باعة جائلين،وتراكم القمامة،ومحلات حداده ، هذا اول ما تراه عينيك حال دخولك اهم المناطق العامرة بالمساجد الأثرية بأحدى الأحياء الشعبية ألا وهو حى السيدة زينب ، بداية من شارع عبد المجيد اللبان والممتد لشارع صليبة سكنت تلك المظاهر المشينة لناظريها عدد من المساجد اولها مسجد الأمير صرغميتش، ومسجد السلطان احمد ابن طولون ،ومسجد تغربردى ،مروراً بمسجد لاشين السيفى،حتى مسجد السلطان مصطفى. تلك المساجد التى لم يحترم قدسيتها اهالى المنطقة بل اتخذوا منها مكاناً لكسب لقمة العيش، فأثناء الجولة التفقدية ل"بوابة الوفد"، شاهدنا بعضهم يفتتح محالاً لبيع الفاكهة،ومحالاً للحداده،والبعض الأخر يفترش بالملابس امام المساجد، وبجانبه لافته مكتوب عليها تابع لهيئة الأثار الأسلامية والقبطية ولا ترمش عيناه للنظر لتلك اللافته التى توجهه له رسالة ان عمله يحاسب عليه القانون. ومن صورة الي أخرى داخل الشارع تحمل العديد من التناقضات ، ليرتفع عدد من علامات الاستفهام ، وأولها اين وزارة الأثار من تلك الأماكن الأثرية المهدرة تحت التراب والتى اصبحت فى طى النسيان؟ ، ولماذا تحولت تلك الاماكن الي تلك الحالة بعدما كانت تعد من المزارات السياحة لعدم ترميمها او احترام العصور الأثرية التى مرت بها؟ مسجد ومدرسة الأمير صرغمتيش عند القاء النظرة التاريخية علي مسجد ومدرسة الأمير صرغمتيش ، نجد ان المسجد شيده الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري من مماليك الناصر محمد بن قلاوون ، وخصصها لتدريس الحديث ، والفقه الحنفى ، وكانت معقلاً مزدهراً للفقهاء الحنفية في القرنين الثامن والتاسع ، فيما تميزت مئذنة المسجد الحجرية بتصميمها على الطراز القاهري المملوكي البديع، وارتفاعها عن سطح الأرض أربعون متراً، وعن سطح المسجد 24.60 متراً. وعقب مرور مئات السنوات وتحت بوتقة الاهمال أختلف الوضع تماماً، فمن معقل الفقهاء الي أطفال يلعبون خلف الأسوار المنهارة بالحجارة الأثرية الملقاه على الأرض ، فضلاً عن قضاء حاجتهم امام اعين المارة، وكأنه مشهد اعتاد عليه قانطى المنطقة بنفس النظرة الامبالية لعراقة التاريخ دون منع الأطفال من ذلك الفعل المشين لقدسية المكان حتى لو بقي منه بعض الحجارة المهملة ذات عبق تاريخى . وبطبيعة الحال فأن الإهمال الذى تفشى بمسجد صرغمتيش اخفى رونق هذا المكان الأثرى، حيث تجلت شروخ الحوائط واضحة امام عين الرائى، فضلاً عن بعض تواجد بعض العبارات المناهضة للثورة مخطوطة بايدى العابثين، والتى أطاحت بروعة وجمال الهندسة المعمارية التى كان تتميز بها الأثار المصرية القديمة ، ولكن بتدقيق النظر اوضحت قبة المسجد ما هو هذا الاثر الاسلامى ، والتى كانت بمثابة الدليل الوحيد علي عظمة حضارة مضت ، بعد اهمال هيئة وترميم تلك المعالم الأثرية . وللمسجد من الداخل قصة أخرى، حيث تجمعت القمامة على الأسوار من الخارج والغبار والعناكب من الداخل ، وبالرغم من بشاعة المشهد داخل هذا المكان المقدس ،فوجدنا عدد من الأهالى بحى السيدة زينب يحرصون على اداء الصلاة بالمسجد والبعض الأخر يتخذون ركناً ضيقاً يغفون خلاله لبضع دقائق،وبالرغم من بشاعة المنظر التى وصل إليها الحال بمسجد صرغمتيش ، يجدون راحة اجسادمهم بتلك المكان. اما عن مصلى السيدات تجده حجرة لا تتعدى الأمتار، بها عدد من الكراسى الخشبية ليستخدمها كبار المسنيين اثناء الصلاة ، ولكن اهم ما يميزها الشروخ بحيطانها والباب المكسور التى يفصل المصليات عن اعين المصليين بالخارج، ولكن روحانية المكان لا تزال تسكن فيه ويسعى دائما المصلون للبحث عنها ، بالرغم من بشاعة المنظر الذى وصل اليه الحال. مسجد ابن طولون خارج النطاق السياحى ب2015:- هو ثانى مسجد تم بناؤه فى مصر وكانت عاصمة مصرحينها مدينة القطائع "السيدة زينب"، وحرص ابن طولون على ان يصلى أهل مصر فيه فبناه على مساحة كبيرة جدا لكى يعد أكبر مسجد فى مصر، ومازال محتفظاً بعناصره الزخرفية والمعمارية رغم مساحته الكبيرة جدا،وأنفق على بناء مسجد السلطان أحمد ابن طولون حوالى 12 آلاف دينار. اما فى عهد الأيوبيين أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيها المذاهب الفقهية الأربعة وكذلك الطب وعلم الأحاديث إلى جانب تعليم الأيتام، كما تتوسط ساحة مسجد ابن طولون "ميضاء" اى المكان المخصص للوضوء، حيث تعد أكثر التصميمات روعة وجمالا وتتجلى فيها عبقرية العمارة الإسلامية فى نموذج سداسى فريد. وبالعودة الي الواقع ، يكتب المكان للحاضر تاريخ آخر ،فعندما تقع الأعين على ابن طولون ينتاب الرائى فكرة انه مسجد مهجور بأحد الأحياء الشعبية بالسيدة زينب ، وكأنه ليس ثالث المساجد الأثرية التى تم بناءها فى المحروسة منذ قديم الأزل بعد جامع عمرو بن العاص ومسجد عسكر،حيث طغت ركاكة المكان على طبيعته الأثرية الفاخرة. فالمسجد الأثري التى اشتهر بتصميمه لأقدم مئذنة في التاريخ، لم تعد تقبل الأفواج السياحية عليه بغزارة كسابق عهدها ، حيث اصبح خارج نطاق المزارات السياحية المرغوب بها لتلك الأثر الأسلامى المتهالك من شدة الشروخ والتشققات بالجدران، فضلا عن سيطرة الصور المهجورة لمحتويات المكان ، وبذلك لم يكفى إهمال وزارة الأثار لصيانة المكان ،بل طالته أيضًا أخطاء الترميم التي قد ساهمت في الضرر بنقوشه وعمارته.