قوانين الانتخابات هى من القوانين المنظمة للحقوق والحريات التى يلزم مناقشتها فى البرلمان وإصدارها بموافقة ثلثى عدد النواب باعتبارها من القوانين المكملة للدستور، وتنظم قوانين الانتخابات طريقة الترشح والانتخاب لتشكيل مجلس الشعب و(النواب) الذى يمارس دور السلطة التشريعية أحد أضلاع السلطة الثلاثة المكونة للحكم، وبعد صدور الدستور، وفى ظل غياب البرلمان وما حدث من توسعة لسلطات البرلمان، وما يتطلبه ذلك من تعديل قوانين الانتخابات لتتوافق مع الدستور عند إجراء الانتخابات كان لزامًا على رئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين فى ظل سلطته الاستثنائية فى التشريع على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، وهذا الاستثناء الذى منحه الدستور لرئيس الجمهورية هو الذى جعل الحكومة تعد قوانين الانتخابات فى غياب البرلمان لتصديق الرئيس عليها، وهو ما جعل الحكومة تحاول تفصيل قوانين لانتاج برلمان لا يفلت من تحت سيطرتها لممارسة اختصاصاته الواسعة التى لأول مرة تصل إلى حد اسقاط السلطة التنفيذية بالكامل من رئيس الجمهورية إلى الحكومة ومحاكمتهما، الحكومة ليست حسنة النية فى جميع الثغرات التى كشفتها المحكمة الدستورية العليا فى قوانين مجلس النواب والدوائر والحقوق السياسية والتى لم يتم اكتشافها بعد، لأن لها مصلحة من وراء هذه القوانين تريد تحقيقها أدناها المماطلة فى إجراء الانتخابات مما يزيد من عمر الحكومة ومنحها الفرصة لتمرير موضوعات كان من المفترض أن تخضع لرقابة البرلمان إذا ما كان موجودًا مثل الإنفاق المالى وتصرفات الوزراء ومشروعات القوانين التى تعدت من حيث عددها وأهميتها ودرجة الحاجة إليها النسبة التى وافقت عليها المحكمة الدستورية العليا فى أحد أحكامها بأن تكون قوانين عاجلة لا تحتمل التأخير. لن تكون الحكومة بريئة من محاولة قصقصة ريش مجلس النواب قبل أن يولد لأنه سيحرر استمارة خروجها من الخدمة، بمجرد إعلان نتيجة الانتخاب، وتحاول الحكومة إظهار برلمان عاجز أو بالكاد يمارس سلطات «كتعة» من خلال قوانين انتخابات عرجاء تقلم من خلالها أظافر الأحزاب السياسية من أجل برلمان الغلبة فيه تكون للمستقلين الذين لا يمثلون قوى سياسية محددة وتجمعهم المصالح الشخصية فقط، وهؤلاء المستقلون ترتاح لهم الحكومة لأنها تعرف طريقة ترويضهم وما يرضيهم ويسعون لتحقيقه من خلال تزاحمهم للحصول على عضوية البرلمان. لو كانت الحكومة لا تريد تحقيق مصلحتها من وراء سيطرتها على قوانين الانتخابات لكانت عهدت بإصدار هذه القوانين إلى لجنة محايدة قانونية وسياسية وتطرح ما تتوصل إليه من تعديلات لهذه القوانين للحوار المجتمعى الواسع، ويتم من خلال الحوار الذى تشارك فيه كافة الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات الحقوقية ويتبلور من خلال الحوار مواد القوانين التى تتم صياغتها بما يتفق مع جميع القوى، لأن قوانين الانتخابات تخاطب الناخب والمرشح، والاثنان يشكلان المجتمع الانتخابى الذى يشكل البرلمان، ولكن الحكومة اختصرت البرلمان المسئول عن مناقشة هذه القوانين واختصرت ثلثى البرلمان المطلوبين للموافقة عليها فى لجنة تخضع لسيطرتها ومنحتها كل السلطات لتتصرف كما تشاء، فأصدرت قوانين عاجزة لا تؤدى إلى ظهور مجلس النواب المطلوب الذى يمارس الصلاحيات الدستورية غير المسبوقة فى مصر. اللقاء المرتقب لرئيس الوزراء إبراهيم محلب مع رؤساء الأحزاب والقوى السياسية حول قوانين الانتخابات خطوة مهمة إذا كان الهدف من ورائها تصحيح الأخطاء التى وقعت فيها الحكومة بالانفراد بإعداد قوانين الانتخابات، والإصغاء إلى آراء الأحزاب صاحبة المصلحة الحقيقية، الاقتراحات المقدمة من الأحزاب للحكومة لإنقاذ الانتخابات جديرة بالمناقشة والأخذ ببعضها، يأتى فى مقدمتها اقتراح حزب الوفد بتقسيم الجمهورية إلى 8 قوائم بواقع 15 مقعدًا لكل قائمة للتيسير على الناخبين فى اختيار نوابهم وتوفير المشقة عليهم والخروج من أزمة اتساع الدوائر الحالى والذى قسم الجمهورية إلى 4 قوائم والذى يلزم الناخب فى الجيزة بالتصويت لمرشح من حلايب وشلاتين، اللقاء الحكومى الحزبى فى حد ذاته يؤكد مبدئيًا رغبة الحكومة فى استكمال الاستحقاق الانتخابى، لكن ذلك لا يكفى، بل لابد أن تتم فيه تنقية قوانين الانتخابات من المصاعب التى تواجه العملية الانتخابية وتضعف مجلس النواب، هناك رغبة مشتركة فى إجراء انتخابات نزيهة، لكن تصرفات الحكومة نؤكد أنها لا تريد برلمانًا قويًا، وتقبض بيدها على قوانين الانتخابات حتى يولد البرلمان فى حضن السلطة التنفيذية.