هذه خلاصة ثمانية أيام من الطرق على أبواب صناعة القرار فى واشنطن. والتعبير الذى تستخدمه غرفة التجارة الأمريكية تعبير شائع فى المجتمع الأمريكى الذى تمد له اسرائيل أذرعا لا حصر لها لتستفيد أكبر استفادة من دولة تستحوذ على 30 % من اقتصاد العالم. إننا قد نختلف سياسيا، وفكريا، وعقديا، لكننا نتفق أمام المصالح المشتركة . لذا فقد اعتبر صُناع القرار فى أمريكا أن قطار مصر انطلق، وأنه يمكن تحقيق مكاسب وأرباح كبيرة إن وصلوا مُبكرا وضخوا استثمارات كبيرة وسريعة فى مصر، لأنه حسب تعبير الدكتور غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى التى أبهرت مجتمع الاعمال الأمريكى فى مؤتمر شاركت فيه ضمن فعاليات البعثة «فإن من يأتى مُبكرا يربح كثيرا، ومن يتأخر يندم أكثر». الاهتمام بمصر الجديدة وبتطور اقتصادها وبحجم الفرص المُتاحة تجلى فى عدة نقاط استخلصها أعضاء البعثة برئاسة أنيس اقليمندوس رئيس غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، بالتنسيق والتعاون مع مجلس الأعمال المصرى الأمريكى برئاسة عمر مهنا. تضمنت تلك النقاط ما يلى: أولا: انبهار صُناع القرار الامريكى بقيام المصريين بجمع 8 مليارات دولا خلال ثمانية أيام فى شهادات قناة السويس، وكان من اللافت أن هناك 30% من تلك المبالغ من خارج الجهاز المصرفى. ثانيا: اهتمام دوائر المال فى الولاياتالمتحدة بتحسن ترتيب مصر فى تقرير ممارسة الأعمال ثلاثة عشر مركزا فى عام واحد، وهو ما اعتبروه دليل تقدم اقتصادى. ثالثا: اقتناع الادارة الأمريكية بثبات واستقرار نظام الحكم فى مصر بسبب اتخاذ الرئيس السيسى قرارا اصلاحيا فى العام الماضى بتحريك أسعار المنتجات البترولية وتقبل المصريين للقرار دون اضطرابات أو تظاهرات، وهو ما عكس حجم الشعبية التى يحظى بها نظام الحكم. رابعا: النجاح المُبهر لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الذى جمع قادة دول الخليج، مع قادة الدول الافريقية مع مسئولين فى البنك الدولى وصندوق النقد والادارة الامريكية تحت مظلة واحدة. خامسا: تزامن البعثة مع قيام مؤسسة موديز بتعديل التصنيف الائتمانى لمصر من مُستقر إلى إيجابى. الاهتمام انعكس أيضا على اعلان بدء محادثات اتفاق اطارى بين مصر والولاياتالمتحدة فى يوليو القادم يشمل اتفاق استثمار ثنائى «bet» بهدف تيسير الاستثمار المشترك والتعاون ضريبيا، فضلا عن اتفاق اطارى تجارى يتم لأول مرة بمشاركة القطاع الخاص. بالاضافة إلى محادثات بهدف التعاون فى مجالات الصحة والتعليم والموارد البشرية. وكانت البعثة التى ضمت 40 رجل أعمال قد عقدت لقاءات مع 50 عضواً بالكونجرس الأمريكى، فضلا عن مسئولين فى وزارات التجارة، الخارجية، الخزانة الدفاع، والأمن القومى، وهيئة المعونة الأمريكية، وصندوق التنمية «الأوبيك»، وبنك الاستيراد والتصدير الأمريكى، والبنك الدولى وصندوق النقد. إلى جانب كبرى مراكز الأبحاث والدراسات والتى تضع الخطط للإدارة الأمريكية. العلاقة مع مصر استراتيجية، كان ذلك هو الرد المباشر عن تقييمهم لشكل العلاقة. إن مصر دولة محورية بحكم موقعها الجغرافى، وبحكم القوى الناعمة التى تمتلكها، فضلا عن أنها تعد أكبر سوق فى المنطقة وبدونها هُناك مُشكلة كُبرى. هكذا قالوا لأعضاء البعثة مُركزين الحوار على الجوانب الاقتصادية بعيدا عن السياسة. وبحسب عمر مهنا رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، فإن هناك ثلاثة جوانب رئيسية للتعاون هى الأمن، الوضع الاقتصادى، وحقوق الانسان. بالنسبة للأمن فإنهم الأمريكيين يقدرون أن الجيش المصرى يلعب دورا كبيرا جدا فى مكافحة الارهاب فى سيناء، مع الحفاظ على أرواح الأهالى، ويُكررون استعدادهم لتقديم أى دعم معلوماتى أو لوجيستى أو تدريبى فى هذا المجال. أما بالنسبة للاقتصاد فإن دوائر صناعة القرار الأمريكى اقتنعت باجراءات اصلاح الاقتصاد التى بدأت فى العام الماضى، ويعتقدون أن مصر تسير على الطريق الصحيح. وبالنسبة لحقوق الانسان فهم يعتبرون قانون التظاهر بداية لوضع خطوط واضحة تتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم. الصورة تتغير إلى الأفضل إلى أى مدى ؟ أسأل أنيس اقليمندوس الذى تناقش مع كثير من الساسة وقادة مراكز الأبحاث فيقول، إنهم يقرأون الأحداث بشكل جيد فى مصر ومقتنعون أن الانتخابات البرلمانية ستكون فى موعدها، وأنهم بدون مصر والسعودية على وجه التحديد فإن أمامهم مشكلة كبيرة فى المنطقة. ويضيف أن الاستقرار السياسى هو عنصر جاذب للاستثمارات الكبرى، ولاشك ان مصر قطعت شوطا جيدا. ويكفى أن السياسى الأمريكى المخضرم جون ماكين قال لأعضاء البعثة أنه مُنبهر بخطاب الرئيس السيسى فى الأزهر الذى تبنى فكرة تجديد الخطاب الدينى. لقد وصفه الرجل بالشجاع الحازم المُستند إلى شعبية. ويقول «اقليمندوس» أن الأمريكيين يرون أن أهم تحد يواجه المصريين فى الفترة القادمة هو توفير وظائف للخريجين الجدد، وهو ما وصفه ديفيد ثورن مساعد وزير الخارجية بأنه الطلب الأكثر إلحاحا، خاصة أن هناك حاجة لتوظيف نحو 700 ألف شخص سنويا.