بقلم: سامح جويدة منذ 27 دقيقة 34 ثانية إذا كانت محاكمة مبارك قد تستغرق خمس سنوات كما يبشرنا القانونيون.. فأدعوكم لمليونية للانتحار الجماعي في ميدان التحرير تحت شعار (مفيش فايدة) وألف رحمة ونور علي سعد زغلول الذي قالها منذ ثورة 19.. فاللعبة السياسية في مصر انتقلت فجأة من مرحلة الصدام الثوري الي مرحلة (من تحت لتحت) ورغم ان هذا التعبير المريب قد يخدش حياءك إلا أنه في الوضع السياسي قد يخدش حياتك.. فكل ما يدور حولنا صور معكوسة من تحت لتحت.. فنبني جداراً عازل حول السفارة الإسرائيلية لحماية الأعداء من المواطنين ونرسم عليه علم الجمهورية ونكتب علي طول السور (مصر فوق الجميع) فلا أنت تعرف أين هي مصر ولا أنت تعرف من هم الجميع. ونعقد محاكمة مدنية لمبارك والعادلي في قتل مئات المتظاهرين ونستدعي شهود إثبات يتحولون جميعا بقدرة قادر إلي شهود نفي ويقولون ان الأوامر كانت «اعتبر اللي قدامك أخوك أو ابنك ومتضربش عليه نار» فمن قتل الشهداء عفاريت المجوس أم أشباح التتار واين العقل في تلك المحاكمة والقنوات الفضائية كانت تنقل مشاهد الموت لحظة بلحظة وعلي الهواء مباشرة فهل لا يملك رئيس الجمهورية دش أو حتي وصلة بعشرين ليشاهد كيف يسحق أبناء وطنه بالسيارات وكيف يسقطون بالطلقات أم أنه اكتفي بالقنوات الأرضية وحكايات البانجو وكنتاكي والعمالة الخارجية.. كل هذا وما زلنا نحاكم المدنيين في المحاكم العسكرية أو ننتظر صكوك الغفران والعفو المسلح تحت شعار (إيد واحدة) ولا نعرف (ايد مين) بالضبط وهل وضعوها علي كتفك ليطمئنوك أم رسموها علي قفاك ليخرسوك.. تشوهت الحقائق ودخل الحابل علي النابل واختلط البلطجية مع الثوار فلا نعرف هل نقف خلفهم أم نقف أمامهم وهل نطالب بدعمهم أم بحبسهم.. كل توابعنا الثورية أصبحت فئوية ومرتعاً للبلطجية حتي في كرة القدم .. حصلنا علي حريتنا السياسية وفقدنا حريتنا الاجتماعية بفعل فاعل. فقصص الجرائم والتحرش والقتل أصبحت مرعبة في كل بيوت مصر ولا نعرف مصدر كل هذا الشر.. فهل هذه طبيعتنا كبشر أم أنها صناعة الفلول وذيول المخلوع.. وتسمع ان الشرطة عادت إلي خدمة الشعب وتبحث عنهم فلا تراهم إلا في إشارات المرور ولا تفهم اين هم من كل ذلك.. وفي الوقت الذي نسعي فيه لبناء دولة ديمقراطية مدنية نلعن (سلسفيل) الليبراليين حتي في خطب المساجد ونحتفل علي مواقع التواصل الاجتماعي بتحالف السلفيين والإخوان. بين قمة العلم والالتزام وقمة النشاط والتنظيم كما يدعون.. بينما أصبح العلمانيون والليبراليون من نسل الشيطان الرجيم.. بعد ثورة عظيمة وتضحيات مؤلمة يبقي الوضع علي ما هو عليه لا فرق بين 2010 و2011 في الغلاء أو الفساد نفس قصص الغني الفاحش والبذخ الماسخ تلتحم مع قصص الموت جوعا أو الانتحار من قسوة الفقر.. حتي نحن لم نتغير مازلنا نتكلم ونتكلم والحكومة تفكر وتفكر فلا نحن نتحرك ولا هي تنفذ.. ضجيج صاخب بلا طحين ورغي بلا نتيجة وصراع علي شعارات لا تفيد.. فأين كل ما نحن فيه من الثورة لا أحد يعلم وإلي أين نذهب لا أحد يفهم.. وهل تغير النظام فعلا أم أنها متاهة كبرج بابل نجري فيها لنصل إلي حيث بدأنا؟؟.. الله أعلم. [email protected]