بقلم خالد الشرابي حالة من الردح والضجيج السياسي تهز أرجاء الأوساط السياسية والإعلامية بعد القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس مرسي بعد ساعات من إنتهاء أعمال مجلس شورى الإخوان ، بإعادة البرلمان إلى الحياة ، وإجراء انتخابات برلمانية جديدة بعد ستين يوماً من إقرار الدستور الجديد والإنتهاء من قانون إنتخابات مجلس الشعب . وصف البعض هذا القرار بأنه مواجهة عنيفة وجريئة ضد العسكر والبعض الآخر إعتبره ضرباً للسلطة القضائية وآخرون سعدوا بعودة البرلمان فقط لأن في ذلك غضب لتهاني الجبالي وأنصار شفيق وقد خاب ظنه بأن الإستقواء بإستبداد ديني في مواجهة إستبداد عسكري سبيل الدولة المدنية مغمماً عينيه عن مسئولية مرسي في إصدار قرار يبرد قلوب أمهات الشهداء والمصابين والمعتقلين الذين وقعوا في براثن العسكر ويدخل البهجة إلي حياتهم بالقصاص العادل .إذا كان ثمة مواجهة بين مرسي والعسكر فلتكن من أجل إنتزاع حقوق الشهداء والمعتقلين لا من أجل برلمان أرسل في أولي جلساته رسالة شكر إلي المجلس العسكري الذي عقد إنتخابات برلمانية علي دماء شهداء مجزرة محمد محمود "الفرصة الأخيرة لإسقاط حكم العسكر"!. هل يواجه مرسي العسكر بإعادة برلمان أليف يتودد العسكر ويشكره ويتهافت أعضاؤه علي أخذ الصور التذكارية مع وزير الداخلية ولم يسائلوه عما إرتكبته جنوده بحق المتظاهرين؟ هل يواجه مرسي العسكر ببرلمان هتف أعضاؤه بالجيش والشعب إيد واحدة في مواجهة الهتاف الصاخب من أصحاب العقل والضمير "يسقط يسقط حكم العسكر" تحت قبة جامعة القاهرة خلال الإحتفال بتنصيب الرئيس مرسي؟ ولا يغيب عن ذاكرتي مسّ الشيطان الذي أصاب البلكيمي في أنفه أو مغامرات علي ونيس في الطريق الزراعي أو الجدال المحتدم بعد مذبحة بورسعيد حول هل يصح الآذان تحت قبة البرلمان أم لا , ثم تلطيف الأجواء بحبيبات الهولز المنعشة!.وطلبات الصحيفة الجنائية للشهداء وإلغاء اللغة الإنجليزية وإلغاء قانون التحرش ووصف الثوار بالمخربين متعاطي الترامادول وغيرها من الأحداث الغير مشرفة بالمرة!.عزيزي القاريء قد أصدق أن مرسي قد واجه العسكر إذا فسرت لي سر تباين لهجة خطابه من تحذير وتنذير في ميدان التحرير ثم إلي تراجع شديد في نبرة الخطاب في حفلة شكر للعسكر بجامعة القاهرة ثم إلي التزلف وإدعاء البطولة للعسكر وقد قطع علي نفسه عهداً بتكريمهم وغض الطرف عن محاسبتهم ومسائلتهم عن ممارساتهم القمعية من مسرح البالون , موقعة العباسية الأولي , أول رمضان الماضي , ماسبيرو, محمد محمود , مجلس الوزراء , بورسعيد , وموقعة العباسية الثانية , ناهيك عن قمع الشرطة العسكرية للمتظاهرين وكشوف العذرية الآثمة وتعرية جسد ست البنات !.لا أريد أن أدخل في تنظير ومعترك قانوني بيني وبين القاريء حول قرار إلغاء حل البرلمان وهل يندرج تحت ثورية القرارات أم لا؟ أو بصحته أو خطأه , ولكنني سأصدق أن مرسي يزاحم العسكر من أجل الثورة دون أي شيء آخر إذا فتح صدره الخالي من القميص الواقي من الرصاص في وجه المستبد العسكري وأن يمارس إختصاص أصيل من إختصاصاته بالإفراج عن المحاكمين عسكرياً وسجناء الرأي وإعادة محاكمة قتلة الثوار والتعويض المعنوي لأهالي الشهداء والمصابين والمعتقلين قبل المادي وإنتزاع القصاص العادل من كل من تلطخت يداه بدماء أبطال الثورة المصرية.سأصدق مرسي بأنه يصادم العسكر إذا ألغي الإعلان الدستوري المكمل الواصي علي حكمه وصلاحياته والذي إعترف به ضمنياً بحلفه لليمين أمام المحكمة الدستورية ضارباً عرض الحائط الأماني التي حملوها علي عاتقه معتصمو التحرير وجُلّهم من جماعة الإخوان , سأصدق مرسي لو تخلي عن تصرفاته العصام شرفية التي تبلدت منها مشاعر المواطن وأصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع واتخذ خطوات تحمل في طياتها صفة الجدية بعيدة عن إستثارة العاطفة ولا تحترم العقل , سأصدق مرسي إذا أثبت لنا أن قراراته تنبع من صراع مع العسكر من أجل الثورة لا السلطة المطلقة والسلام!.ننتظر من الرئيس مرسي أن يبرهن لنا ثوريته بالإفراج عن المعتقلين دون تشكيل لجان تقصي حقائق والتي كانت سبباً قاطعاً في ضياع حقوق الشهداء والمصابين بصمتها وتزييفها للواقع وحبسها للأوراق في أدراج النظام المستبد!. المجد للشهداء الأبرار.