حلم صعب المنال للمكفوفين في مصر.. حلم داعب خيالهم كثيرا.. ورغم الواقع فإن الحلم يأبي أن ينكسر على عتبة التحديات وثقافة المجتمع الذي يجهل أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة الآمنة. الحق أصبح حلما يستحق الكفاح من أجل أن يتحقق. مسيرة نظمها عشرات المكفوفين بميدان عثمان أحمد عثمان بالإسماعيلية حاولوا فيها عبور الطريق وتوقيف حركة المرور لدقائق معدودة كانت خطوة ايجابية منهم ارادوا من خلالها ان يبعثوا برسالة للحكومة والاعلام والمنظمات المدنية مفادها: «نحن هنا ولن نتخلى عن حقنا». تجارب عرضها المكفوفون كشفت عن واقع حياتي سيئ لا يرقى للتعامل مع إعاقتهم..مناقشات وحوارات أكدت حجم المعاناة التي يعاني منها هؤلاء ولسان حالهم يقول للمجتمع: «احترموا العصا البيضاء قبل ان تحتفلوا بها». وقال الدكتور عبدالباسط عزب، مقدم برامج في التلفزيون المصري، عضو المجلس القومي لحقوق المكفوفين في الولاياتالمتحدةالأمريكية إننا أمامنا في مصر باع طويل حتى نقيم احتفالا بالعصا البيضاء والتي يستخدمها المكفوفون كداعم لهم في الحركة والسير. وأكد عزب في كلمته التي ألقاها بمؤتمر «العصا البيضاء» والذي نظمته جمعية المستقبل لرعاية المكفوفين بمكتبة مصر العامة بالإسماعيلية ان المجتمع في مصر يجهل تماما ماهية العصا البيضاء واهميتها للمكفوفين وطالب بضرورة توعية فئات المجتمع لتغيير ثقافتهم في التعامل مع كراسي المعاقين حركيا وإشارات الصم والبكم وعصا المكفوفين وغيرها من الأدوات التي يستخدمها ذوو الاحتياجات الخاصة. وأضاف: «العالم المتقدم من حقه ان يحتفل بالعصا البيضاء لانه بالفعل يحترمها ويقدر للمكفوفين حقوقهم ويعي تماما الامر .لكن في مصر لا احد يحترمها ومع استخدامها في مصر استشعرت بأن المجتمع هو المعاق وليس الكفيف هو المعاق». واستعرض عزب تجربته في احد شوارع مصر مع العصا البيضاء حيث قام أحد المواطنين باختطاف العصى منه في الوقت الذي استعرض تجربته بإفساح الطريق ومساعدة الكفيف في عبور الشارع. وطالب بضرورة استصدار قرار يعمم في جميع شوارع مصر باحترام حقوق المعاقين باختلاف إعاقتهم. وقال الدكتور إبراهيم عمارة مدرس مساعد بكلية الاداب جامعة طنطا واول كفيف حاصل على الدكتوراه في الإعلام «ان العصا البيضاء مفهوم لم يترسخ في مصر حتى الآن وحديثنا عن العصا البيضاء في مصر تعد كالكلام عن كائن فضائي او حلم بعيد المنال نتمنى أن يتحقق في مصر.. وقال: «يوم ان نأتي للعصا البيضاء قدرها ومكانتها ويعي المجتمع اهميتها يومها يمكن ان نحتفل بالعصا البيضاء.. واستعرض عمارة في كلمته الحديث عن علم «التوجه والحركة» للمكفوفين والذي يدرس في جامعات العالم المختلفة واستطرد أهمية دراسة العلم للمكفوفين في الاعتماد على النفس دون الحاجة لأحد وللأسف هذا العلم غير مطبق في مصر. وأشار «عمارة» الي أن هناك كثيرا من التحديات التي تواجه المعاق بصريا أهمها انعدام الرؤية الاستراتيجية لتهيئة الطرق لذوي الاعاقة وتساءل لماذا لا تنطلق مبادرات على مستوى الجمهورية واطلاق مشروع قومي لتطوير الشوارع والطرق بما يتناسب مع احتياجات اصحاب الإعاقات. وقال: «إن الشوارع المهيأة لذوي الاحتياجات الخاصة ستكون بالفعل مهيأة للجميع من الأسوياء وستعم الفائدة على الجميع». وانتقد عمارة دور الحكومة وأكد أن الدولة تتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بالمنطق الخيري وليس بالحقوقي. كما أن المنشآت التعليمية غير مهيأة لاستقبال ذوي الإعاقات وطالب بأهمية ان يكون هناك نص قانوني وتشريعي يكفل لذوي الاحتياجات حقوقهم ويلزم المؤسسات الحكومية في مراعاة كود الإتاحة. وأشار عمارة لدور المجتمع والمؤسسات التعليمية والإعلام ورجال الاعمال في دعم فاقدي البصر. وقال «عمارة»: إننا ندق ناقوس الخطر تجاه ثقافة المجتمع التي تجهل التعامل تماما مع المكفوفين. فإن أكثر ما يواجهنا هو الثقافة المجتمعية بداية من التعامل مع الكفيف واعتباره شخصا جاهلا وقد يكون مفكرا أو عالما أو مبدعا في مجاله.. وكذلك المسميات التي يطلقها العامة على المكفوفين وطريقة الامساك بذوي الاعاقة البصرية. وقال: «إن هناك جهلا من أسرة المعاق في التعامل مع ابنهم وضرورة دفعه للتعامل مع المجتمع والاندماج بهم وبث الثقة في نفوس أبنائهم». وانتقد «عمارة» دور الإعلام تجاه عرض قضايا أصحاب الإعاقات وأكد أن الإعلام دوره التنويري بات متراجعا وانشغل بالقضايا السياسية والمشاغبات ولم يعد له دور تنموي. وتساءل: أين دور رجال الأعمال في تصنيع أدوات واحتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تستورد من الخارج. وقالت أحلام جلال وكيل مدرسة النور للمكفوفين: «النظرة المجتمعية للكفيف وعدم الاكتراث بحقوقنا من جانب الاجهزة التنفيذية هو اكثر ما يواجهنا .والامر يتطلب منا الاعتماد على الذات في الحصول على حقنا والضغط بكل ما نملك للحصول على احقيتنا في الاستقلالية وعبور الطريق والتنقل». وقالت وفاء سليمان مدرسة لغة انجليزية بمدرسة النور للمكفوفين وسكرتير عام جمعية المستقبل لرعاية المكفوفين بالاسماعيلية: «الحقوق تنتزع نزعا. فنحن من سنفرض على المجتمع ان يتقبل العصا البيضاء ونحن من سنلزم المرور بتمهيد الطريق واتاحة الكود لنا .الامر بات يستلزم تحركا منا نحن المكفوفين .فهذا حق لنا والمجتمع لن يستوعب ان هذا حقنا إلا إذا أجبرناه على ذلك. وتابعت: «وهذا ما ابثه في نفوس طلابي المكفوفين بمدرسة النور فهناك دورات تدريبية تم تنظيمها للطلبة ولكنهم يدركون ان المجتمع مازال جاهلا بتقبل حقوق المكفوفين في الطريق العام». وقال المهندس حسنين بدران رئيس مجلس إدارة جمعية المستقبل لرعاية المكفوفين بالإسماعيلية «إن الجمعية أعلنت عن إطلاق بث اول قناة لذوى الإعاقة عبر موقع اليوتيوب من مقر الجمعية لتكون اول قناة متخصصة بشئون ذوى الإعاقة» وأكد ضرورة قيام البرلمان القادم بإصدار تشريع يلزم دولة أن تراعى من خلال مؤسساتها الحكومية كود الإعاقة وهى عبارة عن إرشادات لذوى الإعاقة عن كيفية التعامل بهذه المؤسسات، حث رجال الأعمال على إنشاء مصنع لإنتاج احتياجات المعاقين من وسائل معينة، وحث كلية هندسة جامعة قناة السويس لإدراج العصا الذكية وإشارات المرور الصوتية ضمن مشروعات التخرج بها. وأعلن اللواء يسن طاهر محافظ الإسماعيلية عن تشكيل لجنة من المحافظة من الطرق والكباري وادارة المرور لبدء اتخاذ التجهيزات اللازمة لإنشاء أول شارع صديق لمتحدي الإعاقة بمدينة الإسماعيلية وذلك خلال الفترة المقبلة مساهمة من المحافظة في دعم حقوق متحدي الاعاقة طبقا لما كفله الدستور.. وأكد «طاهر» أن هناك توجها من الرئيس السيسي وإصرارا على وضع تجهيزات خاصة داخل المجتمعات العمرانية الجديدة تتوافق للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة. ومراعاة حق المكفوفين في السير. وأشار الي أن مدينة الإسماعيلية الجديدة والتي يتم إنشاؤها حاليا شرق قناة السويس. يتم في تصميم شوارعها مراعاة حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. وأكد أن هناك تعليمات لادارة المرور باتخاذ كافة الاجراءات اللازمة ووضع العلامات الإرشادية والملصقات للتعامل مع المكفوفين في شوارع الإسماعيلية.