«العلاقات المصرية السودانية» ليست عاطفية أو تاريخية فقط لكن بها كثير من المصالح لأن العوامل المشتركة بيننا كثيرة». هكذا يؤكد الرئيس السوداني عمر البشير في كل تصريحاته. مشيرا الى انها في أطيب وأفضل حالاتها، معتبرا أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم نهاية مارس الماضي كانت بمثابة مبادرة مباشرة وتأكيد لأهمية علاقة البلدين. وكانت القاهرة قد شهدت في أكتوبر من العام 2014 أول زيارة للرئيس السوداني عمر البشير وعكست الزيارة حرص الرئيس السيسي على أولويات السياسة الخارجية المصرية من توجهاتها نحو التعاون العميق مع السودان مع حرص السودان على المصالح الحيوية المصرية كالأمن القومى المائي . وكان قد سبقها زيارة للرئيس السيسي للعاصمة السودانية الخرطوم في طريق عودته من القمة الإفريقية في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية في يونيو الماضي. وايدت القاهرة دعوة قمة الاتحاد الأفريقي إلى رفع العقوبات الأمريكية الأحادية، المفروضة على السودان. وطلبت من المجتمع الدولي الاستجابة للمناشدة المشتركة من السودان وجنوب السودان، لإعفاء الديون والإسهام في تنمية الجنوب. كما دعمت مصر التقدم المحرز في تحقيق السلام في دارفور، ومبادرة الرئيس عمر البشير، للحوار الوطني ودعت القمة وقتها إلى توفير المناخ الملائم بالمضي قدماً بهذه المبادرة، للوصول إلى غاياتها والتوصل لصيغة من الاستقرار في السودان كما تعد القمة المصرية – السودانية في اكتوبر 2014 نقلة هامة من اجل تطور العلاقات مابين البلدين وشهدت استعراض العديد من المستويات نحو التعاون ما بين البلدين خاصة على نحو اقتصادى حرصا على رفع درجات التعاون وعلى أعمق مستوى للعلاقات الثنائية فيما بينهما، كما تبادلا تطورات الأوضاع السورية والعراقية والأزمة الليبية وحيث اتفقا على الحفاظ على ليبيا وسلامة الدولة والحفاظ على المؤسسات هناك . وشددا الشقيقان على التركيز على عمق وتوطيد الروابط والعلاقات ما بين مصر والسودان على مستوى السياسي والاقتصادى والثقافي للبلدين وان اللجنة الوزارية العليا ستعمل بشكل دوري وعلى مستوى الرئيسين، كما اكد الرئيس السيسي ان المباحثات قد تناولت القضايا العربية ما بعد الربيع العربي، بالإضافة الى ذلك الإطار العربي والافريقي للازمات العربية المتلاحقة، كما أكدا علي حرصهما علي دعم ليبيا وتكاملها وسلامة اراضيها ودعم مؤسساتها السياسية واحترام ارادة الشعب الليبي الحر . وجاء التقارب المصري - السوداني في ظل الأهداف والمبادئ التي نادت بها «ثورة 25 يناير» في مصر في مجال السياسة الخارجية لاستعادة دور مصر الريادي في الإقليم، والخروج من سلطان السياسة الأمريكية الصهيونية، والتي أضعفت ذلك الدور وأضرت بالعلاقات المصرية العربية والإفريقية عموماً، وبالعلاقات المصرية السودانية على وجه الخصوص؛ وهو ما أثَّر على الأمن القومي المصري والأمن القومي السوداني، بل تأذى السودان كثيراً نتيجة لتلك السياسة في الأعوام السابقة، ومع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم ورفع شعار استعادة السيادة المصرية عادت العلاقات المصرية السودانية إلى الوضع الذي يخدم كلا البلدين في كل المجالات؛ بما يحقق الأمن القومي لكليهما، فهناك كثير من الأهداف والمصالح المشتركة التي تفرض حتمية التقارب والالتقاء حولها، وتجاوز صراعات وخلافات الماضي. يأتي ذلك في ظل تنامي العلاقات الدولية مؤخراً تتجه الدول إلى البحث عن المقومات المشتركة التي تنشدها مع غيرها في توثيق التعاون فيما بينها لخدمة مصالحها المشتركة؛ سواء كانت هذه المقومات سياسية، أو حضارية، أو اقتصادية. ومن هذا المنطلق عادت المياه الى مجاريها بين مصر والسودان من خلال رباط علاقات «التكامل» لتحقيق أفضل استخدام للموارد المشتركة في مجالات السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والأمن، وصولاً إلى غاية رفاهية شعبَي وادي النيل، وتأمينهما ضد المهددات الداخلية والخارجية.