الرئيس السيسي: الأمن والاستقرار المستدامين لن يتحققا إلا من خلال سلام عادل وشامل    كامل الوزير يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر: ملحمة خالدة تلهم الأجيال    بحضور وزيري المالية والتموين.. وزير العمل يشارك في الاحتفالية السنوية لشركة "طلبات مصر"    الاحتلال يشن حملات اعتقالات وداهمات بالقدس وجنين وأريحا.. واستشهاد 4 فلسطينيين    العالم هذا الصباح.. السعودية: جميع حاملى التأشيرات بمختلف أنواعها يمكنهم أداء مناسك العمرة.. تصرفات ترامب الغريبة تفتح الباب حول حالته الذهنية.. وناشطة سويدية تثير الجدل بعد احتجازها فى إسرائيل    الرئيس السيسي يوجه التحية لترامب لمبادرته لوقف إطلاق النار في غزة    حسين لبيب يناقش مع جون إدوارد أسباب النتائج السلبية للزمالك وطرق العودة للإنتصارات    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    فريدة سيف النصر تطلب الدعاء لشقيقها: "قلبي موجوع وأنا عاجزة يارب"    رئيس الرعاية الصحية يلتقي الغمراوي لبحث مباحثات توطين الصناعات الطبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    الوفد الإسرائيلي يتراجع عن التوجه لمصر للمشاركة في مفاوضات إنهاء الحرب    رئيس وزراء باكستان يؤكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع ماليزيا    الانتقال إلى دولة عربية وعدم الغناء في لبنان، تفاصيل تسوية وضع فضل شاكر قبل محاكمته    تعرف على أسعار السمك البلطى والبورى اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    بعثة منتخب مصر تطير إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في التصفيات الإفريقية    نجم ريال مدريد يقترب من الرحيل في الشتاء    إعادة فتح ميناء العريش البحري بعد تحسن الأحوال الجوية    أجواء خريفية وشبورة صباحية اليوم.. العظمى بالقاهرة 30 والصغرى 21    الداخلية تكشف ملابسات سرقة دراجة نارية بالغربية بأسلوب «المغافلة»    «الداخلية» تقرر السماح ل 84 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    أسعار النفط ترتفع 1.5% بعد إعلان «أوبك+» عن زيادة الإنتاج    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية لأول مرة خلال التعاملات الآسيوية مع استمرار الإغلاق الحكومي في أمريكا    مفتي الجمهورية يتفقد الإدارة العامة للفتوى الإلكترونية بدار الإفتاء    لهذا السبب.. ضياء الميرغني يتصدر تريند "جوجل"    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة قنا    أسعار الخضروات اليوم الاثنين 6-10-2025 في الشرقية    معهد التغذية يحذر الأمهات من إهمال وجبة الإفطار للأطفال: مفتاح النشاط والتركيز    أحمد صالح: الزمالك أعاد الأهلي لمكانه الطبيعي    " التعليم " تكشف أهمية التقييمات الأسبوعية والاختبار الشهري لصفوف النقل.. تعرف عليها    «الإحصاء»: معلم لكل 28 تلميذًا في مصر خلال العام الدراسي 2024 2025    اليوم أم يوم الخميس؟ تعرف على الموعد الرسمي لإجازة 6 أكتوبر 2025    وظائف مصلحة الطب الشرعي 2025.. خطوات التقديم إلكترونيًا والشروط المطلوبة    حاكمان ديمقراطيان يتعهدان بمعركة قضائية بعد إرسال ترامب حرس كاليفورنيا الوطني إلى أوريجون    بعد 64 عامًا.. «لا تطفئ الشمس» لإحسان عبد القدوس من السينما والدراما إلى خشبة المسرح    ماذا قال رئيس الاتحاد السكندري عن الدوري الاستثنائي وأحمد دياب ؟    نهر النيل لا يعرف الهزيمة    ترامب: لم يتبق أي قوارب قبالة فنزويلا بعد الضربات الأمريكية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 6 أكتوبر    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    عيد ميلاد عزيز الشافعي.. رحلة نجاح بدأت من الحلم ووصلت إلى القمة    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    "كيفية مشاهدة مباراة السعودية والنرويج في كأس العالم للشباب 2025 بث مباشر"    السفارة التركية بالقاهرة تحتفل بالذكرى المئوية للعلاقات بين مصر وتركيا    البابا تواضروس الثاني يزور إيبارشية أبوتيج وصدقا والغنايم    31 مرشحًا خضعوا للكشف الطبي بالفيوم.. ووكيلة الصحة تتفقد لجان الفحص بالقومسيون والمستشفى العام    بالصور/ مدير امانه المراكز الطبية المتخصصة" البوابة نيوز"..نرفع الطوارئ على مدار 24 ساعة لاستقبال حوادث المواصلات بالطريق الزراعى والدائري..القوى البشرية بقليوب التخصصى لا يستهان بها    هناك من يحاول التقرب منك.. حظ برج القوس اليوم 6 أكتوبر    لحظة مصرع عامل إنارة صعقا بالكهرباء أثناء عمله بالزقازيق ومحافظ الشرقية ينعاه (فيديو)    أسعار الذهب في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 6 أكتوبر 2025    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    فنانة تصاب ب ذبحة صدرية.. أعراض وأسباب مرض قد يتطور إلى نوبة قلبية    على زعزع يخضع للتأهيل فى مران مودرن سبورت    لحظة تهور سائق في زفة بكرداسة تنتهي بالقبض عليه.. إنفوجراف    أمين الإفتاء: الصبر على الزوجة والتحمل والاجتهاد في الموعظة له أجر وثواب من الله    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتذار له أصول..!
نشر في الواقع يوم 16 - 01 - 2012


بقلم د. رفيق حاج
اننا كأمة عربية لا نميل الى الاعتذار ونعتبر ذلك وهناً وضعفاً وطلباً للمغفرة وهدراً للكرامة وفي أحسن الاحوال نحن لا نرى في ذلك اهمية كبرى للتعامل والتصالح فيما بيننا
الاعتذار هو التعبير عن الأسف تجاه إساءة مقصودة او غير مقصودة تسببنا بها للآخرين وهدفها تطييب خاطرهم وتأكيد رغبتنا بمواصلة العلاقة معهم رغم ما حدث. يخطئ من يحسب الاعتذار ضعفا او خنوعا بل العكس هو الصحيح- فالاعتذار الصريح والصادق هو سِمة من سِمات الأقوياء والواثقين بانفسهم وهي ميّزة حميده تتحلّى بها المجتمعات المتحضّرة, لكن للإعتذار اصول ينبغي مراعاتها وإلا فقد ينقلب الى اساءة مرتدة قد تكون اشدّ مضضاً من سابقتها.
من الاصول التي ينبغي مراعاتها عند وقوع الحاجة للاعتذار هو ان يكون توقيت الاعتذار متاخماً لموعد الاساءة او الضرر او الازعاج الذي سببناه للأخرين, فلا يجوز ان نعتذر عن ذنبٍ اقترفناه بحقهم بعد سنين من حصوله, ففي مثل هذه الحالة يفقد الاعتذار قيمته ودوره في تطييب خاطر من اسأنا اليه وقد لا يخلو احيانا من المهانة والاستهتار به. اذا اردت ان تعتذر فابتعد عن تبرير الاساءه او الهفوة التي قمت بها لأن ذلك ينتقص من جدّية الاعتذار- كأن تبرّر عدم قدرتك بزيارة مريض يخصّك بانشغالك في قطف الزيتون أو صيد السمك او أن تبرّر الازعاج التي سبّبته لجارك هو تخمينك بعدم تواجده في البيت. لقد صدق المثل العربي حين قال "رُبّ عُذرٍ اقبح من ذنب".
على الاعتذار ايضا ان يكون صادقا ويحوي عبارات تدلّ على التأسّف الفعلي والاعتراف بالذنب وان يُقال بهدوء ورصانة فعبارة على غرار "اظن انك اسأت فهمي عندما اعتبرت تجاهلي ايّاك كان مقصوداً.. فقد كنت مشغولا بضيوفي الذين أتوا من الخارج..لذا ارجو ألاّ تؤاخذني!" ففي هذه الحالة قمنا باتهام من تجاهلناه بقلة الفهم وبالحساسية الزائده ولم نعترف بخطأنا, لا وبل تركنا لديه الانطباع بأن اصدقاءنا في الخارج اكثر اهمية منه. ان الشروع بعبارة "أنا آسف" هو شرط اساسي في كل حالة اعتذار ولا يجوز ايلاجها في آخر المقوله او حتى في وسطها ومن المفضّل ألاّ نستعمل بدائل لها "كعدم المؤاخذة" او "لا تزعل مني", وينبغي علينا ايضا الاعتراف بالذنب-ان كان ذلك تقصيرا او ازعاجا او غيابا او تأخيرا او استهانة او مسّاً بالشعور وغيرها من الحالات. اذا كنت مضطرا لاعطاء تفسير "لفعلتك" فعليك ان تجعله مقتضبا وصادقا. على الاعتذار ان يكون مباشرا وان يوجّه شخصيا الى الذي أسأنا اليه ولا يجوز ان نعتذر له عن طريق اقربائه او اصدقائه او معارفه.
على من يقوم بالاعتذار ان يتأكّد بأن الاساءة للطرف ألآخر لن تتكرّر ثانية وانه قادر على منع حصولها, فماذا يفيد اعتذار من أمر لا سلطة لك عليه كسقوط اوراق اشجارك في ساحة جارك او تطاير غبار الترميمات التي شرعتَ بها على نوافذه او نباح كلبك وانقضاضه على ضيوفه. ان تكرار الاعتذار لنفس الشخص يُفقده اهميته ومصداقيته وقد يُفسّر لدى الطرف المُساء اليه كاستهتار. ممنوع ايضا ان يكون الاعتذار مشروطا كأن تقول "اذا كنت قد تسببت لك في الأذى..فأنا آسف" أو "لو فعلاً كان كلامي جارحا..فأنا اعتذر!" فهذا فيه استعلاء ومراوغة وتشكيك بوجوب الاعتذار.
عندما تعتذر عليك ان تتوقّع كل انواع ردود الفعل الممكنة حتى المحرجة منها لدى من وجّهتَ له الاعتذار- فقد يقبل اعتذارك ويسامحك ويصافحك وقد يثور عليك ويرد عليك بعدوانية ..وقد يعاتبك شاكياَ لائماً..وقد لا يُبدي اي اهتمام باعتذارك. عليك ألاّ تشغل بالك بما سيحدث بعد اعتذارك لأنّك قمت بواجبك تجاهه وأرحت ضميرك والباقي عليه.
الاعتذار متواجد في كل الساحات كمكان العمل والسياسة والتجارة والتربية والتعليم والعبادة وفي كل مكان تحتكّ بها البشرية مع بعضها البعض. ومن الاعتذارات التاريخية، اعتذار الامبراطور الروماني هنري الرابع للبابا لأخطاء ارتكبها حيث وقف لمدة ثلاثة ايام حافي القدمين فوق الجليد امام باب الفاتيكان. واعتذرت المانيا بعد الحرب العالمية الثانية، عن محرقة اليهود، ووافقت على دفع تعويضات. أيضا اعتذر الرئيس الأميركي رونالد ريغان لإيران بعد ان أسقطت قوات اميركية طائرة مدنية إيرانية في الخليج. واعتذر البابا جون بولس عن دور الكنيسة الكاثوليكية في تجارة الرقيق في افريقيا. وفي جنوب افريقيا اعتذر الرئيس الجنوب أفريقي السابق دي كليرك، رئيس الحكومة البيضاء العنصرية، عن سنوات التفرقة ضد السود. واعتذر نلسون مانديلا عما لحق بالأبرياء خلال عمليات المقاومة المسلحة التي قام بها السود, واعتذر ايهود براك للعرب عن التمييز الذي مورس ضدهم من قبل حكومات اسرائيل عبر كل الأجيال.
كما نوّهت في بداية حديثي, اننا كأمة عربية لا نميل الى الاعتذار ونعتبر ذلك وهناً وضعفاً وطلباً للمغفرة وهدراً للكرامة وفي أحسن الاحوال نحن لا نرى في ذلك اهمية كبرى للتعامل والتصالح فيما بيننا. لم نسمع يوماً بأن قام زعيم او وزير او مفكّر او حتى صحافي عربي بالاعتذار لغيره. لم نتعوّد في صغرنا ان نعتذر لأحد ولم نزاول ذلك في مقاعد الدراسة ولا في ساحات اللعب, وكل ذلك نابع من تفضيل انفسنا على الآخرين وقبيلتنا على سائر القبائل ومذهبنا على سائر المذاهب. نحن نخشى الاعتذار أن يمسّ بمكانتنا وكرامتنا وهيبتنا ونعتبرها سمة الضعيف وكثيرا ما نردد عبارة "من هو فلان..لكي اعتذر له؟". ترزح الامّه العربية في هذه الازمنة تحت وطأة التأخّر وتئنُّ من تراكم الانهزامات وتفاقم الأزمات وترى أغلب العُربان غارقة في همومها وصراع بقائها ولا مزاج لها لتبني قواعد السلوكيات المهذّبة والأتيكيت والاعتذارات واحدة منها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.