيئة للنبي محمد عليه السلام ، وما خط في رواية وليمة لأعشاب البحر ، للسوري حيدر حيدر التي صدرت عام 1983 بتطاوله على الدين الإسلامي من خلال عبارات وردت على لسان الأبطال خلال مسيرة الأحداث التي تدور في آفاق معاناة مسرحها العراق والجزائر ولم تنل شهرتها إلا بعد سبعة عشر عامآ إثر اعادة طبعها في مصر عام 2000م حيث أحدثت جدلاً ومنعها الأزهر بدعوى "الإساءة إلى الإسلام". وأخيرا .. تلك الأحداث الدائرة حول فيلم قدمه بعض المعتوهين المغرضين الساعين للشهرة على حسابنا وحساب مقدساتنا ، وقد نالوا ما تمنوا بأيدينا . إن الله تعالى يأبى إلا أن يتم نوره ، وينصر رسوله ، ويحميه من المدعين الأفاقين ، وإن كان ما تردد عن منتج الفيلم أخيرا أنه يهودي ويدعى أنه غير معروف الهوية أصلا لكل من عملوا معه ، فقد اتضحت خطوط المؤامرة التي تسعى لشغل الرأي العام في الوقت الراهن بقضية لها ضجيج عن قضايا رئيسة ذات أهمية تسعى لها الشعوب تلك الآونة ، لذا يجب علينا أن ننتبه للمزالق التي ترسم لنا ونسقط فيها بلا تفكير . ورغم إدانتي الشديدة لما حدث ، وما اجتاح دمي من حريق إلا أنني لست مع ما يحدث من مظاهر للعنف في الرد ، وليتنا نرد على المسيء إنما ندين أبرياء لاناقة لهم ولا جمل فيما حدث ، فمثل ما تم في ليبيا من قتل أبرياء هو إدانة للإسلام وطعن في شريعته السمحاء التي لا تعاقب إلا المسيء ، فالعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص ، وما نؤمن به من أن من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ، فلماذا يصر بعض الجاهلين على وضعنا دائما في صورة الدمويين ، ويردوننا للجاهلية الأولى . وإني لأتساءل : أليس الله بقادر على أن يخسف بهم وبمن يواليهم الأرض ؟ أوليس قادرا سبحانه على أن يبرئ ساحة رسوله من كل ما يسيء ؟ أولم يخرج من أصلابهم من ينصر محمدا ودينه في بقاع الأرض فيشهد شاهد من أهلها بصدقه وعظمته ؟ إن الجمرة تشتعل بالنفخ فيها ، وتزداد نيرانها بإخراجها للهواء فتصبح أكثر شرا وتدميرا ، لكنها لوتركت مع نفسها لأكلت بعضها بعضا وترمدت في مكانها ، فاتركوا الجمرة تترمد ولا تنفخوا فيها فتدمروا أنفسكم بأيديكم ، وانتبهوا للمفروض أن يفعل في مثل تلك المواقف ، ولا تكونوا دمى في أيدي المغرضين ، واصنعوا كما صنع جد محمد صلى الله عليه وسلم حين رد على أبرهة الأشرم : "إن للبيت رب يحميه " ولمحمد أيضا رب وعد بنصره وإظهاره مهما كاد الكائدون حيث قال جل وعلا في قرآنه الكريم : " إنا كفيناك المستهزئين " . الرد ليس بالعنف ولا بالتظاهرات ولا بالاعتداءات والشتائم .... المؤمن الحق من يرد على الكيد بالحكمة ، فهو كما وصفه محمد صلى الله عليه وسلم : كيس فطن ، ومن الكياسة والفطنة أن نرد بزيادة الوعي بتعاليم الدين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، بتطبيق شريعته ، بمحبته الصادقة التي تدعو أن نتحلى فعلا لا قولا بأخلاقه الكريمة .. هل سأل سائل نفسه منكم كم طبقت من أخلاقه صلى الله عليه وسلم في حياتي ؟ كم من معصية تركتها في سبيل طاعة أمرني بها من أدعي حبه ؟ كان خلقه القرآن ، فكم منا خلقه ذرة من القرآن ؟ هذا هو الحب الصدق ، والرد الحق ، والإيمان الذي يقر في الصدر ويصدقه العمل . والغريب ان هناك الكثيرين الذين يسبون الإسلام ورسوله في قاعات البال توك كل يوم ، وللأسف لا يتصدى لهم غير الذين لا يفقهون الإسلام ولا يعلمون عن مبادئه إلا ما تعلموه من قشور مشوهة في المدارس فبدلا من الإحسان والرد المقنع ربما جروا جرا في الاتجاه المعاكس أو أساءوا للإسلام من حيث يظنون الإحسان ، فلم لا نحسن تعلم مبادئ ديننا ونقرأ فيها ماستطعنا ونتعلم ونعلم حتى نصبح أمة محمد التي تسعى في الأرض بالحق والإنسانية ، وليتعلم منا من رأى وله عقل فطن معنى الإسلام الحقيقي . ويكفينا فخرا وعزا أننا نؤمن بأنبياء الله ورسله جميعا وهذا ركن لاينفصم من أركان الإيمان في الإسلام ، ونؤمن ونتيه فخرا بأن رسولنا وحبيبنا هو خاتمهم جميعا الذي جمع مبادئ الأديان طرا في رسالته الخاتمة ، وبذا فزنا بحسنيين ، ويكفيهم قهرا أنهم فقدوا هذا الفضل وحرموا منه ، ولو آمنوا حقا بما جاء به نبيهم من مبادئ إنسانية عظيمة لا تختلف مطلقا مع ماجاء به الإسلام ، لكفاهم ذلك عزا ولما فعلوا ما فعلوا وهم صاغرون محتقرون من كل من يحمل مبدءا عظيما في ذاته .