دعا الفريد دى زاياس، الخبير الأممى المستقل المعنى بتعزيز نظام دولي ديمقراطى وعادل فى تقرير قدمه إلى الدورة الثلاثين لمجلس حقوق الانسان والمنعقد حاليا فى جنيف، للقيام بإصلاح جذرى فى نظام الاستثمار الدولى وذلك عبر وضع حد لاتفاقيات التجارة الحرة والاستثمار التى تتعارض مع الالتزامات التعاهدية لحقوق الإنسان. كما دعا زاياس (وهو أول من يعين من قبل مجلس حقوق الإنسان ليعنى بهذا الموضوع ويعمل استاذا للقانون الدولى بالمعهد الدبلوماسى بجنيف) الدول إلى إجراء تقييم للأثار على حقوق الإنسان والصحة والبيئة قبل وبعد الدخول فى أية اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف للاستثمار. وقال الخبير الأممى فى تقريره، إنه وعلى مدى العقود الماضية كانت اتفاقيات التجارة الحرة ذات آثار سلبية على التمتع بحقوق الإنسان وذلك بسبب تداخلها مع الوظائف الأساسية للدولة، وأيضا مع التشريعات التى تخدم المصلحة العامة بما فى ذلك تنظيم الميزانية والمالية والسياسات الصحية والبيئية، معربا عن أسفه من التضارب الحادث بين الالتزمات التعاهدية للدول المصدقة على معاهدات حقوق الإنسان والتى تبرم اتفاقات تمنعها عمليا من الوفاء بالتزاماتها فى هذا المجال وحثها على إعادة النظر فى معاهدات الاستثمار، مطالبا بأن تسود حقوق الانسان فى حالة النزاع بينها وبين تلك الاتفاقات. واعتبر أن آلية تسوية المنازعات بين المستثمرين والدولة والتى ترافق اتفاقيات التجارة الحرة والاستثمار تعانى من عيوب جوهرية بما فى ذلك انعدام الاستقلالية والشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ كما أنها بصورتها الحالية تتعارض مع المادة 14 (1) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بسماحها لثلاثة محكمين باتخاذ القرار والحكم فى أعلى المحاكم الوطنية فى السر ودون إمكانية للاستئناف وبما يشكل تحديا خطيرا لجوهر سيادة القانون. وأضاف الخبير الأممي أن السكان فى كثير من الأحيان لايدركون هذة التحديات وذلك لاستبعادهم من صياغة وإبرام المعاهدات وطالب زاياس بأن يقوم البرلمان باعتماد جميع اتفاقات التجارة والاستثمار الحالية والمستقبلية بعد مناقشة عامة ودون مسار سريع وبشكل يمثل الإرادة الديمقراطية للشعب فى ممارسة حقه فى المشاركة العامة. وطالب المسؤول الأممى بدراسة منهجية للآثار السلبية لاتفاقيات التجارة والاستثمار الثنائية ومتعددة الأطراف على مجال حقوق الإنسان وإحالة الصدام بين نظام الاستثمار الدولى ونظام حقوق الإنسان إلى الجمعية العامة للامم المتحدة لمناقشة الأمر وإيجاد تسوية لهذا التضارب. كما طالب دى زاياسا أيضا محكمة العدل الدولية بإصدار فتوى توضح أنه في حالة قيام نزاع بين الالتزامات التعاهدية لحقوق الإنسان ومعاهدات الاستثمار فيجب إعطاء الألولية لحقوق الإنسان وكذلك إعلان إحكام اتفاقات الاستثمار التى تنتهك المبادئ الأساسية لميثاق الأممالمتحدة بما فى ذلك سيادة الدولة وتقرير المصير بموجب المادة 103 من ميثاق المنظمة الدولية. فى ذات الإطار دعا دى زاياس منظومة الاممالمتحدة لوضع اتفاقيات التجارة الدولية والاستثمار على جدول أعمالها وعقد مؤتمر دولى عالمي لمراجعة الاتفاقيات التجارية والاستثمارية وبما يجعلها متوافقة مع معاهدات حقوق الإنسان.