السيسي يتفقد اختبارات الأكاديمية العسكرية.. ويؤكد تفوق كلية الطب العسكري واستراتيجية التنمية الوطنية    افتتاح ملتقى طلاب كليات العلوم للابتكار وريادة الأعمال تحالف جامعات إقليم الدلتا    خطة تطوير المنظومة الجمركية.. كجوك: الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في التثمين والتبنيد الآلي للأصناف    مدبولي يؤكد استمرار جهود الحكومة في دعم وتعزيز قطاع السياحة    محافظ الإسماعيلية يكشف ل«أهل مصر»: هل تعاني القصاصين من أزمات خدمية؟ الإجابة من قلب الجولة الانتخابية    196 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري إلى كرم أبو سالم لدعم أهالي غزة    الهيئة العليا لعشائر غزة: النازحون يواجهون الموت غرقا    نائبة الأمين العام للناتو: دعم أوكرانيا مستمر حتى تحقيق سلام عادل يحفظ سيادتها    الرئيس الصيني يعزي ضحايا حريق هونج كونج ويوجه بتكثيف جهود الإنقاذ وتقليل الخسائر    مجموعة مصر.. شيكوبانزا يتصدر قائمة أنجولا الأولية في كأس الأمم الأفريقية    الجيش الملكي يعلن تفاصيل المؤتمر الصحفي لمواجهة الأهلي    النصر يعمق جراح استقلال دوشنبه برباعية في دوري أبطال آسيا 2    رمضان صبحي بين الإيقاف والطعن.. آخر التطورات القانونية    إصابة رئيس مدينة سابق بطلق نارى فى ظروف غامضة بقنا    أم مكة تستأنف على حكم حبسها في اتهامها ببث محتوى خادش    ضبط مواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية قبل وصولها للأسواق بدمنهور    نائب محافظ الفيوم يشهد ندوة حول «دمج السينما الخضراء والفيوم كموقع تصوير مفتوح»    محمد شردي: المتحدة تواصل دعم المواهب وإبراز المبدعين ب دولة التلاوة وكاستينج    عماد زيادة بطلاً أمام مي عز الدين في مسلسل " قبل وبعد"    وزير الثقافة يوقّع اتفاقيات تعاون جديدة بين مصر والجزائر لتعزيز الشراكة الثقافية    الحكومة يعلن نجاح تطبيق التأمين الصحى الشامل وتكشف خطط التوسع فى محافظات جديدة    أخبار العنف الجنسي ضد الأطفال.. متى تتحول تروما الأهل إلى عبء نفسي على الطفل؟‬    الكاميرات ليست حلاً «2»    «الصحة الحيوانية» يستقبل وفد خبراء ألماني لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات    الرئيس السيسي يشهد اختبارات كشف الهيئة للطلبة المُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    سيف الحرية.. يوسى كوهين يكشف كواليس فشل خطة التهجير.. مدير الموساد السابق: مصر رفضت الفكرة والرئيس السيسي أسقطها بالكامل.. ويكشف كواليس حرب الظل بين تل أبيب وطهران لسرقة الأرشيف النووى واستهداف العلماء فى طهران    "الألحان الخالدة" تحتفي بروائع الشريعي وهشام نزيه بأداء أوركسترالي مبهر    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    وكيل صحة بني سويف: إحلال وتجديد مستشفى سمسطا المركزي ب 2 مليار جنيه    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    هيئة المجتمعات العمرانية توقع عقد أرض مشروع تجاري فندقي بقيمة 15 مليار جنيه    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    البحرين وعمان إلى كأس العرب بعد الفوز على جيبوتي والصومال    الزمالك يخطط لعودة رضا هيكل لتدعيم صفوف الطائرة    انخفاض الذرة الصفراء، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    مجلس جامعة سوهاج يوافق على التعاون مع جامعة آدمسون بالفلبين    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    كشف حقيقة منشور تم تداوله بمواقع التواصل الاجتماعى تضمن استغاثة القائم على النشر بتغيب شقيقه بسوهاج    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    إيران: التهديدات الأمريكية لفنزويلا انتهاك للقانون الدولي    حكم الإدارية العليا يشرح الفرق بين إلغاء الشهادات المهنية وتثبيت الأكاديمية    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا - 14"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملك الأربعينات يفقد عرشه وينهار
نشر في الوفد يوم 30 - 07 - 2015

قد لا نعرف على وجه الدقة متى دخلت زراعة القطن الأراضى المصرية.. فقد تضاربت الروايات.. هناك دلائل تؤكد أن الفراعنة لم يعرفوا القطن وأن الإسكندر الأكبر هو من حمله كمحصول بعد غزوه للهند ثم نقله للبلاد التي غزاها ومنها «مصر».. وهو ما يؤكده المؤرخون ويدللون عليه بأن الملابس القطنية كانت شائعة في مصر في عهد البطالمة.. ولكن المؤكد أن محمد على كان أول حاكم في تاريخ مصر الحديثة يضع القطن بين صدارة المحاصيل في مصر.. السطور التالية محاولة لسرد رصد تاريخ وحكاية العصر الذهبى للقطن المصرى هرم مصر الرابع!!
بدأت زراعة القطن في مصر منذ عهد قدماء المصريين باكتشاف بذوره في إحدى مقابر طيبة وانتشرت زراعته في العصور البطلمية والرومانية، ووقتها كانت مصر تصدر المنسوجات القطنية إلي روما.. وفي العصر الحديث يرجع تاريخ زراعة القطن إلى عام 1820 عندما استدعى محمد على المهندس الفرنسى لويس جوميل ليشرف علي تنظيم زراعته في مصر بعدما اكتشفه في إحدى الحدائق المنزلية وتبين أن محصوله من نوع طويل التيلة وينافس الأقطان الأمريكية والهندية، بل ويتفوق عليها، مما أدى إلى سرعة انتشار هذا النوع الجديد وبلغ إنتاجه عام 1823 حوالى 30 ألف قنطار وبعدما انتهت زراعة الصنف القديم المعروف بالقطن البلدي عام 1832 وبمرور الوقت ومع اندلاع الحرب الأمريكية خلال الفترة من 1861 وحتي 1865 وما ترتب عليها من هبوط إنتاج القطن في أمريكا انتعشت زراعة القطن المصرى وزاد إنتاجه وارتفع سعره بصورة اعتبرت نقطة تحول رئيسية وحاسمة في تاريخ القطن، إذ قفزت صادرات مصر من 596 ألف قنطار في عام 1861 إلى 2507 آلاف قنطار في عام 1865.. ومن هنا توطدت زراعة القطن في مصر وبدأ اهتمام الدولة بإيجاد أصناف جديدة وتم استيراد العديد من الأصناف والأنواع، خاصة أقطان السى أيلاند وكانت تزرع في جزر الهند الغربية ومن ثم ظهور أصناف ذات خواص مختلفة ومتعددة كان أبرزها صنف الأشمونى «الأب الشرعى» المباشر وغير المباشر لمعظم أصناف القطن المصرى وتوالى انتخاب أصناف جديدة للقطن المصرى في أواخر القرن ال18 من خلال بعض الأفراد المشتغلين بالقطن من غير الملمين بالأصول العلمية للتربية حتي إنشاء الجمعية الزراعية المصرية إلى تولى هذه المهمة من قبل قسم تربية النباتات بوزارة الزراعة بعد إنشائها عام 1913 بالتعاون مع الجمعية المصرية الزراعية وقد شكل لهذا الغرض مجلس أبحاث القطن في عام 1919 وبعده لجنة الأبحاث الفنية بالجيزة عام 1928 بعد ذلك في عام 1935 أنشئ مصنع غزل القطن لإجراء الدراسات الفنية لمساعدة المربى وقد ضم فيما بعد إلي قسم تربية النباتات بوزارة الزراعة والذي لحق بدوره إلى مصلحة الزراعة كما كانت تسمى عام 1950 وفي عام 1963 أنشئت مراقبة بحوث تكنولوجيا القطن وضمت 4 أقسام هي تربية القطن والمحافظة على أصنافه وفسيولوجيا القطن وزراعته بعدها ضمت هذه المراقبة عام 73 إلي معهد بحوث القطن التابع لمركز البحوث الزراعية من خلال 3 محطات رئيسية للبحوث بالجيزة وسخا وبهتيم والعديد من المحطات الفرعية في مختلف المحافظات.
وجدير بالذكر أن محطة بحوث الجيزة كانت أهم هذه المحطات وأكبرها من حيث عدد العاملين بها، وكان عمل هذه المحطات لا يقتصر علي تربية القطن فقط ولكن يتعداه إلى مختلف البحوث الزراعية الأخرى.. وبالفعل قد نجحت هذه الجهات في استنباط أصناف عديدة منها السكلاربدس، وهذه لؤلؤة الأقطان المصرية، ثم ميت عفيفي والأصيلى والعباسى والنوبارى واليانوفنشى والبليون والنهضة والفؤادى ثم طويل التيلة المستنبط من قطن «البيما» المستجلبة بذوره من الولايات المتحدة ويذكر أن أصل «البيما» هو القطن ميت عفيفي المصرى الذي أدخل إلي الولايات المتحدة سنة 1900 لإيجاد صنف مصري يوافق البيئة الأمريكية في المناطق الزراعية بولاية أريزونا وجنوبى كاليفورنيا ثم توالى استنباط أصناف الكازولى والجيزة 3 والجيزة 7 وكان أول فردى في حقل مزروع بالقطن الأشمونى في الفشن ببني سويف والذى يرجع إليه الفضل فى ارتفاع مستوى غلة فدان القطن بمصر إلى 5 قناطير لأول مرة في هذا القرن ومن ثم أمكن لعائد إنتاجه عام 1939 أن يعيد للدولة ما صرف على البحوث القطنية منذ ابتدائها من عام 1905 وتلاه صنف سخا4 ثم الوفير ثم الجيزة 23 وكان أول صنف اقتصادى ناجح يستنبط بالتهجين الصناعى هو الكرنك طويل التيلة من تهجين صنفي «المعرض» و«سخا3» وقد أدرج في جدول الأصناف التجارية عام 1940 التى أدت إلي أخذ «الكرنك» في الأفول كنجم داخلى وصل مكانه للمنوفى المستنبط من قبل قسم تربية النباتات بوزارة الزراعة بالتهجين الصناعى بين صنفى «الوفير» و«سخا3» ثم شهد عام 1963 عام زراعة الكرنك لآخر مرة ميلاد صنف طويل التيلة جيزة 68 ثم جيزة 70 الذي تضاعف إنتاجه عام 1980 وينفرد عن سائر الأصناف المصرية بأنه نشأ بالتهجين الصناعي بين القطن المصرى المنوفى وأحد الأقطان «البيما» الأمريكية لتتوالى الأصناف المستنبطة والمتداولة حالياً والتي تلقى قبولاً ورواجاً من جانب مختلف غزالى القطن في العالم ومن ثم تندرج الأصناف المنزرعة حالياً علي المستوى المحلى تحت 3 مجموعات هي طويل ممتاز ويشمل حالياً الجيزة 45 و70 و88 وطويل «مجرى» ويشمل حالياً الجيزة 86 و89 و85 وطويل «قبلى» ويشمل حالياً الجيزة 80 و83 و90 والهجين المبشر.
نصيب مصر
وعلى المستوى العالمى تندرج هذه الأصناف السابق سردها حسب طول تيلتها تحت مجموعة الأقطان فائضة الجودة وتسهم مصر بحوالى 45٪ إلى 50٪ من إجمالى الناتج العالمى حتي مطلع الأربعينات تليها نحو 10 دول منتجة للأقطان الفاخرة من أهمها أمريكا والسودان والصين والهند وغيرها من الدول ولأن إنتاج مصر يمثل 50٪ من حجم الإنتاج العالمى دعت مصر ضمن 8 دول رئيسية منتجة للقطن لاجتماع دولى عقد بواشنطن في سبتمبر عام 1939 لدراسة الموقف القطن العالمى وما يحيطه من مخاطر بعد تفاقم المخزون العالمي للقطن والتأثير السلبى، لذلك علي أسواق القطن.. هكذا كان قديماً حجم ومكانة مصر بقطنها المصرى والذي صار مثلاً السلعة الزراعية الضرورية لمصانع الغزل والنسيج للعالم ولإنجلترا علي وجه الخصوص!
مصر تتنازل عن عرشها
ظلت مصر تتبوأ الصدارة فى إنتاج المحصول، حيث بلغت حتى أربعينات القرن التاسع عشر المساحات المزروعة بالقطن زيادة على المليون فدان سنوياً في أقل التقديرات وهي مساحة تمثل خمس الأراضى الزراعية في مصر مما يبين إلى أى مدى كانت أهمية محصول القطن والذي كان في فترة الأربعينات علي سبيل المثال الملك المتوج في الزراعة المصرية مع تطور الحياة والزمن نشأت صناعات عريقة على ضفاف النيل اعتمدت علي محصول القطن منها صناعة الغزل والنسيج والزيوت والصابون والبويات والتي مع ظهور رجل الصناعة المصرى طلعت حرب خلق من هذه الصناعات كيانات ضخمة جمعت في ريف مصر بين الإنتاج والمزارعين والوحدات الصناعية في منظومة حضارية جديدة وضعت بالمجتمع المصرى إلى آفاق أوسط من التطور والإنتاج إلي أن جاءت ثورة يوليو واستخدمت القطن كورقة رابحة في صفقات السلاح، خاصة مع دول الكتلة الشرقية في زمن الحرب الباردة وتوسعت مصانع الغزل والنسيج مع مشروعات التنمية الصناعية في مصر من الخمسينيات والستينيات.. ومع سياسة التحكم في الدورات الزراعية حافظ القطن علي مكانته في خريطة الزراعة المصرية عدة عقود.
ومع سياسة الانفتاح الاقتصادى وتوابعها من الخصخصة إلي بيع القطاع العام بدأت رحلة التراجع في زراعة القطن في مصر.. وكانت البداية بسياسة العدوان الوحشى علي الأراضى الزراعية من أجل العقارات والمبانى لتشهد مصر أكبر مذبحة للأراضى الزراعية الطينية، مما أدى إلي خسارة مصر لأكثر من مليون فدان من أجود الأراضى الزراعية التي تحولت إلي مبان خلال ال30 سنة الماضية ليكون العدوان علي الأرض الزراعية أول عدوان علي محصول القطن.. مع سريان الاعتقاد الخاطئ بأن زراعة الكانتالوب والخيار والفراولة أهم من زراعة القطن وأهم من صناعة النسيج وأن عوائدها أكبر من صادرات القطن وتناسى مؤيدو ومروجو هذا الاعتقاد الخاطئ أن بمصر أكبر من 3000 منشأة صناعية للغزل والنسيج تضم استثمارات تزيد على 17 مليار جنيه وتبلغ صادراتها السنوية أكثر من 3 مليارات جنيه، كما تناسى هؤلاء المروجون أن هناك مئات الآلاف من العمال في الأراضى الزراعية ومئات الآلاف في المصانع تعتمد حياتهم علي محصول القطن زراعة وإنتاجاً وحلجاً وغزلاً وصناعة وتوزيعاً وتصديراً.. والنتيجة كانت انهيار زراعة القطن وانهيار صناعة الغزل والنسيج في ضربة واحدة بعدما تم بيع عدد كبير من مصانع الغزل والنسيج والمحالج لصالح طبقة من أصحاب المصالح.
ولنفس الأغراض تراجعت المساحات المزروعة من القطن أمام التوسع في زراعة الأرز، خاصة أن محصول القطن لم يعد يحقق عائداً اقتصادياً يشجع الفلاح علي زراعته بعدما استمرت سياسة الحكومات المتعاقبة علي عدم دعم الفلاح وتشجيع زراعة القطن لحساب أباطرة المال والأعمال ممن يحرصون علي أن يظل باب استيراد القطن مفتوحاً علي مصراعيه فتراجعت عائدات الذهب الأبيض وانخفضت المساحة المنزرعة من مليون فدان عام 89، 90 إلى 550 ألف فدان في موسم 2002/2003 وكان إنتاج مصر من الأقطان في الثمانينيات يتراوح بين 7 و8 ملايين قنطار سنوياً انخفض إلي 4.5 مليون قنطار في عام 2003 إلي أن أصبح القطن المصرى في آخر قوائم الإنتاج الزراعي في مصر بصادرات للأسواق الخارجية لا تتجاوز ال150 مليون دولار والفضل في انهيار هرم مصر الرابع كان تلاعب الدولة في أسعار توريده بين الحين والآخر، ففي عام 2003 بلغ سعر القنطار 1300 جنيه ثم انخفض إلي 600 جنيه في عام 2004 وبلغت خسائر القطن في هذا الوقت 2.3 مليار جنيه خلال عام واحد.
وأمام هذه الظروف الصعبة وتلك التحديات وألاعيب الدولة لصالح المستوردين «هرب» الفلاح المصرى من زراعة القطن مع ارتفاع تكاليف زراعته ورفع الحماية عنه وأمام ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وتكاليف الزراعة ومن ثم تواجه ولاتزال صناعة الغزل والنسيج تواجه ظروفاً أصعب أمام قلة الإنتاج وتراجع الصادرات وغزو المنسوجات المستوردة وخاصة الصينية للأسواق المصرية مما زاد من حجم الديون علي شركات الغزل والنسيج ووصلت إلى 8 مليارات جنيه وكان الحل من جهة الحكومة بيع هذه المصانع!
وهكذا لم يتبق للقطن المصري سوي بعض الأسواق في دول آسيا مثل الهند وباكستان وهي دول تشترى القطن الخام وتعيد تصديره لمصر في صورة منسوجات رخيصة رغم أن مصانعنا كانت الأولى بذلك وكل ذلك لحساب أباطرة المال والأعمال من المستوردين والمصدرين علي حد السواء الذين دائماً ما ينجحون في قهر الحكومة لفتح أو غلق الاستيراد لأي منتج.
هذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي تنحاز الحكومة لحساب أصحاب المال والأعمال، فقد سبق وتعمدت إهمال الزراعة القمح لفتح أبواب الاستيراد على مصراعيها للمستوردين، وكذلك أهملت زراعة القطن فيما سبق لتزرع الخيار والكنتالوب وها هي اليوم تتراجع عن قرار حظر استيراد القطن لتستورده والمنسوجات من الخارج.
ويبقى تعليق!
إلي متي تستمر تلك الخيوط المتشابكة بين مصالح المنتفعين والحكومة ليكون الضحية هو الشعب رغم ثورتيه الكبيرتين، حيث بقيت السياسات التي تزيد الغنى ثراء والفقير فقراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.