بقلم خالد الشرابي الملايين من البسطاء والكادحين تتملكهم تلك الأمنية الأزلية المسماة بالمنحة أو العلاوة الإجتماعية وفي أول مايو من كل عام طالما كنت تسمع صوتاً مخترقاً خطاب المخلوع من رجل يسيل من وجهه عَرَق الشقاء وتسري في تقاسيم وجهه خطوط المثابرة والكفاح منادياً "المنحة يا ريس".إذا عُدت بذاكرتك إلي الوراء وتحديداً في أول مايو 2008 عندما جاء يوم إعلان المخلوع عن علاوة إجتماعية تقدر ب 30% من الأساسي بعد شغف إنتاب المواطن البسيط لأكثر من ثلاثة شهور قُضَّ فيهم مضجعه خلال الترويج لهذه المنحة في الصحف والإعلام حتي بات المواطن يحلم بها ليل نهار , فأصبحت كلمة علاوة الصادرة في جوف الليل بديلة عن الشخير الذي لا طائل منه غير الإزعاج.إستمر ذلك الحال حتي إعلان المخلوع عن قراره بمنح العلاوة في إحتفالات عيد العمال في أول مايو 2008 فكان لابد أن تُختَم تطبيلات الإعلام والصحافة بتتويج هذا الإنجاز الوطني بأغنية الفنان عمرو دياب واحد مننا و"اللي ضحي لاجل وطنه لاجل ما يعود النهار" وفي رواية أخري "لاجل ما يدينا العلاوة" .فإستثيرت عاطفة المواطن الكادح وكان إحتفاله بالعلاوة وكأنها أول ضربة جوية!.المغزي من الهرتلة السابقة أن منح العلاوة في فكر الحرس القديم هي بمثابة إعلان وجود فهي نظرية وجودية تنص علي "إمنح العلاوة ..إذن أنت موجود".حتي لو كان الوجود دام لأكثر من ثلاثين عاماً ركوضاً علي قلب الشعب ولكن بمراوح العلاوة.والآن أتيقن أنه لا زال بمسامعك صوت المذيع وهو يزف علينا خبر علاوة ال 15% المهداة من الرئيس مرسي في أولي خطوات نظرية الوجود الرئاسية المتشبثة بكرسي الحكم ولا أجدع من حشرة البق في كرسي الأنتريه.هذا لا يعني أنني أرفض العلاوة فأنا وغيري في أمسّ الحاجة إليها لكن ننتظر تحقيق المربع الكامل للثورة المصرية المتمثل في "عيش ..حرية .. عدالة إجتماعية .. كرامة إنسانية" .شكراً سيادة الرئيس علي منحتك وأتمني أن تكون قراراتك القادمة تخاطب عقل الشعب لا معدته فقط , وعلي الأخص قرار تطهير القصر الرئاسي من الحشرات التي لا زالت تتعلق بعفش القصر الرئاسي وإن كان نوعها بدأ في الإنقراض والتخلص أيضاً من الجماجم العفنة الرابضة في بدروم القصر,فهذا أمر لو تعلمون عظيم.قد أذكرك أيضاً يا ريس مدي إستهانة المخلوع بنظام المعارضة لدرجة أن كفاحهم ونضالهم أصبح من خطوات التسلية في أوقات الفراغ المميتة طبقا لنظرية المخلوع , عندما أخبره أحد النواب في البرلمان بعد التزوير الفج في إنتخابات 2010 بخطوة المعارضة الجريئة بإنشاء البرلمان الموازي فأجابه ببروده الذي وصفه حاشيته بحكمته وبسخافته والتي وصفوها بخفة الدم "خليهم يتسلوا"!.فلتنظر إلي آخر طريق التسلية بخلع ديكتاتور و جلوس أول رئيس مدني علي عرش الحكم .فأتوسم في الرئيس مرسي أنه سيرد لنا الجميل ويجعل من تسلية المعارضة لعبة رسمية يقف لها إجلالاً وتقديراً . ولا أتمني اليوم الذي سيجحفنا فيه مرسي ويقول لنا "إبني بيساعدني" أو "خيرت بيساعدني" ويعلم أن مساعدة جمال مبارك لأبيه قد أودت بنظامه إلي طريق اللا عودة. لا ريبة في أن الوضع الآن في غاية الصعوبة ويحتاج شخصية قائدة شيمتها طول البال تتفحص وتتمحص كل الملفات وريقة وريقة من علاقته بجماعة الإخوان وإستقلال قراراته عنها ومن طبيعة عمل قادة الجيش ومن ملفات الأمن والإقتصاد والبطالة والإسكان وحقوق الأقليات والمرأة .. إلخ . فإذا جاء وقت الحساب أتوسل إلي الرئيس مرسي ألا تحين تلك اللحظة المثيرة للغثيان والهبوط ويكرر علينا تلك الجملة "إنت فاكر يعني هاقعد أفر في كل حاجة في البلد .. يا راجل كبر مخك"!.لك ولنا في المخلوع عِبرة وعِظة فقط إسترجع خطاباته الفاترة وعباراته المسيلة للدموع علي حال مبكي ومن ضحكات صفراء من رئيس لم يلقِِ لنا بالاً..أقول قولي هذا وأستغفر الله!