هجوم كبير، واتهامات قوية، وانتقادات لاذعة، شنها قيادات الجماعة الإسلامية خلال الفترة الأخيرة، على حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية، والذي يعد الممثل الوحيد للتيار الإسلامي في المشهد البرلماني، حيث زاد ذلك الهجوم مع اقتراب التصويت على الانتخابات البرلمانية في مرحلتها الأولى، والمقرر لها يومي 18 و19. ويعد النور أحد الأحزاب الدينية التي ظهرت في المشهد السياسي، عقب ثورة 25 يناير 2011، ليحتل المركز الثاني في قائمة الأحزاب الدينية بعد حزب العدالة والحرية، وبالفعل طرح النور نفسه بقوة في المشهد السياسي، وزادت قوته إبان عهد جماعة الإخوان، حتى بات الفصيل الوحيد المعترف به بين الإسلاميين على الساحة السياسية، عقب الإطاحة بجماعة الإخوان في ثورة 30 يونيو. وحين سقطت دولة الإخوان في ذلك الوقت بثورة شعبية، حاول النور الابتعاد عن الجماعة، ولم يورط نفسه في أي تحريض أو أعمال عنف وإرهاب، بل ظل يتنصل من علاقته بجماعة الإخوان، وينفي كونه حزبا قائما على أساس ديني، حتى انقلبت الأخيرة عليه، من خلال تبادل علني للاتهامات بين الطرفين. كان آخر تلك الإتهامات، ما خرج به القيادي بالجماعة الإسلامية، عاصم عبدالماجد، أمس، حين وصف حزب النور بالمنافقين، مشيرًا إلى أن السلفيين يكذبون على الله ورسوله، وأن النور يستند في موقفه على قاعدة تقليل المفاسد، وتحقيق المصالح. وقال: "حزب النور يعمد إلى ما تهواه الأنفس وتلتذ له فيزعمونه مصلحة، وإلى ما تنفر منه الأنفس لمشقته أو مخالفته الهوى فيعدونه مفسدة، بغض النظر عن حكم الشرع بالجواز أو الحظر"، كما سبق له وهاجم عبدالماجد حزب النور، خلال العام الماضي قائلًا: "نساء مصر أشجع وأرجل من قيادات حزب النور. ولم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها النور للهجوم من احد قيادات الجماعة الإسلامية، حيث سبقه طارق الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية، والذي هاجم النور لرفضه أعمال الإخوان، واعتبره انتكاسة للعمل السياسي، وأن الحزب شوه تجربة الإسلاميين السياسية. وأرجع، خبراء الشأن السياسي والإسلامي زيادة هجوم قيادات الجماعات الإسلامية، إلى ثلاثة أسباب أولها، الخوف من أن يحل النور مكان الإخوان في البرلمان، وثانيها تأييدهم لعزل جماعة الإخوان، وأيضًا استغلال الفرصة لمهاجمة النظام تحت زعم إقصاء فصيل الإخوان فقط، معتبرين أن الهجوم يصب في مصلحة الحزب مع اقتراب البرلمان. أحمد دراج، المتحدث باسم تحالف 25-30، رأى أن الجماعة الإسلامية وحزب النور أصبحا على خلاف دائم وتراشق للإتهامات العلنية خلال الفترة الأخيرة، بسبب أن النور هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي تصدر المشهد الحالي، وأصبح على مقربة من دخول البرلمان، وأخذ مكانة الإخوان به. وأشار في تصريحات خاصة لبوابة "الوفد"، إلى أن عبدالماجد هاجم النور؛ ليعرقل مسيرة دخولهم البرلمان؛ لأنهم التيار الإسلامي الوحيد الذي لازال موجودًا، واقترابه من دخول البرلمان يضع جماعة الإخوان خلف السلطة، وبعيدة تمامًا عن المشهد السياسي والبرلمان، مشيرًا إلى أنها محاولة منه أيضًا لاستغلال الخلاف الدائر بين الدعوة السلفية والحزب السياسي ووصفهم بالمنافقين. وأوضح، أن القيادة داخل الجماعات الإسلامية أصبحت مضطربة خلال الفترة الأخيرة، وتحاول تشويه النور، لأن الحزب أعلن انضمامه للدولة منذ 30 يونيو، ويحاولون وصفه بكل ما هو مشين. وأضاف، أن حزب النور ابتعد عن جماعة الإخوان وما شابهها من تيارات إسلامية منذ إعلانه دخول البرلمان المقبل؛ بسبب الممارسات والأفعال التي قامت بها جماعة الإخوان منذ 30 يونيو، حيث حظى بخسائر فادحة من تعاونه مع الأخوان، فأبعد عن نفسه الشبهات التي تحيط بها، لذلك تهاجمه قيادات الجماعات الإسلامي. واتفق معه، هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، مؤكدًا أن تلك التصريحات محاولة من الجماعات الإسلامية لمنع وصول النور إلى البرلمان، حتى لا ينجح في مهمة احتلال مكان الإخوان في المشهد السياسي، ومهمة تمثيل الإسلاميين؛ لأنه بذلك يضعف من مكانة الإخوان بطرح تجربة بديلة أكثر قابلية للاندماج والإسهام بإيجابية. وأوضح، أن عبدالماجد يهاجم النور حتى يكون في مأمن في الحالتين، الأولى حال فوز حزب النور في البرلمان، فتكون الجماعة الإسلامية سباقة في وصفها له بالمنافقين والفاسدين، وتدعي على النظام أنه استبعد جماعة الإخوان مقابل جملة من الفاسدين، وإذا خسر النور تظهر الجماعة الإسلامية في مظهر الناصح الأمين الذي تنبأ بتلك الخسارة. وأشار، إلى أن ذلك يصب في مصلحة حزب النور؛ لأن هجوم الجماعات الإسلامية عليه، دليل قاطع على أن النور لم يكن متواطىء مع الإخوان، ولم يتورط في أي دعوة للعنف، ويتيح له التأكيد إعلاميًا أنه مختلف عنهم ورؤيته، وهذا هو ما يريده بالضبط لتمكينه سياسيًا واعلاميًا من طرح نفسه كبديل لهم .