سيطر الإغراق الصيني الذي بات يهدد صناعة الصلب في العالم بما فيها الدول العربية ومصر علي كافة جلسات «قمة الصلب العربي» والتي تعقد في شرم الشيخ وسط تمثيل ضعيف من الحكومة المصرية والتي كان يجب عليها أن تستغل هذا الحدث الكبير، ووجود الأعداد الكبيرة والوفود من الدول العربية المختلفة المتواجدة في شرم الشيخ وتقوم بالتسويق والترويج للمدينة التي تأثرت كثيراً بالسلب بعد قيام عدة دول بسحب سائحيها في أعقاب سقوط الطائرة الروسية بصحراء شرم الشيخ خلال الأيام الماضية. المارد الصيني يفرض نفسه فرضت الصين نفسها بقوة علي كل جلسات المؤتمر بدءاً من الكلمة التي ألقاها خالد البسام رئيس الاتحاد العربي للصلب في الجلسة الأولي للمؤتمر مساء أول أمس، وأكد خلالها أن الصين تصدر منتجاتها الرديئة إلي الدول العربية بسعر يقل كثيراً عن السعر في بلد المنشأ، في حين تقوم بتصدير منتجاتها عالية الجودة إلي أمريكا وأوروبا، مشيراً إلي أن الصناعة العربية ستواجه خلال الأعوام القادمة معاناة شديدة جداً لو استمر الحال علي ما هو عليه. وأضاف خالد البسام ان حجم الطلب في الصين علي خام الحديد أو حجم صادرات الصين من المنتجات النهائية لأسواق العالم هو العامل الأساسي في تحديد أسعار خام الحديد أو أسعار المنتجات النهائية. وأشار إلي أن الصين لم يكن لها نشاط ملحوظ مع بداية هذا العقد في تصدير منتجات الصلب حيث لم يتعد حجم صادراتها 33٫1 مليون طن خلال العام 2008، ولكن في عام 2010 فقد ارتفعت صادرات اليابان إلي 42٫9 مليون طن، وارتفعت صادرات الصين إلي 38٫8 مليون طن، وفي منتصف عام 2013 تغيرت الأوضاع بصورة كبيرة درامية وبدأت دورة اقتصادية جديدة تضمنت انخفاضاً مفاجئاً في أسعار خام الحديد واستمر هذا الانخفاض خلال عام 2014 و2015 حيث بلغ سعر طن خام الحديد نحو 55 دولارا، وكان انخفاض سعر خام الحديد بطريقة أكثر تسارعاً من انخفاض أسعار الخردة، يضاف إلي كل ذلك ما شهدته الصين من انخفاض في معدل النمو الاقتصادي حيث بلغ نحو 1٪ ومن المتوقع ألا يتجاوز 6٫8٪ العام الحالي. ارتفاع أسعار الخامات بشكل جنوني وأكد أحد خبراء التعدين في شركة «ريوتينتو» أن أسعار خام الحديد عام 2017 ستشهد ارتفاعات كبيرة متسارعة بسبب انخفاض حجم الانتاج من خام الحديد وذلك نتيجة خروج عدد كبير من شركات التعدين الكبري من التحكم في أسعار الخامات مرة أخري وبالتالي تفقد الصين الميزة التي كانت تتمتع بها والتي دعمت قدرتها التنافسية وهي انخفاض أسعار الخام.. ان ارتفاع أسعار خام الحديد سترفع تكلفة انتاج الصلب عن طريق تكنولوجيا الأفران العالية وسوف يحد ذلك من القدرة علي تقديم أسعار تنافسية وسيحول الدفة لصالح انتاج الصلب عن طريق تكنولوجيا الصهر الكهربائي باستخدام الخردة. ونوه أحد الخبراء إلي أن هناك دورة اقتصادية جديدة قد تبدأ من منتصف العام القادم وستشهد بداية لارتفاعات في أسعار خام الحديد بصورة كبيرة من أسعار الخردة وقد تستمر تلك الدورة ثلاث سنوات في المتوسط حتي تعود مناجم التعدين التي تم إغلاقها في الصين وباقي دول العالم بسبب انخفاض الأسعار إلي معاودة نشاطها وسوف تجبر الصين خلال تلك الفترة علي الحد من حجم صادراتها لدول العالم والتي بلغت حالياً نحو 100 مليون طن، أما أسعار الخردة فسوف تعاود الارتفاع بالتوازي مع ارتفاع أسعار خام الحديد خلال السنوات القادمة ولكن بنسبة ارتفاع أقل خاصة أن الصين بدأت تهتم بتجميع وفرز الخردة حتي يمكن أن تصبح من أكبر الدول المصدرة للخردة خلال السنوات القادمة. الصناعة المحلية.. أكون أو لا أكون في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها صناعة الصلب في العالم العربي من خلال كل الجلسات التي عقدت خلال أعمال قمة الصلب أصبحت الصناعة المحلية المصرية في موقف لا تحسد عليه والفترة القادمة لابد أن ترفع شعار «أكون أو لا أكون» وعلي الحكومة أن تساند هذه الصناعة العملاقة التي تتعرض لخطر حقيقي يتمثل في ارتفاع التكلفة بصورة جنونية ومتسارعة بشكل مثير، والخطر الثاني والذي لا يقل أهمية عن الخطر الأول وهو تدفق الواردات من الصين. التقيت في قمة الصلب وجمال الجارحي رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات وسألته عن واقع ومستقبل صناعة الصلب في مصر فأجاب: هناك خطر حقيقي وتحديات لم تشهدها صناعة الصلب في مصر من قبل وجميعها ليس بخاف علي أحد ونستطيع أن نبلور غالبية هذه التحديات في ارتفاع تكلفة المواد الخام ومستلزمات الانتاج للصناعة بالإضافة إلي الإغراق الكبير الذي تتعرض له الصناعة المحلية خاصة من الصين وتركيا مع الأخذ في الاعتبار أن دولة الصين تنتج حالياً ما يقرب من نصف انتاج العالم وتصدر نحو 95 مليون طن من الصلب إلي دول العالم بحسب احصائيات العام الماضي بعد أن كانت هذه الصادرات لا تتجاوز عام 2013 نحو 94 مليون طن وقفزت هذه الأرقام العام الحالي لتصل لأكثر من 100 مليون طن ومتوقع أن تقفز بصورة كبيرة خلال الأعوام القليلة القادمة، ولذا فعلي الحكومات العربية أن تسرع في اتخاذ قرارات جريئة لحماية الصناعة المحلية قبل أن تنهار وتغلق المصانع أبوابها!