مع تزايد احتياجات مصر من المياه خاصة مع تعاظم مشاريعها التنموية الرامية لاستصلاح مساحات شاسعة من الأراضي بات اللجوء لتكنولوجيا تحلية مياه الصرف أولوية قصوي خاصة مع نجاح ذلك المشروع في العديد من البلدان الأخري فضلا عن إهدار كميات من المياه في غير الأوجه المخصصة لها، ومع اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بإطلاق المشاريع العملاقة الرامية لعبور مصر من نفقها المظلم الذي ظلت فيه عدة عقود كان التفكير في معالجة المياه سواء المالحة أو مياه الصرف الصحي يسيطر علي تفكير العديد من علماء مصر المخلصين وذلك بهدف العبور الآمن لمصر نحو المستقبل. ويعكف حالياً فريق متخصص من الأكاديميين برئاسة الدكتور محمد زكى عويس أستاذ الفيزياء بكلية العلوم جامعة القاهرة - من أجل إنجاز مشروع طموح حول «تحلية مياه الصرف الصحى»، بدأ العمل به منذ 4 سنوات، لتعظيم الاستفادة من مياه الصرف الصحى المعالجة - كضرورة استراتيجية – لكونها تمثل ثروة مائية مهدرة ينبغى حسن استغلالها بالشكل السليم، فى ظل الاشتراطات الصحية والبيئية التى يحددها الكود المصرى، وذلك لزيادة مصادر المياه، والتوسع الأفقى للأراضى، وتحسين سبل الرى، وتقليل المخاطر الصحية والبيئية، ومجابهة الاضرار المحتملة. ولكن المكونات العضوية فى هذه المياه يمكن أن تضر بصحة الانسان والبيئة، ومن ثم فإن الرى بالمياه المستعملة مسألة مثيرة للقلق للجهات المسئولة عن الصحة العامة ونوعية البيئة.. فما هى الإيجابيات والسلبيات التى تكتنف مشروع تحلية مياه الصرف الصحى المعالجة الذى كثر الحديث عنه مؤخراً؟ تشكل مياه الصرف الصحى المعالج ما يعادل 10% من الموارد المائية المتاحة فى مصر، وعليه فإن استغلالها فى خدمة المشروعات الصناعية العملاقة، يعود بالنفع على الاقتصاد المصرى، ويجعلنا نتفادى مخاطر التلوث التى تضر بصحة الانسان والبيئة، والكائنات عموماً. وفى شأن تقييد استخدام مياه الصرف المعالجة فى القطاع الزراعى، فقد صدر القرار الوزارى رقم 603 لسنة 2002، الذى ينص على : «منع استخدام مياه الصرف الصحى المعالج وغير المعالج فى رى الزراعات التقليدية وقصر استخدامها فى رى الغابات الخشبية وأشجار الزينة، وكذا مراعاة التدابير الوقائية للقائمين على استخدام هذه النوعية من المياه. ضوابط لابد منها فى البداية يؤكد الدكتور سميح منصور، أستاذ علم السموم البيئية بالمركز القومى للبحوث ورئيس اللجنة الوطنية للسميات بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا : أن مياه الصرف الصحى تمثل ثروة مائية مهمة، يجب المحافظة عليها وحسن استخدامها بعد المعالجة، فى ظل محدودية الموارد المائية. وأضاف : لقد ثبت أن معالجة مياه الصرف وإعادة استعمالها هى أحد الخيارات العلمية فى سبيل توفير مصادر جديدة للمياه، حتى يمكن تلبية الحاجات المتزايدة للمياه فى مصر، وكذلك لتحقيق الشروط الخاصة بالتخلص من هذه النوعية من المياه بالشكل الذى يساعد على حماية البيئة والصحة العامة، بشرط إتباع الضوابط والخطوط الإرشادية الخاصة بإعادة استخدام مياه الصرف. وأشار الدكتور «منصور» إلى أن هناك تشريعات تحكم هذا الاستخدام وهى القانون 48 لسنة 1982 والقانون 4 لسنة 1994، أما نوعية المياه التى يسمح بإعادة استخدامها فيحكمها الكود المصرى فى المواد 1 و 5 لعام 2005، وهذا الكود يرتكز الي خمسة محاور رئيسية، أولاً : الضوابط والشروط التى تتعلق بمستوى معالجة مياه الصرف الصحى، وتنقسم إلى 3 مستويات، الأولى : معالجة ابتدائية لرى الأشجار الخشبية، والنوع الثانى : معالجة ثنائية لرى أشجار النخيل والقطن والكتان التيل والجوت ومحاصيل الأعلاف والمحاصيل والفواكه القشرية والخضروات التى تطهى والفواكه المصنعة بالحرارة ومشاتل الزهور ويمكن تربية الماشية غير المدرة للبن أو المنتجة للحوم، أما النوع الثالث فهو معالجة ثلاثية ومتقدمة لرى النباتات التى تؤكل نيئة كالخضار والنباتات القشرية، وجميع أنواع المحاصيل والبساتين والأعلاف والمراعى الخضراء، وهذا النوع من المعالجة لا يحتاج إلى أى احتياجات بيئية وصحية. وثانياً : أنواع النباتات والمحاصيل التى يسمح بريها من مياه الصرف الصحى المعالج حيث يحظر رى زراعات الخضر والفاكهة التى بدون قشرة تحميها وكذلك حدائق الاطفال والمدارس بهذه المياه ويسمح برى الأشجار مثل الجيتروفا والغابات الخشبية. وثالثاً: ضوابط وشروط نظم وطرق الرى المختلفة، حيث يحظر الرى بالغمر أو بالخطوط لمياه الصرف الصحى المعالج، أما الرى بالرش فيمكن استخدامه ليلاً فى المسطحات الخضراء فقط، ولكن يحذر من الأملاح التى يمكن أن تهلك الرشاشات، كما وأن يعد استخدام نظم الرى تحت السطحى أو التنقيط من أنسب الطرق لرى الاشجار بهذه المياه. ورابعاً : هناك احتياطات يجب مراعاتها بالنسبة للاشخاص الذين يعملون مع هذه النوعية من المياه، وتتمثل فى ارتداء أنواع معينة من الملابس والقفازات والخضوع لكشف طبى دورى. وخامساً: الرقابة المستمرة من جانب أجهزة الدولة للتحقق من الالتزام بالضوابط والشروط الكفيلة لتلافى المخاطر الصحية والبيئية. واستطرد «منصور» أن من مساوئ استخدام تلك المياه أنها تسبب مشاكل صحية إذا لم تتم معالجتها بشكل صحيح، بسبب وجود أنواع مختلفة من الفيروسات والبكتريا، ومنها اختلال وظائف الكبد، وإحداث الفشل الكلوى وأورام سرطانية متنوعة، والأضرار بالجهاز المناعى عند الصغار والكبار، إضافة إلى تركيزات عالية من المواد الكيميائية التى لا تتم إزالتها فى مراحل المعالجة المختلفة، قد تسبب أضراراً للنباتات، أما فى حال استعمالها فى تغذية المياه الجوفية وهى لم تعالج بطريقة صحيحة فإنه بالإمكان تلوث تلك المياه، كما أنها قد تسبب انسدادا لشبكات الرى عند استعمالها. تجارب ناجحة الدكتور علاء الظواهرى، أستاذ الرى والهيدروليكا بهندسة القاهرة : أوضح أن معظم دول العالم تتم بها معالجة مياه الصرف الصحى، وهناك تجارب عديدة ناجحة فى هذا المجال.. فمثلاً فى ماليزيا يتم زراعة 20 ألف فدان بمياه الصرف الصحى المعالج، وكذلك الصين تستخدم تلك المياه فى رى 330 ألف هكتار، والمغرب لديها 94 محطة معالجة وتستخدم فى رى 1900 فدان، والأردن أيضاً لدينا 21 محطة معالجة تستخدم 100% من مياه الصرف الصحى بها، وعمان التى تروى 20 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحى يومياً، ثم يتم ضخها فى الخزانات الجوفية، وهذا المشروع الفريد بطول 50 كيلو مترا تقريباً، بخلاف هولندا والولايات المتحدةالأمريكية. الدكتور عبدالعاطى عبدالعليم، رئيس الإدارة المركزية للشئون الوقائية بوزارة الصحة سابقاً، يقول: أوافق على فكرة المشروع، لكن بشروط ثلاثة هى توافر الآليات المتطورة لتنظيم التصرف الآمن للمخلفات العضوية، والتحكم فى إعادة تدويرها بشكل يتناسب مع البيئة المحيطة أولاً، والحد من تلوث الهواء بالأدخنة والابخرة التى تؤثر على صحة الانسان، مع أهمية التطبيق السليم للقوانين التى تتحكم فى التلوث البيئى، باعتباره أخطر المشكلات التى تواجهنا فى العصر الحالى ولابد من مواجهتها بشكل جاد وسريع قبل ان تتفاقم المشكلة ويحصل ما لا يحمد عقباه. موضحاً أن معالجة تلك المياه خطوة هامة لمنع التلوث الذى تتعرض له البيئة. وأكد الدكتور «عبدالعليم» أن العالم يتجه إلى الاعتماد بصورة أكبر على استخدام مياه الصرف الصحى المعالجة للتوسع فى المساحات الزراعية لإنتاج محاصيل متنوعة وبسعر أقل، فى ظل ارتفاع تعداد السكان، ومحدودية الموارد المالية العذبة، وبالتالى «إدارة المياه الزراعية» بما تحتويه من «البوتاسيوم» و«النيتروجين» و«الفسفور»، والتى من شأنها خفض تكاليف الأسمدة المستخدمة فى الزراعة. مشيراً إلى أن استخدام هذه النوعية من المياه فى الزراعة يتطلب اتخاذ اشتراطات السلامة الصحية لعمال الزراعة على استخدام تلك النوعية من المياه، وتجنب أى أضرار بكتيرية وأثرها على المحاصيل والثمار التى يتم إنتاجها وتداولها، واختيار نوعية معينة من المحاصيل تتفق مع محددات السلامة الصحية والبيئية، واختيار طريقة الرى المناسبة وأفضلها طريقة الرى بالتنقيط والرى تحت سطحى. عائد مجزٍ الدكتورة كاميليا شكرى، وزيرة الزراعة واستصلاح الاراضى بحكومة الوفد الموازية سابقاً، تقول: يجب الإشارة أولاً إلى أن فكرة هذا المشروع ليست جديدة، فقد قامت الحكومة المصرية فى منتصف السبعينات باستغلال تلك المياه فى زراعة الأشجار فى الصحارى، فى محاولة لتطبيق فكرة غابات الصحراء، لكن نتائجها لم تكن مرضية لأسباب عديدة منها نقص الكوادر العلمية والفنية المتخصصة فى علوم الغابات، وغياب هيئة مستقلة للغابات يمكن التعاون معها، ووجدنا المسئولية تتوزع بين الوزارات والهيئات وتصبح النتائج غير فعالة. وأوضحت: الأهم هو أننا لدينا الكميات الهائلة من مياه الصرف الصحى، التى يمكن استغلالها لرى الأشجار الخشبية، لما تحتوى على نسبة عالية من النتيروجين والفوسفور، وهى نسبة مهمة جداً نحتاجها فى زراعة أشجار الغابات، وقد وجدنا أن هذه النسبة ستحقق معدل نمو فى الأشجار يفوق معدل النمو فى ألمانيا بنسبة 4.5 مرة، وهذا يعنى أننا سوف نحصل فى 13 سنة فقط على نفس الكمية التى تنتجها ألمانيا فى 60 سنة، ومن ثم خدمة المشروعات الصناعية العملاقة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد المصرى. وأضافت : للأسف يكاد لا يوجد تعاون بحثى فى مجال التنقيب عن المياه الجوفية، أو شق الترع أو مشروعات رى عملاقة، منذ عام 1952، ولكن لزاماً علينا توفير المياه اللازمة للشرب، تحقيقاً للأمان المائى لمصر، وزيادة الرقعة الزراعية، مما يساهم فى إعادة رسم الخريطة السكانية بعد خلق مجتمعات عمرانية جديدة فى الصحراء المصرية التى تشكل مناطق جذب سكانى لما توفره من فرص عمل جديدة. مكافحة التصحر الدكتور فوزى عبدالصمد، أستاذ متفرغ بمعهد بحوث الاراضى والمياه، يقول : لابد من تعظيم الاستفادة من مياه الصرف الصحى المعالج عن طريق مكافحة التصحر بزراعة الغابات الخشبية والنباتات النادرة، بما يحقق عائدا اقتصاديا كبيرا من هذه الأشجار التى يمكن زراعتها، وبالتالى يوفر فرص عمل لشباب الخريجين، ويحمى صحة الانسان والبيئة من التلوث. ثروة مهدرة الدكتور محمد محسن الخولى، الباحث بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة، يرى ضرورة الاستفادة الآمنة من مياه الصرف الصحى المعالجة فى زراعة الغابات الخشبية وأشجار الزينة، فهناك ما يقرب من 2.4 مليار متر مكعب سنوياً لا يتم الاستفادة منها، بل كانت تمثل عبئاً كبيراً لما تسببه من تلوث للبيئة عند التخلص منها سواء بإلقائها على نهر النيل أو البحيرات الصناعية أو السواحل البحرية، مما يهدد البيئة والتنوع الحيوى بها. أوضح الدكتور «الخولى» أنه يحظر استخدام مياه الصرف الصحى المعالج فى زراعة الخضروات وجميع أشجار الفاكهة والمحاصيل الاستراتيجية كالأرز والبصل والبطاطس والموالح والنباتات الطبية والعطرية، لتأثرها السلبى على صحة الانسان، بينما رى الأشجار الخشبية بمياه الصرف الصحى يعطى عائداً اقتصاديا مرتفعا عنه بالرى بالنسبة للمساحات التى تروى بالمياه التقليدية لما تحتويه من عناصر غذائية ومواد عضوية تحسن من خصوبة الأرض. وأضاف: هناك ثلاث مراحل لمعالجة مياه الصرف الصحى.. المرحلة الأولى: المعالجة الطبيعية والتى تشمل التخلص من المخلفات والشوائب العالقة بمختلف أنواعها، المرحلة الثانية: وهى المعالجة البيولوجية ويتم إذابة الأكسجين الحيوى فى المياه لإنعاش البكتريا الهوائية وتشمل أحواض الترسيب التى يتم من خلالها فصل الماء عن الحمأة، المرحلة الثالثة هى فلترة أو تنقية المياه المعالجة بواسطة المرشحات الرملية، مع إضافة غاز الكلور للتعقيم قبل وبعد الفلترة للتأكد من إبادة كافة الفيروسات والبكتريا والديدان، حتى تكون خواص المياه مطابقة للمواصفات العالمية ليتم استخدامها فى الأغراض الزراعية ويتراوح تركيز الكلور الحر المتبقى من 1 – 2 ملجم لكل لتر. مشيراً إلى أن هناك أنواعا من الأشجار الخشبية يمكن زراعتها فى الغابات وهى السرو، الصنوبريات، الكايا، الكافور، الأكاسيد، التوت، السيسال، الكازورينا، البامبو، الجاتروفا، الحور. وأكد الدكتور «الخولى» أن هذه الأنواع تتميز بتوافر القيمة الاقتصادية العالية وملاءمتها للظروف البيئية لمصر، وكمصدات رياح لجميع الطرق الداخلية والخارجية وحول الأسوار للمزارع، ولذلك فإن الاستغلال الأمثل لمياه الصرف الصحى يؤدى إلى زيادة العائد الاقتصادى للمزارع والدخل القومى نتيجة استغلال الأشجار الخشبية فى الصناعات الخشبية أو محاصيل الألياف فى التصنيع الزراعى من زيوت وألياف أو أعلاف حيوانية تعود بالنفع على مزارعيها، وذلك عن طريق إنشاء وحدات لاستخلاص وتنقية وتعبئة الزيوت من بذور أشجار الجاتروفا وتستغل فى إنتاج الوقود الحيوى، إضافة إلى إنشاء مصانع لغزل الحرير من ديدان القز التى تربى على أوراق التوت، فضلاً عن إنشاء مصنع لإنتاج الحبال من أشجار السيسال، كما يمكن إنشاء مصانع الأثاث والفحم من زراعة أشجار الكايا، وأيضا إنشاء مصانع من أشجار السنط العربى «أكاسيا» لإنتاج الصموغ والراتنجات. ويذكر الدكتور «الخولى» أن الجدوى الاقتصادية لبعض الأشجار الخشبية حسب تقدير «2005» تتمثل فى إنتاج أشجار الكازورينا التى تستخدم كمصدات رياح - يعطى الفدان الواحد 130 طنا - وعائدا ماديا سنويا يقدر بحوالى 2000 جنيه، كما أن أشجار الكافور التى تستخدم للتظليل فى الطرق السريعة - يعطى الفدان الواحد 190 طنا من الأخشاب – وعائدا ماديا سنويا 2000 جنيه، بخلاف أشجار الحور التى تستخدم فى تصنيع القشرة الخشبية «الأبلاكاش» – يعطى الفدان الواحد 190 طنا من الأخشاب – وعائدا مادسا سنويا 5000 جنيه، بالإضافة إلى الكايا «الماهوجينى» التى تستخدم فى صناعة الأثاث وإنتاج نوع جيد من القشرة الخشبية – يعطى الفدان الواحد إنتاج «200 – 350 طنا» من الأخشاب – وعائدا ماديا سنويا 7000 – 10000 جنيه، وبالتالى إحلال الأخشاب المنتجة محلياً محل الأخشاب المستوردة، يحسن ميزان المدفوعات ويقلل التضخم، كما يحسن نوعية الهواء، حيث الشجرة المتوسطة تمتص 1.7 كجم من ثانى أكسيد الكربون وتنتج 140 لترا أوكسجين يومياً، ناهيك عن مكافحة التصحر بزراعة الصحراء، حيث تمثل الصحراء فى مصر 95% من إجمالى المساحة الكلية، فضلاً عن حماية التنوع الحيوى فى البحيرات والسواحل البحرية فى المنطقة الاقتصادية، وبناء القدرات المحلية فى تعظيم الاستفادة من مياه الصرف الصحى. خطورة وأضرار أما الدكتور محمود محمد عمرو، أستاذ الأمراض المهنية بكلية الطب ومؤسس المركز القومى للسموم الإكلينيكية، فيؤكد أن فكرة تحلية مياه الصرف ليست البديل الآمن لحل مشكلة ندرة المياه، فهذا المشروع صعب التنفيذ أو التعميم، نظراً لتكلفته التقنية المرتفعة، بواسطة الأغشية البيولوجية عبر التكنولوجيا الحديثة، وكوارثه الصحية والبيئية المتوقعة، لذلك فهو مرفوض. ويحذر الدكتور «عمرو» من استخدام مياه الصرف الصحى المعالج فى الزراعة، نظراً لخطورتها على صحة الانسان، كما أنها تمثل استنزافاً للثروات الطبيعية. وأوضح أن هذه المياه الملوثة تحتوى على النيتروجين الذائب الذى يتأكسد إلى نترات يسبب مشاكل صحية كبيرة للانسان، حيث يصل أيون النترات والنتريت مع مياه الرى أو الصرف وتختزنه بعض النباتات فى أنسجتها بنسبة عالية مثل «الكرنب والسبانخ والفاصوليا والخيار والخس والجرجير والفجل والكرفس والبنجر والجزر»، مما يفقدها الطعم وتغير لونها ورائحتها، وتنتقل النترات عبر السلاسل الغذائية للإنسان فتسبب فقر الدم عند الأطفال وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار. كما أن العناصر الثقيلة الموجودة فى هذه المياه مثل النيكل والرصاص والمنجنيز والكوبالت والزئبق والكادميوم والسلينيوم والفلورايد، تؤثر على المخ والأعصاب والغدة الدرقية والقلب وأمراض الصدر والدم والفشل الكلوى والأسنان واللثة. أمراض قاتلة أما الدكتورة كوكا سعد الدين، أستاذ أمراض الفيروسات والمناعة بالأزهر، فتؤكد أن رى الاراضى الزراعية بتلك المياه المعالجة يعد جريمة يعاقب عليها القانون، لكونها محرمة دولياً وتسبب فى حدوث مشاكل صحية كبيرة للانسان وتنتهى بالوفاة ومنها النزلات المعوية والأميبا وأمراض فى الكبد والكلى وإلتهاب فى القولون. وأضافت : من المؤسف أن البعض يظنون أن المياه الملوثة هى التى تمتصها النبات، وهذا خطأ، فالنبات لا يمتص إلا مياها نظيفة وصالحة ولا يمتص الطفليات والبكتريا التى تبقى على سطح الخضروات والفاكهة، وهذه من مساوئ استعمال مياه الصرف المعالجة.