شهدت العلاقات السودانية المصرية امتحانا عسيرا خلال الآونة الأخيرة في الصمودأمام تأثيرات ما يجري حول البلدين في المنطقة من تحولات وتغييرات في شكل التحالفات الإستراتيجية.. خاصة وأن قضايا المنطقة ألقت بتبعاتها علي البلدين.. ورغم كل التوقعات بأن تسير هذه العلاقة في طرق ملغومة, فإن كلا البلدين استطاعا إحداث اختراقات مهمة في تطوير العلاقة بينهما خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية, مما يحقق تبادل المصالح بينهما لفائدة شعبي وادي النيل. الاهرام المسائي التقت السفير المصري بالخرطوم أسامه شلتوت وأجرت معه حوارا شاملا علي مدي120 دقيقة حول مجمل القضايا والملفات الشائكة بين البلدين والي تفاصيل الحوار كانت الخرطوم ضمن أولي وجهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية.. بماذا تفسر ذلك؟ لاشك أن حرص الرئيس السيسي علي ان تكون الخرطوم ضمن اولي جولاته الخارجية يأتي من منطلق رؤية مصرية صادقة تؤكد عمق العلاقات بين البلدين وانها في المقام الأول علاقات تاريخية واخوية وتمس الامن القومي المشترك وان امن الخرطوم هو امن القاهرة والعكس, لافتا الي ان الزيارة اذابت الكثير من الجليد وقطعت الطريق امام محترفي الاقاويل الذين كانوا يراهنون تراهن علي فتور العلاقات بين البلدين. وأكد السفير المصري بالخرطوم أسامة شلتوت, أن اجتماع اللجنة العليا المصرية السودانية المشتركة, المقرر انعقاده في12 مارس المقبل بالقاهرة, سيعقد لأول مرة علي المستوي الرئاسي بين البلدين الشقيقين, وفي عهد أول رئيس مصري منتخب بإرادة حرة للمصريين. إلاأن الرئيسين السيسي والبشير, اتفقا خلال مباحثاتهما الأخيرة بمصر علي رفع مستوي اللجنة العليا للمستوي الرئاسي بعد أن كان يرأسها من قبل رئيس الوزراء المصري والنائب الأول للرئيس السوداني, مشيرا إلي أن مصر تري في علاقاتها بالسودان خصوصية تنطلق من الأواصر التاريخية التي تربط بين شعبي وادي النيل. وأوضح انه سيتم خلال مارس القادم افتتاح معبرأرجين بغرب النيل بين البلدين, مشيرا إلي أنه يتميز بانسياب حركته وعدم وجود معبر مائي بين البلدين خلال هذا المعبر مما سيسهل بشكل كبير في عمليات التبادل السلعي بين البلدين. وقال ان الدور السوداني في سد النهضة كان ولازال ايجابيا للغاية وان السودان شريك قوي واساسي في ملف النهضة وليس وسيطا وان دور الخرطوم جيد للغاية. رغم الحديث عن أزلية العلاقة بين البلدين فإنها تخضع لكثير من التأثيرات التي تتحكم في هذه العلاقة؟ مند استقلال السودان كان هناك تقارب وتباعد, إلا أن الشيء الذي استمر ومازال مستمرا هو التواصل الشعبي بين وادي النيل, فالصلات الشعبية هي التي تؤثر, وتحث قيادة البلدين علي العمل لتنفيذ طموحاتهما علي أرض الواقع, وهناك إرادة سياسية بين الشعبين لدفع ذلك إلي الأمام. ماذا عن الشعب السوداني ونظرته الي مستوي التعاون والعلاقات الرسمية بين مسئولي البلدين؟ الشعب السوداني لديه طموحات للتعاون مع مصر بلاسقف وينظرون هنا في السودان الي ان هذه الطموحات لم تصل الي المستوي الذي يليق بالعلاقات بين شعبي وادي النيل لاسيما التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي حيث لم يتجاوز التبادل التجاري سنويا850 مليون دولار وهو رقم ضعيف جدا اذا ماقورن بالامكانيات المتاحة لدي البلدين ناهيك عن العلاقات التاريخية؟ أين تقف مصر من الحوار الوطني السوداني الذي دعت إليه مبادرة الرئيس البشير؟ الذي يجب ان نؤكده هنا ان مصر وتحديدا علي المستوي الرسمي تقف علي مسافة واحدة من كافة الاحزاب السودانية وان مصر تدعم وبقوة مبادرة الرئيس السوداني الذي دعا من خلالها كافة الاحزاب والقوي السياسية في السودان الي عقد حوار وطني. وقال ان هناك تواصلا دائما مع الاحزاب المصرية كان من بينها دعوة احد الاحزاب المصرية للمشاركة في مؤتمر حزب المؤتمر الوطني في السودان والذي عقد مؤخرا. هنا في السودان سمعت من البعض عن غياب المصارحة والشفافية علي المستوي الرسمي في العلاقات بين مسئولي البلدين؟ غير صحيح علي الاطلاق فنعمل معا بأعلي درجات المصارحة لاسيما في تبادل الرؤي حول كافة القضايا لافتا الي انه من الثوابت التي تربط البلدين هي ان استقرار السودان هو استقرار لمصر وهذه هي احد المنطلقات التي تولي مصر علي اساسها اهمية كبري لكافة مايتعلق بالشأن السوداني وفي مقدمتها دعم مبادرة الرئيس السوداني عمر البشير للحوار الوطني حيث ان موقف مصر واضح ومحدد من خلال دعوة كافة الاطراف في السودان للتقارب والتفاوض لمصلحة الشعب السوداني كما تشارك مصر في جميع الاتجاهات المتعلقة باتفاقية سلام دارفور فضلا عن قيام القاهرة بدعوة رئيسة المفوضية الافريقية وهي الية رفيعة المستوي لزيارة مصر نهاية العام الماضي في اطار دعم مصر لكافة التحركات الاقليمية لصلح الشعب السوداني الشقيق. يقولون ان ملوثات السياسة تلقي دائما بظلالها علي العلاقات بين الشعبين بماذا تعلق؟ التواصل بين الشعبين لم يتغير باختلاف الانظمة والفترة الحالية تشهد ارادة سياسية قوية بين قيادات البلدين تسمو الي مستوي طموحات الشعبين والعلاقات التاريخية مما يعطي دفعة قوية الي مستقبل افضل بين ابناء النيل. ماذا عن مشاركة الرئيس السوداني في المؤتمر الاقتصادي المصري المقرر انعقاده مارس المقبل بشرم الشيخ؟ تم توجيه الدعوة للرئيس البشير للمشاركة ولقيت الدعوة ترحيبا كبيرا من الجانب السوداني. نعود الي ثمار زيارة الرئيسين إلي كل من الخرطوموالقاهرة وهذه المرة اسأل عن نتائج زيارة الرئيس البشير للقاهرة عقب الزيارة انطلقت التوجيهات لجميع الوزراء المعنيين بالتعاون الاقتصادي والتجاري في البلدين حيث قام وزير الري المصري بزيارة السودان3 مرات فيما قام وزير الصناعة والتجارة بزيارتين للخرطوم إضافة إلي زيارة وحيدة لوزير التموين بينما قام وزير الخارجية المصري بزيارتين أيضا في الوقت الذي لم يقم فيه وزير الزراعة بأية زيارة وانه من المقرر ان يقوم بزيارة خلال أيام مؤكدا ان هذه الزيارات دعمت من التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين وفتحت الكثير من الحديث حول مستقبل هذا التعاون والتحديات التي تواجهه وكيفية التغلب عليها. حجم الاستثمارات الحالية هل يسمو إلي مستوي العلاقات التاريخية بين البلدين؟ للأسف حجم الاستثمارات لم يصل او حتي يقترب من آمال الشعبين وبالرغم من ان ماتم التصديق عليه من استثمارات مصرية في السودان يصل إلي نحو11 مليار دولار الا ان الاستثمارات التي تم تفعيلها لم تصل الي مليار دولار وربما ذلك بسبب بعض الإجراءات البيروقراطية. ولكن علي غير المتوقع تحتل الاستثمارات الزراعية مؤخرة الاستثمارات المصرية في السودان هل هناك امال في التوسع فيها؟ هناك توجه لدي السودانيين والمصريين علي التركيزفي الفترة المقبلة علي الاستثمار الزراعي والتصنيع الغذائي لافتا في هذا الصدد الي ان وفدا مصريا برئاسة وزير الزراعة المصري سيقوم قريبا جدا بزيارة الي السودان يتم خلالها تفعيل العديد من الاليات التي من شأنها تنشيط التعاون والاستثمار الزراعي بين البلدين وتفعيل المشروعات الاستراتيجية, منها شركة التكامل الزراعي وهي احدي الشركات الحكومية المشتركة اسسها الرئيس الراحل السادات براس مال33 مليون دولار عند التاسيس ومخصص لهذه الشركة120 فدانا الا انها لم تستغل حتي الآن سوي20 فدانا ومن المقرر ان يبحث الوزير المصري مع نظيره السوداني سبل تطوير الادارة ورفع راسمال الشركة وضخ تمويلات جديدة. ولفت السفير المصري بالخرطوم اسامة شلتوت الي ان وزير الزراعة المصري سيبحث ايضا خلال الزيارة تفعيل مشروع110 فدادين لزراعة القمح واستخلاص بذور عالية الجودة وهو مشروع تجريبي فضلا عن تفعيل مشروع استراتيجي لتربية المواشي علي مساحة30 فدانا حيث يجري حاليا الانتهاء من دراسات الجدوي الفنية والاقتصادية للمشروع والمقرر اقامته في ولاية النيل الابيض لزراعة العلف والانتاج الحيواني وقال: إنه سيتم ايضا خلال الزيارة تفعيل مشروع بحثي لانتاج العديد من المحاصيل الزراعية وهو مشروع معتمد من هيئة البحوث الزراعية في مصر ويقام في ولاية الجزيرة اضافة الي بحث مشروع استراتيجي لانتاج الوقود الحيوي من نبات الجتروفا ومن مخلفات مصانع السكر. القائمة السلبية لاتزال عائقا امام تدفق السلع المصرية إلي السودان.. ماهو الجديد في هذا الملف؟ القائمة تضم40 سلعة مصرية تدخل إلي السوق السودانية بجمارك كاملة وكان من المفترض دخولها بإعفاء جمركي في ظل اتفاقية الكوميسا وان هذه القضية تصدرت اجتماعات وزير الصناعة والتجاري المصري في الخرطوم لافتا إلي انه تم تشكيل لجنة سودانية برئاسة نائب رئيس الجمهورية حسبو عبد الرحمن وعضوية وزراء التجارة والمالية والصناعةلبحث كافة القضايا التجارية والاقتصادية بين البلدين وفي مقدمتها القائمة السلبية. وكشف السفير اسامة شلتوت عن ان القائمة سيتم طرحها علي طاولة اجتماعات اللجنة العليا وان هناك3 سيناريوهات يتم دراستها حاليا, الاول اعفاء جمركي كامل لبعض سلع القائمة والثاني تخفيض جمركي لبعض السلع والثالث اعطاء فترة سماح لفئة اخري منها. افتتاح طريقأشكيت قسطل هل كان دافعا لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين؟ هذاالطريق يعتبر أول واقع ملموس في العلاقة بين البلدين, ويعتبر ترجمة لمااتفق عليه الرئيسان السيسي والبشير, وبإذن الله ستكون هناك خطوات أخريلدفع للعلاقات, فالطريق دون شك سيزيد التجارة البينية بين البلدين, خاصةوأن حجم التبادل التجاري حاليا(850) مليون دولار, وهو لا يرقي لمستويطموح شعبي وادي النيل.. وهذا الطريق سيخفض حجم التكلفة حوالي(70%) منالشحن, ويزيد من التبادل التجاري البيني.. بالإضافة إلي أن هذا المعبريعتبر معبرا تاريخيا, لأنه يربط القاهرة بكيب تاون, وهذا سيزيد التجارةالبينية في إطار( الكوميسا) والتجارة العربية الكبري, بالإضافة لتجارة( الترانزيت), وسيكون هناك عبور للبضاعة عبر السودان. ما هي جهود تأمين الحدود بين البلدين خاصة أن هناك تهديدات للبلدين وأنشطة غير مشروعة؟ التقي وزير الدفاع السوداني مع وزير الدفاع المصري, وتم الاتفاق علي وضع آلية لتأمين الحدود, وبالفعل أعقبها بعد ذلك زيارة قائد حرس الحدود السوداني, كما تم زيارة وفد فني عسكري القاهرة, ووضع تصور شامل لتأمين الحدود بالتعاون مع وزارتي البلدين.