كشفت بيانات رسمية للبنك المركزى عن ارتفاع حجم إقراض البنوك للحكومة في صورة أوراق مالية بنحو 190 مليار جنيه خلال عام فقط بزيادة 23٪ ليتجاوز حجم ديون الحكومة بالبنوك التريليون و15 مليار جنيه في نهاية يوليو 2015 مقابل 825 مليار جنيه في أول يوليو من العام الماضى، وتعد هذه المديونية كبيرة مقارنة بحجم الأموال المفترض إتاحتها للاستثمار من جانب البنوك للقطاعات الاقتصادية الأخرى. وتواصل الحكومة عمليات اقتراضها من الجهاز المصرفى وسط تحذيرات دولية من مؤسسات التصنيف الائتمانى بأن هذه المديونية سوف تؤثر علي أوضاع البنوك، فقد طرحت الحكومة شراء أذون جديدة علي الخزانة بلغت قيمتها 15 مليار جنيه سيتم إصدارها يوم 20 أكتوبر الجارى بواقع 2.5 مليار جنيه أذون قصيرة الأجل و4.5 مليار لمدة عام، و3.5 مليار متوسطة الأجل و4.5 مليار لمدة 273 يوماً. وقد حذرت وكالة موديز للتصنيف الائتمانى، الثلاثاء الماضى، من اعتماد الحكومة المصرية علي البنوك في تدبير احتياجاتها من خلال شراء الأوراق الحكومية، لافتة إلى أن هذا الأمر يجعل البنوك عرضة للمخاطر الائتمانية للحكومة. وأوضحت الوكالة الائتمانية، أن «قروض القطاع الخاص تشكل 30٪ من الناتج المحلي الإجمالى في مصر، كما أن التقديرات تشير إلى أن القروض الممنوحة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 5 - 10٪ من إجمالى القروض في البلاد، وأن الشركات الصغيرة والمتوسطة توفر فرص عمل لنحو 80٪ من القوة العاملة في مصر». وأضافت «موديز» أن «البنوك المصرية تلقت في الآونة الأخيرة مبالغ مالية كبيرة من بنوك التنمية المتعددة الأطراف لزيادة إقراضها للشركات الصغيرة». ومنها البنك الدولى بقيمة 300 مليون دولار في أبريل 2014، كما قدم البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير قرضاً بقيمة 450 مليون دولار لعدد من البنوك المصرية على مدار السنوات الثلاث الماضية لدعم توجيه القروض إلي الشركات الصغيرة والمتوسطة. وأشارت إلي أن قيمة القروض صغيرة نسبياً في ضوء أن ميزانيات البنوك المصرية تبلغ 290 مليار دولار، مؤكدة أن البنوك المصرية ستستفيد بشكل عام رغم المخاطرة الكبيرة المرتبطة بالإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة. هذه القروض الجديدة سوف تساعد بمرور الوقت علي تنويع ميزانيات العمومية المركزة للبنوك ومصادر دخلها. وكشفت موديز أنه في مايو الماضي استثمرت البنوك المصرية حوالى 44٪ من أصولها في الأوراق المالية الحكومية لإيجاد نحو 60٪ من دخلها من خلال الفوائد. وأكدت مصادر مصرفية أن تحذيرات «موديز» ومخاوفها من مخاطر إقراض البنوك للحكومة لا أساس له حيث إن البنوك قد استفادت من عمليات إقراض الحكومة من خلال الأوراق المالية بمعدلات استثمار كبيرة خلال الفترة الماضية، مشيرين إلى أن ارتفاع معدلات الفائدة علي أذون وسندات الخزانة التي تطرحها الحكومة، وهو ما أدى إلي ارتفاع استثمارات البنوك الفترة الماضية رغم جمود عمليات الائتمان للقطاع الخاص والقطاعات الأخرى. وأشارت المصادر المصرفية إلى أن الحكومة مضمونة في الإقراض وبالتالى فإن الأموال التي تقترضها ملتزمة بسدادها كما تلتزم بسداد فوائدها بانتظام، مشيرين إلي أن معظم حالات التعثر التي أصابت القطاع المصرفي خلال العقد الماضى كانت ناتجة عن عمليات إقراض خاطئة معظمها تم لقطاعات غير حكومية وهو ما أدى بعد ذلك إلي وضع برامج وسياسات لعلاج هذه الأزمة وتقوية وتطوير أداء الجهاز المصرفى، وأن القطاع المصرفى يتوسع في إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفق مبادرة البنك المركزى المصرى وبضوابط حتي لا تقع البنوك مرة أخرى فريسة للتعثر.