بعد ان تحول حلم قناة السويس إلى حقيقة ونجحت فكرة شهادات الاستثمار التى جمعت لقناة السويس بعد نداء الرئيس السيسى للمصريين 64 مليار جنيه.. يتساءل كثيرون لماذا لا يتم تطبيق الفكرة على باقى قطاعات الخدمات بالدولة لتساهم في تحسين الخدمة المقدمة له وخاصة في قطاع المحليات الذي لا يخلو من الفساد البعض يرى الفكرة حلماً مستحيلاً معللا ذلك بالفساد الذى يضرب المحليات ويغرقها ويجعلها العقبة الأكبر في طريق التنمية بمصر ولكنها تظل فكرة للمناقشة. فى مقدمة دول العالم التى بدأت تطبيق نظام الوحدات المحلية كانت مصر وذلك مع إنشاء مجالس المديريات عام 1866 بمرسوم من الخديوى إسماعيل وما تبعه من صدور عشرات القوانين التى تنظم شكل الإدارة المحلية فى مصر لكن مفهوم النظام المحلى أو المحليات تحول بمرور الوقت إلى مفهوم سيئ السمعة فى مصر بعد أن ارتبط بالآلاف من قضايا الفساد والرشاوى والإهمال. وصل الأمر ذروته فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك حتى أن أحد أركان نظام مبارك زكريا عزمى اعترف بأن «فساد المحليات وصل للركب». وفى دراسة أعدها ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان عن حجم فساد المحليات فى آخر عشر سنوات كشفت أن الوحدات المحلية والتى يبلغ عددها 1179 وحدة على مستوى الجمهورية احتلت المركز الأول فيما يتعلق بقضايا الفساد والرشاوى بين القطاعات المحلية بالمحافظات وذلك بنسبة %65 وفى 54 حالة خلال عام واحد كان إجمالى المبالغ المهدرة 387 مليونا و959 ألفا و966 جنيها بينما وصلت المبالغ المختلسة والرشاوى إلى 2 مليون و789 ألفا و400 جنيه. وجاءت محافظاتالإسكندرية والغربية والدقهلية والمنيا وبنى سويف والقليوبية فى مراكز متقدمة من حالات الإهمال والفساد لأنظمة وإدارات سابقة وفق ما جاء فى الدراسة والتى أشارت إلى أن ملف الوحدات المحلية يشهد عشرات الآلاف من حالات التغاضى عن تحرير مخالفات للاستيلاء على أراضى الدولة بوضع اليد وتخفيض قيمة أراض تابعة للدولة لصالح شركات استثمارية مقابل الحصول على رشوة، فضلا عن تزوير أوراق رسمية كجوازات السفر وأختام شعار الجمهورية ومصلحة الأحوال المدنية والشهر العقارى والبناء بدون ترخيص والتعلية بدون ترخيص والتعدى على أملاك الدولة وتجاوز قيود الارتفاع والبناء على موانع التنظيم مقابل رشاوى مالية. وعن إمكانية استخدام فكرة شهادات الاستثمار في تنفيذ مشروعات المحليات يقول اللواء حمدى بخيت الخبير الأمنى والاستراتيجى إن هذه الفكرة لا تصلح في المحليات لأن مشكلة المحليات ليست في التبرعات أو الأموال إنما في فسادها وفساد إدارتها وهذا الفساد هو السبب فيما وصلت إليه الأمور بمصر لانها عصب الخدمات للمواطن وهو الذى خلق آلاف المناطق العشوائية وفتح الباب أمام ارتكاب آلاف المخالفات من تعدد طوابق بالمخالفة للقانون لنستيقظ من النوم على اصوات انهيار العمارات وكذلك تحويل المبانى من غرض إلى غرض بالمخالفة للقانون مما حول مناطق كثيرة لإزعاج ساكنيها والحل في المحليات أساسه في الإدارة وليست الأموال. ويرى اللواء حمدى بخيت ان تجربة الصين في تطوير العشوائيات والخدمات هى الأمثل حيث يمكن إزالة أحياء كاملة وإعادة بنائها من جديد وذلك بالمشاركة مع رجال الأعمال ويصاحبها تطوير العقول والثقافات.. وهناك مثلا منطقة الهجانة العشوائية التى يقيم بها أكثر من اثنين مليون مواطن ولا يوجد بها سوى مدرسة واحدة ولا يوجد بها مستشفى ولا مجمع خدمات فماذا تتوقع من مجتمع يعيش في مثل هذه الظروف والأوضاع.. مشيراً إلي أن وزارة التنمية المحلية هى المسئول الأول عن فساد المحليات وما آلت إليه الاوضاع في هذا القطاع الهام في الجهاز الحكومى. كما كشفت دراسة حديثة أعدتها كريمة محمد الصغير محمد - مدرس مساعد بمعهد التخطيط القومى ومركز دراسات البيئة وإدارة الموارد الطبيعية - تحت عنوان «الفساد فى مصر كأحد مسببات ثورة 25 يناير» أن تفاقم ظاهرة الفساد تسبب فى إلحاق خسائر بالاقتصاد الوطنى تصل إلى 50 مليار جنيه سنويا.. ولفتت الدراسة إي أن أوجه فساد المحليات تتضمن صرف حوافز ومكافآت دون وجه حق من أموال الصناديق والحسابات الخاصة وأيضا صرف قيمة مشروبات ومأكولات من حساب تلك الصناديق لبعض العاملين دون مبرر فضلا عن التراخى والإهمال فى تحصيل إيرادات مستحقة للدولة عن الإيجارات والضرائب العقارية والتأمين النهائى المستحق على بعض الشركات.. وكذلك عدم سداد حصة وزارة المالية من إيرادات بعض الأنشطة التى تمارسها الوحدات المحلية التنفيذية بالمخالفة للتأشيرات الملحقة بالموازنة العامة وصرف مبالغ لبعض الجهات بأكثر من القيمة المستحقة لها طبقاً للفواتير المقدمة للتحصيل. وأيضا الاستيلاء على إيرادات بعض الأنشطة المحلية مثل إيرادات مشروع المحاجر وإيرادات التربية والتعليم، والضرائب العقارية، وكذلك الاستيلاء على الأدوية دون وجه حق..بالإضافة إلى صرف رشاوى مقنعة لبعض العاملين فى وزارة التنمية الاقتصادية المنوط بهم الموافقة على اعتمادات النفقات الاستثمارية للإنشاءات والمشروعات فى بعض المحافظات وذلك بالمخالفة للائحة الموازنة والحسابات ولتعليمات وزارة التنمية الاقتصادية. وأشارت الدراسة إلى صرف مبالغ مالية من حساب الموازنة العامة دون وجود مستندات مؤيدة للصرف بالمخالفة للقوانين واللوائح المالية.. وأن ظاهرة الفساد فى المحليات ترجع فى المقام الأول إلى المناقصات والأمر المباشر من قبل كبار وصغار المسئولين بالإدارة المحلية، كما أن ضعف أجور مهندسى الأحياء فتح الباب أمام الرشوة والمساومات وهجرة الكفاءات الهندسية من العمل بالمحليات هربا من المسئولية الهندسية التى تجعلهم دائما عرضة للمساءلة القانونية. سلبية ونوهت الدراسة إلى أن أهم الآثار السلبية للفساد على الاقتصاد المصرى أظهرها تقرير التنافسية لعام 2010/2011 الذى بين تراجع ترتيب مصر عن العام الماضى ب11 مركزا لتأتى فى المستوى 18 من أصل 931 دولة.. وأوضح التقرير أن من أهم العوامل التى تعيق تقدم الأعمال فى مصر تتمثل فى الفساد بدرجة 91 من 30 والتضخم 8٫41 والعمالة غير المدربة 1٫01 والتشريعات الضريبية 2٫9. وكشف التقرير عن أن تفاقم ظاهرة الفساد تسبب فى إلحاق خسائر بالاقتصاد الوطنى تصل إلى 50 مليار جنيه سنويا.. فضلا عن هروب رءوس الأموال الأجنبية والوطنية نتيجة للمعاناة فى إجراءات إنشاء المشروعات وتحميل تكلفة المشروعات بالرشاوى مما يؤدى إلى ارتفاع التكلفة الاستثمارية لها. بالإضافة إلى ظهور الاحتكارات فى إنتاج بعض السلع والخدمات، وعجز موارد الدولة نتيجة لانتشار التهرب الضريبى والجمركى لكبار المستثمرين، والركود الاقتصادى وانخفاض الصادرات لارتفاع تكلفة المنتج المحلى وضعف أجهزة مراقبة الجودة وأيضا ظهور جرائم غسل الأموال وهروب بعض المتهمين خارج البلاد.. فضلا عن بطء إجراءات المحاكمة.. ومحاولة عرقلة هذه الإجراءات باستخدام الأساليب الملتوية للتهرب من المسئولية القانونية.. ويشار إلي أن فساد المحليات يؤثر سلبيا على قطاع المشروعات الصغيرة وذلك لوجود علاقات قوية بين القطاعين، حيث تتحقق معظم مصالح هذا القطاع من خلال أجهزة الإدارة المحلية.