مصر "المحروسة " مليئة بآثار إسلامية كثيرة منها المساجد والقصور والبيوت التى تحولت بعد ذلك الى متاحف والتي تؤهل مصر لأن تصبح أكبر متحف مفتوح في العالم مما يثير في نفوسنا الفخر بحضارة الإسلام . لكن مع الأسف لازالت هناك العديد من الآثار الهامة التي غفل الجميع عنها حتى اصبحت معرضة للإنهيار لأسباب عدة منها مياه الصرف الصحى أوعدم اهتمام هيئة الآثار بها مما جعل حوائطها تعلوها الشروخ والرطوبة ؛ رغم تحديها للزمن مئات السنين .. ومن هذه الآثار مسجد صغير يلاصق جامع أحمد بن طولون، ورغم صغر مساحته إلا أنه يعد تحفة معمارية جميلة تزين تلك المنطقة الأثرية ، هو مسجد ومدرسة "الأمير صرغتمش" والذي يقع في شارع الصليبية بحى السيدة زينب ملاصقا لجامع أحمد بن طولون والذى تم أنشاءه في سنة 757 هجرية = 1356م علي يد الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري من مماليك الناصر محمد بن قلاوون تاسع سلاطين الدولة المملوكية . مسجد ومدرسة الأمير صرغتمش الناصري مسجد أثري مملوكي اشتراه الناصر محمد بن قلاوون سنة 737 هجرية = 1337م ولم يهتم بأمره فظل طول حكمه خامل الذكر. وفى ولاية الملك المظفر حاجى ابن الناصر محمد ثم في ولاية أخيه الصالح محمد كبر شأنه وصار يرجع إليه في كل أمر وتعاظم نفوذه في أيام السلطان حسن وتوفى سنة 759 هجرية = 1358م. بني هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد فهو يتكون من صحن مكشوف تشرف عليه أربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة الذي يشمل على ثلاثة أقسام القسم الأوسط منها تغطيه قبة مرتفعة بأركانها مقرنصات خشبية أنشئت في سنة 1940م محل القبة القديمة التي هدمت أواخر القرن التاسع عشر . ومئذنة المسجد ترتفع 40 مترا عن سطح الأرض, و24 مترا عن سطح المسجد ، وتتكون من ثلاث طبقات، الطابقان الأول والثاني علي شكل ثماني الأضلاع، والطابق الثالث يتكون من أعمدة رخامية تعوها قبة منقوشة. وقد قامت إدارة حفظ الآثار العربية بفك هذه المنارة لخللها وأعادت بناءها سنة 1935م كما قامت بتجديد أرض الصحن الرخامية سنة 1945م. ويوجد ضريح للأمير صرغتمش في مقدمة المسجد ولكن يغطى الضريح قبة ترتكز على أركان المقرنص المنعقد الحطات بشكل يختلف عن مقرنصات القبة التى تعلو المحراب . وقد تأثر المسجد بشكل ملحوظ بعد الزلزال الذي حدث في القاهرة عام 1992 حيث تصدعت بعض جوانبه واصابته شروخ فقام المجلس الأعلي للآثار بمشروع ترميم وصيانة حيث استغرق ما يقرب من سبع سنوات بدأت عام 1995 وانتهت عام 2002 حيث تم معالجة تسربات مياه الصرف الصحي وتقوية الاساسات وعمل ترميم للزخارف والاسقف الخشبية وانشاء شبكة كهرباء . وهذا المسجد الأثري ذو التاريخ الضخم لم يعمل به سوى اربع افراد فقط الي جانب الامام اضافة الي مسئولين لجنة الزكاة الغير معينين ويتم التبادل بين العمال ويقوموا علي حراسة المسجد ونظافته ويستمر المسجد طوال اليوم مفتوح للصلاة ولم يتم حراسته من قبل الشرطة ولم يختلف وضع المسجد كثيرا في رمضان سوى اقامة الشعائر المعروفة في الشهر الكريم من "تراويح ، تهجد " وخلال حديثنا مع خادم المسجد عن شعائر المسجد في رمضان أكد علي وجود بعض الفراغات في جدران المسجد تجعله عرضة للسقوط في أي وقت. وأكد ان المسجد يختلف كثيرا كمكان أثري عن باقي المساجد حيث يوفد اليه طلبة الاثار والفنون الجميلة واساتذة الجامعات وعلى الرغم من قيام هيئة الآثار بعمل نظام حديث للتخلص من تلك المياه والتى علي وشك الوصول الي جامع أحمد بن طولون؛ إلا أن المياه عادت وتجمعت بعد مرور سنة واحدة علي الانتهاء من الترميمات.